تحليل: توافق ليبيا يحتاج لمصالحة وطنية وليس انتخابات تزيد الانقسام والحرب الأهلية
تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT
سلط تحليل نشره المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية، الضوء على الوضع الليبي المتأزم منذ الإطاحة بنظام الزعيم الراحل معمر القذافي، مؤكدا وجود أخطاء في تعامل المجتمع الدولي مع تلك الدولة منذ 2011.
ووفق التحليل إن اعتبار الثورة التي أطاحت بالقذافي ونظامه، بأنها ثورة شعب بأسرة ضد ديكتاتور كان خطأ تماما؛ إذ من الواضح الآن أن نظام معمر القذافي لا يزال يتمتع بإجماع حقيقي.
لذلك، كان من الصواب اعتبار أن ما جرى في 2011 حربًا أهلية أكثر منها ثورة.
ولفت التحليل أن سوء الفهم هذا تسبب في تركيز المجتمع الدولي والنخبة الليبية الجديدة على إجراء الانتخابات الليبية بدلاً من البدء في جهود المصالحة الوطنية لإعادة بناء التوافق بين السكان وكتابة عقد اجتماعي جديد.
ووفق التحليل فان التركيز على الانتخابات لم يؤد إلى إقامة نظام سياسي جديد، لكن في المقابل تسبب عبر بلورة الخلافات بين القوى على الأرض، في استمرار الحرب الأهلية، التي لا تزال مستمرة حتى اليوم، وإن كان ذلك في شكل مختلف.
وبحسب التحليل فإن الخطأ الكبير الآخر هو سن قانون العزل السياسي للمؤتمر الوطني العام في 11 أبريل/ نيسان 2013 "بهدف إبعاد أفراد نظام القذافي السابقين من المؤسسات السياسية والاقتصادية والتعليمية والأمنية في البلاد.
ولفت إلى أن هذا القانون مثل أداة عقابية بحتة، دون أي من الإجراءات التصالحية التي ثبت أنها مفيدة.
فقد تسبب سن هذا القانون - الذي يمنع أفراد نظام القذافي من تولي المناصب الحكومية أو المشاركة في الحياة السياسية الليبية - في حدوث انقسام بين النخب القديمة والجديدة وتزايد حدة الاستقطاب.
واستشهد باشتباكات عام 2014 بين قوات شرق ليبيا بقيادة اللواء خليفة حفتر وقوات فجر ليبيا في غرب البلاد.
واتضح أن الانقسام السياسي الذي تسبب في انتشار الميليشيات وأمراء الحرب وأصاب النظام الليبي بالشلل كان نتيجة حتمية للظروف الاجتماعية السياسية الهيكلية السابقة.
كما يجب أن يضاف إلى ذلك تدخل الجهات الخارجية، ولا سيما القوى الإقليمية والدولية التي عرضت مصالحها الوطنية على البلاد، إلى الظروف التي أدت إلى هذا الوضع الداخلي.
وسرعان ما تحولت المواجهة الجيوسياسية إلى دعم كامل للفصائل السياسية المحلية الليبية المتنافسة أو الميليشيات المسلحة، مما أدى إلى تصعيد الانقسام الداخلي.
اقرأ أيضاً
الأمم المتحدة: وصلنا لمرحلة حاسمة بشأن الانتخابات في ليبيا
ومع مرور الوقت وغياب الرقابة والسيطرة من قبل الحكومة المركزية، تحولت الميليشيات المختلفة إلى عصابات بينما وقف المجتمع الدولي مكتوفي الأيدي وناقش برامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج الخيالية وبرامج تدريب الجيش.
بعد فشل هجوم قوات حفتر على مدينة طرابلس في عام 2019، خطط المجتمع الدولي، بقيادة المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا ستيفاني ويليامز، لإجراء انتخاب حكومة وحدة وطنية يتم انتخابه من قبل مجموعة من الممثلين الليبيين تختارهم الأمم المتحدة.
انتخب هذا المجلس، المكون من خمسة وسبعين عضوا يمثلون دوائر انتخابية متعددة، مجلسا رئاسيا من ثلاثة أشخاص برئاسة رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفى ورئيس الوزراء عبد الحميد دبيبة.
