منذ الضربة الكبيرة التي وجهتها حركة حماس لدولة الاحتلال يوم السابع من أكتوبر، انجرفت الأخيرة إلى حرب طويلة وصعبة لا تلوح نهايتها في الأفق، ورغم أنه تم تحديد أهدافها بشكل غامض من خلال شعارات "النصر الكامل، تدمير حماس".

لكن لأنه لم يتم تحديد معاني هذه الشعارات، فإن سقف التوقعات الذي خلقه الجمهور هو رؤية حماس تختفي، أو على الأقل تركع على ركبتيها، وتسليم المختطفين، وهذا ما ليس قابلا للتحقق في ضوء الاعترافات الإسرائيلية المتتالية.



أور ليفي الباحث العسكري الإسرائيلي، ومؤلف كتاب "لعبة في حرب غير متكافئة"، أكد أن "هذه التوقعات المبالغ فيها تخلق سعياً وراء ذلك الوعد الغامض بتحقيق "النصر الكامل"، والنتيجة هي حرب لا نهاية لها، بنتائج محدودة، بدلاً من الانتقال إلى أساليب عمل أخرى قد تكون أكثر فعالية على مر السنين، استخدم فيها الاحتلال العديد من الأدوات ضد حماس من الاعتقالات والترحيل والإجراءات المضادة المستهدفة والعمليات العسكرية خلال سنواتها الـ37".

وأضاف في مقال نشره موقع زمن إسرائيل، وترجمته "عربي21" أن "حماس التي تأسست في ديسمبر 1987، بعد أسبوع من اندلاع الانتفاضة الأولى، كان أساس إنشائها حركة اجتماعية من قبل الشيخ أحمد ياسين أواخر السبعينيات، وأطلق عليها اسم "المجمّع الإسلامي"، فيما ظهرت الانتفاضة الأولى شعبية واسعة النطاق، وبعد أيام قليلة من بدئها، أصبح من الواضح أنها ليست حدثا قصيرا، بل وضعا دائما، واجتمع ياسين وشركاؤه، وقرروا إنشاء حماس كي تقود صراعا عنيفا ضد الاحتلال".

وأوضح أنه "بعد وقت قصير من تأسيسها، تمكنت الحركة عام 1989، من تنفيذ عمليتي اختطاف جنود من الداخل المحتل، وتنفيذ الهجمات بنفس الطريقة، وبجانب النجاح العملياتي، سجلت حماس إنجازاً آخر بتقويض الشعور بالأمن داخل دولة الاحتلال، وهو النمط الذي سيميز أساليب عملياتها في المستقبل، حيث جاء ردّ فعل الاحتلال سريعاً، وتم اعتقال قائدها المؤسس أحمد ياسين، بجانب 600 من أعضائها، وظنّ الاحتلال حينها أنهم نجحوا بتحييد نشاط الحركة، لكنها تعلمت الدروس، وأعادت تنظيم نفسها، وكان درسها الرئيسي هو تقسيم عملياتها، وعدم التركيز على غزة فقط".



وأشار إلى أنه "في أعقاب الاعتقالات الجماعية، أنشأت الحركة فرعها في الخارج بعيداً عن متناول الاحتلال، وتم إنشاء فروع أخرى في الضفة الغربية، ولبنان، والقدس، وبعد فترة صدمة استمرت عدة أشهر، عادت حماس لتنفيذ العمليات، وتمكنت قيادتها في الخارج من تجنيد المئات من الشباب الجدد، ونقل الأموال والسلاح لقطاع غزة، وفي نهاية 1992، بلغت وتيرة هجماتها ذروتها، ورفعت مستوى جرأتها، وأدت إلى رد إسرائيلي غير عادي من خلال قرار رئيس الحكومة إسحاق رابين إبعاد جماعي لأربعمائة من أعضاء الحركة".

وقال إنه "بعد أيام من الصدمة، بدأت حماس عملية إعلامية مذهلة نجحت بتحريك الرأي العام العالمي بجانبها، وجاءت طواقم التلفزيون من كل العالم لمخيم مرج الزهور المتجمد جنوب لبنان، ثم اضطر الاحتلال للموافقة على عودة المبعدين إلى غزة والضفة، بعد أن حظوا بتغطية إعلامية كبيرة، مما عزز قوة الحركة بشكل كبير، ودفع الاحتلال للتوقف عن استخدام عقوبة الإبعاد، لكن الحركة زادت هجماتها ضده بهدف معلن هو تخريب اتفاق أوسلو، وأصبحت السيارات المفخخة والاستشهاديين السلاح الأكثر فتكاً بالإسرائيليين".

