ستدفع إيران ثمن حرب صنعتها
تاريخ النشر: 1st, July 2024 GMT
آخر تحديث: 1 يوليوز 2024 - 9:42 صبقلم:فاروق يوسف غالبا ما تجري تفاهمات غير مبرمة وغير ملزمة في الوقت نفسه بين قوى ترى أن الحرب بين بعضها والبعض الآخر ضرورية ولكن يمكن التنفيس عنها بأسلوب غير مباشر. وهو أسلوب الصدام غير المباشر. وهو ما تقوم عليه قواعد الاشتباك بين إسرائيل وإيران، بالرغم من أن الطرفين قد يخططان لمشروع صداقة بعيدة المدى لولا أن أحدهما لا يثق بالطرف الآخر.
إسرائيل من جهتها تستبعد من أجندتها شبح جيرة يسعى الإيرانيون إلى فرضها عليها من خلال فرض الأمر الواقع في لبنان من خلال حزب الله وفي سوريا بسبب ضعف النظام وشيء من ذلك القبيل من خلال ميليشياتها (الحشد الشعبي) في العراق وقبلهم جميعا من خلال حركة حماس في غزة التي لن يتضح بعد مصيرها المرتبط بنتائج الحرب المدمرة التي تشنها إسرائيل على أهل غزة. وهي حرب يدعمها الغرب بكل أدواته ووسائله. أما الإيرانيون فإن صبرهم الطويل يؤهلهم للاستمرار في تلك الحرب البديلة التي لم تؤثر على مشروعهم في الهيمنة على المنطقة، بل العكس هو ما حدث. لقد هدتهم فكرة الحرب غير المباشرة إلى اختراع وسائل لإنعاش تمددهم وانتشارهم في المنطقة. تتمثل تلك الوسائل في الميليشيات التي زرعوها في محيط العالم العربي بدءا من لبنان وانتهاء باليمن مرورا بالعراق ليكتمل القوس بحماس التي كانت آخر المنضمين إلى حربها.وإذا ما كان الظرف السياسي المحبط والمرير الذي مرّ به العالم العربي منذ احتلال الكويت عام 1990 وانتهاء العراق دولة مؤثرة في المنطقة بعد حربين مدمرتين (بين عامي1991 و2003) قد ساعد إيران على توسيع نطاق حربها وتنويع وسائلها، فإن إسرائيل لم تكن محرومة من مكرمات ذلك الظرف الذي أطلق يدها في الانفراد بالفلسطينيين كونهم قد فقدوا الجدار العربي الذي كانوا يستندون عليه، كما أنهم عرضوا أنفسهم بعد اتفاقية أوسلو باعتبارهم ضحية لا غطاء لها. ولم يكن الإيرانيون في كل السنوات التي مرت قبل حرب غزة قد دخلت إلى الساحة الفلسطينية طرفا بديلا عن الطرف العربي الذي استبعده الفلسطينيون غفلة. هل كان لديهم خيار آخر في ذلك الجو المشحون كراهية للعرب؟ ذلك السؤال يمكن تأجيل النظر فيه طالما أن هناك حربا في غزة، لم تعلن إيران عن مسؤوليتها عنها غير أن حركة حماس وهي التي أشعلتها لا ترى في الإعلان عن تلك المسؤولية ضرورة وهي التي قطعت بنفسها علاقة غزة بالقضية الفلسطينية وفي الوقت نفسه لم تكفّ عن النظر إلى الأطراف العربية المعنية بتلك القضية بطريقة عدوانية. لم تذهب حركة حماس أبعد مما ذهب إليه حزب الله في إعلان قطيعته مع العرب، لكنها كررت الخطأ الذي ارتكبه الحزب في حرب 2006، في ظل شعور بأن إسرائيل ستتأمل منافع تلك القطيعة التي ستزيد من منافعها. مشكلة وكلاء إيران في المنطقة تكمن في أنهم فقدوا المسافة التي تفصل بين مصالحهم والمصلحة الإيرانية فصاروا مجرد خدم لتنفيذ فقرات المشروع التوسعي الإيراني بعد أن فقدوا المعيار الوطني الذي يستندون إليه في تنفيذ شعاراتهم التي تنطوي على الكثير من الخداع والتضليل. فإيران باعتبارها دولة دينية لا يهمها النضال الوطني الفلسطيني في شيء كما أنها لا تنظر بقدر من الاحترام إلى ما يسمّيه الفلسطينيون بالوصاية العربية على القضية الفلسطينية. لقد حرصت حركة حماس على أن تصدم العالم العربي بوصاية إيرانية تتخطى القضية الفلسطينية إلى أهداف، ليس من بينها أن يكون العرب حاضرين في أيّ مفاوضات مستقبلية مع إسرائيل. في ظل الحرب غير المباشرة القائمة هناك تخادم بين الطرفين لا يعني بالضرورة أنهما ملتزمان بشكل كلي بقواعد الاشتباك في انتظار اللحظة التي يشعران فيها أنهما قد اقتربا من الوقت المناسب لإعلان قدرتهما المشتركة على إعادة رسم خريطة المنطقة. لقد خرقت إسرائيل تلك القواعد غير مرة. يوم قصفت محيط السفارة الإيرانية وقتلت واحدا من أهم جنرالات إيران مثلا. في المقابل فإن وكلاء إيران في اليمن يشكلون خطرا على الأمن العالمي من خلال استمرارهم في استهداف السفن التي تمر بالبحر الأحمر.ولكن الحرب بالوكالة قد لا تكون دائما مصدر شعور بأن الأمور ستظل تحت السيطرة. ذلك لأنها حرب ميليشيات من الجبهة الإيرانية. وهي بالنسبة إلى الجبهة الإسرائيلية لا تزال حربا استخبارية. وليس من المستبعد أن تشهد المنطقة حربا مدمرة لن تكن إيران في منأى عنها كما تحلم.
