أثير – عبدالرزّاق الربيعي

رغم أنّ الستار أسدل على فعاليات مهرجان جرش للثقافة والفنون بدورته الـ37، التي انطلقت يوم 26 يوليو الماضي، تحت شعار “ويستمر الفرح”، إلّا أن الأفراح في المملكة الأردنية التي رافقت زفاف ولي العهد الأردني الأمير الحسين بن عبد الله الثاني الذي أقيم بداية شهر يونيو الماضي، ومنها استمدّ المهرجان شعاره، ستظلّ مستمرّة، فصيف عمّان الذي يستقطب آلاف السيّاح سنويّا، مزدحم بالأنشطة والفعاليات الثقافية والفنية، وكأنّ العاصمة الأردنية لا تريد لمهرجان الفرح أن ينتهي، فقد صار علامة بارزة من علاماتها، و”ظاهرة من الظواهر الثقافية البارزة في المنطقة” كما وصفها الإعلامي جورج قرداحي، وقد تابعتُ فعالياتها، منذ سنوات بعيدة، حضورا، ومساهمة في أنشطته الإعلامية، ومشاركا، وتابعت مسيرته، التي بلغت ذروة عالية في التسعينيات حين كان المهرجان تحت إدارة معالي الشاعر الراحل جريس سماوي، وظلّ يقاوم الظروف التي مرّت بها المنطقة، وعبرها، محافظا على اسمه، وسط توقّف وتراجع العديد من المهرجانات العربية.

ولم تقتصر أنشطته على مدينة “جرش” التاريخية التي يعود إنشاؤها إلى زمن حكم الإسكندر الأكبر في القرن الرابع قبل الميلاد، بل توزّعت في مناطق عدّة من بينها: مادبا، والفحيص، والمفرق، وإربد، والزرقاء والكرك، والعاصمة عمّان، التي احتضنت معظم الفعّاليات الثقافية، والجلسات الشعرية والندوات، التي أقيمت على مسارح: المركز الثقافي الملكي، والروماني، ومنتدى عبد الحميد شومان، ورابطة الكتاب الأردنيين، واتحاد الكتاب والأدباء الأردنيين، ودائرة المكتبة الوطنية، والجامعة الأردنية، في حالة مثلى من الشراكة بين المؤسسات الثقافية، هذه الشراكة شملت العديد من الوزارات والهيئات الثقافية المحلية، ولم أستغرب عندما سخّرت مديرية الأمن العامّ سياراتها لاستقبال، وتأمين تنقلات ضيوف المهرجان، وقد غمرنا، نحن المشاركين، إحساس بأنّ هناك شعور عام لدى الأردنيين بالمسؤولية، جعل من المهرجان، يتجاوز كونه مهرجان مدينة ليكون مهرجان دولة، متجاوزا الأطر الضيّقة إلى آفاق أكثر رحابة، كونه واجهة حضارية تعكس ثقافة البلد بأبعادها التاريخية، وينشّط الجانب السياحي، ويعرّف المشاركين بمناطق الأردن، وهذا ما تحرص عليه مهرجانات دولية تقام في أنحاء متفرقة من العالم.

هذا التنوّع لم يتوقّف عند تعدّد الأمكنة، بل امتدّ ليشمل الأنشطة نفسها، فاعتاد جرش سنويا أن يقيم العديد من الفعاليات الفنية، والأمسيات الموسيقية، والمسرحيات والحفلات الغنائية والمعارض التشكيلية، والجلسات الشعرية، والنقدية، والندوات.

ومثلما احتفى المهرجان بدورة هذا العام، محليا، بمئوية مدرسة السلط، التي شُيّدت العام 1918، احتفى بالثقافة المصرية، عربيا، حين حلّت مصر “ضيف شرف” على المهرجان، من خلال إقامة مجموعة من الفعاليات الفنية والثقافية والندوات الفكرية، ساهمت فيها شخصيات فنية وثقافية وإعلامية مصرية.

