الملء الأخير لسد النهضة.. ماذا تريد إثيوبيا؟ ولماذا لا تُستأنف المفاوضات؟
تاريخ النشر: 1st, July 2024 GMT
برزت قضية سد النهضة مرة أخرى إلى الواجهة في مصر، حيث تشير وسائل إعلام محلية إلى نية إثيوبيا في بدء عملية تعبئة جديدة للسد خلال الأسابيع القليلة المقبلة، مع حلول موسم الفيضان، وذلك بعد مرور ما يزيد عن 6 أشهر على فشل الجولة الأخيرة من المفاوضات بين أديس أبابا والقاهرة والخرطوم.
والعام الماضي، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، انتهاء عملية التعبئة الرابعة، "الأخيرة"، لسد النهضة الضخم، الذي شرعت أديس أبابا في بنائه منذ أكثر من عقد على النيل الأزرق.
ومع ذلك، يقول خبراء مصريون ومن بينهم أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، إن أديس أبابا من المحتمل أن تقوم بملء جديد للسد خلال الأسابيع المقبلة، بعد الانتهاء من إتمام التعلية الأخيرة للجزء الأوسط من السد، وأن هذه التعبئة قد لا تكون الأخيرة.
ويضيف في اتصال هاتفي مع موقع "الحرة" إن "إثيوبيا أتمت بناء السد بنسبة 100 بالمئة، وتسعى إلى الوصول إلى السعة القصوى من المياه المخزنة، إذ يتبقى لها 23 مليار متر مكعب من المياه، ستقوم بتخزينها خلال موسم الفيضان الحالي، بهدف تشغيل توربينات توليد الطاقة الكهربائية، التي تستهدف تركيبها".
ويتابع: "لا تزال إثيوبيا تعمل على تركيب 5 توربينات إضافية بسد النهضة، وتأمل في إكمال تركيبها بنهاية هذا العام وتشغيل ما يمكن منها. وبذلك، يتبقى 6 توربينات أخرى يُتوقع تركيبها العام المقبل أو العامين المقبلين، من أصل 13 توربينا يتضمنها السد".
ومع ذلك، يقول شراقي إنه "إذا لم يتم تركيب التوربينات وتشغيلها، فإن تخزين المياه سيشكل ضغطا على السد. ولذلك، فإن قرار التخزين الجديد لم يتخذ بعد، ويتوقف على قدرة إثيوبيا على تركيب التوربينات وتشغيلها".
تعتبر مصر والسودان السد الذي بدأت إثيوبيا تشييده عام 2011، وكلفها 4.2 مليار دولار، تهديدا لإمداداتهما من المياه، إذ طلبتا مرارا من أديس أبابا التوقف عن ملئه إلى حين التوصل لاتفاق بشأن سبل تشغيله.
في المقابل، يقع السد في قلب خطط التنمية بإثيوبيا، التي تعتبر الكهرباء المنتجة منه داعمة لتطور البلاد، وقد أعلنت لأول مرة في فبراير 2022، أنها بدأت توليد الكهرباء منه.
وينبع قلق مصر باعتبار أن السد يشكل تهديدا وجوديا؛ لأنها تعتمد على نهر النيل لتأمين 97 بالمئة من احتياجاتها المائية، حسب شراقي، إذ يقول إن بلاده "ستتأثر في أحدث جولات التعبئة القادمة من السد الإثيوبي".
ويضيف: "مصر تتكبد خسائر اقتصادية ومائية في كل عملية من عمليات التعبئة، فمثلا كل مليار متر مكعب من المياه يتم تخزينه يكبد الاقتصاد المصري خسائر غير مباشرة تُقدر بحوالي مليار دولار".
ويتابع: "حصة مصر من مياه النيل تصل إلى 55.5 مليار متر مكعب سنويا، وتغطي حوالي 50 بالمئة من احتياجات المواطنين، إذ يحصل الفرد على نحو 500 متر مكعب سنويا بينما يحتاج إلى 1000 متر مكعب، مما يعني أن هناك فقرا مائيا في البلاد".
