كشفت مصادر مقربة من النظام السوري عن اجتماع مرتقب مع تركيا في العاصمة العراقية بغداد، مشيرة إلى أن اللقاء يحظى بدعم عربي (سعودي إماراتي)، وروسي وصيني وإيراني.

وأوضحت صحيفة "الوطن" السورية أن هدف الاجتماع المرتقب هو بلورة اتفاق يمهد إلى عودة العلاقات بين تركيا والنظام السوري إلى طبيعتها.

يأتي ذلك بعد تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس النظام السوري بشار الأسد "الإيجابية"، حول إمكانية استئناف مسار تطبيع العلاقات بين الجانبين.



وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد أعلن استعداده مجددا للقاء الأسد من أجل تطبيع العلاقات، معتبراً أنه: "لا يوجد سبب لعدم إقامة علاقات بين تركيا سوريا، وإننا مستعدون للعمل معاً على تطوير العلاقات مع سوريا تماماً كما فعلنا في الماضي".


وتابع الجمعة: "أجرينا لقاءات مع السيد الأسد حتى على المستوى العائلي، ليس هناك ما يمنع من حدوث محادثات في المستقبل".

وقبل أردوغان،  قال بشار الأسد إن نظامه "منفتح على جميع المبادرات المرتبطة بالعلاقة مع تركيا والمستندة إلى سيادة الدولة السورية على كامل أراضيها من جهة، ومحاربة كل أشكال الإرهاب وتنظيماته من جهة أخرى"، وذلك خلال لقاء مع مبعوث الرئيس الروسي، ألكسندر لافرنتييف، الأربعاء.

مخاوف المعارضة
وأثار كل ذلك المخاوف بين أوساط الشمال السوري الخاضع لسيطرة المعارضة، حيث يسود اعتقاد واسع بأن التقارب التركي مع النظام السوري سيكون على حساب مناطقهم التي يتواجد بها الجيش التركي، وخاصة أن النظام السوري يشترط دائما انسحاب الجيش التركي من سوريا، قبل تطبيع العلاقات مع أنقرة.

في هذا الجانب تحدث الكاتب والمحلل السياسي باسل المعراوي، المقيم في الشمال السوري، عن المخاوف التي تسود الشارع، معتبرا أنها "غير مبررة" نظرا لأن مسار تطبيع العلاقات بين تركيا والنظام السوري ليس بالتطور الجديد.

ويقول في حديثه لـ"عربي21"، "باعتقادي فإن إبداء الرغبة من الجانبين لا يعني تطبيع العلاقات، نظرا للملفات الخلافية الكبيرة"، ويستدرك: "لكن تتجه تركيا عموما إلى الميل نحو التقارب مع روسيا، بسبب انشغال الولايات المتحدة بالانتخابات الرئاسية القادمة".

على النسق ذاته، اعتبر الباحث في مركز "أبعاد للدراسات"، فراس فحام، أن التصريحات الأخيرة لا زالت في إطار إبداء النوايا والرغبة بتطبيع العلاقات، وتطوير هذا المسار لا بد وأن يكون على أساس موافقة النظام السوري بالانخراط في تسوية مع المعارضة السورية، وتركيز الجهود على قتال التنظيمات التي تصنفها تركيا "إرهابية".

وأضاف لـ"عربي21": "لم يوافق النظام سابقا على هذه المطالب بسبب التداخلات الكبيرة بالملف السوري، وخاصة لجهة إيران غير المرتاحة من النفوذ التركي في سوريا".

بحسب فحام، فإن سحب تركيا لقواتها من سوريا لا يبدو بالأمر الوارد على المدى القريب، فهي تدرك أن انسحابها سيحدث فراغا لا يمكن للنظام التعامل معه في ظل ضعف جيشه وسيطرة حالة المليشيات عليه، مشيرا إلى "ما يجري في درعا من فوضى وفلتان أمني، رغم تسليم المنطقة للنظام منذ العام 2018".


