"زلزال"، "سقوط مدوخ" "خوف"؛ هكذا وصفت صحف عالمية نتائج انتخابات التشريعية الفرنسية، أما عنوان لوفيغارو فكان: "التشريعية مأساة فرنسية"، في حين رأت لوتان السويسرية أن "الديمقراطية الفرنسية تتحدث وهي مخيفة".

وقالت لوفيغارو -في افتتاحية بقلم ألكسيس بريزيه- إن فرنسا تجد نفسها في مواجهة منظور مزدوج بين المغامرة السياسية والانسداد المؤسسي، في وضع لا يمكن وصفه إلا بكلمة واحدة هي الكارثة بما في الكلمة من معنى.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هآرتس: عشرات جنود الاحتياط يرفضون أداء الخدمة العسكريةlist 2 of 2أكاديمي فرنسي يشرح حملة التضليل الإسرائيليةend of list

خسر كل شيء

ورأى الكاتب أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كان لديه  كل شيء تقريبا: 3 سنوات من الحكم كرئيس يحكم بأغلبية نسبية ولكنها أغلبية على أية حال، وحزب في حالة جيدة، وقاعدة انتخابية ضيقة ولكنها قوية بشكل مدهش، وصورة شخصية متضررة ولكنها بسلطة لا جدال فيها.

أما الآن فقد خسر كل شيء، فقد أراد توحيد الكتلة المركزية وتقسيم اليسار، وعزل حزب التجمع الوطني، وقد ثبت خطأ كل حساباته، بعد أن كان رهانه في الأساس هو أن الفرنسيين من انتخابات إلى أخرى سوف يغيرون رأيهم، ولكنهم واصلوا إصرارهم، بل إن المستوى الذي وصلت إليه جبهة اليسار أضاف لمسة مثيرة للقلق الشديد إلى اللوحة.

وزعم رئيس الدولة أنه بقراره "يقطع الطريق على التطرف"، فإذا التطرف أعلى من أي وقت مضى، وهكذا تجد فرنسا نفسها في مواجهة منظور مزدوج من المغامرة السياسية والانسداد المؤسسي.

آرون: الاختيار في السياسة ليس بين الخير والشر، بل بين المفضل والمكروه.

وأرجع الكاتب ما اعتبره "كارثة" إلى 3 عناصر: تلك الخفة التي لا يمكن فهمها لرجل خاطر بسبب الحقد النرجسي بإغراق بلاده في الفوضى، وذلك المنطق المجنون لإستراتيجية المركز الفائق الذي ادعى القضاء على اليمين واليسار، ثم هذا السخط الناجم عن الضيق الديمقراطي الذي تغذى لسنوات عديدة على نفاقنا وإهمالنا للهجرة وانعدام الأمن والديون والعجز، وأزمات الخدمة العامة وتراجع التصنيع، وما إلى ذلك، وفقا للكاتب.

ورغم كل هذا أشارت الصحيفة إلى أن الوقت سيكون حاسما في هذه الانتخابات التي تتم على جولتين، مشيرة إلى الاستقطاب بين اليمين المتطرف وجبهة اليسار، وموضحة أن برنامج التجمع الوطني مثير للقلق في كثير من النواحي، ولكن معاداة السامية واليسار الإسلامي والكراهية الطبقية والهستيريا المالية على اليسار مخيفة أيضا.

وختم كاتب الافتتاحية بمقولة المفكر ريموند آرون "أن الاختيار في السياسة ليس بين الخير والشر، بل بين المفضل والمكروه".

جيران خائفون

أما صحيفة لوتان السويسرية فقد أوضحت في افتتاحية قاتمة -حسب وصف ليبيراسيون- أن "الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية في فرنسا تنتهي تحت أنظار جيرانها الأوروبيين الخائفين. ولن تشهد سويسرا أبدا الفوضى الفرنسية، ونظامها السياسي وثقافتها يحميانها من هذه الفوضى المروعة لأن تقاسم السلطة والتسوية تفرض في نهاية المطاف الاعتدال في الأفكار".

