انطلقت في العاصمة القطرية الدوحة أمس الأحد الجولة الثالثة من المحادثات بمشاركة مسؤولين أمميين ومبعوثين خاصين إلى أفغانستان، وبين ممثلين لحكومة حركة طالبان يشاركون للمرة الأولى في هذه الجولة من المحادثات.

ووفقا للأمم المتحدة تهدف المحادثات إلى "زيادة المشاركة الدولية مع أفغانستان بطريقة أكثر متانة وتنسيقا وتنظيما".

كما يشمل جدول أعمال المحادثات التي تستمر يومين مكافحة المخدرات والقضايا الاقتصادية، وهي موضوعات رئيسية بالنسبة الى السلطات في الدولة الفقيرة.

وقال المتحدث الأممي إنهم التقوا وفد طالبان وإن "المناقشات التحضيرية بدأت في شكل منفصل مع الأمم المتحدة ومع المبعوثين الخاصين الحاضرين وممثلي طالبان".

وجدد وزير الدولة بوزارة الخارجية القطرية محمد بن عبد العزيز بن صالح الخليفي في الجلسة الافتتاحية للمحادثات التزام دولة قطر الثابت تجاه الشعب الأفغاني، ودعمها للجهود الإقليمية والدولية التي تهدف إلى تعزيز الاستقرار والأمن في أفغانستان" مشيرا إلى أن هذه الجهود المستمرة تشكّل تأكيدا على مشاركة قطر الفعالة في القضية الأفغانية.

وأشار الخليفي إلى أن هذا الاجتماع يستند إلى نتائج الاجتماعين السابقين وزخمهما ويعزز على وجه الخصوص الالتزام الجماعي بالعمل المباشر مع حكومة تصريف الأعمال في أفغانستان وإيجاد أرضية مشتركة وتوحيد الجهود لدعم الشعب الأفغاني من خلال التخفيف من معاناته والتصدي لمختلف التحديات التي يواجهها والاستثمار في هذه الفرص المستقبلية.

ومن المفترض أن يجتمع مسؤولون أمميون وأكثر من 20 مبعوثا، من بينهم الممثل الخاص للولايات المتحدة في أفغانستان، مع وفد حكومة طالبان برئاسة المتحدث باسمها ذبيح الله مجاهد.

ذبيح الله مجاهد يمثل حكومة طالبان في المحادثات (الجزيرة) تصريحات استباقية

وقال مجاهد في مؤتمر صحفي في كابل عشية المحادثات إن سلطات طالبان "تعترف بالقضايا المتعلقة بالمرأة"، مؤكدا أن "هذه القضايا هي قضايا أفغانستان ونعمل على إيجاد طريق منطقي نحو الحلول داخل أفغانستان حتى لا تقع بلادنا في الصراع والخلاف مرة أخرى".

وأضاف مجاهد عبر حسابه على موقع "إكس" أن وفد حكومة طالبان عقد اجتماعات في الدوحة مع مبعوثين خاصين من روسيا والهند وأوزبكستان.

كما أشار إلى أن الوفد "التقى ممثلا للسعودية وأجرى محادثات بناءة، لافتا إلى أن الرياض تريد إعادة فتح سفارتها في كابل في أقرب وقت".

وقبل انعقاد اجتماع الأمم المتحدة، أكد المسؤول في وزارة الخارجية في حكومة طالبان ذاكر جلالي أن أي اجتماعات تعقد بعد الأول من يوليو/تموز "لا علاقة لها" بجدول الأعمال الرسمي.

وسرت شكوك حول حضور حكومة طالبان جولة المحادثات الثالثة اليوم بعد عدم إشراكها في الجولة الأولى من التي أطلقها الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش في مايو/أيار من العام الماضي، ثم رفض حكومة طالبان دعوة إلى حضور الجولة الثانية في فبراير/ شباط الماضي.

وكانت سلطات طالبان استُبعدت من الجولة الأولى، ثم رفضت المشاركة في الثانية "إلّا إذا كان أعضاؤها الممثلين الوحيدين للبلاد". وتم استيفاء هذا الشرط في هذه الجولة.

