ورطة الكيان الصهيوني بغزة
تاريخ النشر: 1st, July 2024 GMT
علي بن مسعود المعشني
ali95312606@gmail.com
لا شك أنَّ طوفان الأقصى شكَّل مِفصلًا تاريخيًا حادًا ليس للصراع العربي الصهيوني فحسب؛ بل للكيان الصهيوني على وجه الدقة؛ حيث وجد هذا الكيان نفسه مُجبرًا على المواجهة في عدد من الجبهات، أولها عسكري بغزة ومن جنوب لبنان واليمن والعراق، وعلى صُعد أخرى لم يحسب لها أي حساب وتمثلت في الحشود الشعبية الجارفة، والمناصرة لفلسطين في أوروبا وأمريكا، إضافة إلى تهافت دول العالم على إنكار جرائم الكيان وإدانته عبر محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية.
لن يستوعب الكيان كل ما جرى له من هزيمة شاملة في طوفان الأقصى، إلّا بعد صمت البنادق والمدافع، حينها فقط سيعمل على تقليب مواجعه وتقييم خسائره وهزائمه على مختلف الجبهات.
الغرب المُسانِد والمُؤيِّد بقوة للكيان الصهيوني وعلى رأس قيادته أمريكا، وجد نفسه في ظل الطوفان مُكرهًا على مواجهة العالم بأسره، وهذا ما هدَّد مصالحه بقوة مُعاكِسة، وجعل العالم يُعيد النظر ليس في سرديات الغرب البالية من حقوق وحريات وقانون دولي وما على شاكلتها؛ بل وحتى في جدوى المُنظمات الدولية التي تُمثل الشرعية الدولية والسلم والأمن الدوليين.
خروقات الغرب وتجاوزاته الرعناء منذ الحرب الأوكرانية لمواجهة روسيا، كشفها الطوفان أكثر وأكثر وانضجَ حتمية وضرورة أن ينتصر العالم الحُر لقيم الحُرية والسلام والعدل وفق المفهوم الإنساني الشامل، ووفق القواعد التي ارتضتها الأسرة الدولية وعبرت عنها عهود ومواثيق المنظمات الدولية.
الحرب في أوكرانيا سوَّقها الغرب وكأنها من فصول الحرب الباردة بين مُعسكَريْن وانطلت على البعض ممن توقف عندهم التاريخ، وسُلبت عقولهم من قبل الغرب وخرافاته في توصيف الخصوم، ولكن "طوفان الأقصى" برهن على أن المسألة أبعد من الحرب الباردة، وأنها هوية الغرب الحقيقية حين يتعلق الأمر بمصالحه؛ حيث الغاية تُبرِّر الوسيلة، والنتيجة تلمع قذارة كل فعل مُشين لهم.
أدرك الغرب اليوم أنَّ غزة لا تُحارب لوحدها، وأن رديفها ليس محور المقاومة فحسب؛ بل العالم بأكمله، فغزة اليوم هي ضمير العالم، والنواة الحقيقية التي ستتشكل من خلالها ملامح العالم لقرن قادم، لهذا تهافت المتبصرون بحتمية التاريخ حول العالم إلى ركوب سفينة الطوفان قبل الغرق، فغزة اليوم ليست جغرافية صغيرة من فلسطين المُحتلة؛ بل رمزية تاريخية وبوصلة بشرية للتحرر من العبودية والفساد بأنواعه، والانتصار للحق وللقيم الإنسانية.
قبل اللقاء.. سبب الدعم الغربي السخي للكيان اليوم، ليس كله بدافع الحب له؛ بل استشعارًا وتحسبًا لزواله الحقيقي، ولأول مرة، وهذا يعني عودتهم من فلسطين مُكرهين كل إلى موطنه الأصلي، وبالنتيجة عودة الفساد والإفساد واللوبيات والنفوذ مجددًا!
وبالشكر تدوم النعم.
