استقالت الموظفة في وزارة الداخلية الأمريكية ليلي غرينبرغ كول، من منصبها في منتصف أيار/ مايو الماضي، احتجاجا دعم الإدارة الأمريكية لحرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة ضد قطاع غزة، منتقدة لجنة "أيباك" الشهيرة الداعمة لـ "إسرائيل".

وقالت غرينبرغ كول، هي أول يهودية معينة بشكل خاص من قبل بادين تستقيل رفضا للدعم الأمريكي لـ  "إسرائيل"، في فيديو لها: إن "هذه المؤسسة تخدع اليهود وتعمل على إيقاع كل من يدعم ⁧‫غزة‬⁩ وإخراجه من الكونغرس".



Today, I became the first Jewish-American political appointee to resign from the Biden-Harris administration over its policies in Gaza. Here is my resignation letter: pic.twitter.com/oqzit7leVD — Lily Greenberg Call (@LGreenbergCall) May 15, 2024
ما هي لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية "أيباك"؟ وكيف تعمل على إسكات الأصوات الداعمة لفلسطين أو الرافضة لجرائم الاحتلال داخل الولايات المتحدة؟

تُمثل "أيباك" اللوبي الذي يستخدمه يهود الولايات المتحدة الأميركية في العاصمة واشنطن، من أجل توفير الدعم لـ "إسرائيل" بكافة أشكاله، وتأسست عام 1954، وتعتبر من أقوى جمعيات الضغط داخل الولايات المتحدة.

وبادر إلى تأسيس اللجنة يشعيا غيفن، عضو المجلس الصهيوني الأمريكي، إذ أنه قام عام 1951 بالتشاور مع بعض زعماء "إسرائيل" آنذاك أمثال: موشي شاريت، وآبا ايبن، وتيدي كوليك، بهدف السعي المباشر إلى تأسيس لوبي صهيوني أمريكي لزيادة الدعم المالي لـ "إسرائيل" التي كانت في بداية عهدها وتواجه صعوبات مالية خاصة في مطلع الخمسينيات جراء توافد المهاجرين اليهود إليها. 


واتخذت اللجنة العام 1959 اسم اللجنة الإسرائيلية الأمريكية للشؤون العامة، وتم تسجيلها رسمياً بموجب قوانين جماعات الضغط الأميركية المحلية، بحسب تقرير للمركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار".

وتعمل اللجنة بشكل واضح بأسلوب الضغط على الإدارة الأمريكية والمؤسسات الأخرى من أجل توفير الدعم المالي لـ "إسرائيل"، وفي الوقت نفسه تسعى إلى تعميق التحالف الأمريكي الإسرائيلي ومنع حصول تقارب أو تحالف بين الإدارة الأميركية وإحدى الدول العربية أو مجموعة من الدول العربية، في حالة وجود ضرر لـ "إسرائيل" من جراء هذا التحالف. 

وتؤكد هذه اللجنة أن وجود "إسرائيل" في منطقة الشرق الأوسط الإستراتيجية مهم جدا لحماية المصالح الأمريكية الحيوية، وللمساهمة الفعالة في التصدي للنفوذ السوفييتي (قبل انهياره)، وبعد ذلك بدأت اللجنة تُشدد على أن "إسرائيل" تواجه بقوة كل أشكال الإرهاب في العالم، وبالتحديد في الشرق الأوسط.

وتروج اللجنة فكرة أن "إسرائيل" تعمل لمنع أخطار من الممكن أن تحصل في هذه المنطقة المهمة في خارطة الإستراتيجية الإمريكية. وتؤكد أن "إسرائيل" هي دولة تسير وِفق النظام الديمقراطي وهذا يتوافق مع المصالح الأمريكية العالمية. 

وتعمل اللجنة إلى الضغط على الكونغرس الأمريكي لمنع إصدار أي تشريع جديد قد يؤذي "إسرائيل" أو يؤثر على العلاقات المشركة، وتضغط من أجل نيل المزيد من الدعم المالي بواسطة تعميق العلاقات الاقتصادية، بهدف زيادة الدعم بواسطة الهبات والقروض. 