وإذا كانت فرنسا منارة سياسية أرست مبادئ جمهورية تضع العالمية على رأس قيمها -كما تقول لوتان- فإن رؤية فرنسا تبتعد عن هذه المبادئ يعني البدء في الشك في إمكانية وجود مجتمع إنساني.

وهكذا تأتي الديمقراطية بما يخشاه بعض الديمقراطيين، إذ إن التجمع الوطني رغم تلميعه، يبقى حزبا يمينيا متطرفا، يستمد جذوره من المؤسسين ذوي الأيديولوجية الإنكارية والفصل العنصري والفاشية الجديدة والعنصرية، وليست التصريحات الأخيرة لزعيمه جوردان بارديلا باستبعاد الفرنسيين مزدوجي الجنسية من مناصب معينة، سوى مثال على ذلك.

وختمت الصحيفة بأن من هم خارج فرنسا، لا يسعهم إلا محاولة فهم واحترام نتائج صناديق الاقتراع، على أمل أن تفتح الأزمة بابا جديدا يكون بداية مشروع لقاء غير مبني على الفشل والغضب، لتعود فرنسا منارة في أوروبا التي تحتاج إليها بشدة.

رئيس حزب التجمع الوطني بارديلا وزعيمة الحزب لوبان يحضران تجمعا سياسيا (رويترز) الانتكاسة الخطيرة

ومن جهتها، استعرضت ليبيراسيون بعد لوتان، مقالا لمراسلة إيكونوميست في باريس صوفي بيدر، مشيرة إلى العنوان "الزلزال السياسي في فرنسا" بعد الإعلان عن الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية، وإلى "التقدم الهائل" لحزب الجبهة الوطنية وحلفائه، و"مساء الخير" للجبهة الشعبية الجديدة، وشددت على "التصويت الساحق والمؤلم لوسطيي ماكرون"، وتوقعت أن "تتجه فرنسا نحو فترة من عدم اليقين العميق وعدم الاستقرار السياسي".

واستعرضت ليبيراسيون ما كتبه المعلق ألدو كازولو في صحيفة كورييري ديلا سيرا الإيطالية من أن "الطوق الصحي المناهض للوبان قد انهار، بعد أن أبقى التجمع الوطني خارج السلطة وخارج النظام على مدى عقود، ولكن تصويت يوم الأحد "يمثل على اليمين، الانتقال من ورثة ديغول إلى ورثة فيشي".

وعلى موقع صحيفة نيويورك تايمز -حسب ليبيراسيون- أشار روجر كوهين إلى "الانتكاسة الخطيرة" لإيمانويل ماكرون الذي عانت حركته الوسطية التي كانت مهيمنة ذات يوم من هزيمة خطيرة، وتنتظره 3 سنوات صعبة".

ورأى رئيس مكتب صحيفة نيويورك تايمز في باريس أن ماكرون "سيُذكر في التاريخ باعتباره الرئيس الذي سمح لليمين المتطرف بالوصول إلى أعلى المناصب في الدولة"، مشيرا إلى أن التصويت كان بمثابة استفتاء على ماكرون الذي أسس حركة على شاكلته وقلب السياسة الفرنسية رأسا على عقب.

وبعد إعلان النتائج، ذكر موقع بوليتيكو كيف "صدم الرئيس الفرنسي الأمة وحلفاء فرنسا الدوليين عندما دعا إلى التصويت قبل أسابيع قليلة من دورة الألعاب الأولمبية، وبعد هزيمة مذلة في الانتخابات الأوروبية، حسب عرض ليبيراسيون.

