لبنان ٢٤:
2024-07-03@05:34:54 GMT

ما بين المناظرة الأميركية والمنازلة اللبنانية

تاريخ النشر: 1st, July 2024 GMT

ما بين المناظرة الأميركية والمنازلة اللبنانية

مَنْ تابع المناظرة الرئاسية الاميركية بين المرشحين جو بايدن ودونالد ترامب اعتقد للوهلة الاولى أنها بين أثنين من الطبقة السياسية اللبنانية. الفرق أن اللغة مختلفة، وإن كان المضمون مشابهًا للحوارات على شاشات التلفزة اللبنانية، التي تكثر هذه الايام بين الاضداد. وقد يكون المقصود من معدّي البرامج الحوارية اللبنانية استقبال ضيفين لا يجمع بينها سوى التناقض في المواقف، التي لا تخلو من شحذ لكمّ هائل من الحقد والكراهية، وذلك بهدف كسب أكبر نسبة من المشاهدة، غير آبهين بما يمكن أن يتركه هذا النوع من "التوك شو" من آثار سلبية على مختلف شرائح المجتمع، وبالأخص على الشباب، الذين كفروا بكل شيء، ولم تعد تنطلي عليهم الوعود الكاذبة، التي تُطلق من هنا وهناك، وهم قد أصبحوا في عالم آخر في زمن "الذكاء الاصطناعي".


فما شهدنا في تلك المناظرة بين مرشحين لرئاسة أكبر دولة، وما فيها من اسفاف، لم يكن غريبًا على الجمهور اللبناني الذي اعتاد على هكذا مناظرات، ولكن بنكهة لبنانية، مع ما فيها من تناقضات ومن كمّ هائل من الحقد. ولولا الحياء لكانت تحوّلت الشاشات إلى حلبات للمصارعة، وقد شهدنا أكثر من حفلة "خبيط" بين من يسمّون أنفسهم محاورين، وهم لا يعرفون من هذه الكلمة سوى ما له علاقة بالتهشيم والتهديم وبث أجواء من اليأس.
فإذا كانت هذه هي الحال مع متحاورين أثنين فهل يمكن أن نتصوّر كيف سيكون عليه وضع المتحاورين، الذين سيدعوهم الرئيس نبيه بري إلى جلسات حوارية متى تأمّن له العدد الكافي وهو 86 نائًبًا، إلا إذا كان شكل الحوار بين متفقين على كل شيء تقريبًا حتى على اسم المرشح على رئاسة الجمهورية.
المشكلة الأساسية في أي حوار، سواء أكان بين أثنين أو أكثر، هي في كيفية إدارته، إذ يُفترض بمن يتولى هذه المهمة أن يكون محايدًا وحكمًا، لأنه متى انحاز إلى رأي فريق على حساب رأي الفريق الآخر تضيع الطاسة، ويصبح الحوار تراشقًا بالاتهامات والتخوينات المتبادلة، ومحاولة من قِبل كل طرف لإقناع الآخر بوجهة نظره، واللجوء إلى الصوت العالي واستخدام مفردات لم نسمعها في الحوارات الراقية كالمناظرة الشهيرة على سبيل المثال بين العميد ريمون أده والوزير بهيج تقي الدين.
فعن أي حوار نتكلم إذا كان كل فريق من الأفرقاء اللبنانيين المتباعدين عن بعضهما البعض كبعد الأرض عن القمر يعتقد أنه يملك كل الحقيقة، ويرى أن الفريق الآخر هو دائمًا على خطأ فيما هو وحده على صواب. هذا هو الواقع، الذي يجعل التنافر بين هذين الفريقين حالًا مستدامة. وهذا ما يعطّل كل شيء في البلاد. المشكلة أن كل فريق من هذين الفريقين يعتبر أن "بيو أقوى من بيّ الثاني". والأدهى من كل ذلك أن لا أحد منهما على استعداد للتنازل عن بعض مما يعتقده صحًّا. فلو تنازل كل فريق عن بعض هذه الاعتقادات، وتقدّم خطوة في اتجاه الآخر لملاقاته عند منتصف الطريق لأصبح الوضع أفضل مما هو عليه الآن، ولأصبح للجمهورية رئيس توافقي بكل ما لهذه الكلمة من أبعاد ومعانٍ، خصوصًا أن المرشحين الإثنين المطروحين من قِبل محور "الممانعة" أو من قِبل محور "المعارضة" لن يحظيا بالإجماع المطلوب إلا إذا تغيّرت المعادلات الدولية والإقليمية عند تقاطع ما في المفاوضات الأميركية – الإيرانية. وهذا الأمر مستبعد حاليًا أقّله إلى ما بعد الانتخابات الأميركية في ضوء ما أسفرت عنه المناظرة بين مرشحي الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري، مع أرجحية واضحة لترامب على خصمه الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن.
فما دام كل من فريقي "الممانعة" و"المعارضة" غير مستعدين لتقديم أي تنازل في ما خصّ الاستحقاق الرئاسي، سواء بالنسبة إلى الذين يطالبون بالحوار قبل الجلسات الانتخابية، أو بالنسبة إلى الذين يتمسكّون بتطبيق حرفية الدستور لإتمام هذه العملية بما يسمح بانتخاب رئيس وفق ما تقتضيه الآليات الديمقراطية السليمة، على أن تلي هذه العملية ترجمة فعلية لهذه النتيجة، بحيث أن الأكثرية تحكم فيما تقوم الأقلية بممارسة دورها في المعارضة كما هي الحال في معظم الدول الديمقراطية.
هي مجرد أفكار من المؤكد أنها لن تلقى ترجمة على أرض الواقع. المصدر: خاص- "لبنان ٢٤"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

