"السعادة" ضالة يبحث عنها جميع الناس بلا استثناء، وتؤثر تأثيرا كبيرا على حياتنا وصحتنا النفسية، فما طعمها؟ وكيف أكون أكثر سعادة؟ وكيف أجذبها؟ وهل حقا السعادة قرار؟ فإذا كانت كذلك، كيف يمكنني الاحتفاظ بمشاعر السعادة طيلة الوقت؟ والسؤال الأهم: كيف أمنع الآخرين من التأثير السلبي على سعادتي؟

"على الإنسان أن يدرك أن الصحة النفسية تعتمد بشكل مباشر على إدارة المشاعر وعدم المبالغة بالشعور بالسعادة، إذ لا توجد سعادة مطلقة ولا يوجد حزن مطلق"، تقول خبيرة السعادة والإيجابية وجودة الحياة رولا عصفور للجزيرة نت.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2دول إسكندنافيا الأكثر سعادة في العالم.. الكويت الأولى عربيا ولبنان الأخيرlist 2 of 2في 7 خطوات.. كيف يتعلم الكبار السعادة من الأطفال؟end of list

وتضيف "المشاعر المتناقضة التي يشعر بها الإنسان تساعده على التحكم في سلوكه، وتحميه من المخاطر، وتزيد من قدرته على اتخاذ القرار، وتجعله يفهم نفسه ويفهم الآخرين بشكل أفضل".

إليك نصائح رولا عصفور للتمتع بحياة سعيدة، في الحوار التالي:

رولا عصفور (الجزيرة) ما شعور السعادة؟

تقول عصفور إن السعادة حالة عاطفية تتميز بمشاعر الفرح والرضا، ويتفاوت الشعور بالسعادة بين البشر حسب مستوى رضى الفرد عن رفاهيته الذاتية (مصطلح علمي للسعادة والرضا عن الحياة، وطريقة التفكير والشعور بأن حياته تسير على ما يرام).

وتتأثر مستويات الرفاهية الذاتية بعوامل داخلية مثل "الشخصية والنظرة المستقبلية"، وعوامل خارجية مثل "المجتمع".

ويحدد الرفاهية الرئيسية مزاج الشخص الفطري، ونوع علاقاته الاجتماعية، وطبيعة المجتمع الذي يعيش فيه، وقدرته على تلبية احتياجاته الأساسية.

وتؤكد دراسة أجرتها جامعة بريستول في المملكة المتحدة أن الأشخاص "السعداء" يتمتعون بصحة أفضل، ويعيشون لفترة أطول، بالإضافة إلى أن لديهم علاقات اجتماعية أفضل، وإنتاجيتهم في العمل عالية.

الأشخاص "السعداء" يتمتعون بصحة أفضل وإنتاجيتهم في العمل عالية (بيكسلز) كيف نكون أكثر سعادة؟

توضح نظرية "تكيُّف المتعة" (Hedonic adaptation)‏ أن مستوى السعادة ثابت، ويرتفع عادة بعد تحقيق الأهداف لفترة زمنية محددة، ثم يعود لمستواه المعتاد عليه، وكذلك مشاعر الحزن ترتفع عند الإنسان بعد تحقيق الھدف وتعود إلى المستوى المعتاد عليه نفسه، وطبيعة الإنسان أنه يميل إلى العودة للمستوى الثابت من السعادة أو الحزن.

ويختلف هذا المستوى بين الأفراد بناءً على اختلاف الجينات الوراثية بين الأفراد بنسبة 50%، والظروف البيئية والمعيشية بنسبة 10%، و40% حسب طريقة التفكير والموقف الشخصي في التعامل مع الأحداث التي نتعرض لها.

وهذا يؤكد أن الإنسان صاحب القرار في تغيير مستوى السعادة إلى مستوى أفضل، فالسعادة صناعة فردية ليست مستحيلة، لكن تصوراتنا الخيالية عن مفهوم السعادة، وربطها بالأشخاص والحصول على الأشياء، بالإضافة لعدم الشعور بالرضا عن ما نمتلكه وما حققناه، يجعل الشعور بالسعادة مرتبطا بالحصول على ما نصبو إليه.