وقال: "باعتقادي الدول استفادت من تجربة درعا، الأردن لا زال يعاني من التهديدات (المخدرات والأسلحة) القادمة من الحدود السورية، ما يعني "أن من المبكر الحديث عن انسحاب تركي من الشمال السوري".

وتنتشر في الشمال السوري قواعد عسكرية تركية، وتتلقى الفصائل التابعة للمعارضة الدعم من تركيا، ما يجعل من الوجود التركي في المنطقة عامل أمان للأهالي.

إلى ما بعد الانتخابات الأمريكية
الكاتب والباحث السياسي التركي، طه عودة أوغلو، قال لـ"عربي21" إن تصريحات أردوغان الأخيرة جاءت بعد بدء مسار جديد في العلاقات التركية الروسية، وبعد الانتخابات التي كانت "قوات سوريا الديمقراطية- قسد" بصدد تنظيمها في مناطق سيطرتها شمال شرق سوريا.

وأضاف أن تركيا "تريد قطع الطريق على أي محاولة انفصالية للأكراد"، وكذلك تريد توجيه رسائل للولايات المتحدة الداعمة لـ"قسد"، وخاصة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، في تشرين الثاني/نوفمبر القادم.

بالتالي يرجح عودة أوغلو، استمرار رسائل الانفتاح التركي على النظام السوري إلى حين الانتخابات الأمريكية، وقال: "على الجانب الروسي، يبدو أن موسكو تلقفت الرسائل، وأرادت أن توجه رسائل مماثلة لأمريكا، تقول فيها إنها قادرة على التحكم بالشأن السوري رغم انشغالها بأوكرانيا".

وفق الباحث السياسي التركي، كل ما سبق يؤجل أي تحقيق تطور في مسار التقارب التركي مع النظام السوري، إلى حين اتضاح الصورة بعد الانتخابات الأمريكية.

ويبدو أن أي تقارب تركي مع النظام السوري سيكون على حساب "قسد"، التي أعلنت رفضها خطوات التطبيع بين تركيا والنظام السوري.

وقال بيان صادر عن "الإدارة الذاتية": إن "تركيا تسعى وتقدم يدها لدمشق على ساحة الدماء السورية، هذه المصالحة وإن تمت هي مؤامرة كبيرة ضد الشعب السوري بكل أطيافه".

وتابع البيان بأن "أي اتفاق مع الدولة التركية هو ضد مصلحة السوريين عامةً وتكريس للتقسيم وتآمر على وحدة سوريا وشعبها، كذلك لن يحقق هذا الاتفاق أي نتائج إيجابية بل سيؤدي لتأزيم الواقع السوري ونشر مزيد من الفوضى".

وفي أيار/ مايو 2023، عقد أول اجتماع بين وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران والنظام السوري، في العاصمة الروسية موسكو، تتويجا للعديد من اللقاءات التي جمعت رؤساء استخبارات تركيا وروسيا وإيران والنظام السوري، فضلا عن لقاء وزير الدفاع التركي بنظيره في حكومة الأسد بموسكو في كانون الأول/ ديسمبر عام 2022، حيث اتفقا على تشكيل لجان مشتركة من مسؤولي الدفاع والمخابرات.

غازي عنتاب تضيق على اللاجئين السوريين
وفي سياق ثان، تتواصل في ولاية غازي عنتاب التركية، حملة كبيرة ضد اللاجئين السوريين، إذ كثفت إدارة الهجرة التركية من دورياتها لملاحقة من تقول إنهم مخالفين لشروط الإقامة في تركيا.

وعلمت "عربي21" من مصادرها أن السلطات التركية رحلت أكثر من 300 لاجئ سوري إلى الشمال السوري، في ظل تكثيف دوريات التفتيش.

وقال وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، إن: "السلطات تبذل جهودا مكثفة لمكافحة الهجرة غير النظامية في مدينة غازي عنتاب قرب الحدود السورية، مضيفا أن "غازي عنتاب تأتي في المرتبة الثانية بعد إسطنبول من حيث عدد المهاجرين النظاميين".

