هذه الحرب خطيرة وعميقة المعنى وليست مجرد صراع عسكري بين جيشين، يمكن تفسيرها بالكثير من المناهج وربما تصيب هنا أو تخطئ هناك، طبقيا واجتماعيا وسياسيا وثقافيا وتاريخيا ولكن طالما نحن نعايش الحدث ونعاصره فإن جزءً من الحقيقة محجوب عنا، فالمعاصرة حجاب وربما يكتب التاريخ عنا عصر نهضة وإرهاصات مستقبل أو يكتب عنا بطولة في عصر الانحطاط أو لا يكتب شيئا بالمرة.

على كل حال الحرب معقدة ولكن وبما أن المعاصرة حجاب لكنها أيضا تأكيد للإرادة والحضور والشهود والفعل وصناعة الحدث، لذا مالذي يمكن أن نفعله؟

دعونا نقاوم بذكاء.
نعم ما يجب أن نفعله هو أن نقاوم بذكاء وبحس تاريخي. كنت اقرأ قبل أيام عن هزيمة ١٩٦٧ للجيش المصري أمام العدو الإسرائيلي فيما عرف بالنكسة، كان الجيش في ذهن المصري شيئا خياليا ومثاليا، قوات الصاعقة التي لا تقهر والقوات الجوية التي قيل عنها أقوى سلاح طيران في الشرق الأوسط، المشاة والدبابات وفوق ذلك الزعيم عبد الناصر الذي كان يقول للمصريين: أين كنا قبل الثورة وأين نحن الآن بعد الثورة المظفرة. أحلام عظيمة في زمن هيمنة راديو الترانستور وأدب الخمسينات والستينات الثوري العظيم. كيف انتهى كل ذلك؟ انتهى بهزيمة جيش مصر ونكسة ٦٧ التي أثرت على الفكر والفلسفة والأدب والآيدلوجيا وكانت نقطة في بحر تاريخ الانحطاط.

أين نحن؟
نحن نقاوم بذكاء وبتمسك وبصبر، حتى التاريخ ربما يسأم منا. ويتساءل؟ لماذا لم ترفع الطبقة الوسطى الراية البيضاء؟ لماذا لم تختفي تحت هجمات البرابرة؟ يتساءل مالذي وحد الزغاوة والفور والنوبة والبجا والشايقية والجعلية والشكرية والبني عامر والمساليت والمحس وغيرهم وغيرهم؟ مالذي وحدهم؟ مالذي دفع البرجوازية السودانية للانتحار الطبقي لتقف مع الجيش؟
التاريخ يتساءل ونحن نكتب صفحاته بهدوء يتجاوز تعليم ١٩٦٧، فقائدنا جاء فلتة ويختلف عن عبد الناصر كثيرا، وشعبنا فقير مسكين لكن بينه طلائع مجاهدين ومستنفرين تقودهم منارات مضيئة من الشهداء.

المسألة كلها حول القدرة لا الخيانة، قدرة طبقة مدينية وسطى فارقت القتال منذ مئة سنة، ومعها ريف زراعي مسالم يعيش في نمط رأسمالي بغيض يصنع المحرومين والطبقة الرثة التي يوظفها العدو، وهو كما تعلمون يملك الأقمار الصناعية والمال والسلاح، العدو هناك في أوروبا وفي دويلة الشر التافهة التي تسمى الإمارات وهم عبيد الأمريكان الصهاينة كما تعلمون.
في وضع كهذا وحرب كهذه فإن المسألة كلها حول القدرة والاستعداد وليس الخيانة، والوسيط ليس الراديو بل أدوات العولمة الخطيرة، لذا أصبروا ورابطوا وتوحدوا بذكاء وسننتصر لنكتب التاريخ، تاريخ جيش زلزلت القوى الاستعمارية الأرض تحته لكنه انتصر بشعبه.
والله أكبر والعزة للسودان

هشام عثمان الشواني

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

أكاذيب وضحالة تفكير

هذه الأخبار الكاذبة والفبركات السخيفة تعبر عن ضحالة فى التفكير وسطحية فى تناول قضايا الشان السياسي ، وهو نهج سائد لدى غالب قوى اليسار ولبعض القوى الاقليمية ، حيث عجزوا عن مقارعة الافكار فأصبحوا ينسجون مثل هذا التسطيح..

أولا: منذ العام 1969م لم تعد هناك أى علاقة بين تنظيم الأخوان المسلمين وبين الحركة الاسلامية السودانية على أى مستوى ، بل إن تيارات من الأخوان المسلمين فى بعض البلدان العربية كانت تساند حراك 2018م وذلك رداً على زيارة الرئيس البشير إلى سوريا نوفمبر 2018م ..

وثانياً: الحركة الاسلامية السودانية لا تتدخل فى شأن أى دولة اخرى ، وحدود انشطتها ومدار سياساتها السودان لا أكثر..
وثالثاً: محاولات بعض المنابر إثارة مثل هذه الفبركات هو نهج سائد لديهم ، فهم لا يملكون عمقاً شعبياً أو رؤية وطنية أو موقف مشرف ، ولذلك كل اهتماماتهم الفتن والأكاذيب لتفتيت الصف الوطني ، وستبور تجارتهم بإذن الله..

ورابعاً: فقد تلاحظ تركيز اهتمام منصات ومنابر مليشيا الدعم السريع المتمردة وبعض القوى السياسية متفقة فى استهداف الشيخ علي كرتي الأمين العام للحركة الاسلامية ، فقد اجتمع غثاء العداء فى وعاء واحد ، وهذه حقيقتهم رغم محاولات التغطية..
الحركة الاسلامية السودانية مشغولة فى معركة تحرير الوطن ومساندة القوات المسلحة ، ومن ثم بدء خطط الأعمار والبناء ، ولا تهتم بهذه الترهات..
.. و تباً لكم..
د.ابراهيم الصديق على
23 ابريل 2025م

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • في برج حمود.. من أوقفت القوى الأمنية؟
  • الانكماش لن يهدد الرواتب لكنه يضرب الموازنة الاستثمارية
  • تقرير: ليلة الآليات المحترقة .. حين تُقصف الأذرع التي تساعد غزة على النجاة
  • سامح قاسم يكتب | فتحي عبد السميع.. الكتابة من الجهة التي لا يلتفت إليها الضوء
  • السيسي: نرفع الهامات إجلالًا للقوات المسلحة التي قدمت الشهداء دفاعًا عن الأرض والعرض
  • هاني رمزي: «لام شمسية» من أعظم الأعمال الدرامية التي قدمت على مدار التاريخ
  • عيد تحرير سيناء| من تحرير أرض الفيروز إلى محاربة الإرهاب.. أبناء سيناء يسطرون تاريخًا جديدًا من العطاء والتنمية
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: سبعون سنة يتيهون في الأرض
  • أكاذيب وضحالة تفكير
  • سامح قاسم يكتب | رنا التونسي.. شاعرة الحافة التي تنزف جمالًا