لجريدة عمان:
2025-03-14@21:16:47 GMT

«سواعد الخير».. العمل التطوعي في أصدق معانيه

تاريخ النشر: 1st, July 2024 GMT

تفيض الأرض العمانية بالكرم والعطاء، ومن مظاهرها الإنسان العماني الصانع الحقيقي للتاريخ والثقافة من شمال الوطن الى جنوبه، والشواهد والأدلة حاضرة في أكثر من شاخص ومعلم، مثل: القلاع والحصون وشق الأفلاج ورصف الطرقات والمسالك الجبلية، وغيرها من الأمثلة الشاهدة على العمل الإنساني التطوعي قبل أن يتم تأطيره وفق القوانين والأنظمة الحديثة، إذ شكلت الأعراف والمنظومة الاجتماعية الأهلية في السابق أسسا للعمل التطوعي نظرا لحاجة الأفراد إلى التعاضد والتعاون ومساندة بعضهم البعض لقضاء ضروريات الحياة ونيل الأجر والثواب في الآخرة.

استمر العمل التطوعي رغم مظاهر الحداثة واعتماد البعض على المؤسسات الخدمية في التكفل بتهيئة الأمكنة التي تحتاج إليها شريحة من أبناء الوطن وخاصة أولئك البعيدين عن الحواضر والقرى والمتمسكين بالبقاء في مناطقهم النائية والمواصلين لمزاولة الأنشطة الاقتصادية المتوارثة عبر الأجيال، وحينما نذكر الأنشطة الاقتصادية وما يرتبط بها من عمليات، فإننا نعني بالضرورة ثقافة مادية وغير مادية تواكب المهنة والنشاط في المناطق المحافظة على عذريتها الثقافية، سواء كان النشاط رعويا أو فلاحيا، ولذلك تُشكل تلك الأمكنة خزانًا ثقافيًا شفويًا للثقافة اللامادية.

ولذلك نتابع بين الفينة والأخرى أنشطة لأهل الخير في العمل التطوعي المتواري عن أضواء البحث عن الشهرة والمنفعة المادية التي يلهث خلفها البعض لغايات غير النوايا الصادقة التي يحملها في ذواتهم المتطوعون لأعمال الخير المخلصون لوجه الله والوطن وخدمة المواطن، فمن شق الطرق بالمعدات الثقيلة في قرى الجبال الشماء في شمال عُمان إلى أعمال تطوعية أخرى في جنوب سلطنة عمان، نجد همم العمانيين تحقق الإنجازات وتنجز الكثير من الأعمال التي تحمل في ذاتها بذرة الخير للبشر والدواب في مناطق لم تصلها بعد مظاهر الحداثة ولا ثقافتها الاستهلاكية.

هنا في ظفار وبحكم التماس مع أعمال فريق أهلي يحمل اسم سواعد الخير، فإننا نشيد بأعمالهم التي تخدمنا كأفراد حين نمارس رياضة المشي وتسلق المنحدرات الجبلية أو تستفيد منها المجموعات البشرية مثل الرعاة الذين تمنحهم تهيئة المسالك والدروب الجبلية فرصة الانتقال بسهولة ويسر بين المناطق الجغرافية، وكذلك بالنسبة لتهيئة وإصلاح العيون المائية التي تخدم الرعاة ومواشيهم وكذلك الحيوانات البرية كالغزلان والنمور والذئاب وغيرها، بمعنى أن أعمال فريق سواعد الخير تسهم في الحفاظ على المكونات الطبيعية في المحيط البيئي.

يعمل فريق سواعد الخير بالمساندة والمساعدة في إعادة الاعتبار للأمكنة القديمة والمسالك الجبلية التي كانت نسيًا منسيًا، ثم أضحت ممرات يسهل للإنسان عبورها، والتي هي بالأصل ثقافة إنسانية تم تناسيها من قبل أبنائها ثم أعيد لها الاعتبار عن طريق الرحلات الاستكشافية المتخذة من المعرفة سبيلًا في بلوغ الغايات النبيلة في الاكتشاف والتعرف على التنوع الطبيعي والثقافي في المنطقة.

