تلعب القواعد العسكرية الوطنية والأجنبية في قبرص دورا خارجيا نشطا، لا سيما القواعد البريطانية والأميركية، التي تمثل مركزا لجمع المعلومات الاستخبارية وشبكة مراقبة لمنطقة الشرق الأوسط والبحر الأبيض المتوسط، ونقطة انطلاق رئيسية لتنفيذ عمليات عسكرية واسعة، تخدم المصالح الإستراتيجية لتلك الدول.

ومنذ ثمانينيات القرن العشرين، استخدمت القوات الأميركية والبريطانية القواعد العسكرية في قبرص مركز انتشار لتنفيذ عمليات واسعة شملت دولا إقليمية، بما فيها سوريا والعراق وأفغانستان وليبيا واليمن.

وتخدم هذه القواعد المصالح الإستراتيجية الإسرائيلية في المنطقة عبر التعاون العسكري والاستخباراتي، ومنذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، تدعم القوات الأميركية والبريطانية إسرائيل في العدوان الذي تشنه على قطاع غزة، وتزودها بالأسلحة والمعلومات الاستخباراتية، مستخدمةً قاعدتي أكروتيري وديكيليا.

وعلى خلفية هذا الدعم الذي تتيحه القواعد العسكرية في قبرص لإسرائيل في حربها الشاملة، حذر الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله الحكومة القبرصية من فتح المطارات والقواعد القبرصية لإسرائيل إذا قررت شن حرب على لبنان، وهدد باعتبار قبرص حينذاك جهة مستهدفة في الحرب.

مشهد من قاعدة أندرياس باباندريو بقبرص (الفرنسية) قواعد قبرص

لا تتمتع قبرص بمقومات عسكرية كبيرة، وتضم القيادة الجوية للحرس الوطني القبرصي أسطولا مكونا من 20 طائرة مروحية و4 طائرات من دون طيار و6 بطاريات للدفاع الجوي.

كما تمتلك 3 وحدات مضادة للطائرات، تعمل على تشغيل أنظمة صواريخ أرض-جو متعددة، وتنتشر البطاريات وقاذفات الصواريخ في أنحاء الجزيرة، ويتمركز معظمها في القواعد العسكرية الرئيسية للحرس الوطني القبرصي.

وتقتصر المنشآت العسكرية للجيش القبرصي على قاعدتين جويتين وقاعدة بحرية، إضافة إلى بعض المرافق والمنشآت العسكرية الصغيرة، أو مرافق مدنية تستخدم للأغراض العسكرية إلى جانب الاستخدامات المدنية.

وأبرز المنشآت العسكرية الوطنية في قبرص، هي:

قاعدة أندرياس باباندريو

تقع قاعدة أندرياس باباندريو الجوية على بعد 10 كيلومترات من مدينة بافوس شمالي مطار بافوس الدولي، وهي القاعدة الرئيسية لسلاح الجو القبرصي، وأكبر قاعدة جوية وطنية في البلاد، وتشتمل على غالب البنية التحتية الجوية، والعديد من وحدات الاتصال التابعة للقوات الجوية.

وقد اهتمت السلطات القبرصية بالنهوض بالبنية التحتية للقاعدة، والعمل على تحديثها وتطويرها في أواخر التسعينيات من القرن العشرين، فأنشأت حظائر للطائرات وأرصفة إضافية ومراكز للصيانة.

وتمثل القاعدة مقر الوحدة القتالية 55، وهي عبارة عن مجموعة عملياتية مستقلة، تابعة لقيادة القوات الجوية القبرصية، تشبه المجموعات النموذجية لحلف شمال الأطلسي (ناتو)، وتتطلب مهامها دوام الجاهزية على أعلى مستويات الكفاءة للعمل في جميع الظروف والأوقات.

والوحدة مسؤولة عن تشغيل 5 أسراب عسكرية، هي: سرب طائرات المروحية الهجومية 450، وسرب البحث والإنقاذ 460، وسرب الطائرات من دون طيار 470، وسرب الدفاع الجوي 457، إضافة إلى سرب دعم الخدمة القتالية.

وتشكل القاعدة مركزا اعتياديا للمناورات والتدريبات العسكرية المشتركة، التي تقوم بها الوحدة 55 مع دول عديدة مثل اليونان وفرنسا وإسرائيل والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وإيطاليا ومصر.

وقد سمحت قبرص للطائرات المقاتلة الروسية في سوريا، بموجب اتفاق لها مع روسيا عام 2015، بأن تستخدم قاعدة أندرياس باباندريو العسكرية والمطارات الأخرى في الحالات الطارئة.

