محمَّد خلف

تعرِفُ الفلسفةُ، رغم تأفُّفِها الظَّاهريِّ، كيف تُروِّجُ لمفاهيمِها المُغرِقَةِ في التَّجريد؛ ولكن حينما تعُمُّ وَفَرَتُها وتُصابُ أسواقُ تداوُلِها بالتُّخمةِ المعرفيَّة، تنتصِبُ الحاجَةُ إلى التَّجريدِ بالمعنى النًّحوي، حيثُ تتعرَّى الكَلِمُ من أيِّ تزيُّدٍ حرفي؛ وعندها، تشتدُّ الحاجةُ أيضاً إلى شاعرٍ يفتحُ مساراً مفارِقاً للمألوف، لِيضعَنا وجهاً لوجهٍ أمام الأشياءِ الملموسةِ ذاتِها، فيما يفتحُ لنا كُوَّةً جديدةً نُطِلُّ منها على عالمٍ مغاير؛ وهو تحديداً ما فعله الشَّاعرُ المُرهَفُ سيدأحمد علي بلال، الَّذي نقلنا بحِرفةٍ حاذِقةٍ من الطَّبقةِ العاملة إلى كَلَّةِ العمَّال؛ ومن المدينةِ الواسعةِ الأرجاء إلى الحيِّ السَّكنيِّ المحدود؛ ومن دفءِ الغرفةِ المنزليَّةِ إلى رطوبةِ العنبر؛ ومن وسائل الاتِّصالاتِ العامَّة إلى صندوقِها البريديِّ المرقَّم؛ وذلك في كتابٍ سيتمُّ تدشينُه اليومَ (السَّبت 29 يونيو 2024) في لندن تحت عنوان: "ص ب: ٣٠ - عنابر ديم التِّيجاني".


