التقارب التركي مع الأسد يثير مخاوف في شمال سوريا..وعنتاب تضيق على اللاجئين
تاريخ النشر: 1st, July 2024 GMT
كشفت مصادر مقربة من النظام السوري عن اجتماع مرتقب مع تركيا في العاصمة العراقية بغداد، مشيرة إلى أن اللقاء يحظى بدعم عربي (سعودي إماراتي)، وروسي وصيني وإيراني.
وأوضحت صحيفة "الوطن" السورية أن هدف الاجتماع المرتقب هو بلورة اتفاق يمهد إلى عودة العلاقات بين تركيا والنظام السوري إلى طبيعتها.
يأتي ذلك بعد تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس النظام السوري بشار الأسد "الإيجابية"، حول إمكانية استئناف مسار تطبيع العلاقات بين الجانبين.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد أعلن استعداده مجددا للقاء الأسد من أجل تطبيع العلاقات، معتبراً أنه: "لا يوجد سبب لعدم إقامة علاقات بين تركيا سوريا، وإننا مستعدون للعمل معاً على تطوير العلاقات مع سوريا تماماً كما فعلنا في الماضي".
وتابع الجمعة: "أجرينا لقاءات مع السيد الأسد حتى على المستوى العائلي، ليس هناك ما يمنع من حدوث محادثات في المستقبل".
وقبل أردوغان، قال بشار الأسد إن نظامه "منفتح على جميع المبادرات المرتبطة بالعلاقة مع تركيا والمستندة إلى سيادة الدولة السورية على كامل أراضيها من جهة، ومحاربة كل أشكال الإرهاب وتنظيماته من جهة أخرى"، وذلك خلال لقاء مع مبعوث الرئيس الروسي، ألكسندر لافرنتييف، الأربعاء.
مخاوف المعارضة
وأثار كل ذلك المخاوف بين أوساط الشمال السوري الخاضع لسيطرة المعارضة، حيث يسود اعتقاد واسع بأن التقارب التركي مع النظام السوري سيكون على حساب مناطقهم التي يتواجد بها الجيش التركي، وخاصة أن النظام السوري يشترط دائما انسحاب الجيش التركي من سوريا، قبل تطبيع العلاقات مع أنقرة.
في هذا الجانب تحدث الكاتب والمحلل السياسي باسل المعراوي، المقيم في الشمال السوري، عن المخاوف التي تسود الشارع، معتبرا أنها "غير مبررة" نظرا لأن مسار تطبيع العلاقات بين تركيا والنظام السوري ليس بالتطور الجديد.
ويقول في حديثه لـ"عربي21"، "باعتقادي فإن إبداء الرغبة من الجانبين لا يعني تطبيع العلاقات، نظرا للملفات الخلافية الكبيرة"، ويستدرك: "لكن تتجه تركيا عموما إلى الميل نحو التقارب مع روسيا، بسبب انشغال الولايات المتحدة بالانتخابات الرئاسية القادمة".
على النسق ذاته، اعتبر الباحث في مركز "أبعاد للدراسات"، فراس فحام، أن التصريحات الأخيرة لا زالت في إطار إبداء النوايا والرغبة بتطبيع العلاقات، وتطوير هذا المسار لا بد وأن يكون على أساس موافقة النظام السوري بالانخراط في تسوية مع المعارضة السورية، وتركيز الجهود على قتال التنظيمات التي تصنفها تركيا "إرهابية".
وأضاف لـ"عربي21": "لم يوافق النظام سابقا على هذه المطالب بسبب التداخلات الكبيرة بالملف السوري، وخاصة لجهة إيران غير المرتاحة من النفوذ التركي في سوريا".
بحسب فحام، فإن سحب تركيا لقواتها من سوريا لا يبدو بالأمر الوارد على المدى القريب، فهي تدرك أن انسحابها سيحدث فراغا لا يمكن للنظام التعامل معه في ظل ضعف جيشه وسيطرة حالة المليشيات عليه، مشيرا إلى "ما يجري في درعا من فوضى وفلتان أمني، رغم تسليم المنطقة للنظام منذ العام 2018".
وقال: "باعتقادي الدول استفادت من تجربة درعا، الأردن لا زال يعاني من التهديدات (المخدرات والأسلحة) القادمة من الحدود السورية، ما يعني "أن من المبكر الحديث عن انسحاب تركي من الشمال السوري".
وتنتشر في الشمال السوري قواعد عسكرية تركية، وتتلقى الفصائل التابعة للمعارضة الدعم من تركيا، ما يجعل من الوجود التركي في المنطقة عامل أمان للأهالي.