موقف طالبان من التعليم يتصدر الانتقادات الغربية لحكومة طالبان (الأوروبية) انتقادات

وستتاح الفرصة أمام وفود الأمم المتحدة والوفود الدولية للقاء ممثلي المجتمع المدني، بمن فيهم جماعات حقوق المرأة، بعد اختتام الاجتماعات الرئيسية.

وانتقدت جماعات حقوق الإنسان استبعاد النساء الأفغانيات من الاجتماعات الرئيسية وعدم إدراج قضايا حقوق الإنسان في جدول الأعمال.

وقالت رئيسة منظمة العفو الدولية أنييس كالامار في بيان قبل المحادثات إن "الرضوخ لشروط طالبان لضمان مشاركتها في المحادثات من شأنه أن يخاطر بإضفاء شرعية على نظام القمع المؤسسي القائم على أساس الجنس".

وفي هذا السياق، قال حميد حكيمي الخبير في الشؤون الأفغانية لوكالة فرانس برس إن هناك قلقا "حقيقيا" في المجتمع الدولي حيال حقوق المرأة ودور المجتمع المدني في البلاد.

لكنه أوضح أن صناع السياسة الدوليين، "بينما يتقبلون أن طالبان ليست لاعبا مثاليا في اللعبة، فإنهم يدركون أيضا وجود هذه الفجوة التي لم يملأها الأفغان أنفسهم".

وأضاف "هناك وضع إنساني يتطلب التمويل، ومن ناحية أخرى لا يمكن التخفيف من المعاناة الإنسانية من دون مشاركة سياسية".

وفي السنوات الأخيرة، قطعت حكومات ومنظمات دولية ووكالات إنسانية عدة تمويلها لأفغانستان أو قلصته إلى حد بعيد ردا على عودة طالبان إلى السلطة، في أغسطس/آب2021، ما أدى إلى ضربة خطيرة للاقتصاد المتعثر أصلا.

أطفال أفغانستان.. جيل جديد يحلم بدولة مستقرة (الأوروبية) 3 سنوات من العزلة

ومنذ عودتها إلى السلطة لم تعترف أي دولة رسميا بسلطات طالبان. حتى نيكاراغوا التي عينت سفيرا لها لدى كابل قبل أسبوع لم تأت على ذكر الاعتراف بحكومة طالبان.

وفي سبتمبر/أيلول الماضي عينت الصين سفيرا لها في أفغانستان، وأعلنت وزارة الخارجية الصينية حينئذ أن سفيرها قدّم أوراق اعتماده في حفل أقيم في العاصمة الأفغانية، معتبرة ذلك "تناوبا طبيعيا يستهدف مواصلة دفع الحوار والتعاون بين البلدين".

وقالت الخارجية الصينية لدى اتخاذ تلك الخطوة "بصفتنا دولة صديقة جارة تقليديا لأفغانستان، حافظت الصين دائما على علاقات دبلوماسية وتبادل وتعاون في عدة مجالات مع أفغانستان".

ولم تعترف أي حكومة أجنبية رسميا بحركة طالبان، ولم تقل بكين ما إذا كان تعيين سفيرها يشير إلى أي خطوات أوسع نحو الاعتراف الرسمي بطالبان.

ومنذ ذلك الحين أرسلت دول وهيئات أخرى، مثل باكستان والاتحاد الأوروبي، دبلوماسيين كبارا لقيادة البعثات الدبلوماسية باستخدام لقب "القائم بالأعمال"، مما لا يتطلب تقديم أوراق اعتماد سفير إلى الدولة المضيفة.