AIPAC is proud to help elect pro-Israel Democrats!

Our grassroots movement of 4.5 million Americans is the top fundraiser for:

✅ @TheDemocrats
✅ @TheBlackCaucus members
✅ @HispanicCaucus members
✅ @CAPAC members
✅ @USProgressives members
✅ @EqualityCaucus members pic.twitter.com/YQf8EwZgus — AIPAC (@AIPAC) June 21, 2024
ومن الناحية العملية فإن اللجنة تقوم بتزويد كل عضو من أعضاء الكونغرس بوثائق وبيانات حول كيفية التصويت في أثناء عرض اقتراح أو مشروع معين له علاقة بـ "إسرائيل"، ويعمل أعضاء "أيباك" في الضغط على أعضاء الكونغرس بواسطة اللجوء إلى الزيارات الخاصة ودعوتهم إلى لقاءات واحتفالات وموائد وما أشبه ذلك من أساليب التقرب والاستمالة. 

ولا تكتفي اللجنة بهذه الأساليب بل إنها تتقرب أكثر إلى رؤساء اللجان العاملة داخل الكونغرس في سبيل ترتيب وتنظيم عمليات الاقتراع على قرارات ومشاريع قوانين لها علاقة بـ "إسرائيل". 

ولا يتوقف نشاط هذه اللجنة في نيل التصويت الملائم لأهدافها، بل إنه وعلى الفور بعد تحقيق ما تريده من أعضاء الكونغرس تقوم بتكريمهم والكتابة عنهم في بياناتها ونشراتها المختلفة.


وبهذا تعد منظمة "أيباك" من أقوى اللوبيات في الولايات المتحدة بالفعل، وهي واحدة من أهم الجماعات التي تؤيد الاحتلال الإسرائيلي، وهي تفتخر بالحفاظ على أمن الاحتلال الإسرائيلي وبقائه من القوى الكبيرة في المنطقة من خلال الضغوطات التي تمارسها، ويجدر الذكر بأن عدد أعضائها يصل إلى 100 ألف عضو تقريبًا.

أحدث التدخلات
نجحت "أيباك" في إسقاط عدة أعضاء كونغرس أو إفشالهم في الانتخابات حال قيام هؤلاء بدعم دولة عربية أو دعم القضية الفلسطينية، وعلى مدار العقود الستة الأخيرة، حققت مكاسب كثيرة عززت العلاقات الإسرائيلية الأمريكية، وحافظت على حياد دائم بين حزبي الكونغرس، بما أبعدها عن أي شبهات تفضيل حزب على آخر. 

وقالت ليلي غرينبرغ كول، التي عملت لسنوات طويلة ضمن المجموعات الصهيونية الداعمة لـ "إسرائيل"، ثم اتخذت منحى مناهضا للاحتلال ومعارضا للعنف في الأراضي الفلسطينية: أن الانتخابات التمهيدية هي الأغلى على الإطلاق حاليا في نيويورك، وأن لجنة "أيباك" صرفت 20 مليون دولار من أجل هزيمة النائب جمال بومان وهو قائد تقدمي أسود يدافع عن الرعاية الطبية للجميع ويناضل من أجل صحة وسلامة الجميع.

Everyone in the United States should watch this clip of Jamaal Bowman calling out AIPAC pic.twitter.com/VRPkdx2mcA — Fifty Shades of Whey (@davenewworld_2) June 20, 2024
وفي نهاية أيار/ مايو الماضي، مُني جمال بومان بهزيمة في محاولته للحصول على ولاية ثالثة بمجلس النواب الأمريكي، واعترفت الجماعات المؤيدة لـ "إسرائيل" بإنفاق 25 مليون دولار لهزيمة بومان.

وذكرت غرينبرغ كول أنه من أجل هزيمة جمال ومنعه من الحصول على ولاية ثالثة بمجلس النواب الأمريكي أنفق مشروع الديمقراطية المتحد التابع لـ "أيباك" نصف مليون دولار يوميا، وهو ما تحقق بهزيمة النائب الديمقراطي الشهر الماضي.