وأوضح أنه "بعد سنوات من ملاحقة السلطة الفلسطينية لحركة حماس، اندلعت الانتفاضة الثانية التي شهدت بدء العمليات الاستشهادية الأصعب على الاحتلال، حتى شهد شهر إبريل 2002 الرهيب تنفيذ 17 هجوماً قتل 133 إسرائيلياً، مما دفع الاحتلال لتنفيذ عملية السور الواقي لتغيير الوضع في الضفة الغربية، وأسفرت عن مقتل واعتقال آلاف المسلحين، لكن الهجمات الانتحارية القاتلة استمرت، وحينها غيرت حكومة أريئيل شارون تكتيكاتها، وبدلا من الاغتيالات والاعتقالات للقادة الميدانيين، فقد قرر تصفية كبار قادة حماس، وحصل رئيس الأركان موشيه يعلون ورئيس الشاباك آفي ديختر على الإذن بتنفيذها".

وذكر أن "عملية "شقائق النعمان" هدفت للقضاء على القادة الأوائل في حماس، وعلى رأسهم المرشد الأعلى أحمد ياسين ومعه محمود الزهار، عبد العزيز الرنتيسي، إبراهيم المقادمة، إسماعيل أبو شنب، مما أدى لتوقف الهجمات الانتحارية، مع التوضيح أن حماس لم تتحول إلى حركة سلام، بل بدأت بإعادة تنظيم نفسها، والاستثمار في أسلحة استراتيجية جديدة، وتطوير الصواريخ، حتى وصلنا الى كارثة السابع من أكتوبر، وقد سبقها سلسلة من الحروب العسكرية الضارية بين 2006-2014".

وتشير هذه القراءة التاريخية لتطور الصراع بين حماس والاحتلال أنه بعد تسعة أشهر مع بداية الحرب الحالية، لم تظهر الحركة أي علامة استسلام، ولم تُظهر أي استعداد للتحلي بالمرونة، بل تشددت في مواقفها، فضلا عن كون الضرر الذي لحق بقادتها الكبار يعتبر مُحتملاً في الوقت الحالي، ولا يشكل حتى الآن فعالية في الضغط على حماس، وبهذا المعنى، فإن استمرار الحرب لا يساعد الاحتلال بالضرورة، بل قد يمنح الحركة مزيدا من استنزافه وتوريطه أكثر في وحل غزة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية حماس الاحتلال غزة اسرى حماس غزة الاحتلال صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

مكتب نتنياهو: وفد إسرائيلي في القاهرة لبحث ملف الرهائن

ذكر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد، أن وفدا إسرائيليا وصل إلى العاصمة المصرية القاهرة، لبحث ملف الرهائن المحتجزين لدى حركة حماس في قطاع غزة.

وأوضح المكتب أن "وفدا إسرائيليا يزور مصر حاليا لمناقشة الاتفاق المتعلق بالرهائن المحتجزين في غزة مع مسؤولين مصريين كبار".

وكان مبعوث الولايات المتحدة للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، قد أوضح في وقت سابق، السبت، أن واشنطن قدمت اقتراحا جديدا يهدف إلى تضييق الفجوات بين الأطراف المتفاوضة، بحيث يتم تمديد وقف إطلاق النار في غزة لما بعد شهر رمضان وعيد الفصح اليهودي.

وأضاف ويتكوف أن هذا التمديد يهدف إلى توفير مساحة زمنية للتفاوض على إطار أوسع لوقف إطلاق نار دائم، لكنه شدد على أن حماس "تقدم مطالب غير عملية في الجلسات الخاصة"، في إشارة إلى تباين خطابها المعلن عن مواقفها التفاوضية خلف الكواليس.

وقال ويتكوف إن "حماس تراهن بشكل سيء على أن الوقت في صالحها، لكنها مخطئة تماما في هذا الرهان"، في إشارة واضحة إلى نفاد صبر الإدارة الأميركية التي وضعت موعدا نهائيا لرد الحركة على المقترح الجديد، محذرا من تبعات التأخير.

مقالات مشابهة

  • مستشرق إسرائيلي: محادثات واشنطن مع حماس دفعت لتهميش وفدنا
  • مباحثات غزة.. وفد إسرائيلي بعد «حماس» في القاهرة لـ مفاوضات مرحلة جديدة
  • فجوات كبيرة بين الكيان الإسرائيلي وحماس، بحسب مسؤول إسرائيلي
  • وفد إسرائيلي يلتقي مسؤولين مصريين لإجراء محادثات لوقف إطلاق النار
  • مكتب نتنياهو: وفد إسرائيلي في القاهرة لبحث ملف الرهائن
  • “فتح الانتفاضة”: مجزرة بيت لاهيا يمثل إمعانًا في حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني
  • سحب ترشيح آدم بولر مبعوثا لشؤون الأسرى وسط غضب إسرائيلي
  • قناة عبرية: قرار إسرائيلي مرتقب بهجمات مختارة على غزة للضغط على حماس
  • تحذير إسرائيلي من تنامي قدرات حماس بفضل وقف إطلاق النار
  • حماس توافق على الإفراج عن جندي إسرائيلي و4 جثث