وقد عقد المهرجان ندوتين، الأولى بعنوان: “الإعلام والقدس”، والثانية ناقشت “مفهوم الدراما وأهمية نقل الواقع المعاش للجمهور”، إلى جانب مؤتمر نقدي تناول محور الأدب الشعبي، فالفكر كان حاضرا جنبا إلى جنب مع الفن، والثقافة.

وقد أتاح المهرجان للعوائل الأردنية والمقيمة والسيّاح، فرصة حضور حفلات النجوم الذين أحيوا حفلات غنائية في مسارح مدينة الأعمدة، إلى جانب استضافة فرق فنية شعبية عربية، وأجنبية، وقدّمت عروضا فولكلورية راقصة، في مسارح جرش؛ الجنوبي والساحة الرئيسة و الشمالي، إلى جانب ثلاثة مسارح في شارع الأعمدة، التي يتجاوز عدد أعمدتها الألف عمود، قدّمت فعاليات خصّصت للأطفال الذين أفردت لهم إدارة المهرجان مساحة واسعة من خلال تقديم مسرحيات، بعضها ينتمي لمسرح الحكواتي والألعاب المسلّية والموسيقى، والغناء والرسم على الوجوه، وتجسيد شخصيات كارتونية، وفعالية المكتبة المتنقلة التي تشجع الأطفال على القراءة إلى جانب سمبوزيوم جرش للأطفال (في كل بيت فنان) فللفن التشكيلي مساحة في (جرش)، حيث أقيم “سمبوزيوم الفن التشكيلي”، بمشاركة محلية وعربية وعالمية، واستضاف المهرجان أيضاً تشكيليات لبنانيات تزيد أعمارهن عن 70 عاماً في ملتقى (عبق اللون)، إلى جانب فعاليات أخرى عديدة، ولكي يكون الحضور متاحا للجميع جعلت إدارة المهرجان دخول الجمهور، لمعظم الفعاليات بدون تذاكر، مع حجز المقاعد المجاني المسبق، لبعضها، عبر موقع المهرجان، كذلك وفّرت فرصة للجمهور لحضور حفلات النجوم، عندما خفّضت قيمة التذاكر لتكون بحدود (28 دولارًا)، فهدفها من إقامة هذه الحفلات، كما صرّحت، ليس ربحيا، إنما صنع فرحة للعوائل لقضاء وقت ممتع في إجازة الصيف، ولمن لم يتمكن من الحضور، استطاع متابعتها عبر البث المباشر لمعظمها باستثناء بعض حفلات نصّت الاتفاقيات المبرمة مع النجوم على عدم بثّها، ليواصل (جرش) مسيرته التي بدأت سنة 1981م وستظل مستمرّة، إن شاء الله، مادامت هناك إرادة وطنية سخّرت كلّ إمكانياتها لنجاح المهرجان، واستمراريته.

المصدر: صحيفة أثير

كلمات دلالية: إلى جانب

إقرأ أيضاً:

مهرجان العين للكتاب يدشن جدارية “ضواحي العين” الرقمية

خصص مهرجان العين للكتاب في دورته الـ15 جدارية خاصة لمبادرة “ضواحي العين”، أول منصة رقمية تهدف إلى نشر ثقافة مدينة العين، وحفظ موروثها الشعبي المستمد من العادات والقيم العربية الأصيلة.

وتسهم المنصة في الالتقاء بجمهور المهرجان والتواصل معهم، ونقل تجاربهم عبر مقابلات مصورة لتحقيق التلاحم المجتمعي، كما أنه سيسمح بمشاركة الفيديوهات بين حساب المهرجان والمنصة في إطار خطة ترويجية شاملة.

ويسعى المهرجان من خلال هذه المبادرة لاستقطاب مبادراتٍ متميزة تعنى بالموروث الشعبي، وتسلّط الضوء على المواهب الشابة، والأفكار الخلاقة التي ترفع الوعي وتنهض بالمجتمع المحلي.