إلى ما بعد الانتخابات الأمريكية
الكاتب والباحث السياسي التركي، طه عودة أوغلو، قال لـ"عربي21" إن تصريحات أردوغان الأخيرة جاءت بعد بدء مسار جديد في العلاقات التركية الروسية، وبعد الانتخابات التي كانت "قوات سوريا الديمقراطية- قسد" بصدد تنظيمها في مناطق سيطرتها شمال شرق سوريا.
وأضاف أن تركيا "تريد قطع الطريق على أي محاولة انفصالية للأكراد"، وكذلك تريد توجيه رسائل للولايات المتحدة الداعمة لـ"قسد"، وخاصة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، في تشرين الثاني/نوفمبر القادم.
بالتالي يرجح عودة أوغلو، استمرار رسائل الانفتاح التركي على النظام السوري إلى حين الانتخابات الأمريكية، وقال: "على الجانب الروسي، يبدو أن موسكو تلقفت الرسائل، وأرادت أن توجه رسائل مماثلة لأمريكا، تقول فيها إنها قادرة على التحكم بالشأن السوري رغم انشغالها بأوكرانيا".
وفق الباحث السياسي التركي، كل ما سبق يؤجل أي تحقيق تطور في مسار التقارب التركي مع النظام السوري، إلى حين اتضاح الصورة بعد الانتخابات الأمريكية.
ويبدو أن أي تقارب تركي مع النظام السوري سيكون على حساب "قسد"، التي أعلنت رفضها خطوات التطبيع بين تركيا والنظام السوري.
وقال بيان صادر عن "الإدارة الذاتية": إن "تركيا تسعى وتقدم يدها لدمشق على ساحة الدماء السورية، هذه المصالحة وإن تمت هي مؤامرة كبيرة ضد الشعب السوري بكل أطيافه".
وتابع البيان بأن "أي اتفاق مع الدولة التركية هو ضد مصلحة السوريين عامةً وتكريس للتقسيم وتآمر على وحدة سوريا وشعبها، كذلك لن يحقق هذا الاتفاق أي نتائج إيجابية بل سيؤدي لتأزيم الواقع السوري ونشر مزيد من الفوضى".
وفي أيار/ مايو 2023، عقد أول اجتماع بين وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران والنظام السوري، في العاصمة الروسية موسكو، تتويجا للعديد من اللقاءات التي جمعت رؤساء استخبارات تركيا وروسيا وإيران والنظام السوري، فضلا عن لقاء وزير الدفاع التركي بنظيره في حكومة الأسد بموسكو في كانون الأول/ ديسمبر عام 2022، حيث اتفقا على تشكيل لجان مشتركة من مسؤولي الدفاع والمخابرات.
غازي عنتاب تضيق على اللاجئين السوريين
وفي سياق ثان، تتواصل في ولاية غازي عنتاب التركية، حملة كبيرة ضد اللاجئين السوريين، إذ كثفت إدارة الهجرة التركية من دورياتها لملاحقة من تقول إنهم مخالفين لشروط الإقامة في تركيا.
وعلمت "عربي21" من مصادرها أن السلطات التركية رحلت أكثر من 300 لاجئ سوري إلى الشمال السوري، في ظل تكثيف دوريات التفتيش.
وقال وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، إن: "السلطات تبذل جهودا مكثفة لمكافحة الهجرة غير النظامية في مدينة غازي عنتاب قرب الحدود السورية، مضيفا أن "غازي عنتاب تأتي في المرتبة الثانية بعد إسطنبول من حيث عدد المهاجرين النظاميين".
ولطالما كانت ولاية عنتاب "متعايشة" مع اللجوء السوري، بحيث لم تُسجل الولاية القريبة من حلب إلا حالات محدودة من الإشكاليات بين الأتراك واللاجئين.
وعن أسباب الحملة والتضييق على اللاجئين السوريين في هذه الولاية، يشير الناشط الحقوقي في قضايا اللجوء السوري، طه غازي، إن الحملة ترافقت مع زيارة أجراها وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا إلى عنتاب.
وأضاف في حديثه لـ"عربي21" أن الحملة جاءت بعد إصدار 41 منظمة تركية متواجدة في عنتاب، لبيان حذرت فيه من الخطر الذي يشكل اللجوء السوري على تركيبة المدينة الديمغرافية.
وقال غازي، إن البيان أشار إلى تأثير اللجوء السوري على الأتراك في ولاية عنتاب، مستدركا: "لكن في الحقيقة فإن البيان كان قائما على تصريح زعيم الحركة القومية دولت بهتشلي المتحالف مع حزب العدالة والتنمية، الذي حذر فيه من الخطر الديمغرافي للاجئين السوريين".
