عينان واسعتان، وأنف طويل محدب، وشفتان مرسومتان بدقة ووجه مطوَّل يزداد جماله بلون البشرة القمحية.. هكذا هي ملامح الفنانة سوسن بدر، التي كثيرًا ما شبهها محبوها ورواد منصات التواصل الاجتماعي بملكات الفراعنة، ويتخيلونها بالزي الفرعوني، وهو الذي تحقق بفعل تقنيات الذكاء الاصطناعي المتطورة التي صورت سوسن بدر بزي ملكات مصر القديمة.

الهاربة من المتحف

وتداول رواد منصات التواصل الاجتماعي، مجموعة من الصور للفنانة سوسن بدر مُصممة بتقنيات الذكاء الاصطناعي المتطورة، والتي ظهرت فيها وهي مرتدية الزي الفرعوني وكأنها واحدة من ملكات مصر القديمة، مُعلقين: «الهاربة من المتحف»، في إشارة واضحة لشدة التشابه بين ملكات الفراعنة والفنانة سوسن بدر.

وظهرت سوسن بدر في الصور المُصممة لها بتقنيات الذكاء الاصطناعي، وهي مرتدية زي ملكي فرعوني وتقف تارة أمام الأهرامات، وأخرى داخل متحف، وثالثة تجلس على كرسي الملكة، إلى جانب عديد من الصور الأخرى التي تميزت بطابعها الفرعوني الفريد.

سوسن بدر بالزي الفرعوني

ولاقت الصور رواجًا واسعًا عبر منصات التواصل الاجتماعي المختلفة، وراح كثيرون من الرواد يشيدون بجمالها وبمدى تشابه ملامحها بملكات الفراعنة، فكتب أحدهم: «العرق يمد لـ7 آلاف جد أصالة ونقاء العرق المصري القديم وفنانة عملاقة في الأداء وتقمص الشخصية وعلو الإحساس»، وكتب آخر: «تطابق رهيب بينها وبين جدتنا نفرتيتي»، وكتب ثالث: «الفنانة سوسن بدر بكل ملامحها الطبيعية مثال للمرأة المصرية الأصيلة وامتداد لملامح حضارتنا مصر القديمة».

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي سوسن بدر تقنيات الذكاء الاصطناعي الفنانة سوسن بدر الذکاء الاصطناعی سوسن بدر

إقرأ أيضاً:

أخلاقيات الذكاء الاصطناعي

في مقالي السابق بعنوان: «الفن والذكاء الاصطناعي» تناولت هذا الموضوع من بُعد واحد فقط، وهو التساؤل مدى مشروعية الفن المصنوع وفقًا للذكاء الاصطناعي من الناحية الإبداعية، ونفيت عن هذا الفن المصنوع صفة الإبداع، مع التسليم بأهميته ودوره في مجالات معينة لا تُحسَب على الفنون الجميلة. وبوسعنا هنا التساؤل عن مدى مشروعية الفن المصنوع وفقًا للذكاء الاصطناعي من الناحية الأخلاقية. غير أن هذا سيكون مجرد مثال من الأمثلة على مسألة «أخلاقيات الذكاء الاصطناعي» التي تتعدد وتتباين في تطبيقاتها بناءً على تعدد وتباين مجالات الذكاء الاصطناعي ذاته، إذ إنها لا تقتصر على مجال الفن وحده، وإنما تمتد لتشمل كل المجالات العلمية والمعرفية عمومًا التي تؤثر في كل مناحي حياتنا، فهي تمتد لتشمل على سبيل المثال: عملية التفاعل الأخلاقي مع الروبوتات الخاصة بالرعاية الطبية والاجتماعية؛ واستخدام الأسلحة في الحروب؛ فضلًا عن استخدام برامج الذكاء الاصطناعي في عملية التزييف المتقن في مجال الفن والثقافة.

لعل الأخلاقيات المتعلقة باستخدام الآلة الذكية هي أكثر المسائل التي ترِد على الأذهان حينما نتطرق إلى مناقشة أخلاقيات الذكاء الاصطناعي. وهناك اعتقاد شائع بأنه حينما يتم تصميم الآلة الذكية لكي تتخذ مواقف وقرارات، فإن كل شيء يكون على ما يُرَام؛ لأن الناس يعتقدون أن الآلات - بخلاف البشر- لا ترتكب أخطاء، ولا تتورط في اتخاذ قرارات منحازة. ولكن هذا الاعتقاد واهم؛ لأن الآلات الذكية المصممة لكي تعمل باعتبارها «روبوتات» هي آلات من صنع البشر، وهي يتم تزويدها بمعلومات من صنع البشر. وأنا أستخدم هنا كلمة «معلومات» على سبيل التبسيط؛ لأن ما يتم تزويد الآلة به هو برامج خوارزمية شديدة التعقيد، والآلة تكون مصممة على هذا الأساس وعلى الغرض الذي أُنشِئت من أجله. وعلى هذا، فإن تصميم الآلة نفسه يكون عُرضة للتحيز الذي يمكن أن يحدث بطريقة قصدية أو بطريقة غير قصدية. ولهذا يرى بعض الباحثين أن الآلة تواجه المشكلات الأخلاقية نفسها التي نواجهها نحن البشر؛ وهي في النهاية تتخذ القرارات التي سنتخذها أو نود أن نتخذها لو كنا في موقفها.

