مسيرة الغموض وراء ضياع ثورة ديسمبر
تاريخ النشر: 1st, July 2024 GMT
زين العابدين صالح عبد الرحمن
أن واحدة من إشكالية ثورة ديسمبر 2018م أنها خلفت العديد من التساؤلات عن عدد من الظواهر التي كانت تحتاج إلي إجابات تشكف عن خبايا كثيرة، و إذا كانت القوى السياسية بدرجة الوعي السياسي الكاف كانت جنبت البلاد العديد من المنزلقات التي تسببت في حالة العجز و الفشل في مسار الصعود على عتبات عملية التحول الديمقراطي، و هذه الظواهر هي التي كانت وراء كل الصدمات التي حدثت في مسيرة حكم الفترة الانتقالية.
و جاء الخلافات بين المكون العسكري و قوى الحرية و التغيير، هذا الخلاف كشف حقيقة محدودة قدرات القيادات السياسية، بدأ منذ اختيار ممثل قوى الحرية و التغيير لصناعة وثيقة دستورية من المفترض أن تعبر عن التوجه الديمقراطي و تؤسس لما بعده ليسهل عملية التحول الديمقراطي، تم أختيار أحد القيادات الناصرية، كيف شخص ليس في مرجعيته الفكرية إذا كانت هناك مرجعية و ليس في تاريخه السياسي أي علاقة بالديمقراطية أن يقدم وثيقة تقود إليها.. القضية الأهم في هذا المقال سؤال سألته كثيرا و لعدد كبير من قيادات القوى السياسية في " قوى الحرية و التغيير" من هي الجهة التي رشحت عبد الله حمدوك رئيسا للوزراء الأغلبية قالوا ما عارفين.. البعض قالوا نظن قدم من تجمع القوى المدنية، و أخرين قالوا قدم من قبل رجال الأعمال السودانيين بواسطة القوى المدنية.. سؤال كيف قوى سياسية تقبل أن تعين رئيس وزراء لا تعرف تاريخه و لا الجهة التي دفعت به لرئاسة الوزراء..
السؤال متى ظهر حمدوك على المسرح السياسي؟ ظهر حمدوك بعد ما تم ترشيحه من قبل الرئيس البشير لكي يشغل حقيبة وزارة المالية، و من الجهة التي قدمت حمدوك إلي البشير؟ في الأول قيل أميرة الفاضل التي كانت وزير للشئون الاجتماعية، ثم رشحت لشغل وظيفة في الاتحاد الإفريقي و نفت أنها رشحته، لكن أكيد تم الترشيح من قبل شخص له علاقة بقيادة الإنقاذ، و اعتذر حمدوك ليس لأن له موقف من الإنقاذ و لكن لآن حمدوك بالفعل ليس له أي علاقة " بعلم الاقتصاد" و لم يكن خبيرا اقتصاديا و إذا كان له أدنى علاقة بعلم الاقتصاد ما كان قبل أن يكون حميدتي رئيسا " للجنة الاقتصادية" بعد الترشيح المرة الثانية ظهر حمدوك في اجتماع أديس أباب الذي ضم كل من "حمدوك و صلاح قوش و صلاح مناع، و محمد إبراهيم مو" السؤال ليس عن حمدوك لكن عن صلاح مناع و محمد إبراهيم مو من هم و ما هي علاقتهم بحمدوك،، الأثنين مرتبطين بعلاقات اقتصادية و تجارية مع دولة الأمارات، و لديهم علاقة بطه عثمان الحسين من خلال ما يسمى بمجموعة رجال الأعمال الذين ارتبطوا بمشاريع تتطلع دولة الأمارات تنفيذها في السودان.. صلاح مناع علاقته بحزب الأمة جاءت بنسبه فقط للدكتور عمر نور الدائم، و أيضا يدعم ماليا تمويل نشاطات سياسية لحزب الأمة..
أن رجال الأعمال دخلوا الساحة السياسية من خلال اعتصام القيادة العامة، و كانوا ممولين لعملية الصرف على الاعتصام من مآكل و مشرب و حركة، و من خلال الاعتصام استطاعوا أن يجندوا مجموعات من الشباب المنتمين سياسيا للأحزاب و غير المنتمين، و هؤلاء هم الذين أوكلت لهم عملية تسويق ترشيح عبد الله حمدوك " شكرا حمدوك" و بالفعل تم تسويقه دون أن ينظر كيف صعد على منبر السياسة، ذهب حمدوك في أول زيارة للسعودية و أيضا كانت مرتبة و هناك كان ترتيب الأوراق مع طه عثمان، و تمت صياغة مسودة طلب بعثة أممية للسودان من قبل السفير البريطاني.. أما القوى السياسية التي تدعم حمدوك هؤلاء بلغوا من خلال زياراتهم إلي أبوظبي.. و هؤلاء هم الذين يعملون معه في تقدم.