منذ البدء، أطلق الشَّاعرُ العنانَ لذاكرتِه الغضَّة، ولم يتدخَّل بغِلظةٍ لتوجيهِها وفقَ تحيُّزِه المعرفي، وإنًّما وجَّهَها، مثل كاميراتِ التَّلفزةِ، بمهارةٍ نحو العنابرِ والأسِرَّة؛ خزاناتِ الملابسِ وحقائبِ السَّفر؛ السَّاحاتِ والملاعب؛ الكنتينَ والطَّاحونة؛ دارِ الرِّعايةِ ومركزِ الشُّرطة. لكنَّه، مع ذلك، يُنبِّهُنا بلُطفٍ شديد إلى الدَّورِ التَّثقيفيِّ لدورِ السِّينما، والدَّورِ التَّربويِّ للحانة، حيثُ تقومُ الأمُّ صاحبةُ "الإنداية" بدفعِ رسومِ الدِّراسةِ لابنتها التَّي "تتلقَّى دروسَها باللُّغةِ الإنكليزيَّةِ، كما تُجيدُ الأمهريَّةَ والتِّغرنجا والعربيَّة". ولا يُشيرُ الشَّاعرُ إلى الكفاحِ السِّياسيِّ للعُمَّالِ إلَّا لِماماً، حفاظاً على مصداقيَّة حداثةِ سِنِّه أثناء إقامته في عنبر الكلَّة السَّابعة بديمِ التِّيجاني في مدينة بورتسودان، حيثُ يقول: "لا أستطيعُ تقديمَ صورةٍ عن وجودِ نضالاتٍ عُمَّاليَّة [..] لكنِّي أتذكَّرُ أنَّه أثناء تنفيذ أحد الإضرابات، [..] حاول بعضُ العمَّالِ التَّسلُّلَ من عنابرِ الجانبِ الغربيِّ للذَّهاب إلى العملِ خروجاً على قرارِ الإضراب، بينما كان مؤيِّدو الإضرابِ ينتشرونَ لِيمنعوا كلَّ مَن يُحاوِلُ كسرَ الإضراب، صائحينَ به (إشكع ... إشكع)".
إلَّا أنَّ الشَّاعرَ يُحدِّثُنا بإسهابٍ وتعاطفٍ لا يعرِفُ الموارَبة عنِ الحياةِ اليوميَّة للعتَّالة والخفراءِ والعربجيَّة، وكيف يتقاسمون شظفَ العيشِ وكسرةَ الخبزِ والقرقوش بينهم، فقد "كانوا فقراءَ [..] إذ نادراً ما كان يملكُ أحدُهم جهاز راديو أو درَّاجة أو ساعةَ يد"؛ وفي نفسِ الوقت، يُوفِّرُ وصفُه التَّفصيليُّ للباحثينَ في مجالِ الاقتصاد والعلوم الاجتماعيَّة عينةً صغيرة قابلةً للدِّراسة وأرضاً بِكراً لِتَكوُّنِ طبقةٍ مهمَّة من طبقاتِ المجتمعِ السُّوداني، كما يوفِّر للمهتمِّين بالشَّأنِ الثَّقافيِّ وجهاً آخرَ منسيَّاً من وجوهِ الحداثة، وهو تعدِّيها على أنماطِ العيشِ التَّقليديَّة واستغلالُها لحاجاتِ المُعوِزين، الَّذين لا يملكون أرضاً لفلاحتها أو نشاطاً تجاريَّاً يتعيَّشون به أو سهلاً خصباً لتربيةِ قطيعٍ من الأبقارِ أو الأغنام. وفي مقابلِ فقدهم لتلك الأنماط، تُوفِّرُ لهم الشُّروطُ الجديدة عملاً بأجرٍ محدود، شريطةَ الخضوع لقوانين الخدمةِ وتراتبيَّة الهياكل وتنظيمِ الوقت؛ فأفرادُ الكَلَّة (أي فرقة العمل) التَّابعين لهيئة السِّكك الحديديَّة الَّذين يتعيَّن عليهم نقل البضائع من وإلى رصيف الميناء والمخازن وعرباتِ قطاراتِ النَّقل، مطلوبٌ منهم لإنجازِ هذا العملِ اليوميِّ الشَّاقِّ أن يستيقظوا مبكِّراً منذ الخامسة والنِّصف صباحاً، وأن يعملوا لمدَّةِ ثماني ساعاتٍ بنظامٍ قائمٍ على ورديَّتَيْن، تعمل الثَّانيةُ منها إلى العاشرة مساء.
ليس هذا فحسب، وإنَّما تخضعُ إقامتُهم في عنابر ديم التِّيجاني إلى نُظُمٍ صارمة، بدءاً من الاستيقاظِ فجراً إلى وقتِ إطفاء الأنوار مبكِّراً في تمام السَّاعة التَّاسعة مساءً. كما تجري كلَّ يومٍ، ما عدا يوم الجمعة، عمليَّة مرور، يتأكَّد فيها الملاحظُ ومساعدوه من نظافةِ العنابر والمساحاتِ التي تفصل بينها؛ فهي، وعددُها ستةَ عشرَ عنبراً، كانت موزَّعة على أربعة صفوف، ومساحتها 320 متراً (8 أمتار في 40 متراً)؛ وقبل تحويلها إلى مخازنَ الواحدَ تلوَ الآخر، كان كلُّ عنبرٍ منها مأوًى لكلَّتَيْن، تُقسَّمُ كلُّ كَلَّةٍ إلى فريقين (أ) و(ب)، ويتراوح عددُ كلِّ فريق بين (15) إلى (18)، لكلِّ فردٍ منهم رقمٌ يُعرَفُ به وخِتمٌ يحملُ اسمه، لاستلامِ المرتَّبِ الشَّهري، وهو توقيعٌ معترفٌ به في التَّعاملاتِ الماليَّة. لكنَّ العاملَ في الكلَّةِ لم يكُن يملُكُ سوى عنقريبَ وحقيبةٍ حديديَّة لحفظ الملابس وأخرى من الصَّفيحِ لحفظ السُّكَّر والبلح والبسكويت. ويتقاسمُ أفرادُ العنبر الواحد جميعَ المرافقِ العامَّة وهي الحمَّامُ والمطبخ والمَزيَرة، والمراحيضُ خارج العنبر. كما يقوم النَّبطشي -وهو عاملٌ تمَّ تفريغُه- بإعدادِ الطَّعام، فيبدأ مع آذانِ الفجر بإعدادِ الإفطار لورديَّة الصَّباح الَّتي تبدأ عملَها في الخامسة والنِّصف صباحاً، كما يقوم بإعدادِ كفتيرةِ الشَّاي الَّتي يستقبِلُها الأفرادُ المتبقُّون في العنبر بأكوابِهمِ الخاصَّة.