يذكر أن حركة طالبان سيطرت على العاصمة الأفغانية يوم 15 أغسطس/آب2021 بعد الانسحاب الأميركي وتفكك قوات الأمن الأفغانية، التي تم تشكيلها بدعم غربي على مدى سنوات، وفرار الرئيس أشرف غني المدعوم من الولايات المتحدة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات فی أفغانستان حکومة طالبان إلى أن

إقرأ أيضاً:

ماذا تُعلمنا التجربة الأفغانية؟

بضعة أيام قضيتها مؤخرا في أفغانستان، ومن قبلها عشت معظم حياتي مهتما بالقضية الأفغانية، حيث ألّفت عددا من الكتب عنها، والتقيت معظم إن لم أقل كل قادتها منذ الثمانينيات، وفي زياراتي الأخيرة إلى كابول ولقائي مع قادة الإمارة الإسلامية الأفغانية، بالإضافة إلى كتاب وصحافيين وناشطين إغاثيين، تكوّنت لدي أفكار عن سبب هذا الانتصار الطالباني، ربما تكون مهمة للساحة العربية والإسلامية، لا سيما وأن التجربة الأفغانية طرية وجديدة.

وهنا أود أن أبرز عدة نقاط وأسباب جعلت الانتصار الطالباني العسكري على تحالف دولي من 38 دولة، بقيادة أقوى قوة على وجه الأرض وهي أمريكا، ممكنا وواقعيا:

- يتميز الأفغان بالصبر والجلد والمثابرة، ووضوح الهدف، وحشد الشعب الأفغاني على هذا الهدف الذي لا يحيدون عنه، حتى ولو استغرق الأمر عشرين عاما من المقاومة ضد القوات الغربية بقيادة أمريكا، وهو ما حصل طوال تلك الفترة، الأمر الذي زاد من التفاف الشعب حولهم، فحصدوا ما زرعوه طوال السنوات الماضية. هذا الصبر والجلد والمثابرة، تمت ترجمته عسكريا وسياسيا، وحتى في مجال العلاقات الدولية مع الأطراف الفاعلة، إن كانت إقليمية أو دولية.

حصدوا ما زرعوه طوال السنوات الماضية. هذا الصبر والجلد والمثابرة، تمت ترجمته عسكريا وسياسيا، وحتى في مجال العلاقات الدولية مع الأطراف الفاعلة، إن كانت إقليمية أو دولي
وقد لمس الكل هذا الصبر الأفغاني، فشجع ذلك حتى بعض الأطراف الإقليمية والدولية المعادية للمشروع الغربي على المراهنة على الشعب الأفغاني الذي يمكن أن ينجح وينتصر، لا سيما وأن للشعب الأفغاني إرثا تاريخيا حين هزم الاتحاد السوفييتي في الثمانينيات، ومن قبلها هزم الإمبراطورية البريطانية في ثلاث حروب ممتدة لأكثر من نصف قرن على فترات متباعدة.

- يتميز الأفغان بالثقة بالنفس وعدم الاعتماد على الآخرين، وقد انعكس هذا بشكل واضح في علاقتهم مع أفغانستان. وهنا أتحدث عن تجربة طالبان وليس عن تجربة الجهاد الأفغاني، فقد اعتمد الطالبان على أنفسهم عسكريا وسياسيا، وفتحوا نافذة تفاوض مع عدوهم الأمريكي من خلال قطر، وذلك ليكون التأثير المباشر عليهم وعلى استراتيجيتهم ونشاطاتهم غير موجود، بخلاف ما لو اعتمدوا في ذلك على باكستان، التي ستفضل بالتأكيد مصالحها الاستراتيجية والمباشرة، وما أكثرها في أي تفاوض أمريكي، وهذا ما فعلته طالبان طوال سنوات التفاوض مع الأمريكي عبر البوابة القطرية، وهو ما يفسر بشكل واضح وجلي التوتر الطالباني- الباكستاني، إذ إن إسلام آباد تشعر اليوم بأنها فقدت ورقة تفاوضية مهمة لديها، وهي أفغانستان، مع القوى الدولية.