وخلصت صحيفة "لاليبر بلجيك" إلى أن ماكرون الذي فجّر المشهد السياسي عام 2017، فجّر ما تبقى منه بالديناميت، فقد أراد أن يأخذ حزبَي اليمين واليسار على حين غرة ولكنه كان مخطئا تماما.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات التجمع الوطنی

إقرأ أيضاً:

وصية طفل فلسطيني قبل استشهاده تجسد مأساة أطفال غزة

لم تكن لدى الطفل الفلسطيني عزمي أبو الشعر البالغ من العمر 10 سنوات سوى مذكرة هاتفه المحمول ليكتب داخلها وصيته الأخيرة قبل أن يستشهد في قصف إسرائيلي لمنزل عائلته خلال حملة الإبادة الجماعية التي شنتها إسرائيل على قطاع غزة، والتي استمرت لأكثر من 15 شهرا.

ولم تكن الوصية -التي اكتشفتها عائلته مؤخرا- مجرد كلمات عابرة لطفل في مثل سنه، بل كانت نتاج مشاهد الموت والدمار التي كان يشاهدها يوميا.

هذه المشاهد -التي شملت قتل الأطفال والنساء وهدم المنازل على رؤوس ساكنيها- غرست في نفس عزمي الصغير شعورا مبكرا بعدم الأمان وإحساسا بأن حياته قد تنتهي في أي لحظة.

لذا، قرر عزمي في 19 مارس/آذار الماضي كتابة وصيته وسط الدمار وأصوات القصف العنيف، كتبها وكأنها رسالته الأخيرة إلى العالم.

وقال عزمي في وصيته -التي انتشرت لاحقا على منصات التواصل الاجتماعي- "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، إذا نمت وذهب النون (إذا مت) فسامحوني أمي وأبي وأخواتي نعيمة وشهد ومريم ومحمود".

حاسس حالي مش مطوّل

وأضاف "أمي وأبي، أنا متأسف جدا إذا أغضبتكم يوما، أنا عزوز (لقبه) حاسس حالي مش مطوّل (أشعر أن عمري ليس طويلا)".

كما خاطب عزمي أفراد عائلته قائلا "أمي، أرجو منك أن تنتبهي لمحمود، نعيمة: أنا متأسف على الإزعاج، وشهد كذلك ومريم ومحمود، يشهد الله أني أحبكم كلكم، وستي (جدتي)، وسيدي (جدي)، وأعمامي وعماتي وكل الناس، أرجو أن يسامحوني".

إعلان

وخلال حرب الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل على قطاع غزة بدعم أميركي استشهد 17 ألفا و861 طفلا، وفقا لإحصائية صادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي في القطاع.

وكان الأطفال في غزة يكتبون أسماءهم على أذرعهم وأجسادهم حتى يتمكن المسعفون من التعرف عليهم في حال تحولوا إلى أشلاء بسبب القصف الإسرائيلي.

وصية عزمي أبو الشعر لم تكن مجرد كلمات خطها طفل صغير، بل كانت شهادة حية على معاناة الأطفال في غزة، ورسالة تذكير للعالم بحجم المأساة الإنسانية التي عاشها سكان القطاع خلال هذه الفترة العصيبة.

مقالات مشابهة

  • رئيس بيلاروسيا: لا أبحث عن خليفة لي.. يجب التركيز على تطوير التعاون مع روسيا
  • شركة شحن فرنسية: مستمرون في تجنب البحر الأحمر 
  • فرنسا: ماكرون طلب من نتنياهو سحب قواته المنتشرة في لبنان
  • لوكاشينكو في طريقه إلى ولاية رئاسية سابعة في بيلاروسيا
  • جهود فرنسية لدعم استمرار وقف النار في لبنان
  • المفوضية توضح آلية موعد إجراء الانتخابات التشريعية المقبلة
  • جهود فرنسية مكثفة للإبقاء على اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان
  • حزب سياسي جديد يثير قلقا داخل الحزب الوطني البنغلاديشي
  • وصية طفل فلسطيني قبل استشهاده تجسد مأساة أطفال غزة
  • هبتان فرنسية وقبرصية للجيش