تقرير لـNational Interest: الحرب بين حزب الله وإسرائيل من شأنها أن تلتهم الشرق الأوسط
تاريخ النشر: 1st, July 2024 GMT
ذكر موقع "The National Interest" الأميركي أنه "بعد تسعة أشهر من القتال الوحشي في غزة، يبدو أن حزب الله وإسرائيل على استعداد لتصعيد الأعمال العدائية المستمرة إلى حرب أوسع نطاقاً.والحقيقة أن كلا الجانبين يدق ناقوس الخطر بينما تضع إسرائيل اللمسات الأخيرة على العمليات الثقيلة في غزة لتحويل التركيز إلى الجبهة اللبنانية، مع التزامها بشكل خاص بضمان هزيمة عدوها في الشمال.
وبحسب الموقع، "تبادل حزب الله وإسرائيل إطلاق النار عبر الحدود منذ 8 تشرين الأول، أي بعد يوم واحد من هجوم حماس على إسرائيل. وزاد كلا الطرفين من خطابهما وأفعالهما النارية منذ ذلك الحين، ووسعا نطاق وحجم عملياتهما العسكرية، واستهدفا شخصيات ومواقع ذات أهمية متزايدة، بينما وعدا بحرب دموية أوسع نطاقا. ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أن الوضع يبدو خارج نطاق هيكل الردع الطبيعي الذي تم إنشاؤه بعد حرب عام 2006 بين الطرفين. ولا يتراجع القادة الإسرائيليون عن تصريحاتهم العلنية، حيث كرر وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، في 27 حزيران، تهديداته السابقة بأن بلاده ستعيد لبنان "إلى العصر الحجري". هذا الخطاب وخطاب مماثل من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يسلط الضوء على استعداد إسرائيل لغزو لبنان".
وتابع الموقع، "لا يختلف خطاب حزب الله عن ذلك، على الرغم من أنه وراعيته إيران، يبدوان أقل ميلاً لبدء حرب شاملة. ومع ذلك، ادعى الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في 26 حزيران أن المعركة المستقبلية لن تكون لها "قواعد ولا خطوط حمراء". وجاء ذلك في أعقاب نشر الحزب لقطات لطائرة من دون طيار داخل المجال الجوي الإسرائيلي تسلط الضوء على قدرته على ضرب البنية التحتية الحيوية. وأرسل الرئيس الأميركي جو بايدن مسؤولين كباراً إلى لبنان وإسرائيل للتحدث مع الطرفين عن حرب شاملة، لكن هذه الجهود متعثرة. ولا يزال حزب الله مصراً على ربط أي توقف للقتال بوقف دائم لإطلاق النار في غزة، وهو الأمر الذي يواصل نتنياهو تقويضه من خلال التحدث علناً عن المفاوضات. ويفعل المسؤولون الأميركيون الآن الشيء نفسه مع حزب الله، حيث يقدم مسؤولون مجهولون ضمانات بأن الولايات المتحدة ستدافع عن إسرائيل في الحرب".
وأضاف الموقع، "على هذا النحو، فإن الوضع غير مستقر. إن التهديد الأكبر الذي يواجه إسرائيل هو حزب الله، وهي حقيقة يفهمها قادة المجموعتين جيدًا. يجب على حزب الله أن يظهر القوة والدعم لفلسطين ضمن أيديولوجية المقاومة الأوسع الخاصة به للاحتفاظ بالشرعية بين قاعدة دعمه. وفي الوقت نفسه، تدعي الولايات المتحدة أنها تدعم وقف التصعيد، لكنها تواصل تصنيف نفسها في مواقف تصعيدية من خلال الدعم غير المشروط لإسرائيل.في هذا السيناريو، كل الطرق تؤدي إلى الصراع، ومن المرجح جداً أن تختار إسرائيل القوة للسماح بعودة ما يقرب من 96 ألف مواطن إلى مدنها الشمالية. وحتى عند القراءة المنمقة للموقف، حيث تحاول إسرائيل التوصل إلى وقف غير رسمي نسبياً لإطلاق النار في غزة من خلال إنهاء كافة العمليات الكبرى بعد غزو رفح، فإن احتمالات نجاح مثل هذه الاستراتيجية تظل محدودة. ومن غير المرجح أن يتمكن أي من الطرفين من كبح جماح القتال في المناطق الحدودية أيضاً، بقدر ما اقترح البعض عمليات إسرائيلية "محدودة"."
