نقابة محرري الصحافة اللبنانية: الإعلاميون ليسوا مكسر عصا
تاريخ النشر: 30th, June 2024 GMT
اعتبرت "نقابة محرري الصحافة اللبنانية" ان "من حق الصحافيين والاعلاميين إلى أي جهة انتموا وأي منطقة اتجهوا أن يمارسوا عملهم بحرية مطلقة من دون أي مضايقة، وذلك عملا بما ينص عليه الدستور اللبناني لجهة ضمانة حرية الرأي والمعتقد والنشر والتنقل طالما أنه لا يخالف القوانين، وإن الزميل اسعد بشاره تعرض فيما كان يسجل حديثا إعلاميا إلى مضايقة من عدد من الأشخاص الذين طلبوا منه مغادرة المكان وهو ليس مقرا رسميا او أمنيا يحظر وجوده فيه من دون إذن منه".
وأضافت في بيان: "إن هذا الاستفزاز غير المبرر الذي يتكرر من وقت لآخر مرفوض ومدان. وإن نقابة محرري الصحافة اللبنانية تضع هذه الواقعة أمام القضاء اللبناني والاجهزة الامنية للتحري عن هؤلاء الاشخاص والتحقق من هويتهم، ومحاسبتهم بحسب القوانين المرعية".
وتابعت: "إن النقابة تجدد تأكيدها بعدم قبول تقييد حركة الصحافيين والاعلاميين في جميع الاراضي اللبنانية لأن ذلك يتنافى مع الحرية التي يدعي جميع الأطراف احترامها، وعدم الإساءة إلى مفهومها بممارسات تعاكس ادعاءاتهم. وإذ تجدد نقابة محرري الصحافة اللبنانية إدانتها لما طاول عضو النقابة الزميل أسعد بشاره، توجه رسالة واضحة إلى الجميع بان الصحافي والاعلامي خط أحمر بالنسبة إليها، وأن لمساءلته طرقا أخرى غير الطرق التي استخدمت مع الزميل بشاره ومع سواه من قبل أي كان والتي لا يمكن أن تتوقف إلا إذا اقتنع الجميع بان الصحافيين والإعلاميين ليسوا مكسر عصا". (الوكالة الوطنية)
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: نقابة محرری الصحافة اللبنانیة
إقرأ أيضاً:
صناعة الصحافة.. وتحديات الابتكار التخريبي
عام 2013 قدم كلايتون كريستنسن الأستاذ في كلية هارفارد للأعمال، في كتابه «معضلة المبتكر» مفهوم الابتكار التخريبي لإظهار كيف يمكن للتقدم التكنولوجي أن يكون له تأثير تدميري كبير على صناعة ما، ويستند هذا المفهوم إلى نظرية التوازن المتقطع التي كانت تستخدم في أبحاث الإدارة، حيث تمر المنظمات بفترات من الاستقرار، تعقبها فترات قصيرة (نسبيًا) من الاضطرابات الدرامية الناتجة عن دخول تكنولوجيات جديدة ومنافسين جدد لا تستطيع تجاهلها.
ويشير الابتكار التخريبي إلى عملية يقوم فيها منتج أو خدمة أو تقنية جديدة بغزو الصناعة أو السوق القائمة والمستقرة، عن طريق إنشاء سوق جديدة أو تغيير السوق الحالية بشكل كبير وتتمثل أهم خصائصه في انخفاض التكلفة وإمكانات الوصول الأكبر، والاعتماد على الابتكارات التكنولوجية لتلبية احتياجات السوق، ومن ثم تحدي اللاعبين الراسخين في الصناعة أو السوق القائمة وإحداث تحول في ديناميات السوق.
وفقًا لهذه النظرية فإنه عندما يقترب الابتكار التخريبي من صناعة ما، لا يستطيع المديرون التنفيذيون التكيف السريع مع المبتكرات الجديدة والمضي قدمًا لأن «إتقان التكنولوجيا القديمة لا يعني إتقان التكنولوجيا الجديدة. وعندما يحدث تقدم تكنولوجي يغير قواعد اللعبة داخل صناعة ما، غالبًا ما تعاني الصناعة لأن القادة يكونون عادةً بطيئين جدًا في التكيف ويصبح الممارسون الشباب أو الجدد في المجال أقوى المحفزات للنموذج الجديد، لأنهم غير مقيدين بالتكنولوجيا القديمة.
