شرع الناخبون الفرنسيون، الأحد، في الإدلاء بأصواتهم ضمن الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية المبكرة، التي دعا إليها الرئيس إيمانويل ماكرون، بعد أن تغلب حزب التجمع الوطني من أقصى اليمين، بقيادة جوردان بارديلا، على ائتلاف تيار الوسط الحاكم في الانتخابات الأوروبية في يونيو، فيما تجرى الجولة الثانية في السابع من يوليو.

وتزامنا مع ذلك، تُثار في الجزائر مخاوف من صعود اليمين المتطرف بفرنسا، وسط حديث عن تغييرات محتملة في مستقبل العلاقات بين البلدين.

كما تأتي المستجدات في وقت تستعد فيه الجزائر لتنظيم انتخابات رئاسية مسبقة في السابع سبتمبر المقبل، تليها الزيارة المرتقبة التي سيقوم بها الرئيس الجزائري، عبد المجيد تبون لباريس، بعد تأجيلات متكررة.

وتعتبر اتفاقية الهجرة الموقعة بين البلدين في 27 ديسمبر 1968، أولى القلاع التي تخشى الجزائر سقوطها على يد حزب بارديلا الذي وعد بمراجعتها، كما سيكون مستقبل ملف الذاكرة، الذي تتولاه لجنة مشتركة من كبار المؤرخين، غامضا على ضوء هذه التطورات.

اليمين المتطرف في فرنسا.. "مؤشرات مستمرة لمعاداة السامية والعنصرية" تمكنت زعيمة  حزب التجمع الوطني في فرنسا، مارين لوبان، من تنفيذ واحدة من أبرز عمليات إعادة تشكيل الهوية السياسية في العالم الغربي، حيث نجحت في تحويل حزب متطرف هامشي تأسس على يد والدها، جان ماري لوبان، إلى قوة سياسية رئيسية لديها فرصة حقيقية للفوز بأغلبية جيدة في الانتخابات التشريعية وتسمية رئيس الوزراء القادم.

وفي وقت يتوقع بعض المحللين أن تمر العلاقات الجزائرية الفرنسية بـ"فترة صعبة"، إذا حصل أقصى اليمين الفرنسي على غالبية المقاعد النيابية في هذه الانتخابات، يرى آخرون أن المصالح الفرنسية في الجزائر، الاقتصادية منها والسياسية والثقافية "أكبر من أن تتأثر بأيديولوجيا الأحزاب الحاكمة".

مستقبل العلاقات 

وفي هذا الصدد، يشير الأكاديمي الجزائري، ناصر جابي، إلى أن "الصعود المتوقع لأقصى اليمين سيكون أول تجربة  في تاريخ العلاقات بين فرنسا والجزائر، مما يهدد مستقبلها"، متوقعا بأن تمر بـ"فترة مضطربة"، موضحا في حديثه لـ"أصوات مغاربية" أن "اليمين المتطرف الفرنسي لديه ملفات قديمة تتعلق بحرب التحرير، طورها من خلال صراعه التاريخي مع الجزائر، وترجمتها مواقف الأب الروحي لليمين لوبان، الذي كان ضابطا في الجيش الفرنسي بالجزائر خلال الحرب".

وتبعا لذلك، يؤكد جابي أن العلاقات بين البلدين بوجود أقصى اليمين "ستمر بفترة صعبة"، مشيرا إلى أن "التطور الإيجابي المتوقع لمواقف اليمين المتطرف، قد يكون سلسا مع أفريقيا والمغرب وتونس، بينما سيكون صعبا مع الجزائر".

ويضيف المتحدث أن مواقف اليمين من الجزائر "تحكمها شحنة عاطفية تاريخية من شأنها التأثير على الملفات السياسية والاقتصادية بين البلدين"، مشيرا إلى أن ذلك سيلقي بظله على "استمرار العلاقات الثنائية". 

تأثير داخلي 

من جانبه، يرى الكاتب الصحفي المتخصص في قضايا الذاكرة والتاريخ، عبد القادر حريشان، أن "أقصى اليمين الفرنسي مارس حملته ضد الجزائر منذ دخوله الانتخابات الأوروبية، مواصلا إياها عقب الإعلان عن تشريعيات فرنسية مبكرة"، مشيرا إلى "توعده للمهاجرين بمراجعة الاتفاقيات المشتركة بين البلدين وغيرها من القضايا الثنائية".

وإجابة على سؤال بشأن قدرة هذا التيار السياسي على الذهاب بعيدا في التصعيد مع الجزائر، يؤكد حريشان في تصريحه لـ"أصوات مغاربية"، أن "جزءا من لغة التصعيد انتخابية محضة".

انتخابات فرنسا.. ماذا يحدث إذا لم يحصل أحد على أغلبية مطلقة؟ أظهرت استطلاعات لآراء الناخبين بعد خروجهم من مراكز الاقتراع بفرنسا، فوز حزب التجمع الوطني المنتمي لليمين المتطرف بزعامة، مارين لوبان بالجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية التي أجريت الأحد.

في المقابل، لا يستبعد المتحدث أن تلقي أفكار اليمين المتطرف بظلالها على منظومة القوانين الداخلية ذات الصلة بالجالية الجزائرية والعربية عموما، مشيرا إلى "تأثير داخلي أكثر منه خارجي"، متوقعا المزيد من "القوانين التي تضيق على الحريات الدينية بفرنسا".