وتتبنى مصر العديد من الإجراءات لتعويض النقص في حصة كل مواطن من المياه ورفع متوسط نصيب الفرد إلى 800 متر مكعب سنويا، وفق شراقي، من بينها "إعادة الاستخدام وتحسين نظم الري، واستيراد محاصيل جاهزة من الخارج، وهو ما يعد بمثابة استيراد للمياه بشكل غير مباشر".
ومع ذلك، يظل هناك عجزا قدره 200 متر مكعب، حسب ما يضيف أستاذ الموارد المائية، إذ يشير إلى أن "هذا العجز يتطلب استثمارات كبيرة في محطات معالجة مياه الصرف الزراعي، واستبدال بعض المحاصيل مثل قصب السكر بمحاصيل تحتاج إلى مياه أقل وتعطي نفس إنتاج السكر".
وتفيد تقديرات الأمم المتحدة بأن "المياه قد تنفد في مصر بحلول عام 2025" وبأن مناطق في السودان الذي يعاني من حرب منذ أكثر من عام، حيث كان النزاع في دارفور قبل عقدين مرتبطا بشكل أساسي بإمدادات المياه، معرضة بشكل متزايد للجفاف بسبب تغير المناخ، حسب وكالة فرانس برس.
وخلال الخمسين عاما الماضية، انخفض منسوب النيل من 3000 متر مكعب في الثانية إلى 2830 متر مكعب، أي أقل 100 مرة عن منسوب نهر الأمازون.
ومع انخفاض الأمطار وتكاثر موجات الجفاف في شرق أفريقيا، قد يتراجع منسوبه بنسبة 70 بالمئة، وفقا لأكثر توقعات الأمم المتحدة تشاؤما، التي نقلتها فرانس برس.
ويقول شراقي: "حاليا، تخسر مصر 23 مليار متر مكعب في فترة الصيف وخلال ملء السد الإثيوبي، ويتم تعويض هذه الكمية باستخدام مخزون السد العالي من السنوات السابقة".
وفي السنوات السابقة، كان يتم رفع منسوب سد النهضة تدريجيا وتخزين كميات محدودة من المياه، ولكن هذا العام فإن الوضع قد يكون مختلفا، حسب شراقي، الذي يقول إن إثيوبيا "باستطاعتها تخزين كامل الكمية المطلوبة هذا العام البالغة 23 مليار متر مكعب، وهو ما سيكون له تداعيات كبيرة".
ويضيف: " الأضرار الاجتماعية والبيئية تشمل السودان وإثيوبيا أيضا وليس مصر فقط، خاصة السودان الذي يعاني من نقص في المياه بشكل حاد بسبب عدم وجود مخزونات كافية لديه مثل مصر لتعويض النقص، وبالتالي ستكون المعاناة أكبر في الشهور المقبلة".
ويتابع: "القرار الآن بيد إثيوبيا، وقد يستغلون الفرصة لإتمام التخزين الكامل في ظل توقف المفاوضات".
ومنذ 2011، تتفاوض مصر والسودان وإثيوبيا للوصول إلى اتفاق بشأن ملء سد النهضة وتشغيله، إلا أن جولات طويلة من التفاوض بين الدول الثلاث لم تثمر حتى الآن عن اتفاق، التي كان آخرها قبل ما يزيد عن 6 أشهر.
وفي ديسمبر 2023، انتهت جولة جديدة من مسار مفاوضات السد في أديس أبابا، دون تحقيق تقدم يذكر، والتي سبق إطلاقها في إطار توافق الدول الثلاث على الإسراع بإعداد الاتفاق على قواعد ملء وتشغيل السد في ظرف 4 أشهر.
وتبادلت إثيوبيا ومصر الاتهام بإفشال المفاوضات الثلاثية، إذ تقول القاهرة إن الجولة الرابعة من المفاوضات لم تسفر عن أي نتيجة نظرا "لاستمرار ذات المواقف الإثيوبية الرافضة عبر السنوات الماضية للأخذ بأي من الحلول الفنية والقانونية الوسط التي من شأنها تأمين مصالح الدول الثلاث".
