بوابة الوفد:
2025-01-21@13:25:27 GMT

سلام عليك يا غزة فى كل حين

تاريخ النشر: 1st, July 2024 GMT

يقول رب العزة فى كتابه العظيم «وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله»، والخطاب هنا موجه للرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) باعتباره حينئذ قائدا للدولة الإسلامية فى بدء تأسيسها، وواو الجماعة هنا فى الفعل الماضى «جنحوا»، إنما تعود إلى أعداء الإسلام وقتها، والمتمثلين فى يهود بنى قريظة.

والسلم أمر إلهى ورد فى الديانات جميعا، فهكذا تحدث الكتاب المقدس عن السلام «طُوبَى لِصَانِعِى السَّلامِ، فَإِنَّهُمْ سَيُدْعَوْنَ أَبْنَاءَ اللهِ»، «عِيشُوا بِالسَّلاَمِ، وَإِلهُ الْمَحَبَّةِ وَالسَّلاَمِ سَيَكُونُ مَعَكُمْ».

والسلم فعل إنسانى يلجأ اليه المؤمنون بقيمة الإنسان وقيمة وجوده، أما هؤلاء الذين يتحينون الفرص للقفز على محاولات السلام، من يرفضون أيادى ممتدة إليهم بإيقاف هدير الدماء وبراكين المذابح على الأرض، هم فى الواقع أدعياء حقوق، ومصاصو دماء، وكهنة يتكسبون من جهل جاهل ومصلحة منافق، لا لشيء الا للتوسع الكاذب لدولة قامت كطحلب متطفل فى أرض زلقة، غفا عنها العالم وتكالبوا على اختطافها وتسليمها لمغتصبها.  

ومنذ طوفان غزة الذى انطلق منذ ٧ أكتوبر الماضي، وتلك الإبادة الجماعية لشعب أعزل لم تتوقف حتى تلك اللحظات، رغم عديد المحاولات والوساطات لعقد سلام ولو حتى هدنة مؤقتة، ورغم المظاهرات والاحتجاجات وبيانات الشجب، ومحاولة إيران التكشير عن أنياب وهمية، وأحكام دولية بالإدانة والتجريم، ورغم ورغم... ظل مجرمو الحرب على عهدهم الذى لم يغب عنا منذ نقضهم عهودهم مع الرسول، أى منذ ألف وخمسمائة عام تقريبا،  وحتى عصرنا الحالى.. فماذا ننتظر من حارقى أغصان الزيتون سوى العديد من المحارق والإبادات..

وهنا، فى السطور التالية نستعرض معا بعضا من محاولات الدول ومواقفها وردود أفعال العديد من المؤسسات والقطاعات فى العالم، التى رغم رفضها التام  لمجازر العدو الصهيوني، مازال المجتمع الدولى المسئول يصم الآذان ويعقد اليدين متفرجا لمزيد من حروب الابادة لشعب فلسطين الأبى.

ردود أفعال المثقفين والفنانين:

خرجت العديد من الوقفات والمظاهرات على مستوى الوسطين الثقافى والفنى بمصر والعالم كله منذ بدء طوفان الأقصى فى أكتوبر الماضي، تنديدا بممارسة إسرائيل للإبادة الجماعية ضد شعب غزة، فبدءا بنقابة الصحفيين المصريين ونقابة المهن التمثيلية بمصر، واعلان الكثير من الفنانين المصريين والعالميين تضامنهم مع غزة سواء تصريحا أو باتخاذ موقف عملى برفض إعلانات سلع أمريكية، مما عرض البعض منهم للاضطهاد فى محيط عملهم، بينما ارتفعت أسهمهم جماهيريا.

كما وقع المثقفون والأدباء المصريون والعرب على بيان مشترك انتشر على وسائل التواصل، يدين بشدة ويرفض الحرب على قطاع غزة جملة وتفصيلا.

* الفن التشكيلي:

فى مجتمع يرزح تحت وطأة حرب تشنها آلة عسكرية احتلالية منذ نحو 80 عامًا، واجه المجتمع الفلسطينى بكل أطيافه هذه الاعتداءات والهجمات، كلًا بحسب موقعه ومهنته. لكن حجم العدوان الأخير على قطاع غزة، بعد أحداث السابع من أكتوبر 2023، جعل تساؤلًا قديمًا حديثًا يطفو إلى السطح مجددًا عن مدى أهمية الفن وجدواه فى توثيق الاعتداءات ومساندة القضية الفلسطينية، وقام بعض الفنانين والمثقفين والمبادرات والمؤسسات بإطلاق حواريات فى هذا الشأن، كحوارية «الفن وقت الحرب» على سبيل المثال، والتى نظمها «مرسم 301» فى مدينة بيت لحم.

