سلط تحليل نشره المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية، الضوء على الوضع الليبي المتأزم منذ الإطاحة بنظام الزعيم الراحل معمر القذافي، مؤكدا وجود أخطاء في تعامل المجتمع الدولي مع تلك الدولة منذ 2011.

ووفق التحليل إن اعتبار الثورة التي أطاحت بالقذافي ونظامه، بأنها ثورة شعب بأسرة ضد ديكتاتور كان خطأ تماما؛ إذ من الواضح الآن أن نظام معمر القذافي لا يزال يتمتع بإجماع حقيقي.

لذلك، كان من الصواب اعتبار أن ما جرى في 2011 حربًا أهلية أكثر منها ثورة.

ولفت التحليل أن سوء الفهم هذا تسبب في تركيز المجتمع الدولي والنخبة الليبية الجديدة على إجراء الانتخابات الليبية بدلاً من البدء في جهود المصالحة الوطنية لإعادة بناء التوافق بين السكان وكتابة عقد اجتماعي جديد.

ووفق التحليل فان التركيز على الانتخابات لم يؤد إلى إقامة نظام سياسي جديد، لكن في المقابل تسبب عبر بلورة الخلافات بين القوى على الأرض، في استمرار الحرب الأهلية، التي لا تزال مستمرة حتى اليوم، وإن كان ذلك في شكل مختلف.

وبحسب التحليل فإن الخطأ الكبير الآخر هو سن قانون العزل السياسي للمؤتمر الوطني العام في 11 أبريل/ نيسان 2013 "بهدف إبعاد أفراد نظام القذافي السابقين من المؤسسات السياسية والاقتصادية والتعليمية والأمنية في البلاد.

ولفت إلى أن هذا القانون مثل أداة عقابية بحتة، دون أي من الإجراءات التصالحية التي ثبت أنها مفيدة.

فقد تسبب سن هذا القانون - الذي يمنع أفراد نظام القذافي من تولي المناصب الحكومية أو المشاركة في الحياة السياسية الليبية - في حدوث انقسام بين النخب القديمة والجديدة وتزايد حدة الاستقطاب.

واستشهد باشتباكات عام 2014 بين قوات شرق ليبيا بقيادة اللواء خليفة حفتر وقوات فجر ليبيا في غرب البلاد.

واتضح أن الانقسام السياسي الذي تسبب في انتشار الميليشيات وأمراء الحرب وأصاب النظام الليبي بالشلل كان نتيجة حتمية للظروف الاجتماعية السياسية الهيكلية السابقة.

كما يجب أن يضاف إلى ذلك تدخل الجهات الخارجية، ولا سيما القوى الإقليمية والدولية التي عرضت مصالحها الوطنية على البلاد، إلى الظروف التي أدت إلى هذا الوضع الداخلي.

وسرعان ما تحولت المواجهة الجيوسياسية إلى دعم كامل للفصائل السياسية المحلية الليبية المتنافسة أو الميليشيات المسلحة، مما أدى إلى تصعيد الانقسام الداخلي.

اقرأ أيضاً

الأمم المتحدة: وصلنا لمرحلة حاسمة بشأن الانتخابات في ليبيا

ومع مرور الوقت وغياب الرقابة والسيطرة من قبل الحكومة المركزية، تحولت الميليشيات المختلفة إلى عصابات بينما وقف المجتمع الدولي مكتوفي الأيدي وناقش برامج نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج الخيالية وبرامج تدريب الجيش.

بعد فشل هجوم قوات حفتر على مدينة طرابلس في عام 2019، خطط المجتمع الدولي، بقيادة المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا ستيفاني ويليامز، لإجراء انتخاب حكومة وحدة وطنية يتم انتخابه من قبل مجموعة من الممثلين الليبيين تختارهم الأمم المتحدة.

انتخب هذا المجلس، المكون من خمسة وسبعين عضوا يمثلون دوائر انتخابية متعددة، مجلسا رئاسيا من ثلاثة أشخاص برئاسة رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفى ورئيس الوزراء عبد الحميد دبيبة.