وأضافت في مقطع مصور نشرته على منصة انستغرام: "أعرف أيباك عن قرب وشخصيا، وانخرطت معهم عندما كنت شابة من خلال مدرستي والكنيس اليهودي، وكان ذلك لأني اعتقدت أن القتال من أجل إسرائيل هو القتال من الشعب اليهودي ومن أجل سلامة اليهود ومن أجل القيم التي أهتم بها".

View this post on Instagram A post shared by IfNotNow????✡️ (@ifnotnoworg)

وكشفت أنه "على مدار السنوات العشر الماضية عرفت كيف أن أيباك ليست منظمة تهتم باليهود ولا حتى بالأمريكيين ولا حتى الإسرائيليين، وبالطبع لا تهتم بالفلسطينيين، وأن أيباك ما هي إلا  لوبي مؤيد للحرب يختبئ وراء المجتمع اليهودي من أجل تبرير أجندة الموت والدمار".

وذكرت أن "دعم حكومتنا غير المشروط لإسرائيل ليست مشكلة سياسات إنما مشكلة سياسية، ومن أجل تغيير ذلك يجب هزيمة أيباك التي تقف إلى جانب المتعصبين البيض والمتمردين الذين يهددون الديمقراطية الأمريكية وكل ما نعتز به".


وأشارت إلى المرشح الذي جندته "أيباك ضد كمال كان جورج لاتيمر الذي عمل على اعطيل إلغاء الفصل العنصري في ويستشستر، وأوضح أنه لا يريد تمثيل السكان السود والملونين في المنطقة، وقد طلب وقبل تبرعات ضخمة من مناحي ترامب، وأيباك بدورها مدعومة من هؤلاء المانحين الجمهوريين الكبار".

وأضافت أن هذه الجهات "عازمة على الإطاحة بمثل هؤلاء المرشحين التقدميين من الملونين الذي يقاتلون من أجل مجتمع أفضل، والكثير من المجتمع اليهودي هنا يريد هذا المستقبل الأفضل أيضا.. نريد من قيادتنا ألا تقاتل معاداة السامية فقط، وأن تقاتل أيضا الأسلاموفوبيا والعنصرية وجميع أشكال التعصب الأعمى".

وفي ذات الشأن، قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن كانت خسارة النائب جمال بومان في الانتخابات التمهيدية في نيويورك بمثابة انتصار للجماعات المؤيدة لـ "إسرائيل" التي ساعد إنفاقها في جعل السباق هو أغلى انتخابات تمهيدية في مجلس النواب على الإطلاق، مما يؤكد القوة السياسية للحرب في غزة والخطوط الحادة التي رسمتها داخل الحزب الديمقراطي. 

وأضافت الصحيفة "أظهرت هزيمة بومان، وهو عضو في الفرقة التقدمية لفترتين، قوة مجموعات المصالح الخاصة ذات الجيوب العميقة، التي يمكنها إنفاق ملايين الدولارات في السباقات الانتخابية على مستوى البلاد للمساعدة في دفع شاغلي المناصب الضعفاء إلى ترك مناصبهم بوابل من القمع والدعاية".

وأوضحت أن "الأموال التي أنفقتها الجماعات المؤيدة لإسرائيل، بما في ذلك أيباك، جعلت مواقف بومان بشأن إسرائيل محورية في مصيره، وهو الذي ضغط من أجل وقف إطلاق النار في غزة، وانتقد بشدة الحكومة الإسرائيلية واتهمها بالتورط في الإبادة الجماعية، وهو اتهام يرفضه البيت الأبيض وإسرائيل".

وبينت أن "لجنة العمل السياسي التابعة لأيباك المسماه مشروع الديمقراطية المتحدة، انفقت 14.6 مليون دولار في السباق، أي ما يقرب من نصف المبلغ البالغ 29.1 مليون دولار الذي أنفقته المجموعة هذا العام في الانتخابات التمهيدية وسباقات الكونغرس"، وفقا لبيانات من منظمة "أوبين سيكرتس".