وقد تم استهداف القطاع الثقافى فى غزة، فقد تعرض المشهد الثقافى فى القطاع إلى اعتداءات كثيرة منها استشهاد خمسة عشر مثقف ومبدع بينهم طفلتان وتدمير خمس دور نشر ومكتبات وستة مراكز ثقافية وتدمير جزئى لأكثر من 146 منزلًا قديمًا إضافة إلى المساجد والكنائس وميناء غزة القديم.

كما دمّر القصف الإسرائيلى الكثيف والمتواصل على قطاع غزة ما يقارب 100 معلم أثرى فى القطاع بعضها عمره يزيد عن 2000 عام، من أصل 325 موقعًا أثريًا فى غزة، من أبرز المواقع الأثرية التى تعرضت للتدمير كانت الكنيسة البيزنطية وكنيسة القديس برفيريوس ثالث أقدم كنيسة فى العالم والمسجد العمرى والمقبرة الرومانية التى يزيد عمرها عن 2000 عام.

مظاهرات:

خرجت مظاهرات ومسيرات فى دول عربية وإسلامية عدة تأييدا للفلسطينيين وللتنديد بالضربات الإسرائيلية على قطاع غزة، فمن مصر والعراق إلى الأردن والبحرين وإيران وقبلها تونس، وأمريكا وألمانيا وهولندا وفرنسا وجنوب إفريقيا والهند وغيرها، رددت شعارات مناهضة لإسرائيل ودول غربية.

* اتهامات وادانات دولية لإسرائيل:

جرائم الحرب خلال الحرب الفلسطينية الإسرائيلية هى اتهامات وجهت لإسرائيل وذلك بسبب ارتكابها لجرائم حرب ضد المدنيين. وقد جاءت هذه الاتهامات من هيومن رايتس ووتش، ومنظمة العفو الدولية، وجماعات وخبراء حقوق الإنسان، بما فى ذلك مقررو الأمم المتحدة. وقد أعطت إدارة بايدن موافقة ضمنية على جرائم الحرب الإسرائيلية. وأشار أنتونى بلينكن إلى أن إدارة بايدن لديها «قدرة عالية على التسامح» مع كل ما يحدث فى غزة.

وفى 25 مارس 2024، قالت فرانشيسكا البانيزى مقررة الأمم المتحدة الخاصة للأراضى الفلسطينية، إن هناك أسبابًا منطقية للقول إن اسرائيل ارتكبت العديد من أعمال الإبادة «بحق الفلسطينيين فى غزة، لافتة إلى حصول تطهير عرقى. وفى 5 أبريل 2024 دعا مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة إلى محاسبة إسرائيل على احتمال ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية فى قطاع غزة مطالبًا جميع الدول بعدم تصدير الأسلحة إلى تل أبيب.

قطع وإلغاء العلاقات الدبلوماسية واستدعاء السفراء:

بعد الغارة الجوية الإسرائيلية على مخيم جباليا للاجئين فى 31 أكتوبر، قطعت بوليفيا جميع علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل، وطالب وزير الرئاسة البوليفى بوقف الهجمات على غزة، وأشار الرئيس التشيلي غابرييل بوريك إلى «العقاب الجماعى الذى تمارسه إسرائيل ضد السكان المدنيين الفلسطينيين»

فيما استدعت تسع دول على الأقل، بما فى ذلك الأردن والبحرين وتركيا وكولومبيا وهندوراس وتشيلي وبليز وجنوب إفريقيا وتشاد سفراءها فى الأسابيع التالية.

