#مصطلحات_إسلامية: #الحاكمية و #السيادة
مقال الإثنين: 1 /7 /2024
بقلم: د. #هاشم_غرايبه
منذ ان رسخ الغرب مفهوم الديموقراطية، وما انبثق منها وسمي: مبدأ سيادة الأمة، بمعنى رفض تداول الحكم بين سلالات حاكمة بادعاء أنها مفوضة من الله، وأن الشعب يختار من يحكمه، ثار الجدل داخل الأمة الإسلامية: هل ذلك يعني أن الحاكمية للبشر يتعارض مع مبدأ أن الحاكمية لله، بمعنى أن الحكم يجب أن يكون وفق شرعه؟.
في حقيقة الأمر، ليس هنالك تناقض بين أن تكون السيادة للأمة في اختيار من يحكمها، وأن يكون الحاكم والأمة ملزمون باتباع الدستور الذي أنزله الله في القرآن، حاويا لكل التشريعات اللازمة لصلاح حياة البشر.
يقول الأستاذ علال الفاسي في كتابه “مقاصد الشريعة ص:215”: “سند الحكم في الدولة الإسلامية هو إرادة الشعب المسلم، وسند الأمة في الحصول على هذه السلطة هو الدستور المكتوب الذي هو القرآن.
إذاً فالتناقض يحدث إن حدث خروج أو تحوير أو تبديل لهذه التشريعات، وغطي ذلك بأنه جاء بموافقة ممثلي الشعب (السلطة التشريعية.
سيادة الأمة تقتصر على آلية اختيار الحاكم والإدارة، وفق مبادئ الشرع في توفير الحرية والعدالة والكفاءة، لأجل تحقق الاختيار من الأمثل والأقدر على تحمل المسؤولية، لكن هذه السيادة لا تشمل التشريعات الأساسية، فهي محددة ومفصلة في كتاب الله، لا تحتاج أكمالا ولا تعديلا.
إن ما اختلط على البعض حينما تصدوا لرفض الديموقراطية مبدئيا، بسبب ظن الجهلاء أنها جاءت بديلا لمنهج الله، لكنها في حقيقتها ماهي الا تفصيل بسيط لجزئية واحدة من مبادئ التشريع الإلهي القائم على حرية الاختيار.
فان كان الله تعالى لم يكره الناس على الإيمان به وهو القادر على ذلك كونه مالك الملك والقاهر فوق عباده، وجعل اتباع الدين بالقناعة العقلية وليست فرضا بالقوة والغلبة كما يفعل الأباطرة والمتجبرون من البشر، فرأيناهم يشنون حربا مدمرة على العراق وأفغانستان بذريعة فرض اتباع منهجهم (الديموقراطية).
فالأحرى بمنهج الله أن لا يفرض الحاكم على الناس، وأن لا يمنحه التفويض بالسلطة بإسمه وممثلا شرعيا له.
لأجل ذلك خلا الدستور المدون (القرآن) من ذكر آلية اختيار الحاكم، ومن النظام السياسي المتبع (مملكة أو جمهورية أو إمارة)، ليتركها متاحة لاختيار البشر ولا تكون سنة ثابتة لا مجال لتعديلها، بل متطورة وفق تقدمهم الحضاري والمعرفي.
لو تفحصنا التطبيق التشريعي للدولة الإسلامية، لوجدنا ان الخليفة الأول، لم يكن يسمى خليفة الله في الأرض (كباقي الامبراطوريات القديمة والمعاصرة)، بل خليفة المؤسس رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما أن الاستخلاف الأول لم يكن مفروضا من قبله، بل ترك الأمر بلا اي توصية أو إيحاء، لكي يفهم المسلمون أن الأمر متروك لاختيارهم، وكان المنطقي أن يختاروا الأقرب الى منهج النبوة والأقرب شخصيا للمعلم الأول، وليس من ينتمي بالقرابة له، من هنا لم يكن هنالك رأيان في اختيار الخليفة الأول أوالثاني بل اجماع تام، وعند اختيار الثالث كانت رقعة الدولة اتسعت كثيرا، ووسائل الاتصال لا تتيح استفتاء كل أقطارها، فكان الخيار المتاح عمليا هو استفتاء أهل الحل والعقد، وهم لجنة مصغرة من الأكثر علما وحكمة، ومباركة اختيارهم من قبل الجميع بمسى البيعة، ليصبح الأمر اكثر تمثيلا للجميع من مجرد الاقتراع وفوز من ينال نصف الأصوات.