وألقى بومان باللوم على أيباك في خسارته، قائلا: "إن بعض من يسمون بالديمقراطيين ينحازون إلى الجمهوريين المتطرفين والعنصريين، والإنفاق الخارجي الكبير يقوض العملية الديمقراطية".
ورد مشروع الديمقراطية المتحد التابع لـ "أيباك" أن بومان عبر عن "وجهات نظر مناهضة لإسرائيل كانت بعيدة كل البعد عن التواصل مع ناخبيه والحزب الديمقراطي السائد"، واصفًا دليل الخسارة بأن المواقف المؤيدة لـ "إسرائيل" هي سياسة جيدة.

التوقف المقبل
وتعد المعركة الرئيسية التالية للجماعات المؤيدة لـ "إسرائيل" هي معركة تمهيدية ديمقراطية في ولاية ميسوري، حيث تستهدف النائبة كوري بوش في سباقها ضد المدعي العام في مقاطعة سانت لويس ويسلي بيل. 

وكان بوش، وهو أيضا عضو في الفرقة التقدمية، قد طالب بوقف إطلاق النار في غزة واتهم الحكومة الفيدرالية بتمكين الفظائع الجماعية من خلال إرسال الأموال والأسلحة إلى "إسرائيل".

شارك  مشروع الديمقراطية المتحدة أيضًا في الانتخابات التمهيدية الأخرى، بما في ذلك في ولاية ماريلاند، حيث أنفق أكثر من 4 ملايين دولار لمساعدة سارة إلفريث على الفوز في الانتخابات التمهيدية الديمقراطية للحصول على مقعد مفتوح في مجلس النواب.

وأكدت الصحيفة أن "أيباك" وحلفائها، الذين ينفقون الأموال لمساعدة أو إيذاء مرشحي كلا الحزبين، قد ألقوا بثقلهم من قبل، وحققت الجماعات المؤيدة لـ "إسرائيل" انتصارات كبيرة في الانتخابات التمهيدية في عام 2022، عندما أثارت المناطق المفتوحة وإعادة تقسيم الدوائر المشرعين الديمقراطيين ضد بعضهم البعض. 


وينسب الفضل إلى موقع "أيباك" على الإنترنت في الانتصارات، مع صور النائب هيلي ستيفنز من ميشيغان والنائب جلين آيفي من ماريلاند.

وسلطت نتيجة بومان الضوء على الانقسام داخل الحزب الديمقراطي بشأن الهجوم الإسرائيلي على غزة بعد أحداث 7 تشرين الأول/ أكتوبر، واتهم النشطاء المؤيدون للفلسطينيين العديد من الديمقراطيين بعدم ممارسة ضغوط كافية على "إسرائيل" لوقف قتل المدنيين، ووسعت تلك الانتقادات حتى لتشمل أعضاء الكونجرس الأكثر تعاطفا. 

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الإسرائيلية الولايات المتحدة إسرائيل الولايات المتحدة ايباك الإنتخابات الأمريكية المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی الانتخابات التمهیدیة مشروع الدیمقراطیة الولایات المتحدة أعضاء الکونغرس ملیون دولار المؤیدة لـ من أجل

إقرأ أيضاً:

الأورومتوسطي .. بعد تأكيد استخدام إسرائيل للعنف الجنسي والإنجابي.. الصمت لم يعد ممكنًا

#سواليف

قال #المرصد_الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن تقرير #لجنة_التحقيق_الدولية المستقلة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وإسرائيل، يكشف عن ارتكاب #إسرائيل بشكل منهجي وواسع النطاق #جرائم_جنسية وجرائم مبنيةعلى النوع الاجتماعي ضد #الفلسطينيين والفلسطينيات، في #انتهاكات تصل إلى حد #جرائم_حرب وجرائم ضد الإنسانية، ويؤكد ضلوعها في أفعال تُصنَّف كإبادة جماعية في قطاع #غزة منذ أكتوبر2023.

