عبّر الناخبون الإيرانيون عن خيبة أملهم من نظام الحكم الديني في البلاد، إذ كان الإقبال على التصويت منخفضا في الانتخابات الرئاسية، مما عطل فرص حسم السباق من الجولة الأولى، وفق صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية.

وستوفر جولة الإعادة، المقررة في الخامس من يوليو، للناخبين فرصة الاختيار النهائي بين وزير الصحة الإصلاحي السابق مسعود بزشكيان، والمفاوض النووي السابق، المحافظ المتشدد، سعيد جليلي.

وبزشكيان هو الأكبر سنا (69 عاما) من بين المرشحين للانتخابات الرئاسية، الوحيد الذي يمثل التيار الإصلاحي.

ويمثل الطبيب الجراح ذو الأصول الأذرية، المولود في 29 سبتمبر 1954، مدينة تبريز في البرلمان.

وشغل منصب وزير الصحة في عهد الرئيس الإصلاحي محمد خاتمي بين أغسطس 2001 وأغسطس 2005. وهو معروف بصراحته.

واستبعد من السباق الرئاسي في 2021.

أما جليلي (58 عاما) فيعتبر من المحافظين المتشددين المعادين للتقارب مع الدول الغربية، وهو واحد من الممثلين للمرشد الأعلى علي خامنئي في المجلس الأعلى للأمن القومي. 

وسبق أن ترشح جليلي للانتخابات الرئاسية في 2013، ومجددا في 2017، لكنه انسحب لدعم الرئيس إبراهيم رئيسي، الذي توفي في حادث تحطم طائرة هليكوبتر، الشهر الماضي.

ورغم انتماء بزشكيان وجليلي إلى معسكرين مختلفين، فمن غير المتوقع أن يتمكن أي من الرجلين من إحداث تغيير كبير في إيران، إذ يتعين عليهما أن يحكما بموافقة نهائية من المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي.

الإصلاحي والمتشدد.. من يستفيد من الجولة الثانية ويحسم انتخابات إيران؟ يخوض المرشحان للرئاسة الإيرانية، المحافظ سعيد جليلي، والإصلاحي مسعود بازشكيان، جولة ثانية الجمعة، بعدما لم يتمكن أي منهم من حصد أكثر من 50 بالمئة من الأصوات، ما يجعل الأيام القليلة المقبلة معركة حامية لجذب الأصوات التي لم تشارك في الجولة الأولى لحسم مصير الرئيس الجديد للبلاد.

ولم يصوت سوى 40% من الناخبين الإيرانيين، وفقا للأرقام الحكومية، وهي نسبة مشاركة منخفضة تاريخيا، في السباق الرئاسي الإيراني، وأقل من نسبة 41% المعلنة في الانتخابات البرلمانية الإيرانية هذا العام.

وقاطع المزيد من الناخبين الانتخابات الإيرانية في السنوات الأخيرة، كشكل من أشكال الاحتجاج على المؤسسة الحاكمة، التي يتهمونها بتدمير الاقتصاد، وخنق الحريات الاجتماعية والسياسية، وعزل إيران عن العالم.

ولا يزال الناخبون متشككين في قدرة أي مرشح على إحداث تغيير حقيقي، حتى إذا كان ينتقد الحكومة بشكل علني مثل بزشكيان.

وسمح مجلس صيانة الدستور الذي يتولى فحص المرشحين الرئاسيين لخمسة محافظين بالترشح، بجانب الإصلاحي مسعود بزشكيان.

وضمت القائمة النهائية التي أقرها المجلس، رئيس مجلس الشورى المحافظ المتشدد سعيد جليلي، والمحافظ محمد باقر قاليباف، ورئيس بلدية طهران علي رضا زاكاني.

كذلك، ضمت أمير حسين قاضي زاده هاشمي الرئيس المحافظ المتشدد لمؤسسة "الشهداء والمحاربين القدامى"، ووزير الداخلية السابق مصطفى بور محمدي.