حمدوك جاء بفريق عمل " مجموعة المزرعة" و تم اختياره من أغلبية الذين كانوا اعضاء في الحزب الشيوعي حتى تضمن الأمارات و السعودية ليس بينهم من الإسلاميين، و عندما قدمت اسماء المرشحين للوزارة عرضوا على ما يسمى بمجموعة رجال الأعمال.. و كان هناك بون شاسع بين حمدوك و مجموعته و بين قوى الحرية و التغيير التي كانت حاضنة سياسية دون أي أعباء عليها.. و عندما ثار الشارع و غضب من حمدوك و رفض هو مقابلتهم تم ضغطه من الكفيل أن يقبل التعديل الوزاري، على أن يشمل كل الذين كانوا على اتصال بالأمارات من أول يوم في نجاح الثورة.. بعد الانقلاب تم الضغط من قبل الرباعية و عدد من القيادات السياسية أن يرجع ليكون رئيسا للوزراء و فعلها و لكن رفض الشارع جعله يستقيل، و يذهب للإقامة في دولة الأمارات، و كانت هناك ترتيبات أخرى نأتي إليها في مقال أخر.. عندما وقع الانقلاب ظهر حمدوك مرة أخرى في المشهد السياسي من خلال مؤتمر صحفي عقده في الأمارات التي لا تسمح أن يكون على أراضيها أي نشاط سياسي. و عندما وصلت الرباعية الي قناعة أن " قحت المركزي" قد فقدت الشارع كانت المرحلة ألأخرى لحمدوك و ترشيحه من قبل مرشحه الأول أن يقود العملية السياسية باعتبار كان له رواج في الشارع من قبل الشباب... نواصل البقية في مقال أخر..
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: قوى الحریة و التغییر رجال الأعمال التی کانت من خلال من قبل
إقرأ أيضاً:
ذكرى 19 ديسمبر: عهد يتجدد مع الحرية والسلام والعدالة.
فتحي محمد عبده
في مثل هذا اليوم من عام 2018، شهدت مدينة عطبرة شرارة ثورة ديسمبر المجيدة، وأشعلت جذوة النضال في قلوب الملايين من السودانيات والسودانيين. عطبرة، مدينة العمال والنضال، كانت كعادتها في طليعة الحراك الثوري، حيث أضرمت نار الغضب في وكر الكيزان ودار حزبهم (المحلول)، معلنة بداية نهاية عهد الظلم والاستبداد. هذه اللحظة التاريخية، التي انطلقت من شوارع عطبرة، كانت بمثابة سقوط سجن الباستيل في الثورة الفرنسية، حيث أضاءت طريق الحرية لشعب عانى طويلًا من القمع والقهر.
ثورة ديسمبر لم تكن مجرد احتجاجات عابرة وفعل أدى إلى سقوط دكتاتورية وإقامة نظام حكم بديل فقط؛ بل كانت انتفاضة أمة بأكملها، اجتمعت على هدف واحد: استرداد الوطن من قبضة الإسلاميين الطغاة. خرج الرجال والنساء، الكبار والصغار، في المدن والقرى والفرقان، حاملين آمالهم وأحلامهم في وطن تسوده الحرية والسلام والعدالة. كانت هتافاتهم تملأ الشوارع، وأصواتهم تتحدى الرصاص والهراوات، مؤكدين أن إرادة الشعوب لا تُقهر.
ونحن نستذكر تلك اللحظات البطولية، نؤكد أن ثورة ديسمبر لم تنتهِ، بل هي مستمرة في كل فعل مقاوم، وفي كل صوت يطالب بالحرية والسلام والكرامة. إنها رواية كتبها جيل رفض الخنوع لعسكر الدكتاتوريات، وأصرّ على بناء مستقبل يليق بتضحيات شهدائه.
لكننا نعيش الآن فصلًا صعبًا من هذه الرواية، حيث تواجه بلادنا حربًا إجرامية تسعى لطمس أحلام شعبنا. الآلاف فقدوا أرواحهم، والملايين شُرّدوا من ديارهم، والجرائم البشعة تُرتكب بحق الأبرياء. ورغم ذلك، فإن روح الثورة لا تزال حية، تلهمنا بالمضي قدمًا، وتُشعل فينا الأمل بأن الغد سيكون أفضل.
إن هذه الذكرى ليست فقط فرصة للاحتفال، بل هي لحظة لتجديد العهد مع الوطن. فلنعمل جميعًا على إكمال مسيرة الثورة، بالوحدة والإصرار على تحقيق أهدافها. لا تراجع عن الحرية، ولا مساومة على العدالة، ولا بديل عن السلام الحقيقي الذي يُعيد الكرامة والحقوق لشعبنا..
في ذكرى 19 ديسمبر، لنتذكر تضحيات رفاقنا الشهداء والجرحى لنستعيد ذاكرة تلك الملاحم البطولية، ولنردد هتافاتنا التي لن تسكت حتى يتحقق حلم النصر الكامل للثورة ومقاصدها. فلنستلهم من عطبرة، ومن كل مدينة وفريق وقرية ناضلت، قوة الصمود والعزيمة، ولنواصل السير على درب الشهداء، حتى نرى السودان الذي نحلم به.
عاش السودان، ونضال شعبه الأبي.
المجد والخلود والانحناء لشهداء الثورة، والخزي والعار للطغاة، والنصر حليف شعبنا لا محالة.
الوسومفتحي محمد عبده