التمتع بنظرة إيجابية واستخدام التفكير المتفائل أفضل طريقة لجذب المزيد من السعادة (شترستوك) كيف نجذب مشاعر السعادة لأنفسنا؟

الإنسان يجذب كل ما يفكر به؛ إذ إن العقل اللاواعي "الباطن" يستقبل ويرسل يوميا الأفكار التي تراود الشخص والكلمات التي يقرأها والأصوات التي يستمع إليها، بالإضافة إلى أنه يصدق ما يقوله الشخص عن نفسه وعن الآخرين، وهذا النشاط "عشوائي، متناقض، يحدث دون وعي الشخص ويتحكم به".

وتؤثر هذه الأفكار على نوع الشعور الذي يشعر به الإنسان "إيجابا أو سلبا"، ومن ثم يحدد نوع السلوك اتجاه المواقف والأحداث.

أي إن الأفكار الإيجابية تجذب النتائج والسلوك الإيجابي مثلما تجذب الأفكار السلبية النتائج والسلوك السلبي.

لذا يعدّ التمتع بنظرة إيجابية، واستخدام لغة التفكير المتفائلة المستقبلية في أن الخير قادم، أفضل طريقة لجذب المزيد من السعادة.

التواصل والمشاركة مع أفراد المجتمع من أقارب وأصدقاء وحتى غرباء يمنح المرء السعادة (بيكسلز) الحالة النفسية للإنسان يمكن أن تتغير للشخص عدة مرات في اليوم، فما السبيل للاحتفاظ بالسعادة؟

من الضروري تقبل فكرة أن الحالة النفسية للإنسان تتأثر بالأحداث التي يتعرض لها طوال اليوم، وأن فكرة التخلص نهائيا من المشاعر السلبية التي تؤثر سلبيا على السعادة تتنافى مع الطبيعة البشرية الفطرية، لذلك لا بد للإنسان من البحث عن سعادته الشخصية، ويمكن تحقيقها بعدة طرق، منها:

الامتنان للنعم التي تمتلكها، والشعور بالرضا عن ما حققته، دون الاستمرار في السخط والغضب، وتجنب الشكوى المستمرة. عدم انتظار السعادة، والسعي لإيجاد معنى لحياتك، وجدولة يومك بأعمال تستغل فيها نقاط القوة التي تمتلكها. عدم ربط السعادة بالنجاح في تحقيق الأهداف؛ إذ تؤكد الدراسات أن النجاح قد لا يصاحبه "الشعور بالسعادة"، إلا أن الإيجابية تؤدي إلى الشعور بالسعادة، والسعادة تولد النجاح. تقبل الذات واحترامها عن طريق التعامل الصادق مع النفس، والابتعاد عن إحباطها بوصفها صفات سلبية "أنا غبي، أنا فاشل، لا أستحق الأفضل.." وغيرها من الأقوال السلبية التي تقلل من احترام الذات وتعيق إنتاجيتها. تجنب الحكم على الآخرين، وتوجيه النقد لهم بصورة مستمرة، يجعل الشخص يفكر بأفكار سلبية عن الآخرين، ويضعف التواصل الاجتماعي "عكس الفطرة التي خُلق عليها الإنسان"، القائمة على أهمية التواصل والمشاركة مع أفراد المجتمع من أقارب وأصدقاء وحتى غرباء. "المتطوع أكثر سعادة ممن لا يمارس العمل التطوعي"؛ هذا ما تؤكده الدراسات والأبحاث؛ فالعمل التطوعي يزيد من فرصة بناء العلاقات الجديدة، واكتساب مهارات تعليمية قيمة، مما يرفع مستوى السعادة الفردية. هناك أطعمة تحسن الحالة المزاجية بسبب تعزيز إنتاج هرموني السعادة الدوبامين والسيروتونين؛ فانخفاض الدوبامين مرتبط بفقدان الاهتمام وانخفاض التحفيز، وينظم السيروتونين المزاج ويعزز النوم، لذا من الضروري تناول كميات محددة من البروتينات والكربوهيدرات والدهون الصحية والفيتامينات والمعادن، وشرب كميات كافية من الماء والتقليل من الدهون المشبعة، إضافة إلى ذلك، تجنب المشروبات الغازية أو المحلاة، والأطعمة المكررة أو المصنعة، والأطعمة المقلية العالية الدهون، والوجبات السريعة، والمعجنات. ممارسة التمارين الرياضية أو المشي ولو مرة واحدة في الأسبوع، يزيد من الشعور بالسعادة أثناء التمرين، أو بعده بفترة قصيرة، ويمكن أن يستمر حتى اليوم التالي؛ إذ إن الجسم يفرز أثناء ممارسة الرياضة هرمون السعادة "الإندورفين".
الامتنان للنعم التي تمتلكها والشعور بالرضا عما حققته يمنحانك السعادة (شترستوك) كيف نمنع من حولنا من التأثير السلبي على سعادتنا؟