ويخضع توزيع العنابر والبيوت إلى وضعيَّةِ العامل داخل الهرم الإداري؛ فأفرادُ الكلَّاتِ يسكنون في العنابر، وعلى جانبٍ منها تقع بيوتُ قدامى العمَّالِ ومساعديهم، ثم بيوت شيوخ الأقسام ومساعدي الملاحظ؛ وأخيراً بيت الملاحظ نفسه. وعلى يمينه، يوجد كنتين التَّعاون؛ وبالقرب منه المرفق الصِّحِّي؛ كما يوجد أيضاً مبنى المكتب الرَّئيسي لديم التَّيجاني المسؤول عن حفظ سجلَّاتِ العمَّال، وإصدار تصريحات السَّفر بالسِّكك الحديديَّة؛ كما هو المكتبُ الذي تُعقَدُ خارجه كلَّ مساءٍ جلسةُ التَّعليمات، الَّتي يعرِفُ من خلالها أفرادُ الكلَّةِ توزيعَ مواقعِ العمل في اليوم التَّالي، إضافةً إلى النَّظرِ في الشَّكاوى والتَّظلُّماتِ المختلفة وفضِّ النِّزاعاتِ إن وُجِدت، وفرضِ العقوباتِ إنِ اقتضتِ الحاجة؛ كما يوجد بالمكتب صندوق البريد رقم (30)، الَّذي يكتسِبُ أهمِّيَّةً قصوى في هذا الكتاب، لأنَّه هو الصِّلةُ الوحيدة الَّتي تربط أفراد الكلَّاتِ بأُسَرِهم، والَّتي يبرِزُ من خلالها دورُ الكاتب بوصفِه محرِّراً رئيسيَّاً للرَّسائل لسنواتٍ وحافظاً أميناً لأسرارِها إلى الأبد، فقد كان يكتبُ "ما قد يتجاوز الخمسين خطاباً في الشَّهرِ لعمَّالِ العنابر" لمدَّة تسعِ سنوات (1957-1965)؛ وكان غرضُها الأساسيُّ هو "إبلاغُ المرسَل إليه بتفاصيل توزيع المبلغ المالي المُرسَل [..] وإبلاغ السَّلام إلى أفرادِ الأسرة". ويُمكِنُ الجزمُ بأنَّ تلك الرَّسائل بالرَّغم من أنَّها رسائلُ عاديَّة، إلَّا أنَّها هي الَّتي هيأتِ الكاتبَ للتَّعوُّدِ على حرفةِ الكتابة، مثلما أنَّ الزَّراعة هي الَّتي مهَّدت له الطَّريقَ لتجويدِ التَّرجمة، تماماً كما فتحتِ الكتبُ في حقيبةِ شقيقِه الرَّاحلِ إبراهيمَ له البابَ لِيَطرِقَ بابَ الشِّعرِ ويسلُكَ درُوبَه منذ وقتٍ مبكِّر.
وبالتَّرافقِ مع صبرِ الكاتبِ لسنواتٍ على كتابةِ الرَّسائل وتدرُّجه في المراحلِ التَّعليميَّة، كانت مدينة بورتسودان تنمو أيضاً وتزدهر؛ وقد أتاح لنا الكاتبُ فرصةَ مشاهدتِها وهي تحتلُّ بصبرٍ ومثابرة مكانَ ميناءِ سواكن القديم. ومثلما أدرك عمُّه عثمان بلال مبكِّراً بأنَّ النَّهرَ والخلاء لَيْسَا مِلكاً لأحد، أدركتِ السُّلطاتُ الاستعماريَّة باكراً أنَّ البحرَ ليس مِلكاً لأحدٍ، فقرَّرت وضعَ يدِها عليه بإنشاء ميناء بورتسودان؛ فتحوَّلَ الجُهينيَّة بتأميمِ المياهِ من موَّرِّدين للبضائعِ عبر البحرِ بالطُّرُقِ التَّقليديَّة إلى مهرِّبينَ يتفادون إيجارَ المرافئ ودفعَ رسومِ الجمارك إلى سلطاتِ الميناء. كما جلب المستعمِرُ خبراءَ يمنيِّين من ميناء عدن الَّتي أُنشئت قبل بورتسودان، فانتشرت بقدومِهِمِ المطاعمُ والمقاهي في سوق أبي حشيشَ وسلبونا؛ وأصبحت هناك دارٌ للرِّياضة، ودارَانِ للسِّينما هما سينما الشَّعب وسينما الخواجة؛ وانبثق دكَّان التَّززي حسن علي أبو سِنَّة منتدًى اجتماعيَّاً لأبناء قرية حزيمة (وهذا جانبٌ مهمٌّ في السَّردِ لن نتمكَّن من تغطيته في يومِ التَّدشينِ هذا). لكنَّنا نقولُ، في ختامِ هذا العرضِ الاحتفائي، إنَّه إذا قام المستعمِرُ بالاستيلاء على البحرِ بدافعٍ من مقتضياتِ الحداثة، فإنَّ حُكامَ المدينةِ الَّذين دفعهمُ اليومَ مِسيارُ الحربِ إليها لا يكتفون بوضعِ يدِهم على إيراداتِ الميناء، وإنَّما يُصادِرونَ حقَّ ساكنيها الأصليِّين في التَّعبيرِ عن إرثهمِ الثَّقافي، فها هو مديرُ التِّلفزيون يتعرَّضُ بعنجهيَّةٍ لمذيعةٍ ترتدي زيَّها المحلِّي بزعمٍ لا أساسَ له بشأنِ وجودِ زيٍّ قوميٍّ ينبغي على الجميعِ ارتداؤه في بلدٍ أروعَ ما فيه تعدُّدُه الثَّقافي. وأروعُ ما في كتاب "ص. ب -عنابر ديم التِّيجاني" أنَّ الكاتبَ قد ثنى إحدى قدمَيْهِ، بوعدٍ قطعَه على نفسِه، لِيسكُبَ لنا مداداً من تجربتِه الثَّرة في العنابرِ والطُّرقِ الرَّطبة الَّتي تقودُ في نهايةِ المطافِ إلى يمٍّ متلاطمِ الأمواج.