- التركيبة العرقية والقبلية والمولوية المتناغمة والمنسجمة مع بعضها بعضا، إن كانت التركيبة العرقية القبلية البشتونية، أو التركيبة المولوية، كانت خلطة كيميائية مهمة وناجحة في أفغانستان، وهو تناغم ونسيج استطاع خلال سنوات الحرب ضد البريطانيين، والسوفييت، والغربيين بقيادة أمريكا؛ أن ينتج عملية كيميائية صالحة للانتصار العسكري، ولكن التحدي أمامه يبقى في قدرتها على البقاء والاستمرار سياسيا، وإن كانت طالبان قد استطاعت بعد الانتصار الأخير توسيع المشاركة السياسية إلى عرقيات أخرى، لا سيما بعد أن نجحت في تحجيم المعارضة السابقة من خلال هروبها إلى خارج أفغانستان، حيث أنها المرة الأولى في تاريخ أفغانستان الحديث التي نرى فيها البلاد آمنة مطمئنة لا حروب داخلية فيها، باستثناء بعض التفجيرات التي يقوم بها تنظيم الدولة "داعش"، وإن كانت عمليات محدودة بدأت تتراجع بشكل واضح.

درة الأفغان على تحييد العامل الأجنبي حتى الإيجابي منه عن ساحتهم، كان مهما ولافتا، فليس هناك تأثير إسلامي باكستاني أو عربي أو طاجيكي أو غيره على الساحة الطالبانية الأفغانية، وإنما التأثير للإسلامي الأفغاني
- قدرة الأفغان على تحييد العامل الأجنبي حتى الإيجابي منه عن ساحتهم، كان مهما ولافتا، فليس هناك تأثير إسلامي باكستاني أو عربي أو طاجيكي أو غيره على الساحة الطالبانية الأفغانية، وإنما التأثير للإسلامي الأفغاني، لا سيما وأن الأفغان يستمعون إلى علمائهم ومشايخهم الذين يفتون لهم، أما الساحات الأخرى فقد تشظت وتفتت لكونها تسمع لمراجع متعددة، مما أضعف التلاحم والتآلف والتوحد بين الأماكن الأخرى مقارنة بأفغانستان. ولذلك تجد كل من دخل أفغانستان من غير الأفغان قد بايع الحركة الطالبانية، والإمارة لاحقا، والتزم الصمت إزاء كل تحركاتها وعملياتها وأعمالها، ولذا فإن البلاد تدار من رأس واحد، لا رؤوس متعددة، وهو الأمر الذي تمت ترجمته لاحقا على الساحة الدولية من خلال عملية تفاوض معقدة في الباطن، سهلة في الظاهر، ولكن ما كان ذلك ممكنا لولا الإرث الاجتماعي المعقد الذي مرت به أفغانستان واستمسكت به قيادة الحركة..

ذكرت بعض النقاط القوية التي كانت في صالح طالبان ومقاومتها العسكرية والسياسية، لعلها تكون نقاط علامة واسترشادية لكل القوى الحية الطامحة في التغيير والراغبة في العمل العسكري والسياسي الجاد، بحيث لا تكرر تجاربها الفاشلة، مع إداركي التام أن لكل تجربة ظروفها الاجتماعية والاقتصادية، ولكن هذا لا يمنع أبدا من استغلال التجارب، والاستفادة منها.

مقالات مشابهة

  • قبيل انتخابات فنزويلا.. مادورو يقبل استئناف المحادثات مع أمريكا
  • مادورو يعلن قبوله استئناف المحادثات مع أميركا
  • نيبينزيا يعطي تلميحا بإمكانية رفع العقوبات عن طالبان
  • تلميح روسي إلى إمكان رفع العقوبات عن طالبان
  • الأمم المتحدة: اجتماع الدوحة ليس اعترافا بحكومة طالبان
  • بعد لقاء مع طالبان.. قلق أممي من وضعية النساء في أفغانستان
  • ماذا تُعلمنا التجربة الأفغانية؟
  • انطلاق مؤتمر الأمم المتحدة مع طالبان بالدوحة.. وغضب من عدم إشراك نساء أفغانستان
  • لأول مرة .. إجراء محادثات بين طالبان ومسؤولين أمميين