إن ما يهمني في العمل التطوعي في إصلاح الطرقات وعيون الماء، هو إمكانية الوصول إلى أمكنة تهم الرعاة والهواة أولًا وأخيرًا وأنا أجد نفسي مع الفئتين معًا راعيًا آفلا مسكونًا بناموس الرعي والانتقال والرحيل وتقديس المحيط البيئي، وهاويا لمشاهد أعمال الإنسان الذي اتخذ من ذاته قوة وعزيمة في شق الصخر وتوفير الماء في مناطق قاحلة وأعاد لها الحياة.

تحتاج المبادرات الأهلية المُعمّرة للأرض مثل فريق سواعد الخير إلى المزيد من التشجيع المعنوي المتمثل في ذكر الإنجازات وتخطي الصعاب، وأيضا الدعم المادي المتمثل في التزود بمعدات الحفر وتفتيت الصخر ومنح الفريق معدات السلامة والأمان والإسعافات الأولية، وكذلك نقل وسائل الحفر والأجهزة المطلوبة إلى المناطق النائية التي يصعب الوصول إليها عبر الجِمال التي تحمل المعدات والمؤن والمياه للفريق أثناء إتمامه للعمل، وهنا نأمل أن يتكفل سلاح الجو السلطاني العُماني بهذه المهمة مثل المهام النبيلة التي يسهم فيها سلاح الطيران في التنمية المحلية في الأرض العمانية.

إنَّ الاهتمام بإصلاح المسالك والطرقات القديمة وتهيئة الكهوف والمغارات، يُمكن استثمارها من قبل الشباب الباحثين عن العمل في إدراجها ضمن السياحة الاستكشافية ورياضة المشي وتسلق الجبال، ناهيك عن أن الكهوف التي لا يستعملها الإنسان تندثر من الذاكرة، ومن حاجة الإنسان إليها، فكم من عين ماء اندفنت ومُحيت من الذاكرة، وكم من كهف لجأ إليه الإنسان ومواشيه واحتمى به من الظروف الجوية، والآن لم يُعد يأوي أحدًا. وقريبًا من ذلك يورد الروائي الألباني إسماعيل كاداريه (1936-2024) في روايته «الجسر» عن الجسر المقام على نهر (أويان) حينما يتحدث عن العبّارة التي هُجِرت بعد مهامها «كفى أن يتخلى عنها البشر لحظة لكي تتحلل».

إذن هكذا يُعمر الإنسان الأرض ويقاوم الخراب والاندثار، ويؤدي واجبه الإنساني والوطني تجاه الأرض التي أنجبته وعاش فيها، فكل الشكر لكل من قام ويقوم بالتعمير والعمل الخيري، وجزاهم الله خير الجزاء والعطاء.

محمد الشحري كاتب وروائي عماني

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: العمل التطوعی سواعد الخیر

إقرأ أيضاً:

محافظ الأقصر يبحث سير أعمال المتغيرات المكانية وملفى التقنين و التصالح

عقد المهندس عبد المطلب عمارة، محافظ الأقصر، اجتماعًا موسعاً لمتابعة آخر مستجدات الموقف التنفيذي لمنظومة التقنين والتصالح ومنظومة المتغيرات المكانية، وذلك في ضوء المتابعة الدورية لسير أعمال ملفات تقنين واضعي اليد على أراضي أملاك الدولة والتصالح في بعض مخالفات البناء، ومنظومة المتغيرات المكانية، بهدف إنجاز إسراع وتيرة العمل في تلك الملفات.