وعقب معركة طوفان الأقصى التي شنتها المقاومة الفلسطينية في أكتوبر/تشرين الأول 2023 على مستوطنات غلاف غزة، بدأت المروحيات التابعة للقوات الفرنسية والألمانية والهولندية والأميركية باستخدام قاعدة أندرياس مركزا لعملياتها في شرق البحر الأبيض المتوسط لإجلاء رعاياها من دول المنطقة، كما تقوم المروحيات التابعة لهذه البلدان بنشاطات تدريبية يومية.

مقاتلات في مدرج قاعدة أكروتيري في قبرص (رويترز) قاعدة لاكاتاميا

تقع قاعدة لاكاتاميا الجوية على بعد 7 كيلومترات جنوب نيقوسيا، وهي إحدى القواعد البريطانية إبّان الاحتلال الإنجليزي للجزيرة، وقد كانت في وقتها قاعدة نشطة، وضم مطارها آنذاك مدرجين. وبعد استقلال البلاد، سلّم البريطانيون القاعدة للسلطات القبرصية، وقد تراجعت أهميتها في أول الأمر، إذ اعتمدت القوات المسلحة القبرصية التمركز في نيقوسيا.

وعقب التدخل العسكري التركي في قبرص عام 1974، لم تعد قوات الدفاع القبرصية قادرة على استخدام نيقوسيا، فأعادت تنشيط قاعدة لاكاتاميا، التي أصبحت المقر الرئيسي للقوات الجوية القبرصية، كما تم تغيير اسمها إلى نيكولاس لويزو، على اسم أحد الضباط الذين قتلوا في المعارك مع الأتراك، تكريما له.

وكان يتمركز في القاعدة سرب العمليات الجوية 449، الذي يقوم بالعمليات العسكرية وتشغيل المعدات والمروحيات فيها. وفي عام 2010، تم توقيف عمل السرب، ودمجت 4 طائرات تابعة له مع السرب 450 في قاعدة أندرياس، وعلى إثر ذلك، قلّ النشاط العملياتي في لاكاتاميا، واقتصر استخدامها على عدد قليل من الطائرات.

قاعدة إيفانجيلوس فلوراكيس

تقع قاعدة إيفانجيلوس فلوراكيس البحرية في ماري على الساحل الجنوبي لقبرص. والبنية التحتية للقاعدة ليست مجهزة بما يكفي لتلبية الطلب المتزايد على استخدامها، إذ لا تستطيع السفن الحربية التي يزيد طولها على 65 مترا الرسو في مينائها.

ونظرا إلى الرسوم الباهظة التي يفرضها ميناء ليماسول المخصخص، فقد أدى هذا الوضع إلى استياء بعض الدول التي تعتمد سفنها على قبرص في استيفاء خدمة الموانئ، مما يتعارض مع رغبة السلطات القبرصية في لعب دور محوري في المنطقة.

وترغب قبرص في تعزيز دورها الجيوسياسي ​​والعملياتي في منطقة شرق المتوسط، كخدمة القطع البحرية الألمانية التي تعمل في إطار مهمة قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان "يونيفيل" وتتخذ من لارنكا مقرا لها، إضافة إلى السفن الحربية لشركائها الإستراتيجيين مثل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليونان وفرنسا، والتي ترسو في موانئها بشكل متكرر.

وفي مايو/أيار 2023، أعلنت قبرص عن تطوير البنية التحتية للقاعدة، وتوسيع الميناء بما يكفل رسو السفن الكبيرة الحجم، وبناء حوض لأعمال الصيانة وإصلاح السفن الحربية. ويرتبط المشروع باتفاقية التعاون العسكري مع فرنسا، التي ستسهم في دعم المشروع.

منشآت أخرى

تضم قبرص منشآت عسكرية مهمة كمركز مراقبة القوات الجوية القبرصية، الذي يقع في ترودوس وسط الجزيرة، وهو عبارة عن مركز تحكم يضم العديد من وحدات الرادار وأنظمة القيادة والسيطرة وأنظمة الدفاع الجوي.

وتستخدم القوات المسلحة القبرصية منشآت مدنية بشكل منتظم مثل مطاري بافوس ولارنكا الدوليين وميناء ليماسول، وتتيح السلطات هذه المنشآت المدنية كذلك للاستخدام العسكري الأجنبي، ومن ذلك سماحها للسفن الحربية الفرنسية والألمانية والروسية وغيرها باستخدام ميناء ليماسول.