وشدد المرصد الأورومتوسطي على أن خطورة ما ورد في التقرير تستوجب تحركًا دوليًّا عاجلًا لإنهاء سياسة الإفلات من العقاب التي طالما تمتعت بها إسرائيل، والتي مكّنتها من مواصلة جرائمها غير المسبوقة بحق الفلسطينيين.

وذكر الأورومتوسطي أنّ لجنة التحقيق الدولية خلصت في تقريرها الصادر اليوم 13 آذار/مارس 2025، تحت عنوان “أكثر مما يحتملهالبشر: الاستخدام المنهجي من إسرائيل للعنف الجنسي والإنجابي وأشكال أخرى من #العنف القائم على النوع الاجتماعي منذ 7 أكتوبر2023″، إلى إن وتيرة وشدة وانتشار الجرائم الجنسية والأخرى المرتبطة بالنوع الاجتماعي التي ارتُكبت في الأرض الفلسطينية المحتلة ضد الفلسطينيين والفلسطينيات، يستدل منها على أن إسرائيل تستخدم العنف الجنسي والعنف القائم على #النوع_الاجتماعي بشكل متصاعد كأداة تهدف إلى زعزعة البنية المجتمعية للشعب الفلسطيني والسيطرة عليه واضطهاده وتدميره.

مقالات ذات صلة الفلكية الأردنية: رؤية هلال شوال يوم 29 رمضان غي ممكنة 2025/03/13

وقال الأورومتوسطي إن اللجنة أكدت أن العمليات العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة كان لها تأثير غير متناسب على المدنيين،وخاصة النساء والفتيات الفلسطينيات، حيث تعرضت العديد منهن للاستهداف المباشر، ما أسفر عن مقتل آلاف النساء من إجمالي الضحايا في غزة منذ 7 أكتوبر 2023.

وبحسب اللجنة، تعرضت النساء والفتيات الفلسطينيات كذلك لأضرار جسيمة مرتبطة بالنوع الاجتماعي نتيجة لانتهاكات إسرائيل المنهجية، والتي سببت لهنّ أضرارًا جسدية ونفسية خطيرة، بما فيذلك الوفاة بسبب مضاعفات الحمل والولادة، نتيجة للقيود الإسرائيلية التي منعت وصولهنّ إلى الرعاية الصحية الإنجابية، إلى جانب تنفيذ سياسة متعمدة لتدمير النظام الصحي في غزة. حيثاستهدفت إسرائيل بشكل خاص المرافق الصحية الجنسية والإنجابية، مما أدى إلى تداعيات فورية وطويلة الأمد على صحة النساء النفسية والجسدية، وقدرتهن على الإنجاب، مع تأثيرات دائمة على #الخصوبة لدى الفلسطينيين في غزة كجماعة. كما أدى استخدام التجويع كأداة حرب، ومنع المساعدات الإنسانية، والنزوح القسري، إلى تفاقم الأضرار الإنجابية التي طالت النساء والفتيات،وأثرت على جميع مراحل الإنجاب، بدءًا من الحمل والولادة، إلى التعافي بعد الولادة والرضاعة.

وقال الأورومتوسطي إن اللجنة وثّقت كذلك أنماطًا منهجية من العنفالجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي ضد الفلسطينيين ،شملت الاغتصاب ،والتعري القسري، والإذلال الجنسي، والتعذيب الجنسي، والعنف الموجه ضد الأعضاء التناسلية، والمعاملة المهينة،إلى جانب توثيق هذه الانتهاكات وتصويرها ونشرها عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، في إطار ممارسات تستهدف إذلالهم وترهيبهم.

كما أشار التقرير إلى أن الفلسطينيين، رجالًا ونساءً وأطفالًا،تعرضوا للعنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي فيمختلف أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة، سواء خلال الاعتقال، أوفي مراكز التحقيق والسجون، أو أثناء النزوح القسري في غزة. وقدارتُكبت هذه الانتهاكات بشكل منهجي على يد قوات الأمن الإسرائيلية، وكذلك على يد المستوطنين الإسرائيليين في الضفةالغربية.

