إسرائيل تغلي.. نتنياهو في عين العاصفة
تاريخ النشر: 1st, July 2024 GMT
يبدو أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وضع نفسه في عين العاصفة منذ أن قرر الحرب على قطاع غزة قبل 9 أشهر، خصوصا أن العملية العسكرية لم تحقق أهدافها بعد.
ويواجه نتنياهو عدة عقدة، منها عودة الرهائن التي لم تحرز تقدما رغم المفاوضات والوسطاء، مرورا بالضغوط لإنهاء القتال، وصولا إلى الجبهات المشتعلة والمظاهرات في الداخل، فضلا عن اتهامات الخيانة التي تلاحقه.
من جهته، شن الوزير المستقيل من مجلس الحرب بيني غانتس هجوما حادا على نتنياهو، وأكد أنه لا يمكن له مواصلة إدارة الحرب على هذا النحو، معتبرا أنه حان الوقت لتحديد موعد انتخابات مبكرة.
وقال في تصريحات له، اليوم (الإثنين): إن هذه الحكومة لا تستحق إدارة الحرب وعليها الاستقالة، وأضاف أن من اتخذ قرار الإفراج عن مدير مستشفى الشفاء، الدكتور محمد أبو سليمة، برفقة 54 أسيرا من غزة بسبب الاكتظاظ في السجون، يجب أن يقال فورا.
وفي ظل تفاقم الخلافات السياسية، كان زعيم المعارضة يائير لبيد، كشف وجود محادثات مع أطراف مختلفة بينها حزب الليكود لإسقاط حكومة نتنياهو، مشددا على أن المعارضة «ستسقط حكومة نتنياهو من أجل إنقاذ الدولة».
وفي محاولة لدعم نتنياهو، قرر الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ مساندة رئيس حكومته، قائلا: إن هناك شيئا فظيعا يحدث. وحثّ هرتسوغ، إثر حفل في القدس، الإسرائيليين على التخفيف من حدة التصريحات التحريضية والاتهامات بالخيانة بين المعارضين السياسيين، وفقًا لـ«القناة 13» الإسرائيلية.
وحذّر من أن الإساءة اللفظية يمكن أن تؤدي إلى العنف الجسدي إذا تركت من دون رادع، في إشارة منه إلى حالة الغليان في الداخل الإسرائيلي من الحكومة وملف الأسرى.
ورأى أنه عندما تحرض الجماعات وتتهم بعضها البعض بمحاولة تقويض وتدمير إسرائيل، فمن الواضح أن شيئا فظيعا يحدث، يبدأ بالعنف اللفظي، ولن ينتهي عند هذا الحد.
وكان نتنياهو زعم في كلمة ألقاها خلال احتفال بأسبوع الكتاب، أنه شعر في الأسابيع الأخيرة، بالرعب مرارا وتكرارا من كلمات من النوع الأكثر فظاعة، والمشبعة بالكراهية وبالعنف.
وانتشر مساء الأحد مقطع فيديو يظهر آيالا ميتزجر، زوجة ابن يوروم ميتزجر، الأسير الذي قُتل في ضربات إسرائيلية على غزة، وهي تقول أمام حشد من الناس إنه إذا لم يعد الأسرى المتبقون «فسننتظر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بحبل المشنقة».
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: نتنياهو مجلس الحرب غزة الحرب بيني غانتس
إقرأ أيضاً:
عصيان داخل العُمق “الإسرائيلي”.. حرب غزة تُفجّر تمرّدًا في الموساد والجيش
منذ اندلاع حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة، تواجه حكومة بنيامين نتنياهو أكبر موجة تمرد داخلية في تاريخها الحديث، ليس فقط من الشارع أو عائلات الأسرى، بل من عمق المؤسسة الأمنية والعسكرية، عرائض موقّعة من قيادات سابقة في جهاز “الموساد” وأطباء الجيش وضباط الاحتياط باتت تعكس شرخًا وجوديًا في بنية القرار الإسرائيلي، وتشير إلى فقدان الثقة المتزايد في جدوى الحرب واستمرارها.