إجلاء الرعايا الأجانب

أعلنت عدة دول إجلاء رعاياها من إسرائيل، حيث أعلنت البرازيل عن عملية إنقاذ مواطنيها من إسرائيل وغزة، وكذلك بولندا  والمجر ورومانيا وأستراليا، وفر 300 حاج نيجيرى فى إسرائيل إلى الأردن قبل نقلهم جوًا إلى وطنهم. وأعلنت وزارة الخارجية الإيطالية عن عودة نحو 200 من مواطنيها من إسرائيل فى طائرتين عسكريتين. وفى 12 أكتوبر، نظمت المملكة المتحدة رحلات جوية لإجلاء مواطنيها فى إسرائيل، كما أجلت نيبال ما لا يقل عن 254 من مواطنيها الذين كانوا يدرسون فى إسرائيل. وأطلقت الهند عملية لإجلاء مواطنيها من إسرائيل. وكذلك فعلت سلطات أوكرانيا  وأعلنت تايلاند، أن الحكومة تسعى لإجلاء آلاف التايلانديين، وعاد أكثر من 7000 من حوالى 30000 تايلاندى يعملون فى إسرائيل إلى تايلاند.

**المحكمة الدولية

فى 26 أبريل 2024 قالت القناة «12» الإسرائيلية إن المسؤولين الإسرائيليين يخشون أن تصدر المحكمة الجنائية الدولية فى لاهاى أوامر اعتقال ضد رئيس الوزراء نتنياهو ومسؤولين آخرين بسبب الحرب على غزة. لكن نتنياهو رد فى تغريدة على منصة إكس: «لن تقبل إسرائيل أبدا تحت قيادتى أى محاولة من جانب الجنائية الدولية لتقويض حقها الأصيل فى الدفاع عن النفس.

وهدد أعضاء فى الكونجرس الأميركى من الحزبين الجمهورى والديمقراطي، المحكمة الجنائية الدولية، بـ»انتقام»، حال صدور أى مذكرات توقيف بحق كبار المسؤولين فى إسرائيل. وردا على ذلك اتهمت روسيا، الولايات المتحدة بالنفاق لمعارضتها تحقيقًا تجريه الجنائية الدولية بشأن جرائم حرب ارتكبتها إسرائيل، لكنها فى الوقت نفسه دعمت قرار المحكمة بإصدار مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسى بوتين.

موقف رؤساء الدول مما يحدث

انتقد العديد من رؤساء الدول جرائم الحرب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، حيث أدان الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى والملك عبد الله الثانى ملك الأردن العقاب الجماعى على غزة، وانتقد الرئيس التركى رجب طيب أردوغان الدول الغربية لتواطؤها مع ارتكاب إسرائيل جرائم حرب.  ووصف الرئيس الكولومبى جوستافو بيترو الحملة الإسرائيلية بأنها إبادة جماعية. . طالب الرئيس الأيرلندى مايكل د. هيغنز بالتحقيق فى انفجار المستشفى الأهلى العربى باعتباره جريمة حرب. وأدان الرئيس التشيلى غابرييل بوريتش «العقاب الجماعي» الذى تمارسه إسرائيل على السكان المدنيين فى غزة، وكذلك رئيس جنوب أفريقيا وأدان سيريل رامافوسا العقاب الجماعى لغزة. وصرح الرئيس البرازيلى لويز إيناسيو لولا دا سيلفا، «إنها ليست حرب، إنها إبادة جماعية».

 ودعت نائبة رئيس الوزراء البلجيكى بيترا دى سوتر إلى فرض عقوبات على إسرائيل وفرض حظر من الاتحاد الأوروبى على الدول المسؤولة عن جرائم الحرب. وصرح رئيس الوزراء النرويجى جوناس جار ستور بأن تصرفات إسرائيل تنتهك قوانين الحرب الدولية. ووصف رئيس الوزراء الإسبانى بيدرو سانشيز التصرفات الإسرائيلية فى غزة بأنها «قتل عشوائي» وذكر أن لديه «شكوك جدية» فى أن إسرائيل تتبع القانون الدولى. ووصف الرئيس الفلسطينى محمود عباس تصرفات إسرائيل فى غزة بأنها إبادة جماعية. وصرح رئيس الوزراء الأيرلندى ليو فارادكار أن إسرائيل ترتكب عقابًا جماعيًا. كما دعا رئيس الوزراء القطرى محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثانى إلى إجراء تحقيق دولى فى جرائم الحرب الإسرائيلية. 

وفى 12 ديسمبر، وصف جو بايدن الهجمات الإسرائيلية بأنها «عشوائية».