وكانت مهمة الحكومة الأساسية إعداد البلاد لجولة من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، لكن لأسباب متعددة، فشل الحكومة في القيام بذلك.

وطالب مجلس النواب في طبرق باستقالة الدبيبة. وبعد رفضه الاستجابة لذلك، شرع النواب في تعيين فتحي باشاغا رئيسًا جديدًا للوزراء.

ومع ذلك، لم ينجح باشاغا أبدًا في دخول طرابلس وتولي منصب رئيس الوزراء.

ورغم هذا الانقسام الرسمي، تم تداول أنباء عن إبرام صفقات سرية بين أبناء حفتر وأقارب الدبيبة، للتوصل إلى اتفاق بشأن تشكيل حكومة جديدة بقيادة الدبيبة.

سيكون الهدف الرئيسي لهذه الحكومة الجديدة هو قيادة البلاد إلى الانتخابات، ومع ذلك، لن يكون هذا سوى استمرار للوضع للسابق - مما يعني استمرار الفساد ونهب موارد البلاد من قبل هذه الجماعات الحاكمة.

يبدو أن هذه النتيجة الأكثر احتمالية للعملية الليبية - الإنشاء التدريجي لدولة شبيهة بالمافيا في وسط شمال أفريقيا- هي النتيجة الأكثر تأكيدًا.

اقرأ أيضاً

الدبيبة رافضا وضع مراحل انتقالية جديدة في ليبيا: خطوة لإفشال الانتخابات

المصدر | المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الأزمة الليبية الانتخابات الليبية المجتمع الدولی

إقرأ أيضاً:

استطلاع رأي: أقل من 16% فقط من الأوكرانيين قد يصوتون لصالح زيلينسكي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أظهر استطلاع رأي أفاد به موقع "برافدا" الأوكراني نقلًا عن بيانات استطلاع للرأي أجراها مركز "SOCIS"، بأن أقل من 16% من المواطنين الأوكرانيين مستعدون للتصويت لصالح فلاديمير زيلينسكي في الانتخابات الرئاسية المحتملة.

وأفادت وسائل إعلام روسية، أن زيلينسكي قد انتهت ولايته في 20 مايو من العام الماضي، وتم إلغاء انتخابات رئاسة أوكرانيا المقررة لعام 2024 بسبب الأحكام العرفية والتعبئة العامة، وقد صرح زيلينسكي بأن إجراء الانتخابات في الوقت الحالي غير مناسب.

وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبر منصته "تروث سوشال"، أن زيلينسكي ديكتاتور بلا انتخابات، ودعا الرئيس الأمريكي إلى إجراء انتخابات في أوكرانيا.

وفي وقت سابق، قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أن التسوية في أوكرانيا لا تتحقق إلا من خلال معالجة الأسباب الجذرية للأزمة، بما في ذلك الوفاء بالتزامات احترام حقوق الإنسان، بالإضافة إلى الحق في اللغة والدين، واحترام مبدأ الأمن غير القابل للتجزئة في أوروبا.

مقالات مشابهة

  • عقيلة صالح: القوات الليبية لن تسمح بالاقتتال مجددا والحل في الانتخابات
  • هل يحتاج اليمن إلى أحمد الشرع لإنقاذه من أزمته؟
  • المنفي يلتقي شبكة الأحزاب السياسية الليبية
  • «المنفي» يلتقي شبكة «الأحزاب السياسية» الليبية
  • درميش: تحقيق انتعاش اقتصادي حقيقي في ليبيا يحتاج إلى إرادة سياسية قوية
  • احميد: البنك الدولي يجب أن يكون داعمًا للإصلاح وليس بديلاً عن السلطات الليبية
  • العمروني: العدالة الاجتماعية غائبة في ليبيا وأسبابها أعمق من الانقسام السياسي
  • ‏وفد وزارة الخارجية الليبية يمثل ليبيا في المؤتمر الوزاري العالمي بمراكش المغربية
  • الاقتصاد السوري يحتاج إلى نصف قرن لاستعادة عافيته بعد الحرب التي دمرته
  • استطلاع رأي: أقل من 16% فقط من الأوكرانيين قد يصوتون لصالح زيلينسكي