وكانت مهمة الحكومة الأساسية إعداد البلاد لجولة من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، لكن لأسباب متعددة، فشل الحكومة في القيام بذلك.
وطالب مجلس النواب في طبرق باستقالة الدبيبة. وبعد رفضه الاستجابة لذلك، شرع النواب في تعيين فتحي باشاغا رئيسًا جديدًا للوزراء.
ومع ذلك، لم ينجح باشاغا أبدًا في دخول طرابلس وتولي منصب رئيس الوزراء.
ورغم هذا الانقسام الرسمي، تم تداول أنباء عن إبرام صفقات سرية بين أبناء حفتر وأقارب الدبيبة، للتوصل إلى اتفاق بشأن تشكيل حكومة جديدة بقيادة الدبيبة.
سيكون الهدف الرئيسي لهذه الحكومة الجديدة هو قيادة البلاد إلى الانتخابات، ومع ذلك، لن يكون هذا سوى استمرار للوضع للسابق - مما يعني استمرار الفساد ونهب موارد البلاد من قبل هذه الجماعات الحاكمة.
يبدو أن هذه النتيجة الأكثر احتمالية للعملية الليبية - الإنشاء التدريجي لدولة شبيهة بالمافيا في وسط شمال أفريقيا- هي النتيجة الأكثر تأكيدًا.
اقرأ أيضاً
الدبيبة رافضا وضع مراحل انتقالية جديدة في ليبيا: خطوة لإفشال الانتخابات
المصدر | المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الأزمة الليبية الانتخابات الليبية المجتمع الدولی
إقرأ أيضاً:
الانقسام يضرب الأعلى الليبي.. ما التأثير على المشهد العام والدولي؟
طرحت خطوة إعادة انتخاب رئيس للمجلس الأعلى للدولة في ليبيا عبر جلسة رسمية تم فيها اختيار "محمد تكالة" رئيسا مزيدا من الأسئلة والتكهنات حول مستقبل هذا الجسم الاستشاري ومكانته في المفاوضات المحلية والدولية.
وعقد "تكالة" جلسة رسمية بصفته رئيسا للمجلس تم فيها انتخابه رئيسا واختيار نائب أول ونائب ثاني ومقرر في جلسة حضرها 72 عضوا فقط، من أصل 143، وسط رفض من قبل الرئيس المتنازع معه على الرئاسة، خال المشري الذي وصف الخطوة بالغير قانونية وأن النصاب القانوني 77 عضوا وهو ما لم يتحقق.
"تنازع قضائي"
وتشهد رئاسة الأعلى الليبي حالة تنازع قضائي بين تكالة الذي رفض نتائج انتخابات الرئاسة التي جرت مطلع آب /أغسطس الماضي، وبين المشري الذي اعتبر نفسه فائزا بفارق صوت واحد، وكانت ورقة ملغاة هي سبب هذا الخلاف والانقسام، ما دفع الطرفان للجوء إلى القضاء الذي لم يحسم الأمر.
والمجلس الأعلى للدولة في ليبيا هو هيئة استشارية تأسست بديلا عن المؤتمر الوطني العام بعد اتفاق المغرب 2015، يتم انتخاب رئيس له كل عام وتم انتخاب العضو، عبدالرحمن السويحلي كأول رئيس له ثم انتخاب المشري الذي استمر 4 دورات متتالية ثم انتخاب تكالة العام الماضي، لتشهد انتخابات العام الحالي انقساما.
والسؤال: ما مستقبل "الأعلى الليبي" دوليا ومحليا بعد انقسامه رسميا بين المشري وتكالة؟
"جلسة صحيحة وقانونية"
من جهته، أكد مستشار المجلس الرئاسي الليبي لشؤون الانتخابات، زياد دغيم أن "جلسة مجلس الدولة التي انتخب فيها "محمد تكالة" رئيسا هي جلسة صحيحة الانعقاد، وأنها كانت شفافة وعلنية، وعلى المتضرر اللجوء للقضاء".