المنظمات الإنسانية

فى 6 ديسمبر، ذكرت منظمة أوكسفام أن المجتمع الدولي، وعلى وجه الخصوص حلفاء إسرائيل، «متواطئون فى القتل الجماعى والتهجير القسرى والمجاعة والحرمان الذى تعرض له أكثر من مليونى شخص». الاتحاد الدولى لحقوق الإنسان وذكرت الحقوق أن تصرفات إسرائيل فى غزة تشكل إبادة جماعية ودعت إلى اعتقال مسؤولى الحكومة الإسرائيلية. وكتبت مجموعة مكونة من 31 منظمة فلسطينية لحقوق الإنسان، بقيادة مؤسسة الحق، إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش تفيد بأن وكالات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة تنتهك القانون الدولى من خلال مساعدة أهداف الحرب الإسرائيلية. وذكر المجلس النرويجى للاجئين أن أى دفع لسكان غزة إلى مصر سيكون بمثابة جريمة حرب أو جريمة ضد الإنسانية.  وأصدرت حركة عدم الانحياز، وهى هيئة مكونة من 120 دولة، بيانا وصفت فيه حرب إسرائيل على غزة بأنها «غير قانونية».

فى فبراير 2024، حذرت منظمة العفو الدولية من أن الدول التى تسلح إسرائيل تخاطر بانتهاك القانون الدولي، قائلة: «من خلال توفير الأسلحة لإسرائيل، تنتهك دول الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة مسؤوليتها فى منع الإبادة الجماعية وتساهم فى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية».

الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية

وفى 16 نوفمبر، أفاد خبراء الأمم المتحدة أن «الانتهاكات الجسيمة» التى ارتكبتها القوات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين فى غزة «تشير إلى إبادة جماعية فى طور الإعداد» ودعوا المجتمع الدولى إلى منع هذه الإبادة الجماعية المتكشفة. وأعربت المفوضية السامية لحقوق الإنسان عن قلقها إزاء التقارير التى تتحدث عن «الاعتقالات الجماعية وسوء المعاملة والاختفاء القسرى لآلاف الفلسطينيين المحتملين» فى شمال غزة. 

وفى 9 نوفمبر، رفعت ثلاث جماعات حقوقية فلسطينية دعوى قضائية ضد إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية. اتهمت هذه الجماعات إسرائيل بارتكاب جرائم حرب، والفصل العنصري، والإبادة الجماعية، ودعت المحكمة الجنائية الدولية إلى إصدار أوامر اعتقال بحق كبار المسؤولين الإسرائيليين. وفى 10 نوفمبر، أعلن الرئيس غوستافو بيترو أن كولومبيا تشارك فى رعاية دعوى جزائرية أمام المحكمة الجنائية الدولية تتهم إسرائيل بارتكاب جرائم حرب.

جنوب أفريقيا:

وفى 16 نوفمبر، صرح رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا بأن جنوب أفريقيا أحالت إسرائيل إلى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم حرب.  فى 17 نوفمبر، ذكر كريم أحمد خان أن المحكمة الجنائية الدولية تلقت طلبًا مشتركًا من جنوب أفريقيا وبنغلاديش وبوليفيا وجزر القمر وجيبوتى للتحقيق فى جرائم الحرب الإسرائيلية المزعومة، وأصدرت المحكمة الدولية قرارها بإدانة إسرائيل، وكذلك فعل مجلس الأمن، ووقفت أمريكا ضد قرار الهدنة الذى أصدره مجلس الأمن، باستخدام حق الفيتو،

وليس خفيا، أن أقامت جنوب أفريقيا إجراءات أمام محكمة العدل الدولية عملا باتفاقية الإبادة الجماعية، التى وقعت عليها كل من إسرائيل وجنوب أفريقيا، متهمة إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ضد الفلسطينيين فى غزة، فضلا عن طلبات العديد من المنظمات الحقوقية الدولية وإدانتها أفعال إسرائيل فى غزة.

هكذا مازالت ردود الفعل الرافضة ومحاولات التقريب بين الأطراف مستمرة، لعقد هدنة أو مفاوضات سلام تحقن من خلالها بحور دماء الأبرياء، ومازال الصلف الصهيونى مستمرًا.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: غزة الفن التشكيلى المجتمع الفلسطيني السابع من أكتوبر القضية الفلسطينية القناة 12 الإسرائيلية نتنياهو لاهاي الرئيس التركي جنوب إفريقيا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي المحکمة الجنائیة الدولیة جرائم الحرب الإسرائیلیة الإبادة الجماعیة الأمم المتحدة رئیس الوزراء إبادة جماعیة جنوب أفریقیا ضد الإنسانیة على قطاع غزة إسرائیل فى فى إسرائیل من إسرائیل جرائم حرب العدید من على غزة فى غزة

إقرأ أيضاً:

لماذا تريد أوكرانيا قوات حفظ سلام على أراضيها؟

كييف- رغم أن أوكرانيا تقاتل منذ نحو 3 سنوات روسيا التي تملك ثاني أكبر جيش في العالم، ورغم أن الأخيرة تتمتع بميزة التقدم على الأرض منذ شهور وإن كانت بطيئة، فإن كييف ليست في أسوأ أحوالها، قياسا بما كانت عليه قبل بداية الحرب في فبراير/شباط 2022.