فيما ردّت إثيوبيا في بيان صدر عن وزارة الخارجية، قائلة إنها "بذلت جهودا وتعاونت بشكل نشط مع دولتي المصب لحل نقاط الخلاف الرئيسية والتوصل إلى اتفاق ودي"، متهمة مصر بأنها "تتبنى عقلية من الحقبة الاستعمارية وتضع العراقيل أمام جهود التقارب".
ويعتبر المحلل السياسي المصري، فادي عيد، أن إثيوبيا "تبنت خلال السنوات الماضية، سياسة المراوغة في المفاوضات التي لم تسفر عن أي حل".
ويقول لموقع "الحرة": "المفاوضات لم تأت سوى بالمراوغات والتلاعب من الجانب الإثيوبي مع مصر التي اتبعت كل الطرق الدبلوماسية الممكنة لحل هذه الأزمة، ولم تتردد في تبني أي مبادرة أو الخوض في أي مسار للوصول إلى حل".
ويتابع: "إثيوبيا نجحت في سياسة المماطلة بما فيه الكفاية حتى تمكنت من فرض الأمر الواقع على مصر".
بدوره، يحمّل المحلل السياسي الإثيوبي، أنور إبراهيم أحمد، مصر مسؤولية فشل المفاوضات، إذ يقول في اتصال هاتفي مع موقع "الحرة"، إن بلاده "لا تراوغ، بل إن المطالب المصرية المتجددة والمتغيرة من وقت لآخر، أدت إلى إطالة أمد المفاوضات، وجعلها تبدو وكأنها محاولة لتعطيل بناء السد".
ويضيف: "منذ عام 2012 وحتى الآن، كانت المطالب المصرية متنوعة ومتغيرة. وهذا جعل إثيوبيا ترى أن مصر تحاول عرقلة تقدم المشروع، إذ كانت هناك نظرة إثيوبية مفادها أن مصر تحاول تعطيل بناء السد، لكن إثيوبيا لم تتوقف عن البناء".
وأوشكت إثيوبيا الآن على الانتهاء من بناء السد، وهذا أضحى شيء ملموس، حسب المحلل الإثيوبي، الذي يقول إن "الخلافات بين البلدان الثلاثة الآن تتركز على كمية المياه وطريقة التخزين وإدارة السد، وهي الخلافات الناجمة عن التغيرات في الموقف المصري".
وتطالب مصر بإبرام "اتفاق نهائي ملزم" بشأن ملء السد وتشغيله، وكذلك الحصص المائية لكل دولة، وهو ما ترفضه إثيوبيا، التي لا تعترف باتفاق أبرم عام 1959 بين القاهرة والخرطوم، ليست أديس أبابا طرفا فيه، تحصل مصر بموجبه على 66 بالمئة من مياه النيل سنويا والسودان على 22 بالمئة.
تتباين آراء الخبراء بشأن إمكانية إحياء المفاوضات في المستقبل القريب، إذ يأمل شراقي أن تعود بلاده إلى المفاوضات مرة أخرى، إذ يقول خلال حديثه: "يجب على مصر أن تسعى لاستئنافها؛ لأننا المتضررون الأساسيون من هذا الوضع".
ويضيف: "من المهم لمصر أن تبادر بالمطالبة باستئناف المفاوضات، حتى لو كانت إثيوبيا غير مهتمة، ومعاناة السودان من انقسامات داخلية بفعل الحرب، إذ إن تأخير استئناف المفاوضات يضر بمصر بشكل أكبر، وقد يشعر المواطن المصري بالإحباط من جراء الملء الأحادي الجانب الذي تفرضه أديس أبابا".
في المقابل، يرى عيد أن "أي مفاوضات قد تعود إليها مصر الآن لن تكون ذات جدوى. وستمثل إخفاقا للإدارة الحالية".