وبحسب الموقع، "في الواقع، يرجع ذلك إلى أن دوامة تصعيدية لا مفر منها قد تكون موجودة بالفعل. لن تلتزم إسرائيل بوقف كامل ودائم لإطلاق النار في غزة، ومن غير المرجح أن تتخلى حماس عن مطالبها، وعلى وجه التحديد الانسحاب الإسرائيلي الكامل ووقف إطلاق النار الدائم. ومن دون التوصل إلى اتفاق، من غير المرجح أن يتحرك حزب الله نحو وقف إطلاق النار من جانب واحد مع إسرائيل.وعلى الرغم من كل الجهود التي بذلتها الولايات المتحدة لتحقيق نتائج إيجابية وسلمية، أثبتت إدارة بايدن عدم قدرتها على القيام بما هو ضروري لتحقيق نتيجة تنهي القتال. والنتيجة هي حرب بين حزب الله وإسرائيل، وهي حرب يكاد يكون من المؤكد أنها ستجذب الولايات المتحدة. وعندما تبدأ القنابل في التساقط على تل أبيب، فمن المرجح أن يختار نتنياهو إحراج بايدن علنًا مرة أخرى، وذلك من خلال الإشارة إلى أن بايدن لا يبذل ما يكفي لدعم صديقه وحليفه وشريكه الديمقراطي الوحيد في الشرق الأوسط".
وختم الموقع، "في نهاية المطاف فإن المخاطر المرتبطة بالحرب بين حزب الله وإسرائيل تشكل سيناريو يوم القيامة بالنسبة لصناع القرار السياسي الأميركيين، ولكنه سيناريو يمكنهم، بل وينبغي لهم، أن يتجنبوه. ويجب أن يكون واضحاً الآن أن الولايات المتحدة لن تدعم الغزو الإسرائيلي للبنان، وأي شيء أقل من هذا النهج يترك واشنطن متواطئة في عاصفة نارية من صنعها". المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله وإسرائیل الولایات المتحدة المرجح أن من خلال فی غزة
إقرأ أيضاً:
الصراع بين الكنيسة المصرية ومخطط الشرق الأوسط الجديد
منذ العصور القديمة، كان الشرق الأوسط مركزًا دينيًا وثقافيًا شكّل هويته الفريدة.
ومع بداية الألفية الجديدة، بدأت القوى الغربية، التي تحركها الصهيونية العالمية، في تبني سياسات تهدف إلى إعادة رسم حدود المنطقة من خلال مخطط يسعى إلى طمس الهويات التاريخية العميقة التي تشكل نسيجها الثقافي والديني.
ومن بين هذه الهويات، تبرز الهوية المسيحية الشرقية، وفي قلب هذا الصراع، تقف الكنيسة المصرية كحجر عثرة أمام محاولات إعادة تشكيل مكونات الهوية الدينية والثقافية للمنطقة.
تبنت القوى الغربية المتحالفة مع الصهيونية سياسة "الفوضى الخلاقة" كوسيلة لإعادة تشكيل الشرق الأوسط، بهدف تفكيك الأنظمة السياسية وزرع الفوضى، مما أدى إلى تصاعد الجماعات الإرهابية، وانتشار النزاعات الطائفية، وتهجير المسيحيين من العديد من دول المنطقة. وكان لهذا التدمير الممنهج أثر بعيد المدى على هوية المنطقة، حيث سعت تلك القوى إلى فرض مشروع "مسار إبراهيم" كرمز ديني ثقافي يربط بين اليهودية والمسيحية والإسلام. وتجسد ذلك في "بيت العائلة الإبراهيمي"، الذي رفضت الكنيسة المصرية الانضمام إليه، باعتباره محاولة لتكريس واقع جديد يخدم أهدافهم.
محاولة الترويج لمسار إبراهيم كمرجعية دينية وثقافية تجمع الديانات الثلاث ليست سوى وسيلة لتحقيق مشروع "إسرائيل الكبرى"، الممتد - وفقًا لتصورهم - من النيل إلى الفرات، مستندين إلى رحلة النبي إبراهيم التي شملت عدة دول في المنطقة وصولًا إلى مصر.
يهدف هذا المشروع إلى تحقيق حلم إقامة "مملكة داوود"، استنادًا إلى الإيمان اليهودي بقدوم "المسيح الملك الأرضي"، الذي سيقيم ملكوته على الأرض ويقود "مملكة داوود".
ويتماشى هذا التصور مع الفكر المسيحي المتصهين للكنيسة البروتستانتية، التي تؤمن بمفهوم "حكم الألفية"، أي نزول المسيح في آخر الزمان لحكم العالم لمدة ألف عام. وكليهما يتفقان على أن كرسي حكم هذا الملك هو هيكل سليمان، وهو ما يتناقض تمامًا مع العقيدة المسيحية الشرقية، خاصة الكنيسة القبطية المصرية، التي ترفض هذا الفكر.