ذلك لأن تعداد جيش أوكرانيا النظامي ارتفع من 250 ألف جندي قبل الحرب إلى ما يتراوح بين 880 ألفا ومليون جندي، بحسب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي يتحدث بفخر عن ذلك، ويضيف أن إنتاج بلاده من الأسلحة التي تحتاجها سنويا زاد من 10% إلى نحو 33-34% أيضا.

ولكن قد يظن البعض -للوهلة الأولى- أن أوكرانيا وصلت إلى هذا التفوق العددي لحاجتها إلى قلب مسار الحرب، خاصة أنها أشارت مرارا إلى وجود نحو 600 ألف جندي روسي على أراضيها، لكن الأمر ليس كذلك، فجنود أوكرانيا موزعون على كامل أراضي البلاد وحدودها، ولا يزال التفوق على الجبهات لصالح الروس، بحسب زيلينسكي نفسه.

ويفسر هذا الأمر استمرار عمليات التعبئة وكثرة الحديث عن خفض الفئة العمرية، لتشمل الأعمار التي تتراوح بين 18 و25 عاما، بغض النظر عن التوتر وحجم الجدل الذي تخلفه داخل المجتمع.

السلاح الأوكراني

خصصت أوكرانيا نحو 61% من ميزانيتها للدفاع، وتنشط فيها اليوم نحو 800 شركة عامة وخاصة في مجال الصناعات الدفاعية، كما زادت الدولة حجم إنتاجها العسكري بواقع يزيد على 6 أضعاف، كما أنها تصنّع محليا نحو 96% من الطائرات المسيرة، التي باتت تتفوق في مجالها على روسيا، كما تقول.

إعلان

ويقول وزير الدفاع الأوكراني رستم عمروف إن حجم إنتاج المجمع الصناعي العسكري قد يصل إلى 35 مليار دولار في نهاية 2025، أي ما يغطي نسبة 57% من كامل ميزانية الدفاع.

لكن بلاده تعتمد -حتى يومنا هذا- بنسبة 30% على إمدادات الدول الأوروبية من السلاح، وبنسبة 40% على الأميركية، بحسب ما قال الرئيس زيلينسكي، وهي نسب لا تلبي كل الحاجة الأوكرانية، ولهذا تبقى غلبة الكمية للآليات والمدافع السوفياتية والروسية على طرف الجبهات الأخرى.

فعلى سبيل المثال، فإن كمية القذائف التي تطلقها القوات الروسية على الجبهات تصل في المتوسط إلى 7 أضعاف ما تطلقه نظيرتها الأوكرانية، ولا تتغير معطيات هذه المعادلة إلا بحصول أوكرانيا على دفعات جديدة من "شركائها" الغربيين.

من جهة أخرى، يشكل سلاح الطيران الروسي معضلة للأوكرانيين في الجبهات وبعيدا عنها، في حين أن طيرانهم الحربي يكاد يكون غائبا عن لعب أي أدوار هجومية لصالح أوكرانيا.

زيلينسكي أكد أن إنتاج بلاده من الأسلحة التي تحتاجها سنويا زاد إلى نحو 34% (الفرنسية) شريان الدعم مهدد

وبغض النظر عن "امتعاض" كييف من قلة حجم المساعدات وتأخرها في كثير من الأحيان، فإنها تعيش اليوم مخاوف حقيقية من أن تنقطع مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى الحكم، أو أن تُربط بشروط صعبة.

ويوضح هذا الأمر للجزيرة نت الخبير والمحلل السياسي كونستانتين إليسيف، رئيس "مركز الحلول الجديدة"، فيقول "ثمة أزمة تلوح في الأفق على ما يبدو، فالرئيس زيلينسكي حاول مرارا طمأنة الجيش والعامة، لكنه عبّر عن الهواجس الموجودة صراحة، عندما طالب فريق ترامب بشراء السلاح الأميركي بعد قطع المساعدات، والتحول إلى شرائه بدلا من الحصول عليه بالمجان، ولكن باستخدام أموال الأصول الروسية المجمدة".