ولطالما كانت ولاية عنتاب "متعايشة" مع اللجوء السوري، بحيث لم تُسجل الولاية القريبة من حلب إلا حالات محدودة من الإشكاليات بين الأتراك واللاجئين.

وعن أسباب الحملة والتضييق على اللاجئين السوريين في هذه الولاية، يشير الناشط الحقوقي في قضايا اللجوء السوري، طه غازي، إن الحملة ترافقت مع زيارة أجراها وزير الداخلية التركي علي يرلي كايا إلى عنتاب.



وأضاف في حديثه لـ"عربي21" أن الحملة جاءت بعد إصدار 41 منظمة تركية متواجدة في عنتاب، لبيان حذرت فيه من الخطر الذي يشكل اللجوء السوري على تركيبة المدينة الديمغرافية.

وقال غازي، إن البيان أشار إلى تأثير اللجوء السوري على الأتراك في ولاية عنتاب، مستدركا: "لكن في الحقيقة فإن البيان كان قائما على تصريح زعيم الحركة القومية دولت بهتشلي المتحالف مع حزب العدالة والتنمية، الذي حذر فيه من الخطر الديمغرافي للاجئين السوريين".

ويؤكد ذلك، بحسب الناشط الحقوقي، أن سياسة ترحيل اللاجئين السوريين، هي ممنهجة من قبل الحكومة التركية، وليست استجابة لتحريض المعارضة التركية على السوريين.




من جانب آخر، لفت غازي إلى تزامن الحملة مع تصريحات أردوغان المنفتحة على النظام السوري، وقال: "كل ذلك يدفعنا إلى توقع حملات أكبر ضد اللاجئين، ليس في عنتاب بل في كل الولايات التركية".

ومثل غازي، لفت الصحافي أحمد طالب الأشقر، المهتم بقضايا اللاجئين في تركيا، إلى تزامن حملة ترحيل السوريين غير المسبوقة من عنتاب، مع حديث أردوغان عن الصلح مع النظام السوري، وقال: "هناك توجه لتخفيف أعباء استضافة اللاجئين السوريين عبر ترحيلهم بأي طريقة متاحة".

وأضاف أن الحكومة التركية بدأت تشعر بالخطر بعد تدهور الليرة واهتزاز الاقتصاد التركي، ولذلك هناك توجه من الجميع لحل مشكلة اللاجئين جذريا والتي هي واحدة من جملة مشاكل البيت التركي الداخلي.

وتستضيف عنتاب نحو 430 ألف لاجئ سوري، وهي تأتي في المرتبة الثانية بعد إسطنبول التي تستضيف ما يزيد عن 530 ألف لاجئ سوري.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية تركيا أردوغان الأسد سوريا الشمال السوري سوريا الأسد تركيا أردوغان الشمال السوري المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة اللاجئین السوریین مع النظام السوری والنظام السوری تطبیع العلاقات الشمال السوری اللجوء السوری غازی عنتاب بین ترکیا

إقرأ أيضاً:

سبعة قتلى في تظاهرات مناهضة لتركيا في شمال سوريا  

 

 

دمشق- ارتفعت حصيلة قتلى الاحتجاجات الدامية المناهضة لتركيا في شمال سوريا إلى سبعة أشخاص، كما أفاد مصدر طبي والمرصد السوري لحقوق الإنسان لوكالة فرانس برس الثلاثاء2يوليو2024، بعد أعمال عنف طالت مصالح سوريين في تركيا.

وساد هدوء حذر الثلاثاء بعد تظاهرات على طول الشريط الحدودي الخاضع لسيطرة تركيا وفصائل موالية لها، عبّر خلاله المئات عن غضبهم غداة أعمال عنف اندلعت إثر اتهام سوري بالتحرش بطفلة واستهدفت أعمالا تجارية وممتلكات تابعة لسوريين في مدينة قيصري التركية.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لفرانس برس إن "حصيلة القتلى بلغت سبعة، ستة منهم قتلوا في مدينة عفرين وآخر في جرابلس، قضوا في تبادل إطلاق نار مع حرس نقاط تركية" خلال الاحتجاجات الاثنين. ولم يحدّد ما إذا كان القتلى مسلحين أو لا. 

