عين ليبيا:
2024-07-03@00:51:49 GMT

من عدالتنا الاجتماعية (2 من 4)

تاريخ النشر: 30th, June 2024 GMT

في الجزء الأول من هذا المقال حاولت تسليط الضوء على معنى العدالة الاجتماعية من منظور إسلامي والإجابة على السؤال: ما هي أهم مبادئ العدالة الاجتماعية؟ أما في هذا الجزء فسأحاول التركيز على أهم واجبات الدولة في تحقيق العدالة الاجتماعية.

الحقيقة إن للدولة الحديثة واجبات عديدة لتحقيق العدالة الاجتماعية لعل من أهمها:

(1) واجب كفالة الأفراد عند الحاجة

بمعنى أن الواجب الأول للدولة في تحقيق العدالة الاجتماعية هو:

كفالة أفراد المجتمع مسلمين أو غير مسلمين في حالة عجزهم، أو صغر سنهم، أو عدم قدرتهم على توفير دعم أنفسهم“.

فقد روى أبو يوسف في كتابه “الخراج” أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مر على باب قوم وعليه ساءل يسأل، شيخ كبير ضرير البصر، فضرب عضده من خلفه، وقال:

من أي أهل الكتاب أنت؟

فقال: “أسال الجزية والحاجة والسن”.

فأخد عمر بيده وذهب إلى منزله فرضخ له (أي أعطاه شيئا ليس بالكثير) شيء من منزله، ثم أرسل إلى خازن بيت المال فقال:

أنظر هذا وضرباءه, فوالله ما أنصفناه إن أكلنا شبيبته

ثم نخذله عند الهرم، إنما الصدقات للفقراء والمساكين،

والفقراء هم المسلمين،

وهذا من المساكين من أهل الكتاب،

ووضع الجزية عنه وعن ضربائه“17

هذا كما روى عن الإمام علي كرم الله وجهه أنه رـى شيخا نصرانيا من أهل الذمة يتكفف الناس ويسألهم المساعدة:

فقال أمير المؤمنيين: من هذا؟

قالوا: يا أمير المؤمنيين هذا: نصرانى.

فقال أمير المؤمنيين: استعملتموه حتى إذا كبر وعجز منعتموه، أنفقوا عليه من بيت المال”18

(2) واجب تحقيق “حد الغناء”

أما الواجب الثاني للدولة في تحقيق العدالة الاجتماعية فيكمن في:

“توفير الحد الأدنى من اليسر والرفاه لكل أفراد المجتمع“.

وذلك بالارتفاع بمستويات المعيشة المنخفضة إلى الحد الذي يشعر فيه المحتاجين أنهم في غنى عن الناس، بمعنى يجب على الدولة أن تضمن لكل مواطن الحد الأدنى للمأكل والملبس والمشرب والعلاج، فلا يجوز أن يجوع، أو يعرى، أو يعطش، أو يمرض المواطن وغيره يجد حاجته وزيادة، بمعنى آخر، يجب ألا تسمح الدولة بأن يتمتع مواطن بخيرات ولذائذ الدنيا وحوله من يعاني الحاجة أو ليس لديه ما يأكل، وفي هذا الصدد يقول:

رسولنا (ص): “ليس منا من بات شبعان وجاره جائع”،

ويقول (ص): ” منلا يهمه أمر المسلمين ليس منهم”.

ويجب أن يكون من واجبات الدولة العناية بالصحة، فهي حق لكل مواطن، ويجب مكافحة الأمراض ومعالجة المرضى غير القادرين على العلاج، وأن يكون شعارها:

العقل السليم في الجسم السليم“،

والمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير”.

ومن واجبات الدولة أيضا حماية الطفولة ورعاية الشباب وكفالة اليتيم استجابة:

لقول رسولنا (ص):”ليس منا من لم يرحم صغيرنا ويوقر كبيرنا”

وقوله (ص): “السلطان ولي من لا ولي له”

وقوله (ص): “من لم يرحم صغيرنا ولم يعرف حق كبيرنا فليس منا”

وقوله (ص) في حق اليتيم في المجتمع: “إن اليتيم إذا ضرب أهتز العرش لبكائه.”

(3)  واجب توفير فرص العمل

أما الواجب الثالث للدولة في تحقيق العدالة الاجتماعية فهو:

السعي من أجل توفير إمكانيات العمل وفرض الإنتاج للجميع.”

بمعنى تشخيع وإعطاء الحرية الاقتصادية للمواطنين في ممارسة نشاطاتهم الاقتصادية وتحقيق طموحاتهم المهنية.

وعليه على الدولة أن تقوم بتوفير فرص العمل لمن لا عمل له، وأن يكون مجال العمل مفتوح ومتاح لكل من أراده، فالكل مُيسر لما خلق له، وأن يكون الجزاء من جنس العمل، وعلى الدولة أن تُشجع المواطنيين وتذكرهم بأقوال

رسولنا (ص) عندما قال “العمل عبادة“…

وقال: “طلب كسب الحلال فريضة“…

وقال: “طلب الحلال جهاد“…

وقال: ” إن الله يحب العبد المؤمن المحترف.”19

ولعله من أهم واجبات الدولة في هذا الصدد:

حماية اليدّ العامله وتحديد الأجور

يقول رسولنا (ص): “من استاجر أجيرا فيعلمه أجره.”20

وقوله: “أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه.”21

(4) واجب ترشيد الاقتصاد وتنمية وتطوير ثروات الدولة

أما الواجب الرابع للدولة فى تحقيق العدالة الاجتماعية فهو:

تشجيع وترشيد القطاع الخاصن وإطلاق المبادرة له”، ليساهم تجاريا وزراعيا وصناعيا وثقنياً في تنمية وتطوير الاقتصاد وتنمية وتطوير مصادر الطاقة والثروة وتحسين استخدامها، والسعي الجاد لتحقيق استقلالية الوطن اقتصاديا وتخليصه من التبعية الخارجية.