القواعد الأجنبية في قبرص

تتمتع قبرص بموقع إستراتيجي متوسط بين الشرق والغرب، وتمتاز بقربها من بلدان الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ومناطق الصراع فيها، لذلك حرصت الدول الكبرى على تثبيت وجود عسكري لها على أراضي الجزيرة، لما يتيحه موقعها من إمكانية الوصول السريع إلى الأهداف.

وقد احتفظت بريطانيا بعد استقلال قبرص عنها عام 1960 "بمناطق سيادية" خاضعة لسيطرتها بشكل كامل، وذلك بموجب اتفاقية لندن عام 1959، وتغطي هذه المناطق مساحة تبلغ 256 كيلومترا مربعا بما يعادل نحو 3% من مساحة الجزيرة، وتضم منطقتين منفصلتين في جنوبي البلاد، هما: ديكيليا وأكروتيري، إحداهما في شرق الجزيرة، والأخرى في الغرب.

وقد تمكنت بريطانيا بفضل المنطقة السيادية من الحفاظ على وجود عسكري دائم لها في نقطة إستراتيجية في شرق المتوسط، وإنشاء قاعدتي أكروتيري وديكيليا العسكريتين، وبموجب المعاهدة، فإن المملكة المتحدة ليست ملزمة بإبلاغ السلطات القبرصية عن نشاطاتها في تلك المنشآت.

وتضم القواعد البريطانية في قبرص كتيبتي مشاة مقيمتين وأذرع دعم، تتمثل في قوات لوجيستية ومهندسي الكهرباء والميكانيكا والشرطة العسكرية وأطباء الجيش. ويقيم في المنطقة السيادية، بحسب أرقام وزارة الدفاع البريطانية لعام 2022، نحو 2490 عنصرا بريطانيا تم تعيينهم بشكل دائم للعمل في القواعد.

وقد أصبحت الميزة الإستراتيجية للمنشآت العسكرية في قبرص بالنسبة للمملكة المتحدة أكثر أهمية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وفي أعقاب الحرب الروسية على أوكرانيا.

مطار لارنكا في قبرص (الجزيرة) قاعدة أكروتيري

تقع قاعدة أكروتيري الجوية في شبه جزيرة أكروتيري جنوبي غربي قبرص، وتضم مستشفى ومحطة أرصاد جوية ومطارا، وتُستخدم نقطة انطلاق مهمة لسلاح الجو البريطاني، لتأدية مجموعة متنوعة من العمليات العسكرية، تهدف إلى حماية المصالح الإستراتيجية البريطانية، وتعد مرافق الاتصالات في القاعدة عنصرا مهما في توثيق روابط المملكة المتحدة العالمية.

وتمثل القاعدة مركزا متقدما للعمليات الخارجية في الشرق الأوسط، وموقعا للتدريب على الطائرات النفاثة السريعة، وهي كذلك قاعدة عمليات مشتركة نشطة دائما لدعم العمليات الجارية في الإقليم، وقاعدة مجهزة للنشر السريع لطائرات مقاتلة من طراز تايفون وطائرات إف-35.

وتستضيف القاعدة أيضا طاقما من المروحيات التابعة لسلاح الجو البريطاني للاستجابة لحالات الطوارئ ودعم مكافحة الحرائق، وتؤدي مروحيات غريفين دورا مهما في عمليات البحث والإنقاذ، بالتعاون مع الشرطة القبرصية والقيادة الجوية للحرس الوطني.

وقد تأسست قاعدة أكروتيري عام 1955، واستقر فيها حينها 30 جنديا، وخلال سنة من تشغيلها تم تكثيف وحدة العمل فيها حتى بلغ عدد العاملين 260 ضابطا و2864 من الرتب الأخرى.

وفي أعقاب انسحاب بريطانيا من شرق السويس في أوائل السبعينيات من القرن العشرين، تم نقل جميع طائرات ومروحيات سلاح الجو البريطاني إلى أكروتيري كأسراب دائمة، وبلغت القاعدة في تلك الفترة أوجها، وتدريجيا تم خفض التسليح فيها، وباتت مع نهاية الثمانينيات مركز تدريب وتشغيل متقدم.

مقاتلة تايفون بريطانية على مدرج قاعدة أكروتيري في قبرص (رويترز) قاعدة ديكيليا

تقع قاعدة ديكيليا جنوبي شرق قبرص على الشاطئ الشمالي لخليج لارنكا، وتتكون من حوالي 7 كيلومترات مربعة، وهي المقر الرئيسي لمنطقة قاعدة السيادة الشرقية، وتُستخدم موقعا لتمركز القوات البريطانية، ومركز تدريب، ومحطة انطلاق بين بريطانيا وجنوب آسيا والشرق الأقصى. كما تستخدم لأغراض دعم قوات الأمم المتحدة في قبرص.