khalaph@hotmail.com

algassas@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

مكتبة الإسكندرية: إتاحة 92 ألف وثيقة ضمن أوراق صلاح عيسى على "ذاكرة مصر المعاصرة"

عقدت مكتبة الإسكندرية جلستين على هامش ندوة "أوراق صلاح عيسى في ذاكرة مصر بمكتبة الإسكندرية" بالتزامن مع إطلاق مشروع رقمنة أوراق الكاتب الكبير صلاح عيسى على موقع ذاكرة مصر المعاصرة عقب الانتهاء منه.

جاء ذلك  بحضور  الدكتور أحمد زايد؛ مدير مكتبة الإسكندرية، والكاتبة الصحفية السيدة أمينة النقاش؛ زوجة الكاتب الراحل.

واُستهلت الجلسة الأولى تحت عنوان "عرض أوراق صلاح عيسى على موقع ذاكرة مصر" تحدث فيها أحمد حسن؛ أخصائي توثيق بموقع ذاكرة مصر، والمهندس بيتر سكر؛ مهندس بقطاع تكنولوجيا المعلومات، وأدارها الدكتور أحمد سمير رئيس قطاع تكنولوجيا المعلومات بمكتبة الإسكندرية.


وأوضح أحمد حسن أن المكتبة تسلمت ما يزيد عن 92 ألف وثيقة، تتضمن أهم القضايا التي شهدتها مصر عن الجماعات الإسلامية والحركة الشيوعية، وأهم الاغتيالات السياسية، ومحاضر التحقيق مع الشخصيات السياسية والثقافية البارزة، وما نشر في الصحف عن المنظمات الشيوعية والتنظيمات الجهادية المتطرفة، فضلًا عن قضايا اجتماعية اخرى مثل قضية ريا وسكينة، واستعرض عددا من أغلفة القضايا، ومحاضر التحقيقات، وقرارات الاتهام، والمحاكمات. 


واشار المهندس بيتر سكر، إلى عملية رقمنة الأوراق التي مرت بـ6 مراحل، وهي، استلام الوثائق، المعالجة، بداية التحول الرقمي من خلال مسحها ضوئيًا، إدخال البيانات والتوصيف، معالجة البيانات، وأخيرًا مرحلة النشر.
 

وجاءت الجلسة الثانية تحت عنوان "صلاح عيسى.. مثقف من طراز فريد" تحدث فيها فريد زهران، رئيس اتحاد الناشرين المصريين، والدكتور أحمد زكريا الشلق، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، ومايسة زكي، كاتبة صحفية، وإيمان رسلان، كاتبة صحفية، وأدارها الكاتب الصحفي سيد محمود.


وأكد  "محمود"، إن تراث صلاح عيسى يمثل مرجعيه كبيرة في تاريخ دراسات الفكر المصري والتاريخ السياسي، ساردًا ذكرياته مع الكاتب الراحل قائلًا "أول كتاب اصدرته كان مهدى إليه، وقد تعرفت عليه في فترة مبكرة حيث لفت نظري طريقته في الكتابة في جريدة الأهالي والمجلة الأدبية اليسارية "خطوة" ومنذ هذه اللحظة تحول صلاح عيسى إلى بوصلة وقدوة".


وأشار "محمود" إلى أن صلاح عيسى لم ينل ما يستحق من تكريم ولم يحظ بجائزة الدول، ليكون تكريم مكتبة الإسكندرية هو الأول منذ وفاته، مشددًا على أن مؤلفات الكاتب الراحل كانت الأكثر مبيعًا في معرض الكتاب العام الماضي وهو ما يدل على مكانته فهو ليس مؤرخ من موقع هاوي فقط ولكن من منطلق منهجي، ويكتب التاريخ بعلم ومتعة وهو أمر نادر.