بعد تطور المجتمعات البشرية، توصلت الى أن مبدأ فصل السلطات الثلاث واستقلاليتها يحقق أداء أفضل وعدالة أكثر، كما أصبحت هنالك قيود وسجلات لكل مواطني الدولة، وبالتالي سهولة عمل جداول للناخبين جميعهم، ومتاح لهم الإدلاء بالتصويت في أماكن اقامتهم، كما أن تطور وسائل الإعلام والتواصل أتاح معرفة الناخبين للمرشحين والاطلاع على سيرتهم وقدراتهم وبرامجهم، لذا فالانتخابات المباشرة هي الوسيلة الأفضل الآن في اختيار الهيئات الحاكمة والإدارية والنيابية المخولة بالرقابة واقرار القوانين بعد فحص صحة انبثاقها من الدستور الأعظم وهو القرآن الكريم.
نستخلص مما سبق أن الدولة الإسلامية المأمولة ستعيد الأمة الى صدارة الأمم، لأن مبادئ الحكم والإدارة مرتكزة على تطبيق منهج الله القائم على تعاون المجتمعات على البر والتقوى، وليس على الأحلاف العسكرية القائمة على التقاتل والاستئثار بالخير للأقوياء، وستنجح لأنها ستستفيد من التجارب الإنسانية التراكمية في الاختيار والإدارة.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: الحاكمية السيادة
إقرأ أيضاً:
النزاهة والصحة تؤكدان أهمية ترسيخ الشفافية ومبادئ الحكم الرشيد داخل مُؤسَّسات الدولة
بغداد اليوم - بغداد
النزاهة ووزارة الصحة تؤكدان أهمية ترسيخ الشفافية ومبادئ الحكم الرشيد داخل مُؤسَّسات الدولةاستقبل النائب الأول لرئيس هيئة النزاهة الاتحاديَّـة الدكتور (مظهر الجبوري) وزير الصحَّة الدكتور (صالح الحسناوي) في مقرّ الأكاديميَّة العراقيَّة لمكافحة الفساد.الدكتور الجبوري أكَّد، خلال استقباله وزير الصحَّة، على أهميَّة تكاتف مُؤسَّسات الدولة وتوحيد مساعيها لمُواجهة الفساد والتصدّي لانعكاساته وآثاره السلبيَّة، لافتاً إلى أنَّ الهيئة تعمل بشكلٍ مستمرٍّ على تنظيم الفعاليات التثقيفيَّة والبرامج التدريبيَّة التي تسهم في تعزيز كفاءة المُوظَّفين وإعدادهم للقيام بواجباتهم على أكمل وجهٍ.ونوَّه بالتعاون المُشترك بين الهيئة ووزارة الصحَّة الذي تمخَّض عنه مؤخراً إطلاق برنامج (تعزيز النزاهة والشفافية في القطاع الصحي)، مبيناً ضرورة إيجاد أفضل الطرق لتطوير القدرات البشريَّة في هذا القطاع، مُستعرضاً جهود الهيئة في ربط التجربة الحيَّة في مجال مكافحة الفساد بالجانب العلميّ النظريّ عبر استحداث دراسة الدبلوم العالي المهني في الاختصاصات ذات الصلة بمكافحة الفساد. من جانبه، استعرض وزير الصحَّة (د. صالح الحسناوي)، خلال ورقةٍ علميَّةٍ قدَّمها في الحلقة النقاشيَّة المُنعقدة ضمن مُقرّرات الفصل الدراسيّ الثاني لدراسة الدبلوم العالي للعام الدراسيّ (٢٠٢٤ - ٢٠٢٥)، استعرض خلالها تجربة وزارة الصحَّة في مجال مُكافحة الفساد، مُحذّراً من خطر الفساد وتسبُّبه بعرقلة وتدنّي الخدمات الصحيَّة المُقدَّمة للمُواطنين.وتابع مُوضحاً أنَّ إبعاد المُؤسَّسات الصحيَّـة عن أيدي الفاسدين ضرورة مُلحَْة؛ من أجل الارتقاء بالواقع الصحّي، ولضمان تقديم الخدمات الصحيَّة الفضلى للمواطنين، لافتاً إلى سعيه لأتمتة وحوكمة تعاملات وإجراءات الوزارة لإغلاق الطرق بوجه الفساد، وإيجاد بيئةٍ وظيفيَّةٍ مُلائمةٍ للعمل، إضافة إلى تقديم الدعم الكامل للأجهزة الرقابيَّة وتسهيل عملها داخل الوزارة، مثنياً على مساعي الحكومة في نشر وترسيخ ثقافة النزاهة والشفافية والحكم الرشيد داخل مُؤسَّسات الدولة.