ويضيف: "ما تم من الجانب الإثيوبي عدوان صريح وصارخ على حقوق مصر في مياه النيل. فما هي المفاوضات التي ستنجح بعد هذا العدوان الذي يهدد بإنهاء أمة بأكملها؟".
من جانبه، يرى المحلل السياسي الإثيوبي أنه "لا بديل عن المفاوضات بين البلدان الثلاثة، إذ لا يوجد خلاف يستمر مدى الحياة".
ويقول أحمد خلال حديثه: "رغم كل هذه التحديات، يجب أن تستمر المفاوضات. فالعلاقات بين الدول الثلاثة (مصر، السودان، إثيوبيا) تمتد عبر التاريخ وهي ضرورية لمواجهة التحديات المشتركة؛ ليس التحدي فقط في بناء السد، ولكن في كيفية استفادة الدول الثلاث من التعاون المشترك من أجل مصلحة شعوبها".
ويضيف: "فشل المفاوضات السابقة كان يرجع إلى أزمة ثقة بين مصر وإثيوبيا من جهة، ومن جهة أخرى تغير مواقف السودان الداعم لكل بلد على حدة من حين إلى آخر. لذلك تميزت المفاوضات بحالة من الكر والفر".
ويختتم المحلل الإثيوبي حديثه بالقول: "لكن، رغم الفشل المتكرر، من الضروري أن تعود الأطراف الثلاثة إلى طاولة المفاوضات بروح جديدة تستند على الثقة المتبادلة وحسن النية والرغبة في التعاون".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: ملیار متر مکعب الدول الثلاث أدیس أبابا من المیاه سد النهضة بناء السد ت إثیوبیا السد فی وهو ما
إقرأ أيضاً:
هل يكتب الله الأقدار في ليلة القدر.. ولماذا تتبدل من عام لآخر؟
هل يكتب الله الأقدار في ليلة القدر؟، ولماذا تتغير ليلة القدر من عام لآخر؟، أسئلة تشغل الأذهان وتكثر خاصة مع تحري ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان، وللجواب عليها نوضح من خلال ما ذكرته دار الإفتاء المصرية حول ليلة القدر.
هل يكتب الله الأقدار في ليلة القدر؟في البداية كشفت دار الإفتاء أن ليلة القدر تعني المغفرة وقبول الأعمال والعتق من النار، والعبادة فيها خيرٌ من عبادة ألف شهرٍ، وفيها تنزل الملائكة إلى الأرض يسلمون على المؤمنين الصائمين، ويستغفرون لهم.
وتابعت: لفضلها وعظمتها أخفاها الله في العشر الأواخر من رمضان؛ لِيَجِدَّ المسلم في طلبها، ويعمل من أجل الحصول على خيرها، ولذا قال الله تعالى: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ [القدر: 2-3].
ولفتت إلى أنه ليست ليلة القدر كما يتصور البعض، ولكن المقصود هو الاجتهاد في العبادة والاستزادة من عمل الخير من صلاة واستغفار وقراءة للقرآن وطلب الرحمة من الله؛ لأنه يقبل في هذه الليلة ما لا يقبله في غيرها.
وعن الحسن البصري ومجاهد وقتادة أنه في ليلة القدر يفصل كل ما في العام المقبل من الأقدار والآجال والأرزاق وغير ذلك، ويكتب ذلك، ويكتب ذلك لهم إلى مثلها من العام المقبل، فعن النُّعْمَانِ بن بَشِيرٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم في قَوْلِهِ تعالى ( وقال رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ): ( قال الدُّعَاءُ هو الْعِبَادَةُ وَقَرَأَ ) وقال رَبُّكُمْ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ( إلى قَوْلِهِ ) دَاخِرِينَ ( قال أبو عِيسَى هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ رواه منصور
ما الحكمة من إخفاء ليلة القدر؟
وبينت الإفتاء الحكمة من إخفاء ليلة القدر، حيث إن الله أخفى رضاه في طاعته؛ ليستزيد أصحاب الطاعات في أعمالهم، وأخفى غضبه في معصيته؛ لينزجر أصحاب السيئات عن أعمالهم، ولذلك اقتضت حكمة الله تعالى أن يُخفي أعمار الناس وآجالهم فلم يحددها؛ ليجد الإنسان في طاعة ربه، فينال رضاه، قال تعالى: ﴿وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ﴾ [الأعراف: 34].