وأكد أن "المجلس الرئاسي سيستكمل مع قيادة مجلس الدولة الجديدة "تكالة ومكتبه الجديد" استحقاقات المرحلة الانتقالية وصولا للاستفتاء الشعبي والانتخابات، وفق تصريحه لمنصة "فواصل" المحلية.
"طعن قضائي ودستوري"
في حين أكد النائب الثاني لرئيس المجلس الأعلى الليبي "المتنازع على رئاسته"، عمر العبيدي، أن "جلسة "تكالة" بالأمس غير صحيحة قانونيا ولم يتحقق بها النصاب والشواهد كثيرة وهي محل طعن قضائي ودستوري، وأن البعثة الأممية أبلغت "تكالة" رسميا بعدم المضي قدما في هذه الجلسة التي سيترتب عنها مزيدا من الانقسام والتشظي ونصحته بالتريث لكنه تجاوز ذلك وأمضى في جلسته".
وأكد في تصريحاته لـ"عربي21" أن "مكتب الرئاسة المنتخب في 28 أغسطس الماضي بحضور أكثر من 77 عضوا وكذلك مراقب من البعثة الأممية هو مكتب رئاسة المجلس الأعلى الشرعي وهو مستمر في إدارة شؤون المجلس حتى الفصل النهائي من القضاء أو انعقاد جلسة عامة توافقية وانتخاب مكتب جديد"، وفق قوله.
وتابع: "مخرجات جلسة الأمس لم تلق أي ترحيب لا محلي ولا دولي ولا أي تواصل أو تأييد من البعثات الدبلوماسية العاملة بالبلاد ما يعني عدم الاعتداد أو الاعتراف بها، ورغم ما حدث أؤكد لصحيفتكم أن هناك مساع جدية لرأب الصدع وتوحيد المجلس مجددا وبرعاية أممية ودولية حتى يتسنى له المشاركة في أي حوارات تقود إلى الانتخابات التشريعية والرئاسية في البلاد"، كما قال.
"شرعية تكالة ودعم الدبيبة"
المحلل السياسي الليبي المتابع للانتخابات، وسام عبدالكبير رأى أن "جلسة انتخاب تكالة صحيحة ومكتملة النصاب وأنه تم الإعلان عن موعدها بفترة كافية فور إبطال القضاء انتخابات المجلس في أغسطس الماضي، وبعد كل ما حدث من لغط وانقسام وتعطيل كان لابد من إعادة الانتخابات بجلسة شفافة وهو ما حدث من قبل تكالة، وكان يفترض على الطرف الآخر الداعم للمشري الحضور والمشاركة والفوز بالرئاسة حتى".
وأضاف لـ"عربي21" أن "ترحيب المجلس الرئاسي وحكومة الدبيبة بنتائج الانتخابات جاءت كون نجاح هذه العملية تمثل دعم وانتعاشة لكافة الأطراف السياسية، وسوف تتعامل البعثة الأممية والمجتمع الدولي مع نتائج الانتخابات والاعتراف بشرعية "تكالة" رئيسا للمجلس"، وفق رأيه.
"تجاوز وخروج من المشهد"
لكن المتحدث السابق باسم المجلس الأعلى للدولة، السنوسي إسماعيل الشريف قال من جانبه: "قانونيا كان يُفترض انتظار الفصل في الدعوى التي رفعها تكالة وعدم استباق جلسة الفصل في تلك الدعوى، أما سياسيا فما حدث هو خطوة تصعيدية زادت من انقسام المجلس وأضعفته وقد تخرجه من المشهد السياسي برمته".
وأشار إلى أن "مجلس النواب سيكون الأسعد حظا بهذا الخروج لأنه سينفرد بالمشهد السياسي تشريعيا وهناك الكتلة الممثلة للمنطقة الغربية ستحل محل مجلس الدولة في تمثيل تناقضات الإقليم الغربي، ومن الواضح أن المجتمع الدولي لن ينتظر أعضاء مجلس الدولة كثيرا وليس أمامهم فرصة طويلة ليلملموا شتات المجلس لعلهم يفوتون الفرصة على من يستفيد من خروج الأعلى الليبي من المشهد السياسي ولن يأسف عليهم أحد"، وفق تصريحاته لـ"عربي21".