صحيح أن السعادة معدية، لكن بعض الأشخاص تغلب السلبية على تفكيرهم، وقد يكون من الصعب الابتعاد عنهم في بعض الأحيان بسبب صلة الرحم، أو البقاء معهم لمدة طويلة أثناء العمل، لذا من الضروري اتخاذ الإجراءات التالية:

وضع الحدود مع هؤلاء الأشخاص. تجنب قضاء وقت طويل معهم قدر الإمكان. الاستماع لحديثهم وشكواهم دون تركيز أو سؤال عن التفاصيل. تذكير نفسك باستمرار أن مشاكلهم تخصهم وحدهم. عدم تحمل مسؤولية تغيير طريقة تفكيرهم. الحديث معهم بصراحة عن الكلام الإيجابي الذي تحب سماعه، والتأكيد لهم على أهمية تجنب الحديث السلبي أثناء وجودك.
عصفور: صباح كل يوم اكتب 3 نِعم وأثرها الإيجابي في حياتك وستكتشف العدد اللامتناهي للنعم (الجزيرة) ما نصائحك لحياة سعيدة من خبرتك الحياتية والعملية؟

أنصح الجميع بضرورة "ممارسة الكتابة"، فهي أفضل وسيلة للتعبير عن المشاعر السلبية وفهمها والانفصال عنها في الوقت ذاته، وهي تساعد على التخلص من التأثير السلبي للمشاعر السلبية.

وأعتمد في ذلك على تقنية يابانية تُمكن الشخص من إدارة مشاعره وتجعله يشعر بالارتياح من خلال كتابة الأفكار السلبية الناتجة عن الموقف الذي تسبب بمشاعر سلبية وبالتفصيل، ومن ثم التخلص من الورقة بهدف تحييد المشاعر.

بالإضافة إلى الاحتفاظ بدفتر أكتب فيه "صباح كل يوم" ثلاث نِعم؛ وكتابة الأثر الإيجابي لوجودها في حياتي، وهذه الطريقة تساعد على اكتشاف عدد النعم اللامتناهي، والتركيز على إيجابيات معنى الحياة.

وأخيرا التركيز على الفكرة التي تسببت في الشعور السلبي وتحويلها إلى فكرة إيجابية، وبدأت ذلك بالكتابة، ومن ثم اعتاد عقلي على تحويل الأفكار تلقائيا مما زاد من قدرتي على إدارة مشاعري وزيادة مستوى الشعور بالسعادة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات نفسي الشعور بالسعادة

إقرأ أيضاً:

أفضل علاج شرعي للوسواس القهري ..دار الإفتاء تكشف عنه

كشفت دار الإفتاء اعن آراء شرعية مهمة تتعلق باضطراب الوسواس القهري، الذي يصيب بعض الأشخاص مسببًا لهم معاناة نفسية وروحية. 

وفي حديث موسع عبر بث مباشر، قدّم عدد من أمناء الفتوى توضيحات حول أسباب الوسواس، طرق التعامل معه، وأهمية التوازن بين العلاج الروحي والعلاج الطبي.

