تثير المواجهات المتصاعدة جنوب لبنان القلق الشديد من إمكان اندلاع حرب حقيقية تمتد إقليميا وتشكل أخطر مرحلة عاشها لبنان منذ تأسيسه، لأنها قد تعيد النظر في رسم خريطة منطقة الشرق الأوسط الذي تعاني دوله وضعا هشا للغاية.

وكتب مراسل" النهار" في فرنسا سمير تويني: تعتبر مصادر مطلعة في باريس أن الوضع السياسي اللبناني في حالة موت سريري، فموضوع رئاسة الجمهورية غير ناضج ولا حلول سريعة يمكنها وقف المواجهات في الجنوب.

والمبادرات التي تولتها المجموعة الخماسية مجمدة حتى إشعار آخر، فيما المندوبان الرئاسيان الأميركي آموس هوكشتاين والفرنسي جان إيف لودريان ينتظران وقف النار في غزة لإعادة إطلاق محركاتهما، والمبادرات التي تقودها مجموعات نيابية تبدو متعثرة، وقد تم الإقرار بفشلها بعدما تعذر الحوار أو التشاور لتقريب وجهات النظر بين القوى السياسية والبناء على مساحة مشتركة تؤسس لحل أزمة الفراغ المؤسساتي.
وتعتبر المصادر أن انتخاب الرئيس مرتبط بنتائج المواجهات العسكرية على جانبي الخط الأزرق، والمبادرات الأميركية والفرنسية لم تؤد إلى فصل الملفين الرئاسي والعسكري وإلى تفاهم ينتج وقف القتال المرتبط بوقف الحرب في غزة. وتلاحظ أن لتكثيف التصعيد على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية هدفين: الأول عسكري لتحضير الجبهة لحرب شاملة على لبنان إذا اتخذ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قرار الحرب، والثاني ديبلوماسي للضغط على "حزب الله" وتهديد لبنان بحرب مدمرة لفرض حل ديبلوماسي يضمن وقف المواجهات والتزام القرار ١٧٠١ وانسحاب مقاتلي الحزب الى ما وراء الليطاني لتأمين سلامة المنطقة الشمالية لإسرائيل.

وتشير الى أن القيادات الإسرائيلية أعلنت أنها لا تريد الحرب وتفضّل التوصل الى تسوية لعودة سكان شمال إسرائيل.

وتضيف أن الطرفين لا يريدان الذهاب الى حرب شاملة مدمرة، ولكن في غياب أي حل ومع استمرار التصعيد يبقى احتمال نشوبها قائما، وهذا ما يسعى الموفدون الغربيون إلى إبلاغه للسلطات اللبنانية. والواقع أن الولايات المتحدة التي تحاول منع إسرائيل من توسيع الحرب إلى لبنان ستضطر إلى دعم إسرائيل في حال نشوبها، باعتبار أنها ستتحول إلى حرب إقليمية تشارك فيها قوى الممانعة ضد إسرائيل.
وتلاحظ المصادر أن مستوى التهديد والتصعيد الإسرائيلي بشن حرب على لبنان وصل الى مستويات عالية، وهذا التصعيد ليس فقط تهويلا لزيادة الضغط على "حزب الله"، بل هناك مخاوف حقيقية لدى عواصم عديدة من قيام إسرائيل بعمل عسكري خلال الأسابيع المقبلة.

وتشير إلى أن التصعيد سيستمر وستتضح المعالم بعد زيارة نتنياهو لواشنطن في ٢٤ تموز الجاري، لأن هناك شروطا مفروضة على إسرائيل من واشنطن التي ترفض تسليمها أسلحة صاروخية ثقيلة ستستخدمها في حربها على لبنان.
وتقول المصادر إنه لا يمكن المراجع في لبنان تجاهل التحذيرات الدولية ومضمونها في ظل استحقاقات دولية من اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأميركية، والانتخابات التشريعية الفرنسية التي ستحد من صلاحيات الرئيس إيمانويل ماكرون، ثم الانتخابات البريطانية، وهذه التحولات قد تغير العديد من المعطيات في ظل استمرار الربط بين ما يجري في الجنوب والحرب في غزة.
لذلك فإن التحرك الذي قام به الزائر الرسولي بيترو بارولين، رغم صفته الرسولية، هدفه حض الأطراف المسيحية تحديدا على انتخاب رئيس في أسرع وقت لاستعادة التوازن الطائفي والدستوري المفقود في ظل التغيرات التي ستشهدها منطقة الشرق الأوسط.