انقلاب ناعم على استراتيجية الحرب
منذ الخميس الماضي، توالت العرائض الرافضة لاستمرار العدوان على غزة، تحت ما بات يُعرف إعلاميًا بـ”عرائض العصيان”، بدأ الأمر بعريضة صادمة وقّعها أكثر من 250 موظفًا سابقًا في جهاز الاستخبارات الخارجية (الموساد)، من بينهم ثلاثة رؤساء سابقين هم داني ياتوم، وأفرايم هاليفي، وتمير باردو، هؤلاء دعوا صراحة إلى وقف الحرب على غزة، ولو كان الثمن هو التفاوض مع حركة حماس لإعادة الأسرى الإسرائيليين.
هذه الخطوة غير المسبوقة أثارت ضجة في الأوساط السياسية والعسكرية الإسرائيلية، لما تمثله من “انقلاب ناعم” على استراتيجية حكومة نتنياهو القائمة على استمرار الحرب كخيار وحيد، أن تأتي الدعوة من داخل أحد أكثر الأجهزة الأمنية حساسية في “إسرائيل”، يعني أن النظام الحاكم بات أمام أزمة شرعية داخل مؤسساته.
الأطباء العسكريون يكسرون حاجز الصمت
التمرد لم يتوقف عند “الموساد”، فقد انضم نحو 200 طبيب وطبيبة من وحدات مختلفة في الجيش الإسرائيلي إلى موجة العصيان، ووقّعوا عريضة تدعو صراحة إلى إعادة الأسرى ووقف الحرب فورًا.
اعتبر الأطباء استمرار العمليات العسكرية تهديدًا مباشرًا لحياة الأسرى وجنود الجيش على حد سواء، مؤكدين أن الحرب لم تحقق أهدافها، بل باتت تخدم مصالح سياسية شخصية على رأسها بقاء نتنياهو في الحكم.
عريضة الأطباء جاءت بلغة قاسية غير معهودة من داخل المؤسستين الطبية والعسكرية، قالوا فيها: “نحن نؤمن بقدسية الحياة، لكن استمرار القتال والتخلي عن الأسرى يتعارض مع هذه القيم”، ولفتوا إلى أن نحو 40 أسيرًا إسرائيليًا قُتلوا خلال العمليات البرية، ما يجعل الرهان على الحل العسكري مخاطرة كارثية.
عائلات الأسرى تتبنّى التمرد.. الحرب لا تخدمنا
ما عزز خطورة هذه العرائض هو تبنيها من قِبل عائلات الأسرى الإسرائيليين، الذين يزداد غضبهم من تجاهل حكومة نتنياهو لقضية أبنائهم، دعم العائلات لهذه المواقف يمثل صفعة جديدة لرئيس الوزراء، الذي طالما استخدم ملف الأسرى كورقة سياسية، لكنه فشل في تقديم أي نتائج ملموسة منذ أكثر من ستة أشهر.
تقديرات إسرائيلية تشير إلى أن عدد الأسرى لدى حماس يبلغ 59، بينهم 24 فقط يُعتقد أنهم على قيد الحياة، في المقابل، تحتجز “إسرائيل” أكثر من 9500 فلسطيني، يعانون أوضاعًا إنسانية صعبة، وسط تقارير متزايدة عن التعذيب والإهمال الطبي الممنهج.
حكومة نتنياهو تتوعد.. لكن الأزمة تتفاقم
رد حكومة نتنياهو على هذه العرائض لم يكن احتوائيًا، بل تصعيديًا، وصف الوزراء الموقّعين على هذه العرائض بـ”الخونة” واعتبروهم “يقوّون العدو في زمن الحرب”، ملوّحين بفصلهم من الخدمة أو محاكمتهم، لكن هذه التهديدات لم توقف موجة التمرد، بل كشفت مدى هشاشة الوضع الداخلي وانقسامه بين معسكرين: الأول يرى ضرورة إنهاء الحرب فورًا ولو عبر تنازلات، والثاني متمسك بخطاب الانتصار العسكري بأي ثمن، وما يزيد تعقيد الأزمة، هو أن هذه الأصوات المتمرّدة لا تأتي من يسار المجتمع فقط، بل من داخل الدولة العميقة: الموساد، الجيش، الطب العسكري، وحتى نخبة الجنرالات المتقاعدين، الذين باتوا يرون في الحرب مشروعًا سياسيًا مدمّرًا أكثر منه معركة دفاعية.
