من زمن ليس ببعيد كان التعديل أو التغيير الوزارى يقتنص جزءا كبيرا من اهتمامات الناس، شاغلًا حيزًا لا بأس به من الحوار اليومى بينهم وسط حالة من الترقب لمعرفة أصحاب الحظ السعيد بكرسى الوزارة، كانت تلك المساحة من الحديث كفيلة بأن تُشعرهؤلاء ولو كذبًا بأنهم مواطنون مشاركون يؤثرون ويتأثرون، كانت تلك المساحة ساحة من المراهنات لآراء تتنافس على «اللا شىء».
أما اليوم ونحن على أعتاب الإعلان عن التعديل الوزارى الجديد، فقد اقتصر الاهتمام به والحديث عنه على عدد من السادة الإعلاميين وبعض رجال السياسة، بسبب طبيعة عمل الأول وطموح الثانى، وأصبح أصحاب الطرف الأصيل يتداولون أخبار التعديل المرتقب خلسة، خوفًا من الخوض فى أعراض السياسة والوقوع فى شراكها، أو انشغالًا فى سد احتياجات يومية تزداد توحشًا باتت أكبر من قدرتهم على الوفاء بها، وربما يرجع فقدان شغف المتابعة لدى البعض استنادًا إلى مبدأ «تغيرت الوجوه والسياسات واحدة».
اللافت فى هذا التعديل هو تأخر الإعلان عنه، بسبب المشاورات الكثيرة التى أجراها الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء والتى تخطت 65 لقاءً واجتماعًا على مدار 25 يومًا للوصول إلى أفضل تشكيل يتناسب مع حجم التحديات الحالية، حسب ما صرح به مصدر حكومى لم يتم الإعلان عن اسمه.
لن أعقب على تلك التصريحات المنسوبة للمصدر الحكومى لأننا لا نعرف هويته، ولن أكتب كما جرت العادة ماذا نريد من الحكومة الجديدة وماذا ننتظر منها، بل أضع أمام هذا التشكيل الوزارى المرتقب خلال كتابة هذه السطور أوالذى سيتم الإعلان عنه خلال ساعات أو أيام، مقتطفات من مقال كتبه الراحل الكبير «مصطفى أمين » فى 13 سبتمبر 1985 مخاطبًا فيه الدكتور على لطفى رئيس الوزراء قبل أن يعقد أول اجتماع له بالمجلس الجديد، جاء فيه:
«عزيزى رئيس الوزراء، الناس تريد منك الكثير وأنا أعلم أن العين بصيرة واليد قصيرة، أزمات أكثر من ثلاثين سنة لا يمكن حلها فى ثلاثة أيام ولا ثلاثة شهور ولا ثلاث سنين.. ونحن نعلم أن أمامك قرارات صعبة نشفق عليك من إصدارها، ونعلم فى الوقت نفسه النقص الواضح فى عائدات البترول وتحويلات المصريين العاملين فى الخارج ودخل قناة السويس، ونعلم أيضًا حالة السوق الراكدة، وكل هذه أعباء تثقل كاهل طرزان ولكننا نعتقد أنك قادر على أن تجعلنا نتغلب على كل هذه المصاعب والأشواك والمطبات إذا أدخلت الجدية فى كل فرع من فروع الحكومة وإذا أوقفت العبث فى كل مكان..».
وبعد أن سرد الكاتب الكبير «مصطفى أمين» أوجه العبث كما يراها أكمل يقول: «.. إن مصر خسرت عشرات البلايين فى مشروعات وهمية ومشروعات استعراضية لا يستفيد منها إلا أصحاب العمولات، أهم صفة فيك أنك تؤمن بأننا نستطيع أن نقف على أقدامنا ولا نركع لأحد، وأن فى بلادنا من الخيرات والقوى البشرية ما لو عرفنا كيف نستغله لضاعفنا الإنتاج فلا نعتمد فى نصف غذائنا على الخارج، الجدية الحقيقية فى المدارس والجامعات وفى المصانع والشركات وفى المصالح والوزارات سوف تحول البلد إلى خلية نحل تعمل بالليل والنهار بغير توقف، وهذا وحده هو الذى ينقذنا من الإفلاس الذى يهددنا، اضرب بيد من حديد على كل من يحاول أن يسرقنا أو ينهبنا أو ينصب علينا، أعلم أن الشعب مستعد لأى تضحية إذا تأكد أن هناك مساواة وأن هناك نزاهة وان هناك عدالة وهناك حرية».
الخلاصة: قد تتشابه الأحداث والمواقف والكلمات والمعانى إلى حدود التطابق، وكأننا أوقفنا عجلة الزمن الذى لا يتوقف، لتكون العبرة دائمًا ليست فى البرامج أو السياسات، بل فى قدرة تنفيذ تلك البرامج على أرض الواقع، وما تحققه هذه السياسات من الإصلاح والتغيير الذى يصب فى مصلحة الوطن والمواطن.
فى النهاية: ربما يكون التشكيل الوزارى الجديد سطرا فى مجرى التاريخ وصفحاته، لكن المؤكد أن الإيمان بأننا نستطيع الوقوف على أقدامنا ولا نركع لأحد، هو السطر الذى يُغير مجرى التاريخ دائمًا فى الماضى والحاضر والمستقبل.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أشرف عزب التعديل الوزاري الحظ السعيد
إقرأ أيضاً:
محرّك من ايلون ماسك يعمل بالماء.. سيغيّر وجه العالم
16 نوفمبر، 2024
بغداد/المسلة: تناقلت وسائل اعلام وتواصل عن ان إيلون ماسك طور محركا جديدا يعمل بالماء في خطوة وصفت بأنها ثورة في عالم النقل المستدام حيث يعتمد المحرك على تقنية تفكيك جزيئات الماء لإنتاج الهيدروجين الذي يُستخدم كوقود نظيف خالٍ من الانبعاثات الكربونية.
الإعلان الذي جاء من شركة تيسلا يشير إلى إمكانية تغيير جذري في صناعة السيارات والطاقة إذ يمكن أن يقلص هذا الابتكار الاعتماد على النفط ويخفض تكاليف التشغيل بشكل كبير مقارنة بالوقود التقليدي والكهرباء.
التوقعات تشير إلى أن المحرك الجديد سيؤثر على الاقتصاد العالمي من خلال تقليل الطلب على الوقود الأحفوري وإعادة تشكيل ميزان القوى الاقتصادية كما أن الأثر البيئي سيكون هائلًا مع تقليل التلوث وتحقيق نقلة نوعية في جهود مكافحة التغير المناخي دوليًا .
ومع هذا الإعلان يُطرح السؤال حول جاهزية العالم لتبني هذه التكنولوجيا ومدى قدرة البنية التحتية الحالية على استيعابها لكن المؤكد أن هذا التطور يمثل قفزة كبيرة نحو مستقبل يعتمد على طاقة مستدامة ونظيفة.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author AdminSee author's posts