وتتكون من كتيبة مشاة مقيمة، وسرب مهندسين، ووحدات لوجيستية مختلفة، وتضم مستشفى ومطارا صغيرا ومدارس وكنيسة والعديد من المرافق الرياضية والترفيهية، ويقطنها مدنيون بريطانيون مع عائلاتهم، يزيد عددهم على 1500 فرد.

القاعدة الأميركية

سمحت بريطانيا للقوات الأميركية بإقامة قاعدة عسكرية على أراضيها السيادية في قبرص، وصرحت وزارة الدفاع البريطانية بأن عناصر عسكرية أميركية تتمركز في قاعدة سلاح الجو البريطانية في أكروتيري منذ عام 1974، عندما بدأت عملية مراقبة حفظ السلام في الجزيرة.

وعلى الرغم من امتلاك الولايات المتحدة قاعدة عسكرية على الأراضي البريطانية في قبرص منذ سبعينيات القرن العشرين، فإن الولايات المتحدة وبريطانيا تكتمتا على حجم الوجود الأميركي وما يتعلق بأنشطته العسكرية والاستخباراتية في قبرص.

وقد كشف موقع ديكلاسيفايد عن انتشار 129 طيارا أميركيا بشكل دائم في قاعدة أكروتيري، إضافة إلى وحدة الاستطلاع الاستكشافي الأول، وهي أقدم وحدة طيران تابعة للجيش الأميركي، والمسؤولة عن تدريب أطقم طائرات الاستخبارات والاستطلاع.

كما أفادت الصحيفة بأن القوات المسلحة الأميركية بنت منشأة مكونة من 147 غرفة على مساحة 1.5 فدان من القاعدة البريطانية لاستيعاب طواقمها العسكرية وأنشطتها.

وتقول وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) إن لديها 14 فردا فقط في قبرص، بمن فيهم 9 من مشاة البحرية وطيار واحد، بينما لا تعترف الحكومة البريطانية بأي معدات أميركية في مناطقها السيادية إلا طائرات "يو- 2″، ولكن التقارير تشير إلى وجود وحدات عسكرية أميركية أخرى نشطة.

مركز استخباراتي

تُستخدم القواعد العسكرية في المناطق السيادية مركزا لجمع المعلومات الاستخباراتية، وشبكة مراقبة لمنطقة الشرق الأوسط والبحر المتوسط، ومنذ سبعينيات القرن العشرين، بدأ الحديث عن استخدام أميركا قاعدة أكروتيري محطة لمراقبة أنشطة الاتحاد السوفياتي.

وتشير وثيقة سرية مسربة عن مكاتب الاتصالات الحكومية البريطانية إلى أن قبرص تستضيف مجموعة واسعة من مرافق الاستخبارات البريطانية والأميركية، وبحسب موقع ديكلاسيفايد، فإن القواعد البريطانية في قبرص تشكل أكبر مرافق الاستخبارات البريطانية خارج المملكة المتحدة.

وتمتلك أميركا 4 مواقع للتجسس، منها: مركز اعتراض الاتصالات في آيوس نيكولاوس في ديكيليا، الذي يُعتقد أنه يعترض المكالمات والرسائل النصية ورسائل البريد الإلكتروني من مختلف أنحاء الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهناك مركز تنصت آخر يجمع المعلومات الاستخبارية الإلكترونية السرية.

نقطة انطلاق للعمليات العسكرية

استخدمت القواعد الأجنبية في قبرص لإطلاق العديد من العمليات العسكرية منذ ثمانينيات القرن العشرين، فقد استخدمت القوات الأميركية قاعدة أكروتيري في منتصف الثمانينيات لتنفيذ هجمات على ليبيا، وفي عام 1990 انطلقت منها الهجمات على العراق.

وشنت بريطانيا إلى جانب قوات التحالف عام 2014 غارات جوية على تنظيم الدولة الإسلامية في العراق وسوريا باستخدام طائرات متمركزة في منشآتها العسكرية في قبرص، ومنذ بداية القرن الحادي والعشرين، قامت أميركا بعمليات عسكرية واسعة شملت سوريا والعراق وأفغانستان وليبيا واليمن.

واستخدمت القوات البريطانية والأميركية القواعد في الجزيرة لشن غارات جوية على جماعة الحوثيين في اليمن على إثر مهاجمتهم القطع البحرية الإسرائيلية والسفن التي تعبر البحر الأحمر من وإلى إسرائيل.