وأكّد مصدر طبي في شمال سوريا هذه الحصيلة.

وشيّع العشرات الثلاثاء في عفرين أحد القتلى، كما شاهد مصور في فرانس برس.

وأفاد المرصد كذلك عن إغلاق تركيا أربعة معابر حدودية في شمال سوريا بعد هذه الأحداث.

وشهدت احتجاجات الاثنين "أعمال عنف وإطلاق رصاص واعتداءات" في المناطق الخاضعة لسيطرة تركيا وفصائل متحالفة معها في شمال سوريا، وفق المرصد، إضافة إلى "اعتداءات على العربات التركية وقطع طرقات". وشملت التظاهرات مناطق في إدلب المجاورة تسيطر عليها هيئة تحرير الشام وفصائل متحالفة معها.

وشاهد مصور في فرانس برس العشرات يتظاهرون الاثنين في مدينة أعزاز في شمال سوريا، ومسلحين يطلقون النار على شاحنات بضائع تركية في مدينة الباب.

 وسيطرت تركيا في العام 2016 مع فصائل سورية موالية لها على مراحل إثر عمليات عسكرية عدة، على مناطق حدودية في شمال سوريا.

دان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان موجة العنف الأخيرة ضد اللاجئين السوريين في تركيا. وقال "بغض النظر عن هوياتهم، فإن إضرام النيران في الشوارع وفي المنازل هو أمر غير مقبول"، مشددا على وجوب عدم استخدام خطاب الكراهية لتحقيق مكاسب سياسية.

وأوقفت السلطات التركية 474 شخصاً بعد التظاهرات المناهضة للسوريين في عدة مدن، كما أعلن وزير الداخلية التركي علي يرليكايا عبر موقع "إكس" الثلاثاء.

وشهدت تركيا التي تستضيف حوالى 3,2 ملايين لاجئ سوري أعمال عنف مرتبطة برهاب الأجانب عدة مرّات في السنوات الأخيرة، أثارتها في أكثر الأحيان شائعات تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات الرسائل النصية.

وما زال مصير اللاجئين السوريين مسألة جدلية في السياسة التركية فيما تعهّد معارضو إردوغان في انتخابات العام الماضي إعادتهم إلى سوريا.

وتأتي هذه الأحداث في ما تحدّث إردوغان الجمعة عن إمكانية عقد لقاء مع الرئيس السوري بشار الأسد، معتبراً أن الأمر "ليس مستحيلاً".

ودعمت تركيا مجموعات معارضة للنظام السوري مع بداية الحرب  في العام 2011، لكنها تسعى الآن إلى إعادة بناء العلاقات مع دمشق، في حين تربط دمشق اي استئناف للعلاقات مع أنقرة بانسحاب القوات التركية من شمال سوريا.

Your browser does not support the video tag.

مقالات مشابهة

  • بوادر جديدة للتقارب.. هل تعيد أنقرة علاقاتها مع دمشق؟
  • أحداث قيصري.. اعتقال المئات بتركيا وارتفاع عدد قتلى الاحتجاجات شمال سوريا
  • سبعة قتلى في تظاهرات مناهضة لتركيا في شمال سوريا  
  • الشعب الجمهوري يتهم أردوغان بالفشل في إدارة الملف السوري
  • أكبر أحزاب المعارضة التركية يعلق على اعتداءات قيصري.. معلومات جديدة عن المتورطين
  • دعوات سورية لمحاسبة مرتكبي اعتداءات قيصري.. والخارجية التركية تعلق
  • "الجيش الوطني السوري" يدعو السوريين في الشمال إلى تجنب الإنجرار وراء الفتن
  • ما سبب الاشتباكات بين السوريين والقوات التركية؟
  • هل يجتمع أردوغان مع الأسد خلال قمة شنغهاي المقررة في أستانة؟