ورغم خيبة أمل العديد من الناخبين إزاء الحكومة الحالية، التي يهيمن عليها المحافظون، فإنه ليس من المؤكد على الإطلاق أن يؤيدوا بزشكيان خلال جولة الإعادة.

وأحد أسباب وصول بزشكيان إلى جولة الإعادة، رغم كونه الإصلاحي الوحيد، أن المرشحين الرئيسيين الآخرين كانا من المتشددين الذين قسموا أصوات المحافظين. 

كما لا يضمن جليلي، وهو الأكثر تشدداً، أن يجذب ناخبي منافسه المحافظ محمد باقر قاليباف، إذ أشارت استطلاعات الرأي السابقة إلى أن العديد من هؤلاء لم يكونوا مهتمين بدعم جليلي.

ومع ذلك، فإن هذا قد يتغير بعد أن طلب قاليباف، من أتباعه السبت، التصويت لصالح جليلي، لضمان فوز المحافظين.

المرشحون للرئاسة في إيران يتفقون في شيء واحد بشأن ترامب مع قرب الانتخابات الرئاسية الإيرانية، يتفق المرشحون في التعبير عن مخاوفهم في التعامل مع "الرئيس الأميركي المقبل" معتبرين أن فوز المرشح الجمهوري "دونالد ترامب" هو "نتيجة" محسومة.

وبشكل عام، يبدو أن المؤسسة الحاكمة القوية، بقيادة خامنئي، تفضل فوز جليلي، إذ يتشاركان وجهات النظر المتشددة. كما أن خامنئي انتقد مؤخرًا بشكل غير مباشر بزشكيان بدعوى اقترابه الشديد من الغرب. 

ويتخذ المرشد الأعلى جميع القرارات الكبرى، خاصة عندما يتعلق الأمر بقضايا بالغة الأهمية مثل المفاوضات النووية والسياسة الخارجية.

ومن المرجح أن يتمتع أي شخص يصبح رئيسا بحرية أكبر في إدارة القيود الاجتماعية، مثل غطاء الرأس الإلزامي، وكذلك القضايا الحساسة مثل ما إذا كان بإمكان المطربات الأداء على خشبة المسرح.

وسيكون له أيضا بعض التأثير على الشأن الاقتصادي، إذ تعاني البلاد من التضخم وانخفاض قيمة العملة المحلية، مما صعّب تكلفة المعيشة للإيرانيين الذين رأوا قيمة رواتبهم ومدخراتهم تتلاشى. 

كما أصبح من الصعب على الكثيرين تحمل تكاليف الاحتياجات اليومية والفواكه والخضراوات واللحوم الطازجة.

لكن الجهود الرامية إلى إنعاش الاقتصاد قد لا تكلل بالنجاح، خاصة في ظل العقوبات الأميركية والأوروبية، التي تحد من مبيعات إيران النفطية، ومعاملاتها المصرفية.

وتعتبر إيران لاعبا مهما في الحرب التي تشنها إسرائيل للقضاء على حماس. كما أن طهران تدعم كذلك حزب الله الذي يتبادل مع إسرائيل الضربات القاتلة في الأشهر الأخيرة.

ورغم أن هذه الضربات لم تتحول بعد إلى حرب، وهو ما يرجع جزئيا إلى عدم رغبة إيران في الانجرار إلى صراع أوسع نطاقاً، فقد صعّدت إسرائيل لهجتها مؤخراً، محذرة من أنها قد تحول تركيزها من غزة إلى لبنان. 

ولم تعد إيران وإسرائيل تقصران أعمالهما العدائية على المعارك بالوكالة أو الضربات السرية، فقد نفذ الجانبان ضربات مفتوحة، وإن كانت محدودة، هذا العام على أراضي الطرف الآخر.