ويضيف إليسيف "هذه الهواجس موجودة أيضا لدى بعض الأوروبيين الداعمين، وبعضهم يرى أن أعباء الملف الأوكراني ستكون أكبر على عاتقهم تقريبا"، ويوضح في السياق ذاته أن "ليس أمام أوكرانيا سوى الحفاظ على علاقات متزنة مع كل من أوروبا والولايات المتحدة، هذا مهم لاستمرار الدعم، بغض النظر عن شكله، وللحصول على الضمانات الأمنية التي تريدها أوكرانيا أيضا".

إعلان

حلول بديلة

تحولت أوكرانيا مؤخرا نحو الحديث عن إمكانية نشر قوات أجنبية على أراضيها، ويبدو أنها ترحب بالأمر وتريده صراحة، بعد طول تأكيد سابق بأنها لا تحتاجه، وهو أمر بُحث مع الفرنسيين على مستوى الرؤساء، وسيبحث مع البريطانيين قريبا، أما دول البلطيق المجاورة فقالت إنها ستدرس الأمر إذا طالبت به أوكرانيا.

من جهته، يربط الرئيس الأوكراني بين وجود هذه القوات و"تعزيز الوحدة الأوروبية"، وبين "الضمانات الأمنية" لبلاده، حيث يصنفها كقوات "حفظ سلام" على أراضيها.

لكن معظم دول "الناتو" تعارض إرسال قوات إلى أوكرانيا، ومنها ألمانيا التي أكدت أنها لن تناقش الفكرة إلا بعد موافقة روسيا عليها، في إطار "حفظ السلام"، لكن خبراء يرون أن الأمر سيكون، ولكن بالتدرج.

ومن وجهة نظر المحلل العسكري يوري فيدوروف، فإن "مجرد الحديث عن هذا الموضوع يعد تمهيدا لتطبيقه، الذي قد يبدأ ببرنامج تدريب للقوات الأوكرانية، على أراضي أوكرانيا وليس خارجها".

ويضيف في حديثه للجزيرة نت أن هذا الوجود قد يتطور لحماية مواقع أو مدن معينة، ويمكّن أعدادا أكبر من القوات الأوكرانية للمشاركة في الحرب بشكل مباشر، وبهذا يتحقق جزئيا هدف "الضمانات الأمنية" التي تريدها أوكرانيا، حتى وإن دُفعت للتخلي عن مساعي العضوية في حلف شمال الأطلسي "الناتو".

ويوضح فيدوروف قائلا "لا أعتقد أن أي قوات أجنبية ستشارك في حرب روسيا في المستقبل القريب، لكنها تعتبر مجرد وجودها تهديدا، ونحن نرى فيه وسيلة ضغط قوية عليها، سواء إذا استمرت الحرب، أو ذهبت إلى طاولة مفاوضات عادلة"، ويضيف "بعد 3 سنوات، روسيا لم تعد قوية لتذهب إلى إشعال حرب مع الناتو وكل الغرب كما كانت، وكما تدعي".

مقالات مشابهة

  • أبرز محطات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة
  • بالأرقام.. كم كلفت الحرب على غزة الخزينة الإسرائيلية ؟
  • هند رجب تلاحق جنود الاحتلال .. منظمة تطارد مرتكبي جرائم الحرب في كل العالم
  • لماذا تريد أوكرانيا قوات حفظ سلام على أراضيها؟
  • استشهاد 14 ألف طفل جراء الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة
  • باحث: المجتمع الدولي عاجز عن معاقبة إسرائيل على جرائم الحرب في غزة
  • باحث: المجتمع الدولي عاجز عن معاقبة إسرائيل على جرائم الحرب في غزة ولبنان
  • باحث: المجتمع الدولي تقاعس عن ردع إسرائيل ومعاقبتها على جرائم الحرب في غزة ولبنان (فيديو)
  • باحث: المجتمع الدولي عاجز عن معاقبة إسرائيل على جرائم الحرب في غزة
  • الجزائر: إنهاء احتلال إسرائيل للأراضي العربية يُعالج الصراع ويضمن سلامًا دائمًا بالمنطقة