انتابتني الحيرة عما أكتب في مقال هذا العدد، فالأحداث كثيرة ومتلاحقة، هل أكتب عن غلاء رغيف العيش قبل عيد الأضحى بأيام قليلة، ورفع سعر الرغيف المدعم من 5 قروش إلى 20 قرشًا، وتذمر المواطن البسيط من هذا الأمر رغم تبرير الحكومة عن قيمة الدعم الذي تقدمه في منظومة الخبز؟!
أم أناقش أزمة الأشقاء اللاجئين من سوريا والسودان إلى مصر، ورغم ترحاب الشعب المصري، وكرمه إلا أن بعض السلوكيات قد جعلته يضيق بكل هؤلاء، ويرفض وجودهم، ويتذمر من مشاركتهم إياه موارد مصر، وخيرها خاصة مع ظهور نماذج تحاول النيل من مصر، ووصل الأمر إلى تشبيه اللاجئين بالمحتلين، واتهامهم بمحاولة إقامة دولة داخل الدولة.
هل أتحدث عن مقاطعة منتجات الشركات الداعمة للصهيونية، وتحدي إحدى شركات المياه الغازية العالمية للإحساس الوطني العربي، وتبنيها شعارًا جديدًا في إعلاناتها يثير استفزاز العرب؟!
لعل من الأفضل طرح أزمة انقطاع الكهرباء، وزيادة عدد ساعات القطع دون إنذار مسبق، ودون مراعاة ارتفاع درجات الحرارة وفترة الأعياد والامتحانات وغيرها، وكأننا قد عدنا إلى زمن ظلام الإخوان!! ولم تفلح تصريحات السيد رئيس الوزراء- المتأخرة- في تهدئة الرأي العام، فالشعب استشاط غضبًا، وصار على وشك الانفجار.
هل أناقش الأوضاع المتردية في الإسكندرية، حالة الشوارع، والمرور، والمواصلات، وقطع الأشجار، واختفاء البحر، واقتصار رؤيته على القادر على دفع تكلفة الجلوس بالمطاعم والكافيهات المحتلة للكورنيش، وتأجير الشواطئ، وانتشار أعمال البلطجة، وأزمة مدينة المعمورة السياحية وفرض رسوم دخول الشاطئ على مؤجري الوحدات بحجة أن الشاطئ ليس من ضمن خدمات الوحدة!! وتفاقم مشكلة النازحين من الريف، وتجاهل المسئولين لكل أزمات الحياة اليومية للمواطن السكندري في ظل تبرير واهٍ أن الخطط الموضوعة سوف تحول الإسكندرية إلى مدينة سياحية عالمية حسب التصريحات الرسمية، وكأن ذلك لن يتم إلا بتشويه كل ما يمت للجمال بصلة، وتدميره!!
هل أسأل عن سبب تأخر إعلان التشكيل الوزاري الجديد؟ وتأخر حركة المحافظين؟ أم أترك كل هذه المشكلات جانبًا، وأبحث عن موضوع تافه يتصدر تريند السوشيال ميديا مثل صفعة عمرو دياب، والمشكلة الدائمة والمتكررة شيرين وزوجها وأخيها وبناتها وعائلتها وجيرانها وطبيبها وكل اللي عدي جنبها في يوم من الأيام، وتناحر البلوجرز واليوتيوبر للفوز بأعلى نسبة مشاهدات، ولو كان الثمن تقديم إعلانات مضللة أو محتوى تافه أو مبتذل أو افتعال أزمات مع الغير.. الخ..
لن أكتب عن شيء من كل ما سبق، فلم يعد الحديث مجديًا!!
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
المريب في الموقف المريب من الإمارات
كتب د. عزيز سليمان استاذ السياسة والسياسات
تدخل الإمارات في حرب السودان بدعم الجنجويد كان ضمن سلسلة تدخلات بدأت مباشرة بعد الثورة فقد كانت واحدة ممن عرفوا بدول المحور التي سعت حثيثا لإجهاض الثورة أسوة بما فُعِل مع ثورات الربيع العربي. لم يكن الثوار غافلين عن ذلك حين رفعوا شعار لن تحكمنا "الدويلة"... غير أنها كانت تعمل بدأب متواصل للتغلغل في تحديد مسارات الإنتقال، ويبدو أنها قد نجحت لحد كبير بعد رحلات الحج المريبة التي قام بها العديد من قادة الأحزاب السياسية التابعة لتحالف(قحت) ولم تكشف طبيعة تلك الزيارات ولا مراميها ولا ما تمخضت عنه... وقد كانت هنالك مؤشرات تدل أحيانا على أطماع في الموانئ والموارد، وأحيانا تدخل ناعم بحجة مساعي الوساطة لحل الخلاف مع إثيوبيا إبان اندلاع المواجهة الخاطفة في الفشقات. فشكوى السودان في مجلس الأمن الدولي دفعت بالتذمر من التدخل الإماراتي لأقصى حدوده، والمريب في الأمر أن التمثيل الدبلوماسي ظل كما هو. ما عدا بعض الشد والطرد من هنا وهناك.... الأمر الأكثر ريبة أن مصير شكوى السودان في مجلس الأمن لم تعد تشغل بال أحد كأنما رفعها طالب مجتهد ضد طالب مشاغب لأبي الفصل.
quincysjones@hotmail.com