خط خلفي لدعم إسرائيل

لا تمتلك إسرائيل أي مرافق عسكرية في قبرص، لكنها ترتبط بعلاقات عسكرية ومعاهدات أمنية مع قبرص وبريطانيا وأميركا، مما يخولها الاستفادة بفاعلية من القواعد العسكرية في الجزيرة.

وتتمتع قبرص بعلاقات عسكرية وطيدة مع إسرائيل، وتقوم القوات المسلحة للبلدين بمناورات وتدريبات عسكرية منها تدريبات "أونيسيلوس-جدعون"، التي تقام سنويا في إطار برنامج التعاون العسكري بين قبرص وإسرائيل، وتنطلق التدريبات من منطقة معلومات الطيران بنيقوسيا، وتغطي مساحة كبيرة من أراضي قبرص.

ولإسرائيل علاقات استخباراتية واسعة النطاق مع الولايات المتحدة، وبحسب وثائق مسربة، تتمتع إسرائيل وفقا لذلك بميزة الوصول إلى مواقع التجسس الأميركية في المناطق السيادية في قبرص، والاستفادة من بياناتها.

وتشير تقارير عديدة، نشرها موقع ديكلاسيفايد وصحيفة هآرتس الإسرائيلية، إلى أن وتيرة الرحلات الجوية من أكروتيري إلى إسرائيل ارتفعت بشكل متزايد منذ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في خريف 2023.

وتضيف التقارير ذاتها أن القوات البريطانية والأميركية تدعم الهجوم الذي تشنه إسرائيل على غزة بالأسلحة والمعلومات الاستخباراتية من قاعدتي أكروتيري وديكيليا، وأن الولايات المتحدة تنقل أسلحة إلى إسرائيل من مختلف أنحاء أوروبا باستخدام قاعدة أكروتيري.

وقد نفت بريطانيا مرارا قيام سلاح الجو البريطاني بنقل مواد قاتلة إلى إسرائيل. وأعلنت السلطات الأميركية أن الأنشطة العسكرية الأميركية في المنطقة متوافقة تماما مع القانون الدولي، كما نفت قبرص، في ردها على تهديد حزب الله، أن تكون متورطة في الصراع بأي حال.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات القواعد العسکریة فی القواعد البریطانیة الولایات المتحدة العسکریة فی قبرص القوات المسلحة الجو البریطانی عسکریة فی قبرص القرن العشرین البریطانیة فی الشرق الأوسط إلى إسرائیل فی المنطقة تقع قاعدة إضافة إلى جویة على

إقرأ أيضاً:

قرية الغجر: كيف أشعل خط على الخريطة نيران الصراع في الشرق الأوسط؟

نشرت مجلة "نيو لاينز" تقريرًا يسلط الضوء على قضية قرية الغجر، التي تقع عند الحدود بين سوريا ولبنان وفلسطين المحتلة، والتي أصبحت ضحية لخطأ خرائطي استعماري أدى إلى تقسيمها، موضحًا أن جذور المشكلة تعود إلى خط الحدود المعروف بـ"الخط الأزرق"، الذي رسمته الأمم المتحدة عام 2000 لتحديد انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان.

وقالت المجلة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"،  إن اتفاق وقف إطلاق النار الذي بدأ في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي أدى  إلى حالة من الهدوء الهش على الحدود بين لبنان و"إسرائيل".

ووفقًا لمذكرة تفاهم نشرتها الولايات المتحدة وفرنسا، ستقوم الولايات المتحدة، بالشراكة مع الأمم المتحدة، بتسهيل المحادثات غير المباشرة بين البلدين لحل النقاط المتنازع عليها على طول ما يسمى بالخط الأزرق، وهو خط رسمه رسامو الخرائط التابعون للأمم المتحدة في أيار/ مايو 2000، إيذانًا بانسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان.



وقد تجاوز عمر هذا الخط الأزرق، الذي زُعم أنه مؤقت، عمر الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان بسبع سنوات الآن، ولا يزال يشكل مصدر توتر سياسي بين "إسرائيل" ولبنان ومصدر قلق هائل لسكان المنطقة الحدودية المتنازع عليها.

وتعد قرية الغجر، وهي قرية يسكنها علويون، وتسيطر عليها "إسرائيل" وتطالب بها كل من لبنان وسوريا، أخطر نقاط الخلاف؛ فقد قسم الخط الأزرق الذي رسمته الأمم المتحدة قرية الغجر إلى قسمين. جزء يقع تحت السيطرة اللبنانية والآخر تحت السيطرة الإسرائيلية، مع كل القيود المفروضة على الحركة التي يمكن للمرء أن يتخيلها في منطقة حدودية بين بلدين في حالة حرب، لقد قسم خط مرسوم على الخريطة العائلات وعطّل حياة القرويين الذين عاشوا كمجتمع متماسك لقرون.

