حكى لى الصديق المبدع الكبير أحمد الخميسى، أن والده الكاتب الكبير عبدالرحمن الخميسى، أوصاه قبل وفاته بأن يكتب على شاهد قبره «عشت أدافع عن قيثارتى، ولم أعزف ألحاني». ولما توفى أوائل شهر أبريل سنة 1987 أوفى المبدع الابن بوصية المبدع الأب.
بدت العبارة الوصية المدونة على شاهد قبر الخميسى فى طنطا مُعلمة وقيمة.
لم يجد الرجل وهو ينظر إلى رحلته العابرة على الأرض إلا أن يوصى المبدعين الجدد بأن يتجنبوا استدراجهم لمعارك عبثية لا منتصر فيها ولا منهزم، وأن يستغلوا كل لحظة ليعزفوا ألحانهم الشجية، فالعمر– مهما طال – قصير جدا، وهو أثمن من أن نُبدده فى ما لاطائل منه.
وهذا الدرس وعاه النبهاء من المبدعين والنجوم، وهم للأسف الشديد قليلون، فلم ينزلقوا فى معارك سطحية استهدفت قيثارة كل منهم، وتجنبوا إلى أكبر قدر خوض حروب تستهدف تعطيل مشروعاتهم وكبت طاقاتهم الجمالية.
لكن الأغلب والأعم من المثقفين انزلقوا فى عراك قوى مع بعضهم البعض لا علاقة له بالجمال ذاته. فالمتابع للوسط الثقافى المصرى على وجه الخصوص يُدرك إلى أى مدى استُنزف سرب المُبدعين المصريين خلال السنوات التالية لـ2011 فى استقطابات سياسية غريبة، لا طائل حقيقيا من ورائها، وأدت جميعها إلى كمون نسبى للتفرد والعراقة الإبداعية التى تميزت بها مصر عربيا ودوليا لعدة عقود. خاض كثير من المبدعين غمار معارك غير حقيقية، ساندوا شخوصا، أيدوا وربما عادوا تيارات، تلاعنوا ووظفوا قدراتهم الكتابية فى التصفيق والاتهام، واستهلكو بعيدا عن ساحة الجمال الحقيقية.
وما نراه وما نشهده وما نجفل من اتساعه يضعنا أمام مسئولية إنسانية لازمة هى أن ننظر للأجيال الشابة الصاعدة ونهتف فيها أن تقبض على قيثارتها وتنأى بها عن أى صراع سياسى أو طبقى أو حتى فكرى. فالجمال يمتع الجميع، والسحر يُبهر الكل، والابداع يُسعد كل صناع الحضارة.
ومصر كانت وستبقى منارة حضارة حقيقية، وحصن جمال منيعا، يُضىء من حوله ليُكرر كل عقد أفذاذا قادرين على استعادة الألق المستحق.
والله أعلم
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مصطفى عبيد المبدع الكبير الكاتب الكبير السياسة
إقرأ أيضاً:
رجل يخدع شرطة تايلاند ويقيم 25 عاما بتأشيرة مدتها 30 يوما فقط
لندن
نجح رجل بريطاني الجنسية في الإقامة لمدة 25 عاما داخل الأراضي التايلاندية رغم أنه كان لديه تأشيرة لمدة 30 يوما فقط.
وبدأت قصة الرجل البريطاني في عام 2000 عندما دخل تايلاند بتأشيرة سياحية ولم يغادر البلاد، وكان خلال هذه السنوات ينجنب حملات التفتيش عن مخالفي التأشيرات، حتى عندما ضبط في إحدى المرات تمكن من النجاة بحجة أنه في صدد تمديد تأشيرته لكن تم مؤخرا كشفه والقبض عليه.
وقالت الشرطة إن الرجل عاش في بانكوك 13 عاما، وارتبط بامرأة تايلاندية رُزق منها بطفل، ثم انتقل الرجل مع زوجته إلى شيانغ ماي قبل 12 عاما لأسباب اقتصادية.
وأشارت الشرطة إلى أنه لم يكن لديه وظيفة وإنما عاش على أموال عائلته في بريطانيا.