المواجهة الحقيقية بين الكنيسة المصرية والمشروع المتفق عليه بين المسيحية المتصهينة والمعتقد اليهودي تتجلى في صراع المسارات، بين "مسار إبراهيم" و"مسار العائلة المقدسة".
فوفقًا للتاريخ المسيحي، هرب السيد المسيح وأمه العذراء إلى مصر هربًا من بطش هيرودس، وتوقفت العائلة المقدسة في عدة مناطق مصرية، مما يجعل مصر نقطة محورية في تاريخ المسيحية.
هذا الأمر يتناقض مع الفكر المسيحي المتصهين والمعتقد اليهودي، اللذين يسعيان إلى ترسيخ الاعتقاد بأن القدس وحدها هي المركز الديني الأوحد وكرسي حكم "مملكة داوود" من داخل هيكل سليمان، وتهيئة الأجواء لقدوم "المسيح الملك" عبر مسار إبراهيم.
وهنا يطرح السؤال نفسه: لماذا لم يتم حتى الآن تفعيل "مسار العائلة المقدسة" كحج مسيحي عالمي رغم أهميته في تاريخ المسيحية وذكره في الإنجيل المقدس؟ الإجابة تكمن في أن أصحاب مشروع "مملكة داوود" يسيطرون على شركات السياحة العالمية ويوجهونها بما يخدم مخططاتهم، كما أنهم نجحوا في اختراق عدد من المؤسسات الدينية في الغرب، مما جعل بعض الكنائس الغربية أداةً في خدمة هذا المشروع، متجاهلين الدور التاريخي لمصر في المسيحية.
الكنيسة القبطية لا تعترف بمفهوم "الملك الألفي" الذي تروج له المسيحية الصهيونية، حيث يتناقض مع الإيمان الأرثوذكسي بالمجيء الثاني للمسيح، وهو ما تم تأكيده في مجمع نيقية عام 325م ومجمع القسطنطينية عام 381م. حيث جاء في العقيدة المسيحية أن المسيح سيأتي في مجده ليدين الأحياء والأموات، وليس كملك أرضي يحكم العالم. كما أن الكنيسة القبطية تدحض المعتقد اليهودي الذي لا يعترف بالمسيح الذي جاء بالفعل، إذ لا يزال اليهود في انتظار "المسيح الملك الأرضي" القادم لإقامة مملكتهم.
كان للبابا شنودة الثالث بُعد نظر استراتيجي ورؤية واضحة حول المخطط الصهيوني، فاتخذ موقفًا حازمًا ضد أي تطبيع مع إسرائيل، وأصدر قرارًا تاريخيًا بمنع الأقباط من زيارة القدس تحت الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدًا أن "القدس لن يدخلها الأقباط إلا مع إخوانهم المسلمين". وقد جعل هذا الموقف الكنيسة القبطية في مواجهة مباشرة مع المشروع الصهيوني الذي يسعى إلى تحقيق "مملكة داوود".
ومع تولي البابا تواضروس الثاني قيادة الكنيسة المصرية، استمرت هذه السياسة الوطنية، وبرز ذلك في مقولته الشهيرة: "وطن بلا كنائس خير من كنائس بلا وطن"، وهي رسالة قوية تؤكد أن الكنيسة المصرية لا يمكن أن تكون جزءًا من مشروع يهدف إلى طمس الهوية الوطنية المصرية.
كما لعب البابا تواضروس دورًا مهمًا في تعزيز علاقات الكنيسة بالأقباط في الخارج، ودعم دورهم كصوت وطني مدافع عن مصر في مواجهة محاولات التشويه والتأثير الخارجي. لم تقتصر مواقف البابا تواضروس على الجاليات القبطية في الخارج فقط، بل عمل على تصحيح المفاهيم المغلوطة حول أوضاع الأقباط في مصر، مؤكدًا أن ما يتم الترويج له بشأن "اضطهاد الأقباط" هو مجرد افتراءات تهدف إلى زعزعة استقرار الوطن.
وقد أظهر الرئيس عبد الفتاح السيسي تقديره الكبير للكنيسة المصرية وللبابا تواضروس في عدة مناسبات، أبرزها حضوره احتفالات عيد الميلاد المجيد في الكاتدرائية، مما يعكس العلاقة القوية بين الكنيسة والدولة في مواجهة المخططات الخارجية التي تستهدف مصر وهويتها الوطنية.