وأوضحت أريام الكعبي، صاحبة فكرة المنصة ومديرتها، أن “ضواحي العين” مبادرة تطوعية انطلقت في يوليو الماضي بجهود 27 شابا إماراتيا من أهالي المدينة، لتبدأ أنشطتها بتدشين صفحة على تطبيق “إنستغرام”، تهدف إلى نشر الأفكار والقيم والقصص الفريدة التي تختص بها منطقة العين.

لفتت إلى أن القصص التي تم رفعها عبر الحساب حققت خلال شهر واحد من إطلاقها 5 ملايين مشاهدة.

وقالت إن مشاركتنا في المهرجان بأول جدارية مجتمعية رقمية تعرض قصصا من المجتمع العيناوي، وتبرز أهم عاداته وتقاليده الأصيلة، تهدف إلى إتاحة الفرصة أمام الزوار لمشاركة تجاربهم، ونتوقع نجاح الجدارية لأنها عمل محترف قام به شباب موهوبون، ومدربون في أكاديمية الإعلام الجديد، وحظي بدعم فعالية كبيرة بحجم المهرجان.

وأضافت أن المنصة أطلقت مبادرات عدة من بينها “جارنا في دارنا”، والتي تبرز أهمية علاقة الجار بالجار، وقد حققت تفاعلاً كبيراً بين أهالي المدينة ما شجعنا لإطلاق مبادرة “ضواحينا تزهى بأعلامنا” بمناسبة يوم العلم، والتي دعمتها العائلات ماديا وتطوعيا، وهناك مبادرة “صنع في العين”، التي تحفز ريادة الأعمال الرقمية من خلال دعم مشاركتها في المعارض والمؤتمرات”.

وأكدت العزم على إطلاق أول خلوة مجتمعية رقمية لأهالي العين لحثهم على إبداء آرائهم في أداء المنصة الرقمية تمهيدا لتطوير إستراتيجيتها.

وقال إبراهيم البلوشي، مدير العمليات والتخطيط الإستراتيجي للمنصة، إن خططها المستقبلية تشمل تطوير بيئة العمل، وتوزيع الأدوار، وتوظيف الكفاءات، والاستجابة السريعة لأي تغييرات قد تطرأ، في سبيل تمثيل العين خير تمثيل.

وأضاف أن الهدف هو عكس ثقافتنا وحضارتنا وتطبّيق ما تعلمناه من قيم وموروث ثقافي أثناء عملنا، ومنحتنا المشاركة في مهرجان العين للكتاب، فرصة تقديم أول جدارية رقمية متنقلة ، تطرح أسئلة إجاباتها من الموروث الشعبي، كما ساعدتنا المشاركة في ترسيخ الأصالة، خاصة وأن مدينة العين تمتاز بتمسكها بالموروث الشعبي العريق، وأنها “أوسع لك من الدار” وهو شعار المهرجان الدائم”.وام


مقالات مشابهة

  • “راست” يعرض عالمياً وسط جدل وإحياء لذكرى هالينا هاتشينز
  • اختتام فعاليات مهرجان الشهيد وتكريم الفائزين في المسابقات الثقافية
  • “البديوي”: نشيد بالجهود التي تبذلها وزارات الدفاع بدول المجلس لتبادل الخبرات والتجارب
  • “دو” تشارك رسمياً في مهرجان “تنوير” الافتتاحي بالشارقة كراعي لـــ “INGIS Plus”
  • د. مروان المعشر يكتب .. ترامب والخيارات الأردنية
  • “مهرجان الأقصر للشعر” يتواصل وسط زخم إبداعي
  • “الثقافي البريطاني” يعزز العلاقات الثقافية بين الإمارات وبريطانيا
  • “زين” تُسلّط الضوء على إبداعات صُنّاع الأفلام الكويتيين
  • مهرجان العين للكتاب يدشن جدارية “ضواحي العين” الرقمية
  • “علاقات الشارقة” تعزز الروابط الثقافية الراسخة مع فرنسا