ومن جهته، عبر فريد  زهران، عن سعادته بالاحتفاء بصلاح عيسى وذكر فكره اليساري، مشيرًا إلى أن علاقته به بدأت منذ في فترة الطفولة وشهدت مراحل مختلفة وصولًا لعملهما في مجلة الثقافة الوطنية، وكان صلاح عيسى أول من تحدث عن مصطلح أن الدولة ترعى الثقافة ولا تمتلكها، ومشددًا على اهتمامه بإعادة إحياء كتابات صلاح عيسى خاصة أنه كان يمتلك منهجيه البحث العلمي رغم إنه غير أكاديمي وهذا ما برز في كتابه عن الثورة العرابية. 


وتحدث أحمد زكريا، عن شخصية صلاح عيسى الثرية، قائلًا "إذا أراد أحد أن يدرس الصحافة فقط في مسيرته سوف يجد مسيرة غنية لصحفي مميز كتاباته رشيقة استمرت منذ عام 1972 وحتى 2017، والجانب الأخر أنه كان أديبًا مبدعًا، علاوة على كتابته النقدية بنزعة إنسانية، ومؤرخًا إذ نشر ما يقرب من 20 كتابًا منهم 8 كتب تاريخيّة أكاديمية ومستوى أخر من كتابة التاريخ كقصة.


ومن جانبها، روت الكاتبة إيمان رسلان، ذكرياتها مع الكاتب الراحل فهو كان أستاذها الذي بدأت معه العمل الصحفي، مشددة على أنه نموذج للصحفي المتميز والوجه المصري المثقف، ويعد ظاهرة مماثلة للكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، إلا أن الأول أهتم بالحديث عن الإنسان المصري الآخر والبعيد عن السلطة، متمنية أن تقوم كلية الإعلام بدراسة مسيرة صلاح عيسى.


وأشارت مايسة زكي، إلى أن تناول صلاح عيسى للتاريخ اتسم بالتنوع، واختلفت درجاته، فقد كان يمتلك مهارات بينية وزوايا متعددة للسرد القصة، ولديه حرية فكرية وجسارة إبداعية لا تعترف بحدود، بالإضافة إلى لغة مرنة تتعامل مع أفكار إبداعية، هذا كله جعله محلل اجتماعي ومؤرخ وأديب، والمفارقة لدية أنه يجمع بين الاهتمام بالآنية والتاريخ معًا، فقد كان مهتما بالقضايا الصحفية اليومية مع الفحص والتمحيص للتاريخ.


ويذكر أن  مكتبة الإسكندرية أطلقت الثلاثاء مشروع رقمنة أوراق صلاح عيسى علي موقع ذاكرة مصر، وقدم الافتتاح الدكتور سامح فوزي كبير باحثين بالمكتبة، والمشرف على مشروع ذاكرة مصر، وتحدث كل من الدكتور أحمد زايد مدير المكتبة، وسيد عبد العال رئيس حزب التجمع وعضو مجلس الشيوخ، وأحمد شعبان عضو مجلس الشيوخ محافظة الاسكندرية، وضيفة الشرف أمينة النقاش الكاتبة الصحفية، وزوجة الكاتب الراحل صلاح عيسى.


 

مقالات مشابهة

  • مكتبة الإسكندرية: إتاحة 92 ألف وثيقة ضمن أوراق صلاح عيسى على "ذاكرة مصر المعاصرة"
  • طقس الصباح الباكر.. ضباب خفيف إلى متوسط على أجزاء من 5 مناطق
  • إطلاق أوراق صلاح عيسي في ذاكرة مصر بمكتبة الإسكندرية
  • إطلاق أوراق صلاح عيسى في ذاكرة مصر بمكتبة الإسكندرية
  • الطقس : بارد خلال الليل والصباح الباكر
  • إبراهيم عبد المجيد: الفلسفة والفنون غذاء الكاتب في عصر الذكاء الصناعي وهيمنة الصورة
  • الأنبا مقار: الرهبان أصحاب الفضل في ترجمة الفلسفة والعلوم اليونانية إلى العربية
  • محمد صلاح بواصل كتابة التاريخ مع ليفربول.. ماذا حدث؟
  • المجر: ترامب لا يحتاج لوسطاء لوقف الحرب الأوكرانية
  • طقس الصباح الباكر.. انتشار الضباب على أجزاء من 4 مناطق