وينظر قادة السوق إلى الابتكارات التخريبية على أنها تهديدات وليست فرصًا وينفقون الأموال في محاولة لدرء أخطار الابتكار التخريبي، ويتطلب تجاوز ذلك أن تبادر الصناعة المتأثرة بالابتكار التخريبي بالاعتراف بالابتكار على الفور، وتأسيس مهاراته الأساسية بسرعة، وتوظيفه.
وينظر بعض الباحثين إلى تقنيات وبرامج الذكاء الاصطناعي التوليدي باعتبارها شكلا من أشكال الابتكار التخريبي لصناعة الصحافة، بسبب ما تحدثه من آثار على المنصات الصحفية التقليدية والجديدة التي تحاول مواجهة هذا الابتكار والاستفادة منه في نفس الوقت، خاصة وأنها تضرب أسس العمل الصحفي البشري ومجالات الممارسة الصحفية الرئيسية، وهي: إنشاء المحتوى الصحفي الصالح للنشر، والقيام بعملية النشر المتزامن في جميع المنصات المتاحة، وإعادة هيكلة غرف الأخبار، وتوليد الإيرادات.
يُعد الذكاء الاصطناعي- إذن- مثالاً كلاسيكيًا للابتكار التخريبي بسبب قوته الثورية في العديد من الصناعات الإبداعية، بعد أن أصبحت الروبوتات التي تعمل بالخوارزميات تؤدي الوظائف الإعلامية التي كانت منوطة بالبشر بشكل أسرع وربما أكثر دقة. وعندما يتم إنشاء هذه الخوارزميات بشكل صحيح، يمكن أن تفعل ما يفعله البشر بأخطاء أقل. ومن هنا، ومع صعود الذكاء الاصطناعي التوليدي، يشعر الصحفيون بالضغط الشديد لكي يواكبوا هذا الصعود، ويسخرون تلك التقنيات لخدمة الإنتاج الصحفي.
في العقود الأخيرة، أصبحت ضرورة الابتكار في صناعة الإعلام أكثر أهمية وصعوبة مع زيادة وتيرة ونطاق التقدم التكنولوجي. وعلى نحو متزايد، يتضمن الابتكار الحاسم للنجاح في وسائل الإعلام ربط المحتوى والتكنولوجيا. ولذلك يعتمد الصحفيون اليوم على التكنولوجيا كعنصر أساسي في عملية إعداد التقارير، ويريد أصحاب الأعمال الإعلامية أن يفهم الصحفيون خاصة الجدد منهم كيفية تقديم القصص عبر منصات متعددة.
في السنوات الأخيرة، شهدت صناعة الصحافة العديد من الاضطرابات والابتكارات التكنولوجية التخريبية، والتي كان لها تأثير كبير على ممارسات الصناعة واقتصادياتها. والمعروف أن الصحفيين فضوليون بطبعهم بشأن الابتكارات الجديدة في مجال عملهم. فمع كل ابتكار جديد يشعر الصحفيون أن مهنتهم ووظائفهم عرضة للخطر والاضطراب، ولذلك يستغرقون وقتا إلى أن يحسموا أمرهم تجاه الابتكار الجديد ومدى قدرته على مساعدتهم مع الحفاظ على تقاليد المهنة ووظائفهم. هذه الظاهرة، التي أطلق عليها أحد الباحثين «الحنين إلى المستقبل» في مقابل حنين البعض إلى الماضي، تعبر عن اعتقاد راسخ من جانب الصحفيين ومديري الصحف بأن المستقبل قد يحمل حلولا للمشكلات الحالية التي تواجه صناعة الصحافة. ومع ذلك، فإن تبني هذه الابتكارات يجب أن يتم عبر مراحل وخطوات مدروسة وأن تكون متحررة من عقدة الانبهار بها، لأن إدخال الابتكار في الصحافة يتطلب اكتساب قدرات جديدة، قد لا يمتلكها كل الصحفيين أو يرغبون في اكتسابها. وفي اعتقادي إن المقاومة التي يبديها بعض الصحفيين تجاه استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في عملهم، تبدو طبيعية ومقبولة خاصة ونحن ما زلنا في بدايات ظهور هذه التقنيات. يعتقد الصحفيون أن مطالبتهم باستخدام هذه التقنيات الجديدة يأتي مدفوعا برغبة المؤسسات الصحفية في تحقيق الأرباح في المقام الأول. وذلك فإنهم يقاومون خاصة إذا لم يتم تزويدهم بالتدريب المناسب الذي يحتاجون إليه لاستخدام المبتكرات الجديدة. ومن الأسباب الأخرى للمقاومة هو أن شعور الصحفي بالهوية غالبًا ما يكون مرتبطًا بقوة بالأفكار والمعايير التقليدية، ما يجعل من الصعب تبني أفكار ومعايير جديدة قد تتصادم مع المعايير القائمة. ومع ذلك، يؤكد باحثون على إمكانية إنشاء نظام جديد داخل غرف الأخبار يستخدم التطورات في تقنيات الذكاء الاصطناعي ويتكيف مع احتياجات السوق مع الحفاظ على القيم الصحفية الأساسية.
