جريدة الرؤية العمانية:
2024-07-03@14:48:38 GMT

طوفان تغيير المعادلات والموازين

تاريخ النشر: 1st, July 2024 GMT

طوفان تغيير المعادلات والموازين

 

د. قاسم بن محمد الصالحي

تتداخل الأحداث في المنطقة، جريمة الإبادة مُستمرة في غزة، وبدأ "طوفان الأقصى" في استعادة مظهر عنصر استرجاع القضية الفلسطينية على خريطة الساحات الإقليمية والدولية، ليذكر العالم الغني بالأحداث، بأنَّ الشعب الفلسطيني ينشد حريته، والقضية في يده، ليس عند سواه، وطوفان مُقاومته يُؤسس لحركة تحرر تستبدل فصائل المقاومة المتعددة، والنتائج المترتبة تهيئ الظروف من الناحية السياسية، إلى جانب نمو قطب المُقاومة حول التحرر.

والأقصى بالنسبة للشعب الفلسطيني والشعوب الحرة، هو الخط الأحمر، ومدينة القدس هي مفتاح السلام والأمن الدوليين، لما كان من المستحيل أن يكون هناك مكان أكثر أهمية للعالمين الإسلامي والمسيحي من بيت المقدس... لا بد لنا أن نقف على مدلولات "عملية طوفان الأقصى" لربط مضمون العملية بالمشاعر، إن كانت سلبية أم إيجابية... لا بد أن حدثًا ما أو أشياء أدت إلى العمل العسكري المقاوم. المعاناة آلت إلى ما توصلت إليه وحدة المقاومة، تحولت إلى جيش تحرير شعبي، تجاوزت مفهوم فصائل منفردة. هناك نقطة أخرى لا بد من لفت النظر إليها، أن "العملية" قد نجحت في كسب معركة الوعي، عرفت بالقضية، المقاومة هي درجة طوفانها، باعتبار أن طوفان الأقصى عتبة التحرير.

وإذا نظرنا إلى "طوفان الأقصى" من الناحية العملياتية، نجده عبارة عن فعل عسكري مقاوم للاحتلال، مطالب بالتحرير... وهنا لا بُد لنا أن نقف أيضاً على مدلول العملية، لنلاحظ أن قادة المقاومة اختاروا لها اسمًا مرتبطًا مع مضمون المعاناة، بكل ما تحمله الكلمة من معنى، بدءا من الأمواج العاتية للمشاعر، التي هي عبارة عن نتيجة لما قبل عملية طوفان الأقصى. وهذا ما كشفته وتكشفه جريمة الإبادة الجارية في غزة؛ فالدلالة بارزة، ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالمكان الذي احتله الكيان الغاصب، وبمشاعر سابقة أدت إلى طوفانها.

لقد عانى الفلسطينيون معاناة في صميم حياتهم الدينية والدنيوية، آلت بهم هذه المعاناة إلى عملية عسكرية لم تكن نكرة، بل نتيجة لما أظهره الكيان الغاصب من عجرفة وتغول في العديد من الأمور، قتل وتهجير، وممارسة عنصرية، وتدنيس للمقدسات... من هنا تجدر الإشارة إلى أن قادة المقاومة قد أحسنوا الاختيار من حيث الشعور والحس، ومعنى "طوفان الأقصى"، كونه مجموعة أمواج عاتية من القهر والتنكيل، أدت إلى فوران كبير بحجم الشعور اتجاه القدس والأقصى.

