جهود التهدئة تسابق الحرب في ظل الانشغالات الدولية
تاريخ النشر: 1st, July 2024 GMT
تثير المواجهات المتصاعدة جنوب لبنان القلق الشديد من إمكان اندلاع حرب حقيقية تمتد إقليميا وتشكل أخطر مرحلة عاشها لبنان منذ تأسيسه، لأنها قد تعيد النظر في رسم خريطة منطقة الشرق الأوسط الذي تعاني دوله وضعا هشا للغاية.
وكتب مراسل" النهار" في فرنسا سمير تويني: تعتبر مصادر مطلعة في باريس أن الوضع السياسي اللبناني في حالة موت سريري، فموضوع رئاسة الجمهورية غير ناضج ولا حلول سريعة يمكنها وقف المواجهات في الجنوب.
وتعتبر المصادر أن انتخاب الرئيس مرتبط بنتائج المواجهات العسكرية على جانبي الخط الأزرق، والمبادرات الأميركية والفرنسية لم تؤد إلى فصل الملفين الرئاسي والعسكري وإلى تفاهم ينتج وقف القتال المرتبط بوقف الحرب في غزة. وتلاحظ أن لتكثيف التصعيد على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية هدفين: الأول عسكري لتحضير الجبهة لحرب شاملة على لبنان إذا اتخذ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قرار الحرب، والثاني ديبلوماسي للضغط على "حزب الله" وتهديد لبنان بحرب مدمرة لفرض حل ديبلوماسي يضمن وقف المواجهات والتزام القرار ١٧٠١ وانسحاب مقاتلي الحزب الى ما وراء الليطاني لتأمين سلامة المنطقة الشمالية لإسرائيل.
وتشير الى أن القيادات الإسرائيلية أعلنت أنها لا تريد الحرب وتفضّل التوصل الى تسوية لعودة سكان شمال إسرائيل.
وتضيف أن الطرفين لا يريدان الذهاب الى حرب شاملة مدمرة، ولكن في غياب أي حل ومع استمرار التصعيد يبقى احتمال نشوبها قائما، وهذا ما يسعى الموفدون الغربيون إلى إبلاغه للسلطات اللبنانية. والواقع أن الولايات المتحدة التي تحاول منع إسرائيل من توسيع الحرب إلى لبنان ستضطر إلى دعم إسرائيل في حال نشوبها، باعتبار أنها ستتحول إلى حرب إقليمية تشارك فيها قوى الممانعة ضد إسرائيل.
وتلاحظ المصادر أن مستوى التهديد والتصعيد الإسرائيلي بشن حرب على لبنان وصل الى مستويات عالية، وهذا التصعيد ليس فقط تهويلا لزيادة الضغط على "حزب الله"، بل هناك مخاوف حقيقية لدى عواصم عديدة من قيام إسرائيل بعمل عسكري خلال الأسابيع المقبلة.
وتشير إلى أن التصعيد سيستمر وستتضح المعالم بعد زيارة نتنياهو لواشنطن في ٢٤ تموز الجاري، لأن هناك شروطا مفروضة على إسرائيل من واشنطن التي ترفض تسليمها أسلحة صاروخية ثقيلة ستستخدمها في حربها على لبنان.
وتقول المصادر إنه لا يمكن المراجع في لبنان تجاهل التحذيرات الدولية ومضمونها في ظل استحقاقات دولية من اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، والانتخابات التشريعية الفرنسية التي ستحد من صلاحيات الرئيس إيمانويل ماكرون، ثم الانتخابات البريطانية، وهذه التحولات قد تغير العديد من المعطيات في ظل استمرار الربط بين ما يجري في الجنوب والحرب في غزة.
لذلك فإن التحرك الذي قام به الزائر الرسولي بيترو بارولين، رغم صفته الرسولية، هدفه حض الأطراف المسيحية تحديدا على انتخاب رئيس في أسرع وقت لاستعادة التوازن الطائفي والدستوري المفقود في ظل التغيرات التي ستشهدها منطقة الشرق الأوسط.