غير أن المسألة الأخلاقية هنا أعقد من ذلك بكثير؛ لأن برمجة الآلات الذكية وفقًا لخوارزميات معينة لا يعني أن هذه الآلات سوف تتخذ دائمًا قرارًا واحدًا ثابتًا وصائبًا باستمرار؛ لأنها قد تتلقى معطيات مستمدة من العالم الخارجي لا تتطابق مع برمجة الآلات للاستجابة للمعطيات؛ إذ إن المعطيات المستمدة من العالم الخارجي قد تكون ملتبسة مع معطيات أخرى مشابهة بحيث لا تستطيع الآلة أن تحدد بدقة المعطيات المقصودة؛ ويكون عليها أن تتخذ قرارًا قد يكون خاطئًا. ويتضح هذه بوجه خاص في استخدام الأسلحة المبرمجة وفقًا للذكاء الاصطناعي، والتي تتصرف ذاتيًّا؛ ومن ثم تصبح عُرضة للخطأ. وليس ببعيد ما يحدث في عالمنا الراهن؛ إذ نجد أن إسرائيل تستخدم هذا النوع من الأسلحة في قتل الفلسطينيين، بل استخدمته في قتل فريق من أعضاء منظمة الغذاء العالمي، متذرعة بهذه الحجة العلمية، وهي أن هذه الأسلحة قابلة لارتكاب الخطأ، ولكنه ليس خطأ بشريّا، أي أنها ليست مبرمجة وفقًا لهذا القصد.

ولكن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي تصبح أكثر تعقيدًا حينما ننظر في استخدام الروبوتات في مجال الرعاية الطبية والاجتماعية بوجه عام. ولقد تطورت صناعة هذه الروبوتات وبرمجتها بشكل مذهل، بحيث أصبحنا نجد في عالمنا الآن روبوتات تشبه البشر من الجنسين بمختلف أشكالهم وألوانهم، وهي روبوتات مبرمَجة على أداء الخدمات والرعاية الفائقة، بل التعبير عن المشاعر المتبادلة. وقد أطلق كل هذا عنان الخيال لدى السينمائيين الذين صنعوا أفلامًا تصور هذا الموضوع وتتنبأ بما يمكن أن يؤول إليه في المستقبل القريب. وهناك عشرات الأفلام التي تمثلت هذا الموضوع خلال العقد الأخير، ونال بعضها جوائز الأوسكار. وهناك فيلم - لا يحضرني اسمه - يعد مثالًا جيدًا هنا. يحكي الفيلم عن استعانة زوجين بروبوت يقوم بالخدمة والرعاية الاجتماعية الفائقة، بناءً على إعلان شركة صانعة عن المزايا العديدة لهذا الروبوت الذي هو أحدث إنتاجها. ولأن الروبوت كان مصممًا لأداء كل ما هو مطلوب منه بكل دقة، بل كان أيضًا مصممًا للتعبير عن مشاعره من خلال تعبير صوته ووجهه أيضًا؛ فقد نشأت علاقة عاطفية بين الروبوت والزوجة، واعتاد كل منهما البقاء مع الآخر. وليس ببعيد عنا ما تداولته الأخبار مؤخرًا عن زواج بين شاب ياباني والأنثى الروبوت التي يرافقها! ومثل هذا النوع من الأخبار يتكرر من حين لآخر هنا وهناك.

ولكن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي في مجال الفن تتبدى بشكل مختلف، ودور العنصر الإنساني فيه يكون أكثر اتساعًا، والمشكلة الأخلاقية الأساسية هنا تكمن في إمكانية استخدام الآلة الذكية (المبرمجة) في عملية التزييف وانتهاك حقوق الملكية الفكرية: فلقد أصبح من المألوف قيام بعض المحترفين بسرقة «التيمة الأساسية» في لوحة ما، وإدخال بعض التعديلات والرتوش على تفاصيل اللوحة لكي تبدو في النهاية وكأنها عمل إبداعي! كما أن مستخدمي الذكاء الاصطناعي يمكنهم محاكاة أسلوب فنان ما وإنتاج أعمال ينسبونها إليه، ولكن من حسن الحظ أن هناك برامج في الذكاء الاصطناعي نفسه يمكنها الكشف عن هذا التزييف.

كل ما سبق يعني أن الذكاء الاصطناعي هو- كالتكنولوجيا عمومًا- أداة محايدة يمكن حسن استخدامها أو إساءة استخدامها؛ وبالتالي فإن هناك حاجة إلى وضع حدود للذكاء الاصطناعي، من خلال مبادئ تشريعية ومواثيق أخلاقية دولية لها طبيعة إلزامية.

د. سعيد توفيق أستاذ علم الجمال والفلسفة المعاصرة بجامعة القاهرة

مقالات مشابهة

  • ميتا تنهي حظر كلمة شهيد بناء على توصيات مجلس الإشراف
  • أخلاقيات الذكاء الاصطناعي
  • سوسن بدر الهاربة من المتحف لقلوب جمهورها (تقرير)
  • سياسيات بريطانيا مستهدفات بمواد إباحية تم إنشاؤها بالذكاء الاصطناعي
  • بالفيديو .. بين الغضب والدعوة للتهدئة .. منصات التواصل تتفاعل مع الاشتباكات بين السوريين والاتراك على اثر واقعة تحرش بطفلة
  • صحيفة: سياسيات بريطانيات مستهدفات بمواد إباحية
  • حزن على منصات التواصل بعد العثور على جثتي شخصين فقدا بصحراء الأردن
  • صور مفبركة من الذكاء الاصطناعي تثير الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي
  • الديوان الملكي: الصور المتداولة على مواقع التواصل لا تعود للراحلة للا لطيفة