وتجمع القصة الكامنة وراء تقسيم قرية الغجر بين الإرث الاستعماري للشرق الأوسط الحديث، وترسيم الحدود الأخرق، والأخطاء والتلاعبات في رسم الخرائط، والصراعات العربية الداخلية، والصراعات الغربية الإسرائيلية حول الوصول إلى المياه في سياق الجغرافيا السياسية الأوسع في الشرق الأوسط.

وأوضحت المجلة أن قرية الغجر، التي يبلغ عدد سكانها 2,806 نسمة وفقًا لإحصاء سنة 2022، تقع على الضفة الشرقية لنهر الحاصباني، بين سوريا ولبنان و"إسرائيل"، وهي قريبة من المنحدرات الغربية لجبل الشيخ ومنبع نهر الأردن، وقد احتلت "إسرائيل" القرية وبقية هضبة الجولان خلال حرب حزيران/ يونيو 1967.

وفي كانون الأول/ ديسمبر 1981، أقرّ الكنيست قانون مرتفعات الجولان، الذي طبّق القانون الإسرائيلي على المنطقة ومنح الجنسية الإسرائيلية لسكان الغجر؛ حيث يعرّفون أنفسهم بأنهم علويون سوريون ولكنهم مندمجون تمامًا في الحياة السياسية والاقتصادية في "إسرائيل".

ولعدة قرون، كانت الغجر قرية فقيرة ونائية في ولاية دمشق التابعة للإمبراطورية العثمانية، ثم أصبحت قرية سورية خلال فترة الانتداب الفرنسي عندما منحت عصبة الأمم فرنسا حق الوصاية المؤقتة على سوريا بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى.

وقسمت فرنسا المنطقة المعروفة باسم سوريا الكبرى إلى لبنان وسوريا، وفرضت الحكم الفرنسي على البلدين، وكان إنشاء الدولتين تعبيرًا عن منهجية "فرّق تسد" الاستعمارية.

وفي 31 آب/ أغسطس 1920، أصدر هنري غورو، أول مفوض سامٍ فرنسي في سوريا ولبنان، المرسوم 318، معلنًا إنشاء لبنان الكبير منفصلًا عن سوريا. ورغم أن الفرنسيين لم يرسموا حدود هذه الدولة الجديدة بدقة، إلا أنهم استخدموا خريطة فرنسية تعود لسنة 1862، "خريطة لبنان"، لتوضيح نواياهم فيما يتعلق بخطوطها.

على الرغم من أن "خريطة لبنان" كانت خريطة مرسومة بشكل جميل، إلا أنها كانت غير دقيقة وكان مقياس رسمها صغيرًا جدًا بحيث لا يمكن استخدامها لأغراض ترسيم الحدود بشكل احترافي.

ووفقًا لهذه الخريطة، فإن خط الحدود في المنطقة التي تهمنا يتبع مجرى نهر الحاصباني وينحني شرقًا باتجاه جبل الشيخ شمال الغجر، مما يضع القرية داخل سوريا مباشرة، ونظرًا لأن سوريا ولبنان لم يوقعا حتى هذا التاريخ معاهدة رسمية لترسيم الحدود، فإن الخريطة الفرنسية غير الدقيقة المرسومة عام 1862 هي الوثيقة الرسمية الوحيدة التي تُظهر الخطوط العريضة لحدود لبنان كما رسمتها فرنسا.



في سنة 1936؛ أنتج الفرنسيون أخيرًا خريطة أحدث للمنطقة. واستنادًا إلى الخرائط العثمانية لسوريا ولبنان، والتي كانت لا تزال غير مهنية نسبيًا، وُضعت قرية الغجر داخل سوريا بينما تم تحديد نهر الحاصباني كنهر حدودي بين سوريا ولبنان، وفقاً للنوايا الأصلية للفرنسيين في سنة 1920.

وأشارت الصحيفة إلى أن أحداث الحرب العالمية الثانية أدت إلى تفاقم الارتباك في رسم الخرائط، ففي تموز/ يوليو 1941، احتلت قوات الحلفاء بقيادة بريطانيا سوريا ولبنان، التي كانت تحتلها فرنسا الفيشية في ذلك الوقت، حليفة ألمانيا النازية.