وبعيدًا عن العاطفة أو التحامل... بعيدا عن هذا وغيره، قريبًا من القضية الفلسطينية وقدسيتها، بعقيدة المسلم والمسيحي... تضع الأحرار أمام مرايا إنسانية متعددة، ليرى العالم الصورة كما ينبغي، كما رآها قادة المقاومة... "طوفانا" إنسانيا بحد ذاته، وحركة تغييرية، تحمل معادلات وموازين توبيخ من لا قلب له ولا إحساس... طوفان برداء الدم الزكي الحر، يُواسي الإنسانية المعذبة، يصطحب الضمير الحر لنصرة المظلوم، بأمواج جبهات المقاومة التحررية، باتحاد يصطدم بصخور الظلم، بمعادلة جديدة تستنزف الداخل في الكيان المحتل... بهذا يضع العالم كله أمام موقف، ومشهد متجه نحو خارطة التغيير، يكسر المشروع الذي أريد للمنطقة... انفجر الطوفان، صب أمواج انفجاره في نهر "المعاناة"... كان اصطدامه مأساوياً، لكن ليس فيه تشاؤم في مجرى سفينة المقاومة... الاهتزاز طبيعي لأوضاع انفجاره، ليخرج منه الحزن وقهر الاحتلال...

إنَّ العمل المقاوم يرتبط بأحداث سابقة لجريمة الإبادة في غزة، كانت ترتطم أمواجها بصخور الضعف العربي، وشواطئ العالم المغلوب على أمره، ما إن علت أمواج الطوفان إلّا واشتعلت شرارة التغيير، انطلقت من جنوب لبنان، واليمن، والعراق، وإيران، وكأن قادة المقاومة أرادوا بهذا أن يحمل طوفانهم معادلات إقليمية بجبهات مقاومة متحدة، فيها دفع للأثمان والاستحقاقات، وتفاوضات حول البديل المتعذر والبديل غير المقبول..

في المجمل إن طوفان الأقصى أعلى من صرخات المظلومين وغيَّر المعادلات والموازين.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

قصة بسموت مؤسس سايت بت الإسرائيلية.. من منقذ أرواح إلى غريق في طوفان الأقصى

تأثر آدم بسموت عندما شهد حالة غرق لرجل في الـ70 من عمره على شواطئ البحر الميت، وفور أن عاد إلى عمله في جامعة بن غوريون في بئر السبع المحتلة باشر العمل على مشروع ذكاء اصطناعي يساهم في إنقاذ الغرقى على الشواطئ عبر مراقبتهم وتوقع الأمواج العاتية المفاجئة، ولكنه لم يستطع أن ينقذ نفسه وزملاءه من الغرق في طوفان الأقصى.

بالطبع، نظرة بسموت للحياة تتوقف عند أبناء جلدته، فقد انضم إلى قوات الاحتياط في جيش الاحتلال الإسرائيلي ضمن حرب غزة الأخيرة، وكان ضمن قوة مكونة من 20 جنديا مكلفة بتفخيخ المباني أعلن الجيش الإسرائيلي عن مقتلهم في أسوء يوم يمر على الجيش الإسرائيلي في نهاية يناير/كانون الثاني الماضي حيث قتلوا في انفجار قذيفة صاروخية من نوع "آر بي جي" استهدفت دبابة كانت متوقفة أمام مبنيين كان الجيش قد فخّخهما تمهيدا لهدمهما في جنوب قطاع غزة.

تسخير الذكاء الاصطناعي لإنقاذ الحياة

أسس بسموت شركة "سايت بت" (SightBit) عام 2019 بعد أن شهد حالة الغرق في البحر الميت وكيف كانت جهود الإنقاذ غير مجدية بسبب تأخرها كثيرا، هذه الحادثة دفعت بسموت لأن يبحث عن آلية لاستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي ومحاولة توقع حالات الغرق والأفراد المعرضين للغرق بشكل سريع لتنبيه السلطات المختصة وإنقاذهم بينما يظل هناك وقت لذلك.

واعتمدت الشركة على ميزانية تأسيس تجاوزت مليون دولار، وفي عام 2023 تمكنت من جمع مليون دولار أخرى على شكل استثمار أولي في الشركة ليزيد من حجمها وتطوير التقنيات الخاصة بها، وذلك لأن الشركة تسد ثغرة يعاني منها خفر السواحل وقوات الإنقاذ البحري بسبب نقص الكوادر المدربة وتأخر وقت الاستجابة.