ويؤكد ذلك، بحسب الناشط الحقوقي، أن سياسة ترحيل اللاجئين السوريين، هي ممنهجة من قبل الحكومة التركية، وليست استجابة لتحريض المعارضة التركية على السوريين.
من جانب آخر، لفت غازي إلى تزامن الحملة مع تصريحات أردوغان المنفتحة على النظام السوري، وقال: "كل ذلك يدفعنا إلى توقع حملات أكبر ضد اللاجئين، ليس في عنتاب بل في كل الولايات التركية".
ومثل غازي، لفت الصحافي أحمد طالب الأشقر، المهتم بقضايا اللاجئين في تركيا، إلى تزامن حملة ترحيل السوريين غير المسبوقة من عنتاب، مع حديث أردوغان عن الصلح مع النظام السوري، وقال: "هناك توجه لتخفيف أعباء استضافة اللاجئين السوريين عبر ترحيلهم بأي طريقة متاحة".
وأضاف أن الحكومة التركية بدأت تشعر بالخطر بعد تدهور الليرة واهتزاز الاقتصاد التركي، ولذلك هناك توجه من الجميع لحل مشكلة اللاجئين جذريا والتي هي واحدة من جملة مشاكل البيت التركي الداخلي.
وتستضيف عنتاب نحو 430 ألف لاجئ سوري، وهي تأتي في المرتبة الثانية بعد إسطنبول التي تستضيف ما يزيد عن 530 ألف لاجئ سوري.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية تركيا أردوغان الأسد سوريا الشمال السوري سوريا الأسد تركيا أردوغان الشمال السوري المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة اللاجئین السوریین مع النظام السوری والنظام السوری تطبیع العلاقات الشمال السوری اللجوء السوری غازی عنتاب بین ترکیا
إقرأ أيضاً:
أردوغان: عودة 200 ألف سوري من تركيا بعد سقوط الأسد
أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان -اليوم الاثنين- عودة 200 ألف سوري من تركيا إلى بلادهم منذ سقوط نظام بشار الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024.
وقال أردوغان -في كلمة ألقاها خلال فعالية بشأن إدارة الهجرة بمدينة إسطنبول- إن عدد العائدين من تركيا إلى سوريا منذ التاسع من ديسمبر/كانون الأول الماضي بلغ 200 ألف شخص.
ولفت الرئيس التركي إلى تسارع وتيرة العائدين السوريين إلى سوريا كلما تحسنت الأوضاع في بلادهم، مشيرا إلى أن سوريا ماضية نحو التعافي رغم الصعوبات والعقبات وأعمال التخريب.
وعلى صعيد متصل بالهجرة، لفت أردوغان إلى تسبب سياسات القوى الغربية في اضطرار المهاجرين إلى الهجرة من بلدانهم.
وشدد على أن تلك القوى الغربية تتوارى عن الأنظار وتتهرب من مسؤولياتها عندما يحين الوقت لتقاسم أعباء المهاجرين. وأشار إلى أن من بين كل 100 لاجئ حول العالم هناك 75 لاجئا تستضيفهم البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.
ولفت إلى أن معطيات المنظمة الدولية للهجرة تشير إلى وجود أكثر من 280 مليون مهاجر حول العالم، وأن عدد المهاجرين العمّال يتجاوز 165 مليونا.
وبيّن أن الغالبية العظمى من السوريين الفارين من الاضطهاد لجؤوا إلى البلدان المجاورة، وأن جزءا كبيرا من بين 11 مليون سوداني لجؤوا إلى الدول المجاورة بسبب الحرب في بلادهم أيضا.
ونفى أردوغان ما تدعيه المعارضة التركية بوجود أعداد مبالغ فيها من المهاجرين في تركيا، في حين أكد أن بلاده لا تهمل مكافحة الهجرة غير النظامية والمهربين.
إعلانوأوضح في هذا الإطار أنه جرى منع دخول 270 ألف مهاجر غير نظامي من العبور إلى داخل تركيا خلال العامين الماضيين، وترحيل 263 ألف شخص دخلوا البلاد بطريقة غير نظامية.
وشدد على أن تركيا عازمة على عدم السماح لسلوكيات غير إنسانية، مثل سوء معاملة المهاجرين على غرار ما تشهده البلدان الغربية بشكل متكرر.
ووفق منشور لإدارة الهجرة التركية منتصف أبريل/نيسان الجاري، يبلغ عدد السوريين الخاضعين للحماية المؤقتة في البلاد مليونين و782 ألفا و733 شخصا، في حين يبلغ إجمالي عدد الأجانب المقيمين 4 ملايين و43 ألفا و215 أجنبيا، بمن فيهم السوريون الخاضعون للحماية.