ومن غير الواضح أيضاً ما الذي سيعنيه انتخاب رئيس جديد بالنسبة للجهود التي يبذلها الغرب منذ سنوات للحد من البرنامج النووي الإيراني، إذ أصبحت طهران أقرب من أي وقت مضى إلى القدرة على إنتاج العديد من الأسلحة النووية. 

وبعد عقود من الإصرار على أن برنامجها النووي سلمي بالكامل، يزعم بعض كبار قادة إيران علناً، أن التبادلات الصاروخية الأخيرة مع إسرائيل، تعني أن إيران يجب أن تتبنى تصنيع قنبلة نووية.

المصدر: الحرة

إقرأ أيضاً:

كيف ستتغير سياسة طهران تجاه موسكو؟

حول نتائج الجولة الأولى من انتخابات الرئاسة الإيرانية، كتب سيميون بويكوف، في "إزفيستيا":

أجريت الانتخابات الرئاسية المبكرة في إيران في 28 حزيران/يونيو. ومن المعلومً أن الرئيس في إيران ليس له الصوت الحاسم في السياسة الخارجية.

وبحسب المدير العلمي لمركز بريماكوف للتعاون في السياسة الخارجية، رسلان محمدوف، من غير المرجح أن تشهد السياسة الخارجية الإيرانية الشاملة تغيرات كبيرة في حال فوز مسعود بزشكيان أو سعيد جليلي. فكلا المرشحين اللذين وصلا إلى الجولة الثانية سيسعيان جاهدين للحفاظ على الاستقرار في تنفيذ السياسة الخارجية للبلاد.

ويرى محمدوف أنه في حالة فوز بزشكيان، فقد تستأنف المفاوضات بشأن خطة العمل الشاملة المشتركة، ولتحقيق ذلك أن يفوز مرشح الحزب الديمقراطي بالانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، التي ستجرى في الخريف. وفي الوقت نفسه، بصرف النظر عمن سيفوز في الانتخابات الرئاسية في إيران، فإن طهران ستواصل محاولة تجنب الصدام المباشر مع إسرائيل.

أما بالنسبة للعلاقات مع روسيا، فيرى الخبراء أن إيران ستواصل نهج التقارب مع موسكو. ومع ذلك، إذا أصبح مسعود بزشكيان رئيسًا للبلاد، فإن التحرك نحو روسيا لن يكون بالسرعة التي ستكون عليها الحال في حال فوز جليلي، كما تقول خبيرة الشرق الأوسط والباحثة في الشأن الإيراني ميس قربانوف. وبالمناسبة، فقد علقت إيران وروسيا مؤقتًا العمل باتفاقية التعاون الشامل، القائمة منذ العام 2022.

وقالت قربانوف: "العلاقات بين روسيا وإيران في عهد مسعود بزشكيان لن تتدهور، لكنها قد تضعف. فهم (الإصلاحيون) لا يثقون بروسيا، بينما المحافظون، الزعيم الروحي وفريق سعيد جليلي، يسعون جاهدين للتعاون مع روسيا".

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

مقالات مشابهة

  • بزشكيان وجليلي.. إصلاحي ومحافظ بجولة ثانية من انتخابات إيران
  • هل تحسم “الكتلة الرمادية” جولة الإعادة في سباق الرئاسة الإيرانية؟
  • بزشكيان أم جليلي؟ هل تحسم “الكتلة الرمادية” جولة الإعادة في سباق الرئاسة الإيرانية؟
  • سجال صاخب في مناظرة جولة الإعادة برئاسيات إيران.. وهذا الفائز بها
  • بزشكيان يكشف شرطه للانسحاب من سباق الرئاسة في إيران
  • معركة الرئاسة في إيران بين الإصلاحي بزشكيان و جليلي المتشدد
  • معركة الرئاسة في إيران: هل يستطيع بزشكيان الإصلاحي إسقاط جليلي المتشدد؟
  • كيف ستتغير سياسة طهران تجاه موسكو؟
  • مِن طبيب جراح للانتخابات الإيرانية.. معلومات عن الإصلاحي مسعود بزشكيان؟