وفي سنة 1942، أصدرت السلطات البريطانية خرائط عالية الجودة نسبيًا وواسعة النطاق لسوريا ولبنان، لكنها لم تقم بعمل جيد في نقل البيانات الخرائطية الأساسية من الخريطة الفرنسية لسنة 1936.

لم تحافظ الخريطة البريطانية على الحدود كما ظهرت في خريطتي 1920 و1936، التي تركت الغجر داخل سوريا والحاصباني كخط حدودي، ونتيجة لذلك، تظهر قرية الغجر على خريطة 1942 داخل لبنان بالكامل، بينما وُضع نهر الحاصباني جنوب القرية في سوريا، لأن خط الحدود لم يُرسم داخل مجرى النهر بل غربه. ومع ذلك لم يؤثر الخطأ على أهالي الغجر: فقد ظلت القرية سورية تدار من قبل سوريا كجزء من مرتفعات الجولان، بينما استمر وصول لبنان إلى نهر الحاصباني دون عوائق كما كان قبل وصول القوات البريطانية.

وذكرت المجلة أن الهيمنة البريطانية في إنتاج الخرائط خلال الفترة الاستعمارية، وميل رسامي الخرائط في جميع أنحاء العالم إلى نسخ الحدود من المصادر الموجودة لتوفير تكاليف البحث وتجنب المسؤولية، أديا إلى قيام رسامي الخرائط من جميع أنحاء العالم بنسخ الحدود الخاطئة في خرائطهم.

وتُعرف أوائل الستينيات بأنها سنوات "حروب المياه" بين "إسرائيل" وجيرانها العرب؛ فقد أقامت "إسرائيل" ناقل المياه الوطني لنقل المياه من بحر الجليل إلى صحراء النقب، بينما كانت الدول العربية تبذل جهودًا لتحويل منابع نهر الأردن الموجودة في سوريا ولبنان ومنعها من التدفق إلى بحر الجليل في "إسرائيل"، وكان أحد هذه المنابع هو نهر الحاصباني، ولا سيما رافد الوزاني الموجود غرب الجزء الشمالي من قرية الغجر.

غير أن الأمر الأقل شهرة عن "حروب المياه" هو أنه حتى عندما كانت "إسرائيل" وجيرانها العرب يتصارعون على السيطرة على موارد المياه الإقليمية، كان لبنان وسوريا يحاولان تحديد حقوق استخدام الأنهار الثلاثة التي يتشاركانها: العاصي والكبير والحاصباني.

في هذا السياق، بدأ رسامو الخرائط اللبنانيون سنة 1963 في إعداد سلسلة من الخرائط لأول مرة منذ حصول البلاد على الاستقلال، الأمر الذي كانت له تداعيات مترتبة على قرية الغجر.

وأوضحت المجلة أن رسامي الخرائط اللبنانيين كانوا يعلمون أن القرية كانت تدار من قبل سوريا، لكنهم اختاروا رسم الحدود بما يتوافق مع مصالح لبنان، خاصة فيما يتعلق بالموارد المائية.

ففي الجنوب الغربي من الغجر، أعادوا خط الحدود إلى مجرى نهر الحاصباني كما في الخريطة الفرنسية لسنة 1920، مما جعل نهر الحاصباني نهرًا حدوديًا يمكن الوصول إليه من قبل سوريا ولبنان، ولكن للتأكد من بقاء منابع الوزاني، في لبنان بالكامل، انحرفوا عن الخريطة الفرنسية السابقة.

وبدلاً من الالتفاف حول قرية الغجر شمال القرية وتركها بالكامل في سوريا، رسموا خطًا باتجاه الشمال الشرقي، إلى الجنوب من الينابيع، قاطعين القرية وتاركين النصف الشمالي في لبنان والجنوبي في سوريا، ولأنهم أدركوا أن تقسيم القرية على الخريطة سيؤدي إلى حالة شاذة قد تلفت الانتباه، أطلقوا على النصف الشمالي من القرية اسم "الوزاني"، مما خلق انطباعًا خاطئًا بأنها قرية مختلفة.

ولكن لأن قرية الغجر لم تكن مقسمة فعليًا، استمر سكان القرية في العيش كما كانوا يعيشون دائمًا، ولم يخبرهم أحد أن الخريطة الجديدة أظهرت قريتهم مقسمة إلى نصفين.

وقد قام رسامو الخرائط في جميع أنحاء العالم، استمرارًا لممارسة توفير المال المذكورة أعلاه، بنسخ الخرائط اللبنانية؛ ونسخوا الخط الخاطئ الذي وضعه رسامو الخرائط اللبنانيون في منطقة الغجر، بما في ذلك قرية الوزاني الوهمية، وقد ظهر هذا الخط حتى في الخرائط السورية والإسرائيلية، وفي نهاية المطاف، وجد طريقه إلى خرائط الأمم المتحدة.