وانتخاب الرئيس المسيحي الوحيد في المنطقة يتطلب إرادة مسيحية جامعة تقدر عواقب استمرار الفراغ الرئاسي على مستقبل لبنان، ويعود إلى هذه القوى اتخاذ موقف موحد من الفراغ قبل أن تتحول الاهتمامات الدولية الكبرى والمؤثرة الى اتجاهات أخرى تؤدي الى تأخير الحلول المنشودة. فالحل قابل للتحقق في حال احترام طرفي النزاع القرارات الدولية وبلورة حل سياسي يحظى بتعاط جدي من الطبقة السياسية لسد الفراغ وتأليف حكومة فاعلة تطبق الإصلاحات الضرورية، فيما الحديث يدور عن حل سياسي وشيك في سوريا توازيا مع حل مستدام في الأراضي الفلسطينية والمنطقة عموما.
 

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

رفض الجنائية الدولية تعليق أمر اعتقال نتنياهو وغالانت يغضب إسرائيل

أثار قرار المحكمة الجنائية الدولية أمس الخميس، رفض الطلب الذي تقدمت به إسرائيل لتعليق تنفيذ مذكرتي توقيف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، استياء في تل أبيب.

وقال وزير الخارجية الإسرائيلي غدعون ساعر، في منشور له على منصة "إكس" تعليقا على قرار المحكمة الدولية "قلنا ذلك منذ البداية إن المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي لا تملك، ولم تملك قط، الولاية القضائية لإصدار مذكرات توقيف بحق رئيس وزراء إسرائيل ووزير الدفاع السابق".

وتابع "إسرائيل ليست عضوا في المحكمة الجنائية الدولية، وليست طرفا في نظام روما الأساسي الذي أسس المحكمة" مدعيا، أن "المحكمة لا تملك أي ولاية قضائية على إسرائيل" كما زعم أن المذكرات "صادرة بشكل غير قانوني، إنها باطلة ولاغية".

من جهتها، نقلت هيئة البث الإسرائيلية عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إنهم "مستاؤون من قرار المحكمة الجنائية بإبقاء أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت، واصفين إياها بأنها "سخيفة وغير مشروعة".

وفي وقت سابق أمس، أعلنت المحكمة الجنائية الدولية، رفضها طلبا تقدمت به إسرائيل لتعليق تنفيذ مذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت، المطلوبين للعدالة لارتكابهما جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.

إعلان لا جدوى منه

يشار إلى أن إسرائيل تقدمت بطلب لتعليق تنفيذ مذكرتي التوقيف الصادرتين ضد نتنياهو وغالانت، على خلفية الطعن في اختصاص المحكمة، لكن غرفة الاستئناف بالمحكمة اعتبرت أن هذا الطلب "لا جدوى منه لانتفاء الأساس القانوني لتقديمه، وبالتالي رفضته، وفق بيان نشرته المحكمة على موقعها الإلكتروني مساء أمس.

وقال البيان "رفضت غرفة الاستئناف، لانتفاء الجدوى، طلب إسرائيل تعليق تنفيذ مذكرتي التوقيف وأي إجراءات قانونية أخرى اتخذتها المحكمة بناءً على ذلك".

ويعد قرار رفض تعليق تنفيذ مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالانت، خطوة مهمة في مسار القضية، حيث يسلط الضوء على إصرار المحكمة على المضي قدما في الإجراءات القانونية المرتبطة بالقضية رغم الطعون التي رفعتها إسرائيل.

وفي 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، أصدرت المحكمة مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (2022–2024) بتهمتي ارتكاب جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب بحق الفلسطينيين في غزة.

وبدعم أميركي ترتكب إسرائيل، منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، جرائم إبادة جماعية في غزة، خلّفت أكثر من 168 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية يبحث جهود التهدئة مع نظيريه الباكستاني والهندي
  • أرقام تكشف.. كم بلغ عدد قتلى إسرائيل في عام من الحرب على غزة ولبنان؟
  • رفض الجنائية الدولية تعليق أمر اعتقال نتنياهو وغالانت يغضب إسرائيل
  • رد صادم من المحكمة الجنائية الدولية على طلب إسرائيل
  • فرصة أخيرة قبل التصعيد الشامل في غزة.. مبادرات تهدئة وضغوط دولية
  • أهم التهديدات التي تواجه الأمن القومي المصري.. ندوة بجامعة الملك سلمان الدولية
  • لبنان.. العفو الدولية تتهم إسرائيل بشن هجمات عشوائية على المدنيين
  • العفو الدولية : “إسرائيل” ارتكبت جرائم حرب بحق المدنيين في لبنان
  • هل تفلح الضغوط الدولية على إسرائيل في إدخال المساعدات لغزة؟
  • ترامب يكشف خطة "ما بعد الحرب" ويُقصي حماس من المشهد.. من البديل؟