محمد سليم شوشة: التحديات الثقافية صعبة ومصيرية وليست رفاهية

قال الدكتور محمد سليم شوشة، أستاذ الأدب العربي بجامعة الفيوم والروائي والناقد الأدبي، إن التحديات في الفترة الراهنة هي ثقافية صعبة ومصيرية وليست من باب الرفاهية، ما يعظم من الدور المنتظر من الثقافة، لأننا نواجه مخاطر فكرية وثقافية ترتبط بالهوية وزعزعة الهوية والغزو الفكري، الأمر الذي يعظم من الدور المنتظر من الثقافة، مؤكدًا أن الثقافة في الوقت الراهن ساحة مواجهة حقيقية وليست مجازا.

وأضاف «شوشة» في تصريحات لـ«الوطن»: «الثقافة والروح الوطنية الداخلية والوعي هي ما حمى مصر بعد نكسة 67، أي أن الثقافة كانت المادة الحافظة للمجتمع، والوزير هو مسؤول الثقافة الأول في مصر، ويفترض به أن يكون واعيًا لمحاولات تقليص الدور المصري في المنطقة، وكذلك العمل على تنظيم النخب الثقافية المصرية، لأن هناك نخب ذات اتجاهات بعينها، خاصة أن هناك هيمنة لاتجاهات أصولية ورجعية على الثقافة».

وأوضح: «بكل صراحة هناك بعض التيارات الرجعية اتجهت للثقافة في النشر والصالونات والملتقيات وبعضها مدعوم من اتجاهات خارجية، وهذه التيارات تكرس لاتجاهات رجعية في الثقافة المصرية، من هنا على الوزير أن تقدم نشاطا حقيقيا وتكليف المسؤولين بعمل أنشطة ثقافية في قطاعات الوزارة لصناعة ثقافية حقيقية».

وأكمل «شوشة»: يجب التركيز على الدور الإيجابي لقصور الثقافة خصوصا المسرح، وليس بصورة وظيفية عادية، مؤكدا أن فكر الموظف الحريص على موقعه هو الذي يدمر الثقافة، وبالتالي التجريف في المؤسسات الثقافية، وإنما نحتاج في هذا التوقيت لنوعية مدير العمل الثقافي المبدع لديهم هم وشاغل ثقافي والقدرة الإدارية.

شوشة: ضرورة التكامل بين الثقافة والوزارات المعنية

وأشار إلى أن المؤسسات المعطلة أو المجمدة (ترك الملعب فارغًا)، تصنع حالة من الفراغ تساعد الآخر على اختراق المجتمع، مع ملاحظة أن الآخر هذا قد يكون بلا هوية وطنية أو بتوجه رجعي، وولابد أيضا من التكامل ما بين الثقافة والوزارات الأخرى التي لها أدوار متصلة بالثقافة خاصة وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي، بحيث لا تقتصر على برتوكولات التعاون ولكن بوجود رؤية وخطة عمل مشتركة قوية تبدأ من الجامعات والمدارس، وإمكانية لتطبيقها على أرض الواقع.

مقالات مشابهة

  • لبنان تتهم مطلق النار على السفارة الأمريكية بالانتماء لتنظيم الدولة
  • لبنان توجّه لمطلق النار على السفارة الأميركية تهمة الانتماء إلى داعش
  • محمد سليم شوشة: التحديات الثقافية صعبة ومصيرية وليست رفاهية
  • حرارة دموع كريستيانو تشعل التواصل الاجتماعي: الجانب الآخر من القصة (فيديو)
  • قرارات حوثية خطيرة منها توجية إتهامات جديدة للصحافيين وطلاب الإنجليزية والمبتعَثين بالجاسوسية
  • تصاعد الاعتراض الداخلي على الحرب.. قوى المعارضة تطالب بتسليم الجيش فورا
  • خالد داوود: الإخوان كانوا يروجون لأنفسهم في الكونجرس كمتسامحين ويحترمون الآخر
  • المعارضة: ندعو إلى عقد جلسة مناقشة نيابية لموضوع الحرب الدائرة في الجنوب
  • النشيد الإسرائيلي كمرآة لبغض وحقد مُتجذِّر