لكن سكان القرية بقوا كما كانوا من قبل، في قرية الغجر غير المقسمة، غافلين تمامًا عن حقيقة أن جميع الخرائط، بما في ذلك خرائط "إسرائيل" بعد 1967، التي أظهرت قريتهم الواحدة كقريتين منفصلتين - الغجر والوزاني - مقسمة بالحدود السورية اللبنانية، ولم يتغير واقعهم المعاش إلا في أيار/ مايو 2000، عندما اتخذت "إسرائيل" القرار الأحادي الجانب بإنهاء وجودها العسكري في جنوب لبنان، ورسمت الأمم المتحدة خط الانسحاب.

وذكرت المجلة أن المواد التي قدمها الإسرائيليون إلى رسامي الخرائط التابعين للأمم المتحدة أوضحت أن قرية الغجر كانت جزءًا لا يتجزأ من مرتفعات الجولان السورية حتى حرب حزيران/ يونيو 1967، والتي انتهت بسيطرة "إسرائيل" على المنطقة، لكن فريق الأمم المتحدة قرر الاعتماد بشكل أساسي على خريطته الخاصة التي نسخت الحدود المرسومة من الخريطة اللبنانية لسنة 1963-1964، والتي أظهرت الغجر مقسمة بين سوريا ولبنان.

رفض سكان القرية، الذين صدموا عندما علموا أن مصير قريتهم كان موضع تساؤل، السماح لفريق الأمم المتحدة بدخول قرية الغجر، ولم يتمكن فريق الأمم المتحدة من أن يدرك أن قرية الغجر كانت مجتمعًا واحدًا غير مقسم، وهكذا رسموا الخط عبر الغجر، مما خلق الأزمة الإنسانية والأمنية التي لا تزال قائمة حتى يومنا هذا.

تُظهر خرائط "غوغل" حاليًا الخط الأزرق الذي يمر عبر القرية، وتكرّس هذا التقسيم الزائف الذي يقسم القرية إلى مجتمعين منفصلين، مجتمع الوزاني الوهمي في الشمال والغجر في الجنوب.

وقال فريق رسم الخرائط التابع للأمم المتحدة إنهم رسموا الخط الأزرق لأغراض عملية، على أن يتم تحديد القرار النهائي بشأن الحدود الدولية باتفاق بين الدول المعنية.



وبعد أن بدأ الاشتباك العسكري بين "إسرائيل" وحزب الله في 8 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، اقترحت الولايات المتحدة الأمريكية إمكانية استخدام اتفاق وقف إطلاق النار لحل النقاط المتبقية المتنازع عليها على طول الخط الأزرق، وربما يؤدي ذلك إلى إبرام معاهدة رسمية للحدود بين لبنان و"إسرائيل".

ختمت المجلة بأن الوقت قد حان لتحرير سكان الغجر من الصدمة المفروضة عليهم وما يترتب عليها من عواقب، ويبقى أن نرى ما إذا كانت الأمم المتحدة التي كرّست أخطاء الآخرين دون أن تدري ستصحح خطأها، ولعلّ إزالة هذه النقطة الخلافية غير الضرورية على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية يحقق بعض العدالة لسكان القرية، ويخفف من مخاوفهم الوجودية ويساعد في تخفيف التوتر الجيوسياسي.

مقالات مشابهة

  • وزير خارجية تركيا يشارك بمباحثات أزمة قبرص في جنيف
  • قرية الغجر: كيف أشعل خط على الخريطة نيران الصراع في الشرق الأوسط؟
  • وسائل إعلام تكشف القواعد التي أقلعت منها الطائرات الأمريكية في عدوانها على اليمن
  • الحوثيون يقتحمون مخازن برنامج الغذاء العالمي في صعدة وسط أنباء عن اختطاف موظفين
  • نهج ترامب، وإعادة توزيع النفوذ الدولي بالشرق
  • إسرائيل تكشف خططها بـ«الشرق الأوسط».. من أعداءها الجدد؟
  • تتويج مركز اتصالات بنك مسقط بجائزة "الأفضل بالشرق الأوسط"
  • بعد سنوات من التعثر.. هل تحل محادثات جنيف قضية قبرص؟
  • رتل لوجستي أمريكي يتجه إلى قاعدة عين الأسد بموافقة عراقية
  • مظاهرات في أوروبا لدعم فلسطين والتنديد بمجازر إسرائيل