عندما واجهت الصحافة الابتكار التخريبي الناتج عن تقنيات الذكاء الاصطناعي، كان لديها خياران لا ثالث لهما، هما: الرفض وبقاء الأوضاع على ما هي عليه، أو التغيير؛ إذا قرروا إبقاء أوضاع المهنة على ما هي عليه فقد تخلفوا عن ركب التطور السريع في هذا المجال، وحرموا أنفسهم ومؤسساتهم وقراءهم من الاستفادة من تلك التقنيات التي تدعم العمل الصحفي وتيسر تحليل البيانات والمعلومات، وتتيح لهم التعامل مع المعلومات الزائفة والمضللة بشكل أكثر دقة. في المقابل، إذا قرروا التغيير، فقد واجهوا تحديات ومسؤوليات جديدة تتطلب تأهيل أنفسهم للتعامل معها وتحديث غرف التحرير، وما يترتب على ذلك من مواجهة تحديات تبني هذه التقنيات مثل وضع معايير جديدة للعمل الصحفي والتخلي عن معايير راسخة، وتهديد الوظائف القائمة ومواجهة المقاومة التي قد يبديها البعض لاستخدام هذه التقنيات، والمشكلات الأخلاقية التي قد تنجم عنها، خاصةً إذا كان الابتكار لا يبدو أنه يعزز الجودة الصحفية.
ومن هنا كان على الصحافة معالجة حالة عدم اليقين وعدم القدرة على التنبؤ التي لم تكن موجودة من قبل من خلال تكييف وتعديل أساليبها القائمة في جمع وتحرير وعرض الأخبار والمعلومات، وهي مشكلة عانت منها الصحافة مع ظهور كل ابتكار جديد على مدى تاريخها. فمع تبني بعض الصحف للتقنيات الرقمية بشكل كامل، أصبح لزاما عليها أن تبادر أيضا إلى تبني تطبيقات الذكاء الاصطناعي باعتبارها أحدث أدوات التحول الرقمي.
في تقرير رويترز للأخبار الرقمية لعام 2022، أشار ناشرو الصحف إلى أنهم سيضعون المزيد من الموارد في البث الصوتي والصوت الرقمي، وقالت نسبة منهم إنهم سوف يعملون على ابتكار تطبيقات جديدة للواقع الافتراضي والواقع المعزز، ومع زيادة القدرة الموسعة لأدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل إنتاج محتوى فعال بتكلفة منخفضة، هناك الآن خطر متزايد من حدوث اضطراب هائل في العديد من الصناعات، بما في ذلك الصحافة، والواقع إن تحديد الاستجابة المناسبة للتقنيات الناشئة والمنصات الرقمية أمر صعب لأن القيمة الإجمالية للتكلفة والعائد منها وتأثير هذه الابتكارات نادرًا ما تكون واضحة من البداية.
تبدو نظرية الابتكار التخريبي مفيدة لاستكشاف تأثير الذكاء الاصطناعي على الصحفيين وعلى المؤسسات الصحفية. ولكي تنجح صناعة الصحافة في ظل ابتكار تخريبي، يجب أن تستجيب بسرعة لهذا الابتكار بالقبول وأن تُظهر استعدادًا للتغيير، ويؤكد تاريخ الصحافة أن الصناعة ربما كانت بطيئة نسبيا في الاستجابة للابتكارات التخريبية، لكنها في النهاية كانت تكيف نفسها للاستفادة منها.