ووفق منظمة الصحة العالمية، فإن الغرق هو ثالث أسباب الوفاة انتشارا في العالم، إذ يحصد سنويا أرواح 372 ألف شخص في مختلف بقاع العالم وعبر مختلف أنواع المسطحات المائية سواء كانت بحارا أو فيضانات أو أنهارا صغيرة، كما أن منظمة الصحة العالمية ترى أن الغرق هو "طاعون قابل للشفاء" عبر تطوير التقنيات اللازمة، وهذه الرؤية هي التي جعلت مشروع بسموت مطلوبا في مختلف المناطق حول العالم.

وبعد إطلاق شركة "سايت بت" والتجربة الناجحة لأنظمة الذكاء الاصطناعي في إنقاذ الغرقى والتنبؤ بحالات الغرق، وجد المستثمرون قطاعا آخر يمكن أن تزدهر فيه الشركة، وهو توقع حالات الفيضانات والانفجارات المائية في مختلف المدن، وفورا بدأ بسموت في تطوير النظام بشكل يجعله قادرا على توقع الفيضانات، وبعدها تمكن من بيع النظام لعدة شواطئ ومؤسسات في كندا والولايات المتحدة وأستراليا.

آلية لمراقبة حركة المياه وتوقعها

في قلب تقنيات "سايت بت" تأتي خوارزميات التوقع ومراقبة حركة المياه، إذ تمت برمجة هذه الخوارزمية لمراقبة أي تحرك وتغير في النشاط المائي مهما كان صغيرا، وبعد ذلك توقع الخطوات المستقبلية لهذا التغير، كأن تولد دوامة تجذب السباحين أو تدفع المياه إلى خارج الجسد المائي فضلا عن الوصول إلى مصدر التدفق المائي في حالات انفجار البنية التحتية أو الطوفان.

وتعتمد هذه الآلية على عدسات الكاميرا لمراقبة التغير وتسجيله، وذلك عبر أي نوع من أنواع الكاميرا مهما كان معتادا ولا يملك مستشعرات أو تقنيات مستقبلية، وينطبق هذا الأمر على كاميرات المراقبة المدنية فضلا عن كاميرات المراقبة المنزلية، وربما كان هذا من أسباب تميز منظومة "سايت بت" كونها لا تحتاج إلى معدات خاصة.

ويمكن تطبيق الآلية الخاصة بالشركة على جميع المسطحات المائية وفي جميع الحالات، إذ تستطيع التقنية مراقبة البشر المصطافين على شواطئ البحر أو حتى الشوارع والمناطق السكنية للتنبيه قبل حدوث الكارثة ليتمكن العاملون المدنيون من تدارك الأزمة قبل تفاقمها.

غرق بسموت ومشروعه في طوفان غزة

مشروع بسموت كان يمكن أن ينقذ الآلاف إذا استمر وجوده وسط شركته، ولكنه ترك عمله في شركته التي أسسها لينقذ الأرواح من الغرق، والتحق كرقيب أول في قوات الاحتياط ليغرق الفلسطينيين بتفجير المباني، ولكن طوفان الأقصى ابتلعه مع 20 من زملائه عندما انهار مبنى أصيب بصاروخ آر بي جي أطلقه مسلحو حماس عليه وعلى جنود إسرائيليين آخرين؛ وهذا ما أدى لانفجار الألغام التي زرعها بسموت وزملاؤه وأدى إلى مقتلهم جميعا.

مقالات مشابهة

  • أبرز تطورات عملية طوفان الأقصى
  • تطورات اليوم الـ271 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • إعلام عبري: أكثر من 5 آلاف فلسطيني في سجون الاحتلال من بعد طوفان الأقصى
  • قصة بسموت مؤسس سايت بت الإسرائيلية.. من منقذ أرواح إلى غريق في طوفان الأقصى
  • يوم جديد من عملية طوفان الأقصى.. أبرز التطورات
  • تطورات اليوم الـ270 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • عمليات كتائب القسام في اليوم الـ269 من "طوفان الأقصى"
  • تطورات اليوم الـ269 من "طوفان الأقصى" والعدوان الإسرائيلي على غزة
  • عمليات كتائب القسام في اليوم الـ268 من "طوفان الأقصى"