خسائر غير مسبوقة.. وأكاذيب تنهار
خلف الخطاب الصهيوني الرسمي عن “تحقيق الأهداف”، تتراكم مؤشرات الفشل، على مدى أكثر من 190 يومًا من الحرب، لم تنجح “إسرائيل” في القضاء على المقاومة أو استعادة الأسرى، بل على العكس، زادت حركة حماس من عملياتها ونقل المعركة إلى العمق الإسرائيلي، كما تعاني الجبهة الداخلية من انهيار نفسي ومعنوي غير مسبوق.
تجاوزت خسائر “إسرائيل” في الأرواح والمعدات ما يمكن احتماله في المدى الطويل، فيما تفقد تل أبيب دعمًا دوليًا متزايدًا بسبب الجرائم المرتكبة في غزة، والتي خلّفت أكثر من 167 ألف شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، إلى جانب أكثر من 11 ألف مفقود، وكل هذا دون أن يتحقق أي من “أهداف الحرب”.
مرحلة ما بعد الحرب
التحليل الأعمق لهذه العرائض يكشف أزمة حقيقية تواجهها حكومة نتنياهو، الذي بات عاجزًا عن إقناع حتى مؤسساته بأن الحرب تخدم أمن “إسرائيل”، ومن المرجّح أن تتسع هذه الأصوات المعارضة لتشمل مزيدًا من الوحدات الأمنية والعسكرية، ما يجعل سيناريو وقف الحرب نتيجة ضغط داخلي أقرب من أي وقت مضى.
تشير التطورات إلى أن “إسرائيل” دخلت مرحلة ما بعد الحرب، حتى قبل انتهائها رسميًا، عرائض العصيان تعكس هذا التحول الاستراتيجي، وتحمل في طيّاتها بداية تفكك الإجماع العسكري والسياسي حول الحرب، وتحويل ملف الأسرى إلى عامل حسم في قرارات المرحلة المقبلة.
تكشف “عرائض العصيان” التي وقّعها كبار مسؤولي الاستخبارات والأطباء العسكريين وضباط الاحتياط، أن الكيان الصهيوني لم يعد متماسكًا كما كان يروّج لعقود، فالتمرد لم يعد محصورًا في أروقة المعارضة السياسية أو الحركات الاحتجاجية الشعبية، بل وصل إلى قلب المؤسسات الأمنية والعسكرية التي طالما اعتُبرت العمود الفقري لبقاء “إسرائيل”.
في النهاية، هذه العرائض تعبّر بوضوح عن اهتزاز قناعات النخبة الحاكمة في “إسرائيل”، ليس فقط بشأن جدوى الحرب على غزة، بل أيضًا حول الدور الذي يلعبه نتنياهو في إطالة أمد الصراع لأهداف شخصية بحتة، فاللغة التي استخدمها الموقعون، من موساد وأطباء وجنرالات، تكشف أن الرؤية الرسمية للحرب لم تعد تلقى إجماعًا، وأن هناك تيارًا داخليًا بات يفضّل الحفاظ على أرواح الأسرى، حتى لو كان الثمن وقف الحرب.
في ظل هذا الانقسام الحاد، يبدو أن حكومة الاحتلال تتجه نحو مزيد من العزلة، داخليًا وخارجيًا، فمن جهة، تتسع هوة الثقة بين الجيش وقياداته السياسية، ومن جهة أخرى، تتزايد الانتقادات الدولية لجرائم الإبادة المرتكبة بحق الفلسطينيين في غزة.
إن استمرار الحرب في ظل هذا الشرخ الداخلي ينذر بانفجار أكبر، قد يكون سياسيًا أو حتى ميدانيًا داخل المؤسسة العسكرية نفسها، فالمعادلة تغيّرت: لم تعد القوة وحدها كافية لضمان الهيمنة، ولا الحرب وسيلة فعالة لاستعادة الأسرى، وما يجري اليوم داخل الكيان ليس مجرد تمرّد مؤقت، بل ملامح انهيار في عقيدة الحرب الإسرائيلية، وتحول استراتيجي في الموقف من فكرة “الردع” ذاتها.