"المصالح أولا"

لكن أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، إسماعيل معراف، يرى عكس ذلك، إذ يؤكد أن "مصالح الدولة الفرنسية في الجزائر قبل أفكار وسياسات اليمين المتطرف، الذي سيجد نفسه محاطا بخطوط حمراء تمثل السيادة والمصالح الكبرى لبلاده".

ويوضح معراف في حديثه لـ"أصوات مغاربية"، أن فرنسا "تهيمن على نسبة مهمة من السوق الجزائرية في شتى المجالات الصناعية والطبية والفلاحية، فضلا عن الهيمنة الثقافية، وهي مرتبطة بشكل كبير بالجزائر"، مضيفا أن كل هذه المصالح "لن تكون محل مخاطرة سياسية من قبل اليمين المتطرف، الذي سيجد نفسه ملزما بالحفاظ عليها".

ويشير المتحدث إلى إمكانية أن "يستمر خطاب التصعيد ضد الجزائر إعلاميا، لكن عمليا فإن فرنسا الدولة ستعمل جاهدة من أجل حماية الأفضلية التي تتمتع بها فيما يخص أسعار الغاز الجزائري ومصالحها وأسواقها المتعددة".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: الیمین المتطرف بین البلدین أقصى الیمین مشیرا إلى

إقرأ أيضاً:

حزب اليمين الاسرائيلي يعلن شروطه للموافقة على صفقة السلام

بغداد اليوم - متابعة

كشفت شبكة (CNN) الامريكية، اليوم الخميس (16 كانون الثاني 2025)، عن أسباب تعطل موافقة النظام الإسرائيلي على صفقة السلام التي توصل اليها الوسطاء بين إسرائيل وحماس، مؤكدة ان حزب اليمين المتطرف الذي يقوده وزير الاقتصاد بيزازيل سموتريتش، قدم شروطا لزعيم نظامه بنيامين نتنياهو وصفتها بــ "الصعبة". 

وأوضحت الشبكة بحسب ما ترجمت "بغداد اليوم"، إن "الحزب المتطرف الذي يقوده سموتريتش ويسيطر الان على حكومة نتنياهو، ابلغ الأخير انه سيوافق على صفقة السلام تحت شرط العودة الى الحرب مرة أخرى في غزة بعد مدة لا تزيد عن 42 يوما تضمن خلالها إسرائيل اطلاق سراح اسراها بالكامل". 

الشبكة اكدت، أيضا أن "حزب اليمين المتطرف هدد نتنياهو بــ "الانسحاب" من الحكومة الإسرائيلية في حال رفضه الشروط أعلاه، الامر الذي قالت انه سيقود الى انهيار الحكومة الحالية، موضحة أن "نتنياهو بحاجة الى حزب اليمين المتطرف للاستمرار في السلطة وفي حال انسحابه فان إسرائيل ستضطر الى الدخول في ازمة سياسية تؤدي الى انتخابات مبكرة تفقده مقاليد الحكم". 

وأشارت الشبكة الى ان "الصفقة التي قد تنهار  قبل الشروع بتطبيقها"، ما تزال تحظى بما وصفته بــ "امل" داخل النظام الإسرائيلي، مؤكدة ان "زعيم حزب المعارضة الإسرائيلية ياير لابيد، وعد نتنياهو بدعمه في الكنيست الإسرائيلي للاستمرار في السلطة في حال انسحاب اليمين المتطرف، مشددة على ان الجدل ما يزال مستمرا حتى اللحظة داخل وزارة الحرب الإسرائيلية". 

يذكر أن الوسطاء القطريين اعلنوا التوصل أمس الى اتفاق يقضي بوقف اطلاق النار بين إسرائيل وحماس بعد موافقة الأخيرة على الشروط كاملة، الامر الذي نفته الحكومة الإسرائيلية التي "عطلت" من الموافقة على بنود الصفقة تحت ادعاء "رفض اطلاق سراح بعض الأسماء بين الاسرى الفلسطينيين الذين طلبتهم حماس بدلا عن الاسرى الإسرائيليين".

مقالات مشابهة

  • حزب اليمين الاسرائيلي يعلن شروطه للموافقة على صفقة السلام
  • فرنسا تدرس الرد على التصريحات الجزائرية مع تصاعد التوترات
  • مع تصاعد التوتر.. باريس: لا مصلحة لفرنسا والجزائر في زيادة التوتر الدائم
  • مجلس الأمة: تكالب اليمين المتطرف الفرنسي على الجزائر تعكس حقده
  • لوموند: رياح سيئة تهبّ على العلاقات الفرنسية الجزائرية.. ويجب الحزم والهدوء
  • كأس العالم لليد.. خسارة قاسية للجزائر أمام الدنمارك
  • “وأج” ترد على دعوات اليمين المتطرف الفرنسي ومسؤولين في الحكومة الفرنسية لفرض عقوبات على الجزائر
  • السيسي يهنئ نظيره التشادي على إجراء الانتخابات التشريعية
  • زعيم اليمين الفرنسي المتطرف يدعو بروكسل لاتخاذ موقف بشأن الجزائر ويقول يجب وقف الهجرة وقطع المساعدات
  • انتخابات ألمانيا القادمة: تحدي اليمين المتطرف