كما أخفى الساعة في الزمن، قال تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: 187].
كما أخفى الله ليلة القدر في رمضان لِيَجِدَّ الصائم في طلبها، وخاصة في العشر الأواخر منه، فيشمر عن ساعد الجد، ويشد مئزره، ويوقظ أهله كما كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ أملًا في أن توافقه ليلة القدر التي قال الله تعالى فيها: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ [القدر: 3 - 5]، فتكون حظه من الدنيا وينال رضا الله في دنياه وفي آخرته؛ لذلك أخفى الله ليلة القدر في أيام شهر رمضان حثًّا للصائمين على مضاعفة العمل في رمضان.
وأما علامات ليلة القدر: فقد ذكر الإمام القرطبي في "تفسيره" (20/ 137، ط. دار الكتب المصرية) لسورة القدر قوله: [الثانية: في علاماتها: منها أن الشمس تطلع في صبيحتها بيضاء لا شعاع لها. وقال الحسن قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم في ليلة القدر: «إِنَّ مِنْ أَمَارَاتِهَا: أَنَّهَا لَيْلَةٌ سَمْحَةٌ بَلْجَةٌ، لَا حَارَّةٌ وَلَا بَارِدَةٌ، تَطْلُعُ الشَّمْسُ صَبِيحَتَهَا لَيْسَ لَهَا شُعَاعٌ». وقال عبيد بن عمير: كنت ليلة السابع والعشرين في البحر، فأخذت من مائِه، فوجدته عذبًا سلسًا] اهـ.
دعاء ليلة القدر في العشر الأواخر
أما بالنسبة للدعاء المأثور إذا أكرم الله المسلم بهذه الليلة فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ ليلة القدر، بِمَ أَدْعُو؟ قَالَ: «قُولِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي» أخرجه الترمذي وصححه، والنسائي وابن ماجه وأحمد، وصححه الحاكم.
هل يتغير موعد ليلة القدر كل عام؟
أوضحت دار الإفتاء ، أن ليلة القدر موعدها ليس ثابت، ويتغير كل عام: «الله عز وجل أنزل القرآن في قلب النبي صلى الله عليه وسلم، وعندما خرج النبي ليخبر الناس بليلة القدر وموعدها المحدد ووجد شخصين يتشاجران وتدخل بينهما وبعد هذا أنساه الله عز وجل موعدها»، كما أوضحت دار الإفتاء أن الحكمة في هذا أن يحرص العبد على طاعة ربه طول الوقت.
وحول أن ليلة القدر سميت بهذا الاسم لأن فيها يمكن للأقدار أن تتغير، أوضح الداعية ياسر سلمي أن هذا الكلام غير صحيح، لأن الدعاء يغير القضاء وليس القدر، كما أن الدعاء في أي وقت يمكن أن يغير القضاء وليس فقط في ليلة القدر، مشددًا: «الدعاء يغير القضاء وليس القدر وهذا يحدث في أي وقت وليس فقط في ليلة القدر لذا فتسميتها بهذا الاسم لا علاقة له بهذا الأمر».
وأوضح سلمي أن هناك فرق بين القضاء والقدر، فالقدر لا يتغير وهو ما كُتب للإنسان منذ ولادة الإنسان إلى نهاية حياته، أما القضاء فيمكن أن يتغير بالدعاء، كما أوضح أيضا أن القضاء نوعان: قضاء مُبرم وقضاء معلق، والقضاء المعلق هو الذي يغيره الدعاء، حيث قال: «القضاء نوعان، قضاء مُبرم وقضاء معلق، القضاء المُبرم لا يتغير، إنما القضاء المعلق فيتغير بالدعاء، ويتم هذا عند الدعاء في أي وقت ولا يقتصر على ليلة القدر فقط».