وهذا يعني فيما يعنيه:

أن تمنع الدولة السيطرة الاقتصادية الأجنبية على ثروات ومقدرات الشعب.

(5) واجب توفير المرافق العامة وصيانتها

أما الواجب الخامس للدولة في تحقيق العدالة الاجتماعية فهو: قيامها على المرافق العامة في المجتمع، ويجب ألا تسمح بأن يحتكرها فرد بحكم طبيعتها، وعليه يجب على الدولة دعم وحماية ورعاية المرافق العامة وخصوصا الخدمات الصحية، والتعليمية، والاجتماعية، والثقافية.

(6) واجب تطوير وتحسين المواصلات العامة

أما الواجب السادس للدولة في تحقيق العدالة الاجتماعية فهو: “تطوير وتحسين المواصلات العامة في الدولة” وذلك لتحقيق التقارب والتعاون والاتحاد بين أبناء الشعب، فلابد من قيام الدولة بتحسين طرق المواصلات البرية، والجوية، والبحرية وتقويتها بين جميع أطراف الوطن لتسهيل حركة النقل والتجارة والسكن، والعمل على توفير حرية اللقاء والتعاون بين المواطنيين، فمن الغريب أنك تجد الكثير من أبناء الوطن الواحد لا تُتح لهم فرص اللقاء والتعارف إلا في المهجر، ولعل من أهم الأسباب التي أدت لهذا هو غياب وسائل الاتصال وصعوبة الانتقال في داخل الوطن من مكان إلى آخر.

في الجزء الثالت من هذا المقال سوف أحاول الإجابة على السؤال التالي:

متى يمكن للدولة أن تتدخل؟

يتبع

والله المستعان.

هوامش

الخراج لأبى يوسف , وأنظر: د. عبد العزيز الخياط ص15917

من كتاب “التوزيع الاقتصادى فى الاسلام” (1982)  دار التوحيد. الطبعة الاولى, ص40.18

عماد الدين خليل (1979) “مقال فى العدل الاجتماعى” دار الرسالة. بيروت. الطبعة الاولى.      ص 7119

رواه البخارى20

رواه ابن ماجه 21

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: على الدولة أن یکون

إقرأ أيضاً:

برعاية مجلس الدولة.. انعقاد ورشة عمل حول مستقبل الدراسات العليا في ليبيا

الوطن|متابعات

اجتمعت ظهر اليوم اللجنة التحضيرية لورشة العمل المشكلة بقرار رئيس المجلس الأعلى للدولة، والمخصصة لدعم الدراسات العليا بالداخل، والمزمع عقدها برعاية المجلس الأعلى للدولة، مع كافة الجهات والمؤسسات المعنية بالدراسات العليا، والجهات ذات العلاقة، وعدد من المختصّين والمهتمين بتطوير الدراسات العليا من مختلف مناطق ليبيا.

وبحث أعضاء اللجنة البرنامج العام للورشة ومحاورها، وأهمية إبراز عناصر القوة والضعف وآليات دعم وتطوير الدراسات العليا، بما يحقق معايير الجودة ، ويحفز على التنافسية والابتكار، ويسمح بخلق مناخ أكاديمي وبحثي تكاملي، مواكب للتطور المعرفي، وقادر على المساهمة بإيجابية في تطوير الموارد البشرية، وخدمة المجتمع والرفع من مستوى تصنيف مؤسسات التعليم العالي والبحث العالمي.

وفي ختام الاجتماع تم الاتفاق على أن تعقد ورشة العمل يوم الإثنين الموافق 15-7-2024.

 

الوسومالدراسات العليا الموارد البشرية ليبيا مجلس الدولة ورشة عمل

مقالات مشابهة

  • أين العدالة؟
  • محافظ المنيا: توفير حياة كريمة الهدف الأول للدولة بقيادة الرئيس السيسي
  • برعاية مجلس الدولة.. انعقاد ورشة عمل حول مستقبل الدراسات العليا في ليبيا
  • رئيس «التنظيم والإدارة» الأسبق: 7 زيادات في أجور الموظفين خلال 10 سنوات دليل على الاستقرار الاقتصادي
  • «الاتحاد لحقوق الإنسان»: سيادة القانون مرتكز تحقيق العدالة
  • ماذا يحتاج المواطن من وزارة التضامن في التشكيل الحكومي الجديد؟
  • «الحرية المصري»: ثورة 30 يونيو طوق نجاة للدولة ضد جماعة إرهابية
  • «معلومات الوزراء»: مصر حريصة على توفير مصادر مستقبلية دائمة للطاقة
  • السوداني:تعديل سلم الرواتب يحتاج إلى وقت طويل