واستمع محافظ الأقصر، خلال الاجتماع، لعرض عن آخر موقف لمنظومة التقنين والتصالح ومنظومة المتغيرات المكانية في كافة مراكز ومدن المحافظة، مشيداً بما تم إنجازه خلال الفترة الماضية من جهود مكثفة لرفع معدلات إنجاز هذه الملفات، موجهاً باستمرار تسريع وتيرة العمل طبقًا للاشتراطات القانونية، واستمرار التنسيق الكامل بين كافة الجهات المعنية لتذليل أي عقبات قد تعيق تقدم العمل.

و بشأن ملف المتغيرات المكانية شدد محافظ الأقصر على ضرورة التنسيق ما بين الإدارات الهندسية والجمعيات الزراعية والوحدات المحلية، لمعاينة المتغيرات والرد على قانونية كل متغير فور ورودها من إدارة المساحة العسكرية وتفعيل قرار اللجان القاعدية بشأن ازالة التعديات على الأراضي الزراعية على مستوى جميع المراكز والمدن والوحدات المحلية القروية، بالتنسيق مع المختصين بالإدارات والجمعيات الزراعية ووجه بتوحيد الإجراءات المتبعة مع مخالفات البناء والتعدى على الأراضى الزراعية خارج الحيز العمراني، وكذلك الالتزام بمواد قانون البناء رقم 119 لسنة 2008 ولائحته التنفيذية والإزالة في المهد للتعديات على الزراعة وأملاك الدولة والبناء المخالف، ومسؤولية رئيس المركز والمدينة مسؤولية كاملة عن المتغيرات المكانية.

ووجه المحافظ خلال الاجتماع بتكثيف أعمال المراجعة الدورية والمستمرة لإنجاز ملفات التصالح طبقا للقانون ١٨٧ لسنة ٢٠٢٣ ولائحته التنفيذية وخاصة أنه ورد قرار وزير الزراعة بإعتماد نطاق التصالح الكتل المبنية والمجاورة للحيز العمراني وتكثيف العمل بلجان البت بجميع المراكز والمدن وحث المواطنين على سداد رسوم الهيئة الهندسية لاستكمال باقى الإجراءات.

أما بشأن ملفات التقنين طبقا للقانون ١٤٤ لسنة ٢٠١٧ وجه " عماره" بالمتابعة الجادة من قبل رؤساء المدن لكافة الملفات وتحصيل الرسوم المقررة لسرعة إنجاز العمل والانتهاء من كافة الملفات في منظومة التقنين، مشدداً على ضرورة رفع معدلات الأداء على مستوى كافة مراحل أعمال المنظومة وصولا الى التعاقد الملفات الواردة مستوفى من المساحة العسكرية وسرعة اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لاسترداد الأراضى من أصحاب الملفات الغير مستوفى و الغير صالح والغير جادة.

مقالات مشابهة

  • الحكومي والخاص.. ماذا تحظر القوانين على الموظف؟
  • في محاضرته الرمضانية الثالثة عشرة.. قائد الثورة : ما جاء من الله رحمة وهداية لما فيه الخير في الدنيا والآخرة
  • الجامعة الإسلامية تطلق مبادرة “سواعد بناء” لدعم مشروعات الخريجين في تنمية بلدانهم ومجتمعاتهم
  • بورسعيد تطلق دورة تدريبية لتنمية الشباب وتعزيز العمل التطوعي
  • وزارة النفط تناقش التحديات التي تواجه الشركات النفطية في البصرة لرفع كفاءة عملها
  • "تحت سابع أرض".. ما قصة الدراما النابية في أعمال تيم حسن؟
  • ارتفاع ضحايا أعمال العنف السوري إلى 1383 مدنيا
  • محافظ الأقصر يبحث سير أعمال المتغيرات المكانية وملفى التقنين و التصالح
  • الوطنية لحقوق الإنسان تصدر بياناً بشأن مشاريع «توطين المهاجرين»
  • نائب أمير نجران يُدشّن مبادرة “عطايا الخير”