واعتبرت اللجنة أن الجرائم الجنسية والإنجابية التي ارتكبتهاإسرائيل في الأراضي الفلسطينية منذ 7 تشرين أول/ أكتوبر2023 تشمل ما يُصنّف كجرائم حرب و/أو جرائم ضد الإنسانية،وخلصت إلى أن بعض هذه الأفعال تشكل أفعالًا من أفعال جريمةالإبادة الجماعية بموجب نظام روما الأساسي واتفاقية منع الإبادةالجماعية.

وأكدت اللجنة أن إسرائيل استهدفت القدرة الإنجابية للفلسطينيين بشكل ممنهج من خلال التدمير المتعمد لمرافق الرعاية الصحيةالجنسية والإنجابية، بما في ذلك مستشفيات الولادة ومراكز التلقيحالصناعي، مما أدى إلى تقويض الإنجاب داخل الجماعةالفلسطينية. كما فرضت حصارًا شاملًا منع وصول المساعدات الإنسانية الأساسية، بما في ذلك الغذاء والمياه والأدوية، مما تسببفي ارتفاع معدلات الوفيات بين النساء الحوامل والمرضعات وحديثي الولادة. وإضافة إلى ذلك، استخدمت إسرائيل التجويع كأداة حرب،ورفضت منح تصاريح خروج المرضى، لا سيما النساء المصابات بأمراض خطيرة مثل سرطان الجهاز التناسلي، مما أدى إلى تفاقممعاناتهن وتعريض حياتهن للخطر. وخلصت اللجنة إلى أن هذهالسياسات مجتمعةً تشكل فرض ظروف معيشية قسرية تهدف إلىالتدمير الجسدي للفلسطينيين، كليًا أو جزئيًا، وهو أحد الأفعال المحددة كجريمة إبادة جماعية بموجب المادة 6 من نظام روماالأساسي واتفاقية منع الإبادة الجماعية.

وأوضح المرصد الأورومتوسطي أنّ تقرير اللجنة الأممية يتسق تمامًاما وثّقه المرصد الأورومتوسطي ومنظمات حقوق الإنسان على مدارأكثر من 15 شهرًا في قطاع غزة، إذ ثبت بما لا يدع مجالًا للشكتوفر عناصر الإبادة الجماعية في الجرائم الإسرائيلية ضد المدنيينفي قطاع غزة، ولكنّ المجتمع الدولي فشل على نحو مشين في اتخاذأي إجراء لوقف جريمة الإبادة الجماعية أو محاسبة إسرائيل عليها.

وذكّر المرصد الأورومتوسطي أنه سبق أن وثق وأصدر مواقف حولتورط إسرائيل المنهجي في استخدام العنف الجنسي، بما في ذلكالاغتصاب وغيره من أشكال الاعتداء الجنسي، كجزء من حملةالإبادة الجماعية الأوسع التي تشنها ضد الشعب الفلسطيني، وبناءعلى ذلك طالب بإدراج إسرائيل في القائمة السوداء للكياناتالمتورطة في العنف الجنسي في النزاعات.

كما ذكّر أنه نشر في تشرين أول/ أكتوبر 2024، نشر المرصدالأورومتوسطي تقريرًا وثّق فيه الأركان المختلفة لجريمة الإبادةالجماعية، ومنها فرض تدابير تستهدف الحؤول دون إنجاب الأطفالداخل الجماعة، إذ اتضـح مـن الممارسـات الإسرائيلية أنّ جيشالاحتلال الإسرائيلي يعمـل عـن نيـة مسـبقة عبـر تدابيـر معينـة لمنـعالولادات فـي قطـاع غـزة فـي إطـار جريمـة الإبادة الجماعيـة، بمافي ذلك توسيع دائرة القتل في سن الإنجاب، وتشتيت العائلاتالفلسطينية، وتدمير مختبر حفظ الأجنة، وتدمير النظام الصحي،إلى جانب فرض ظروف عيش قاسية من خلال التجويع.