العلاج الشرعي للوسواس

أكد الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى، أن تكرار اسم الله "المقسط" ألف مرة يوميًا يُعتبر من التجارب الروحية التي جُرّبت على يد الصالحين لعلاج وساوس الشيطان. وأشار إلى أن الذكر الدائم والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم هي وسائل فعّالة لتصفية النفس وتجاوز الوساوس.

من جانبه، قال الشيخ محمد وسام إن الوسواس هو ابتلاء قد يصيب الإنسان، وأن القرآن الكريم تناول هذا الموضوع في قوله تعالى: «من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس». وأضاف أن الوسواس يختلف عن حديث النفس، حيث إن الشيطان يلقي بأفكاره ثم ينصرف، ولا سلطان له على الإنسان إلا إذا استسلم له.

التوازن بين الروح والجسد

وفيما يتعلق بضرورة العلاج الطبي، شدد الدكتور أحمد ممدوح، أمين الفتوى، على أهمية اللجوء إلى الطبيب النفسي في حالات الوسواس القهري، مشيرًا إلى أن الاضطراب قد يكون مرتبطًا بخلل كيميائي في الدماغ يتطلب تدخلًا دوائيًا. وأضاف أن الإهمال في علاج هذه الحالات قد يؤدي إلى تطور أعراض خطيرة تهدد صحة المريض النفسية والجسدية.

وأوضح ممدوح أن العلاج الطبي لا يتعارض مع التوجيهات الشرعية، بل يجب أن يسير الاثنان جنبًا إلى جنب. فالتقرب إلى الله بالذكر والدعاء يساعد في تعزيز قوة النفس، فيما يساعد الدواء على استقرار الحالة الكيميائية في المخ.

متى نلجأ للطبيب؟

أشار الخبراء في دار الإفتاء إلى أن الوسواس القهري قد يتطلب علاجًا يمتد من 3 إلى 6 أشهر لتحقيق تحسن ملحوظ، مؤكدين ضرورة الاستمرار في تناول الدواء تحت إشراف طبي وعدم التوقف عنه إلا بتوصية من الطبيب.

أقوى وسيلة لمواجهة الوسواس

أكد الشيخ محمد وسام أن السجود لله عز وجل يُعتبر من أقوى الوسائل الروحية لمواجهة الوسواس. 

واستشهد بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد». 

وأوضح أن الشيطان لا يستطيع الاقتراب من الإنسان أثناء سجوده، لأن هذه الحالة تجسد أقصى درجات العبودية والخضوع لله.

نصيحة دار الإفتاء

اختتم أمناء الفتوى رسالتهم بالتأكيد على أن الإيمان القوي والذكر المستمر هما الدرع الحقيقي أمام وساوس الشيطان، مع عدم إهمال الجانب الطبي.

 كما دعوا من يعانون من الوسواس القهري إلى طلب المساعدة وعدم الاستسلام لهذا الابتلاء، فهو قابل للعلاج إذا تم التعامل معه بحكمة وصبر.

مقالات مشابهة

  • جهود الدولة في ملف الصحة.. الارتقاء بمستوى جودة حياة المواطنين وبناء الإنسان
  • 6 نصائح ذهبية لتحقيق السعادة في العام الجديد.. «أهلا بـ2025»
  • خطة زراعية شتوية.. 250 ألف شتلة تحسن جودة الحياة بالطائف
  • أفضل علاج شرعي للوسواس القهري ..دار الإفتاء تكشف عنه
  • تجلد ذاتك كل ليلة؟ إليك أفضل الطرق للتخلص من احتقار الذات
  • ما هي طرق علاج الحرقان للحامل والمأكولات التي ينصح الابتعاد عنه؟
  • هيئة الصحة بدبي تعزز جودة الحياة في المدارس بمنتدى تفاعلي كبير
  • أحمد الطلحي: سيدنا النبي ترك 3 خصال تجعل الحياة أفضل
  • مع إشراقات العام 2025.. 4 خطوات لتحقيق السعادة
  • مع إطلالة العام الجديد واشراقاته.. ابتعد عن هذه العادات تحقيقا للسعادة