رابط مختصر
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
كاتبة بريطانية: يريد الساسة أن يعتاد العالم على الجرائم بغزة ولن نسمح بذلك
يحاول الساسة في الشرق والغرب التطبيع مع حملة إسرائيل العسكرية في قطاع غزة، ولكن غضبا عالميا يحول دون تحقيق ذلك، فقد عاش الناس لأكثر من سنة ونصف معاناة الغزيين عبر الشاشة، بما في ذلك رؤية أجساد الأطفال المهشمة، وصرخات الأهالي المكلومين.
وهذا ما جاء في مقال كاتبة العمود في صحيفة غارديان نسرين مالك، التي أضافت أن هذه المشاهد الدموية تجتاح كيانها على حين غرة، "فتشعرني بالشلل، كما لو أنني عاودت رؤية كابوس نسيته لوهلة، ولكن هذا الكابوس لا صحوة منه ولا خلاص".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ألبانيزي: إسرائيل ترتكب إبادة جماعية فقاطعوهاlist 2 of 2كاتب أميركي: هل تصمد روح سوريا الحرة أمام التقلبات؟end of listوعلقت بأنه من المستحيل على ضمير البشرية أن يعتاد المشاهد القادمة من غزة، وذكرت أنها رأت "جثمان طفل محطم بلا رأس، وأشلاء بشرية تُجمع في أكياس بلاستيكية، وعوائل تكدست جثث أفرادها فوق بعض"، ولا يمكن للمشاعر أن تبرد أمام فظاعة هذه الجرائم وتعددها مهما كثرت واستمرت.
وانتقدت الكاتبة بشدة تعامل الأنظمة السياسية الغربية -خاصة الولايات المتحدة وأوروبا- مع المصائب في غزة، فهم إما يتجاهلونها ويدعون للعودة إلى طاولة المفاوضات، أو يقمعون الأصوات التي تحتج ضد هذه الجرائم، وخصت بذلك ملاحقة الولايات المتحدة وألمانيا للطلاب والناشطين، وتهديدهم بالاعتقال أو الترحيل.
إعلانوأكدت أن إسرائيل تهدف إلى إخضاع العالم لرغباتها عبر فرض قمع شامل على حرية التعبير ومحاولة إخماد أي صوت معارض بمساعدة من داعميها.
"حكومة ظل أخلاقية"ولكن هذا الاستبداد السياسي لم يُسكت العالم، وفق الكاتبة، بل فجر الغضب في قلوب الشعوب وزاد تضامنهم مع أهل غزة، وقامت الاحتجاجات في كل مكان، من لندن وواشنطن إلى نيويورك، وتشكلت "حكومة ظل أخلاقية" يقودها ناشطون وصحفيون وحقوقيون تسعى لنقل الحقيقة وجرائم إسرائيل في القطاع.
وعلقت الكاتبة بأن محاولات إسرائيل بتقمص دور القاضي وهيئة المحلفين والجلاد بشأن جرائمها في غزة لن تنجح، وخطتها بإبعاد القطاع عن باقي البشرية -عبر منع الصحفيين الأجانب من دخول القطاع، واستهداف الصحفيين المحليين، ومنع المساعدات من الدخول- ستبوء بالفشل.
ويعود ذلك، وفق المقال، إلى أنه كلما زادت محاولات إسرائيل وداعميها بإسكات كل من ناصر غزة، زاد الانتباه والوعي العام حول الوضع الإنساني الذي وضعت إسرائيل العالم أمامه.
وفي ظل تخاذل الحكومات والأنظمة السياسية، انتقل عبء الاحتجاج إلى الشعوب التي باتت تدرك أن الصمت عن الجريمة يعني المشاركة فيها، وأن مقاومة التطبيع مع القتل والظلم هي معركة ضمير عالمي، وفق المقال.
وخلصت الكاتبة إلى أن "الضمير العالمي يشهد على كل جثة غزي، وكل مدينة أحالتها إسرائيل إلى أنقاض، وجسد كل طفل مضرج بالدماء"، وأشارت إلى أنه من المستحيل أن العالم يشهد على تدمير شعب بأكمله يوميا ويستكين، وإذ يختار البعض تجاهل ما يحصل في غزة أو تبريره أو حتى دعمه، إلا أنه لا أحد سيستطيع جعل هذا الواقع أمرا مقبولا.