المصدر: شبكة اخبار العراق
كلمات دلالية: حرکة حماس من خلال
إقرأ أيضاً:
من بحري إلى بيالي: قصة الموسيقار اللاجئ الذي يبحث عن الأمل في المنفى
في مدينة بيالي الأوغندية، بعيدًا عن ضجيج الحرب وضياع الأحلام في السودان، يروي آلاف اللاجئين السودانيين قصصهم التي تتأرجح بين المعاناة والنجاح في المنافي القسرية. من بين هؤلاء، تبرز حكاية الموسيقار سعود، الذي كان يسكن منطقة الخوجلاب بمدينة بحري قبل أن تدفعه الحرب إلى مغادرة وطنه، تاركًا خلفه ذكريات عمر كامل، ليبدأ رحلة جديدة في معسكرات اللجوء.
كمبالا: التغيير
الحرب التي تجاوزت عامًا ونصف أجبرت آلاف الأسر السودانية على النزوح القسري، حيث بحثوا عن الأمان داخل البلاد وخارجها. يعيش معظمهم في ظروف إنسانية صعبة، تعكس حجم المعاناة التي فرضها النزاع على حياتهم اليومية.
سعود، المتخصص في العزف على البيانو والجيتار والكمنجة، يصف مسيرته الفنية بأنها رحلة امتدت لأكثر من ثلاثة عقود، بدأت منذ طفولته في الحفلات المدرسية، واستمرت بالدراسة في معهد الموسيقى والمسرح، الذي أصبح لاحقًا كلية الموسيقى والدراما بجامعة السودان.
لحظة قاسيةيقول سعود: “الموسيقى كانت جزءًا من حياتي حتى قبل الحرب، لكن النزوح أضاف لها أبعادًا جديدة. رغم أصوات الرصاص التي أحاطت بنا، كانت الموسيقى دائمًا بداخلي؛ المعاناة كانت مصدر إلهام، وبدل أن تقيدني، فتحت لي آفاقًا للإبداع”.
عبر سعود مع أسرته الحدود إلى أوغندا، متجهًا إلى معسكر نيومانزي عبر منطقة اليقوا بجنوب السودان. يصف لحظة وصوله بأنها كانت قاسية: “كنا في حالة مزرية، وكانت ذكريات الوطن تطاردني. تركنا خلفنا كل شيء، ووجدنا أنفسنا أمام واقع جديد تمامًا”.
وسط هذه الظروف، كانت الموسيقى طوق النجاة. أطلق سعود مبادرة لدعم اللاجئين نفسيًا عبر الموسيقى، حيث شكّل فرقًا صغيرة من الأطفال والشباب لتقديم جلسات غنائية ودعم نفسي. يروي سعود: “في أول حفل نظمته، رأيت الدموع في عيون الناس، خاصة النساء. قالوا لي إن الأغاني أعادتهم إلى السودان، فبكيت معهم”.
تدريب الأطفالرغم التحديات، استمر سعود في تقديم تدريبات موسيقية للأطفال والشباب، على الرغم من انعدام الكهرباء وضيق المساحات في المعسكر. أنتج ست مقطوعات موسيقية خلال إقامته، لكنه لم يتمكن من تدوينها لعدم توفر النوتات الموسيقية.
يعاني اللاجئون السودانيون من أوضاع نفسية صعبة، حيث تلاحقهم ذكريات الفقد والنزوح القسري. ورغم ذلك، يواصل الكثيرون، مثل سعود، صناعة الأمل وسط الألم.
يقول سعود: “الموسيقى ليست مجرد وسيلة ترفيه، بل هي رسالة أمل وسلام. سأستمر في استخدامها لتوحيد السودانيين وإعادة بناء الوطن”. في معسكرات اللجوء، تبقى أصوات الفنانين السودانيين شاهدًا على قدرة الإنسان على تحويل الألم إلى إبداع، وعلى قوة الموسيقى في خلق حياة جديدة حتى وسط أقسى الظروف.
الوسومآثار الحرب في السودان اللاجئين السودانيين في يوغندا معسكر بيالي للأجئين يوغندا