وشدد المرصد الأورومتوسطي على أنّ تقرير اللجنة الدولية لا ينبغي أن يبقى حبرًا على ورق، بل محركًا لجميع الدول والكيانات ذاتالعلاقة للتحرك فورًا نحو تنفيذ التزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية، فلا مبرر قانونيًا أو أخلاقيًا لاستمرار حالة التعاجز التي تظهرها تلك الدول والكيانات تجاه الجرائم الإسرائيلية، والتي ساهمت على نحو مباشر أو غير مباشر في استمرار جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة.

وحذّر المرصد الأورومتوسطي من أنّ استمرار تجاهل المنظومةالدولية لتقارير وتوصيات الكيانات المستقلة ذات الشرعية، وتقديمالمصالح والاعتبارات السياسية على الواجبات الأخلاقية والقانونية،يعطي مبررًا لفقدان الثقة بالمنظومة الدولية وقيم العدالة والمساواة،ويفتح الباب أمام تصاعد التوترات والنزاعات وديمومتها.

وشدّد المرصد الأورومتوسطي على أنه مع توفّر دلائل دامغة على ارتكاب إسرائيل جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، يتعين علىالدول، بموجب التزاماتها الدولية، إلزام إسرائيل بوقف هذه الجريمة من خلال فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية وعسكرية، تشملحظر تصدير الأسلحة إليها وشرائها منها، ووقف التعاون العسكريمعها، وتجميد الأصول المالية للمسؤولين المتورطين في الجرائم ضد الفلسطينين، وتعليق الامتيازات التجارية والاتفاقيات الثنائية،بالإضافة إلى دعم عمل المحكمة الجنائية الدولية في التحقيقات التجارية حول الحالة في فلسطين وعدم عرقلة عملها بأي شكل من الأشكال.

وطالب الأورومتوسطي المجتمع الدولي بالعمل فورًا وفقًا لأحكامالقانون الدولي لإنهاء الأسباب الجذرية لمعاناة الشعب الفلسطينيواضطهاده المستمر على مدار 76 عامًا، وضمان حقوقه في العيشبحرية وكرامة، ودعم حقه في تقرير المصير وفقًا للقانون الدولي،والعمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني والاستعمار الاستيطاني المفروض على الأراضي الفلسطينية، وتفكيك نظامالعزل والفصل العنصري المفروض ضد الفلسطينيين، ورفع الحصارغير القانوني عن قطاع غزة، وضمان مساءلة ومحاسبة الجناةالإسرائيليين، وكفالة حق الضحايا الفلسطينيين في التعويض والانتصاف.

مقالات مشابهة

  • الكشف عن القواعد التي أقلعت منها الطائرات الأمريكية لاستهداف اليمن
  • 9 قتلى و9 جرحى فى حصيلة أولية للغارات الأمريكية على صنعاء
  • رسميا: صنعاء تكشف عن الخسائر التي خلفتها الغارات الأمريكية اليوم
  • وزير خارجية مصر يكشف الجهة التي ستتولى الأمن في غزة
  • كاتس: إسرائيل ستبقى في المواقع الخمسة التي أنشأتها في جنوب لبنان
  • «المنفي» يلتقي أعضاء «اللجنة العسكرية المشتركة» عن المنطقة الغربية
  • الأورومتوسطي .. بعد تأكيد استخدام إسرائيل للعنف الجنسي والإنجابي.. الصمت لم يعد ممكنًا
  • الأمم المتحدة تتهم إسرائيل بارتكاب أعمال "عنف وإبادة جماعية" في غزة
  • رئيس دفاع النواب.. قطع المعونة العسكرية الأمريكية لا يمس اتفاقية السلام مع إسرائيل
  • تحقيق أممي: هجمات "إسرائيل" على مراكز الإنجاب في غزة إبادة جماعية