وانتخاب الرئيس المسيحي الوحيد في المنطقة يتطلب إرادة مسيحية جامعة تقدر عواقب استمرار الفراغ الرئاسي على مستقبل لبنان، ويعود إلى هذه القوى اتخاذ موقف موحد من الفراغ قبل أن تتحول الاهتمامات الدولية الكبرى والمؤثرة الى اتجاهات أخرى تؤدي الى تأخير الحلول المنشودة. فالحل قابل للتحقق في حال احترام طرفي النزاع القرارات الدولية وبلورة حل سياسي يحظى بتعاط جدي من الطبقة السياسية لسد الفراغ وتأليف حكومة فاعلة تطبق الإصلاحات الضرورية، فيما الحديث يدور عن حل سياسي وشيك في سوريا توازيا مع حل مستدام في الأراضي الفلسطينية والمنطقة عموما.
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
من كانت تقاتل إسرائيل في غزة؟
د. أحمد بن علي العمري
تدخلت حركة حماس مع حركات المقاومة الفلسطينية الأخرى في السابع من أكتوبر 2023 في غفوة من النظام الإسرائيلي باستخباراته وقوته، وأسرت العديد من الجنود والمجندات الإسرائيليين وحتى بعض المدنيين، والعالم كله يعرف بما فيه إسرائيل أن حركات المقاومة لا تعني الأسر بالمعنى المُطلق له ولكنها تأسر من أجل إنقاذ أسرى لها مظلومين في السجون الإسرائيلية، ساعتها هبَّ العالم المنافق كله متداعيًا لأجل إسرائيل، مدعين أنَّ حركات المقاومة هي الظالمة والمعتدية وحتى الإرهابية، ونسوا أن أكبر كثافة سكانية على الإطلاق في العالم في قطاع غزة، محاصرة منذ سبعة عشر عامًا.
لقد عانوا تحت هذا الحصار ولم يبق أمامهم إما العيش بكرامة أو الموت بكرامة، وما أصعب على الإنسان أن يختار بين العيش والموت.
المهم حصل ما حصل والعالم شاهد على ذلك، ولكن الغطرسة الإسرائيلية والجبروت الصهيوني لم يقبل ذلك فقد أعلن الحرب على غزة في حدودها الضيقة جدًا وجغرافيتها الصغيرة، معلنًا أن أهداف الحرب تتمثل في القضاء على حماس وتحرير الأسرى.
ولكن ماذا حصل بعد 471 يومًا من الحرب؟ هل تم القضاء على حماس وهل تحرر الأسرى؟
كلا، لم يحدث من ذلك شيء؛ بل العكس، هُزم الجيش الذي يزعم أنه لا يُقهر، على الرغم من الدعم الأمريكي المنقطع النظير والدعم الأوروبي الوفير، فلقد بقي المجاهدون أمام أعتى القوات العالمية وانتصروا بكل بسالة وشجاعة.
نعم هكذا هي المقاومة عندما يتقدم قادتها رجالهم المقاتلين ولا يبقون في الصفوف الخلفية فلقد استُشهد القائد إسماعيل هنية واستُشهد يحيى السنوار وشهد له العالم أجمع بأنه استشهد مقبلًا غير مدبر، ولم يكن محتميًا بالأسرى ولا بالدروع البشرية كما ادعى العدو.
وعند توقيع إسرائيل اتفاقية وقف إطلاق النار مرغمة على الرغم من الدعم الأمريكي والأوروبي لها، ماذا حدث؟ ومع تسليم أول دفعة من الأسيرات الإسرائيليات ماذا الذي ظهر؟ ظهر رجال المقاومة بكل عدتهم وعتادهم وسياراتهم منتشين رافعين الروس.
إذن.. فمن كانت تقاتل إسرائيل ومن قتلت وفي عددهم 50 ألف شهيد وأكثر من 100 ألف جريح.
الظاهر والواقع والحقيقة أنها لم تقتل ولم تجرح سوى المدنيين الأبرياء العزل، وقد عاثت فسادًا بتجريف الشوارع وهدم المدارس والمساجد والمستشفيات والجامعات، وحتى نبش القبور وفي أكبر المظاهر الإنسانية اشمئزازًا سماحها للكلاب الضالة بنهش الجثث.
فهل بعد هذا إنسانية؟
ولله في خلقه شؤون.
رابط مختصر