لجريدة عمان:
2024-07-02@23:00:51 GMT

مناظرة محزنة ومؤسفة

تاريخ النشر: 30th, June 2024 GMT

ترجمة قاسم مكي -

الرئيس الأمريكي بايدن والرئيس السابق ترامب عقدا أول مناظرة لهما في اتلانتا ليلة الخميس الفائت في أجواء انتخابات مثيرة للقلق، ونظرا إلى الأداء المتعثر لبايدن قد تكون هذه أيضا المناظرة الوحيدة.

أشارت استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن المرشَّحَين متعادلان في السباق الرئاسي بنسبة 50% لكل منهما، لكن 20% من الناخبين لم يقرروا بعد لمن سيصوتون و60% من الأمريكيين أعدّوا أنفسهم لمشاهدة المناظرة.

وفي أوروبا التي ستجري فيها بريطانيا وفرنسا انتخاباتهما المهمة في شهر يوليو كان معظم الناس نائمين طوال فترة المناظرة، مع ذلك ليست هنالك انتخابات أكثر أهمية لأمن أوروبا وللنظام العالمي من الانتخابات الأمريكية في يوم 5 نوفمبر.

في هذا السباق الرئاسي القضايا الطاغية التي تحرك الناخبين هي التضخم والإجهاض والهجرة وكلها مهمة ومثيرة للانقسام، لكن مشاهدي المناظرة كانت تدور في بالهم أيضا قضية أخرى، إنهم يريدون أن يحكموا ما إذا كان لدى المرشحين المزاج وقوة الشكيمة اللازمين لتقديم قيادة فعالة.

في هذا الجانب كانت المناظرة أبعد من أن تكون باعثة على الاطمئنان، لقد استثار أداء بايدن مطالبا بالتخلي عن ترشحه لصالح مرشح بديل، هذا مؤسف، فالعديد من سياسات بايدن كانت ضرورية بداية بحشد الناتو للدفاع عن أوكرانيا والى قيادة تعافي الولايات المتحدة من جائحة كوفيد-19.

في الأثناء لم يبد الرئيس السابق ترامب ندما وتعامل في استخفاف مع الحقائق حول كل شيء بدءا بأحداث 6 يناير (اقتحام الكونجرس) وإلى العجز التجاري مع الصين ودعم أوروبا لأوكرانيا.

أكدت المناظرة أيضا أن المنافسة الرئاسية تمددت من التوجه أساسا إلى الأمريكيين من الطبقة العاملة (وضد نخب واشنطن) إلى التركيز الآن أيضا على الأقليات غير البيضاء في أمريكا، فكل مرشح يسعى إلى كسب أصوات السود والأمريكيين من أصول إسبانية.

ركز الرئيس بايدن على نجاحه في إيجاد الوظائف والسياسات التي تهدف إلى تيسير إقامة بنية تحتية اجتماعية لهذه الجماعات. والرئيس السابق ترامب في إحدى هجماته العديدة على المهاجرين والحدود وسياسات بايدن اتهم المهاجرين بسرقة الوظائف من الأمريكيين من أصول إفريقية وإسبانية.

كان حظ الديمقراطية بائسا. وكانت المناظرة تذكيرا بأن معايير الخطاب المدني التي قدمت في يوم ما قواعد الطريق غرقت في الحقائق المزيفة والتضليل.

لقد راوغ ترامب في أهم معيار أساسي للديمقراطية وهو القبول بالانتقال السلمي للسلطة بعد إجراء الانتخابات.

وعندما حوصر بالأسئلة قال الرئيس السابق أنه سيقبل بنتائج انتخابات 2024 «إذا كانت نزيهة وقانونية وجيدة» وامتنع عن الإقرار بأن انتخابات 2020 استوفت هذه الشروط.

قضى المرشحان معظم وقت المناظرة في الجدال حول سياساتهما إزاء التضخم والهجرة والإجهاض. لكن أي أحد ليس على معرفة بتفاصيل السياسات كان يصعب عليه فك شفرة المناظرة التي تناثرت فيها التصريحات المضللة والزائفة. ولم يكن أقلها تصريح ترامب بأن موجة من المهاجرين «قادمة لقتل مواطنينا بمستوى لم نشهده أبدا» .

كان المشهد مزعجا في وقت تبدو فيه خيارات السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي القادم مهمة أكثر من أي وقت مضى.

فالرهانات عالية على نحو خاص مع حربين مشتعلتين في أوكرانيا وغزة ومنافسة مع الصين تشكل خطرا على الاستقلال الاقتصادي لأوروبا وتقسِّم العالم وأزمة مناخية تتطلب قيادة الولايات المتحدة.

لدى المرشحين الرئاسيين فهم مختلف جذريا للنظام العالمي والدور الأمثل لأمريكا في الحفاظ عليه. وكلا المرشحين يُقرِّان بأهمية تأمين المكانة الدولية لأمريكا.

تطرق الرئيس السابق مرارا وتكرارا إلى الانسحاب الفاشل للولايات المتحدة من أفغانستان واصفا إياه باليوم الأكثر إرباكا في تاريخ الولايات المتحدة. وزعم إنه كان يحاول إخراج الولايات المتحدة من أفغانستان «بكرامة» من جانبه، أطرى بايدن مكانة الولايات المتحدة مسلطا الضوء على الاحترام العالمي لجيشها.

وعاد ترامب إلى العديد من تصريحاته المعهودة من شاكلة أن فرض رسوم جمركية بنسبة 10% ستمنع باقي العالم من «سرقتنا» وأنها، خلافا لاعتقاد بايدن، لن ترفع الأسعار الاستهلاكية، ولم يُذكر شيء في أثناء المناظرة عن الصين بخلاف ما قاله ترامب من أن بكين « في سبيلها إلى امتلاكنا» وأن بايدن « يدمر البلاد» وأنه «مرشح دمية يموَّل بواسطة الصين».

جدد الرئيس السابق احتقاره للتعددية مكررا المجازات القديمة مثل أن الولايات المتحدة تُستغل بمشاركتها في معاهدة باريس للمناخ، وفي تعليقاته حول أوكرانيا وغزة لم يقدم ترامب للمشاهدين تفاصيل كافية. لقد قال إنه سينهي الحرب في أوكرانيا قبل تنصيبه يوم 20 يناير (لكنه لم يقل كيف)، كما كرر زعمه بأن الحرب ما كانت لتقع أبدا إذا كان يتولى الحكم وأن أفغانستان كانت عامل تعجيل في تقدير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لضعف الولايات المتحدة.

وفي الإجابة على سؤال رفض ترامب شروط بوتين للسلام وأكد مرارا أن الولايات المتحدة محمية بالمحيط، وعاد إلى هجومه القديم على الحكومات الأوروبية قائلا إنها يجب عليها دفع المزيد لتمويل احتياجاتها الدفاعية، كما صرح أيضا بأن الولايات المتحدة تحت قيادة بايدن تجاوزت الحد في إنفاق المال على أوكرانيا.

حول غزة حاول كل من ترامب وبايدن المزايدة على الآخر في إثبات تأييدهما لإسرائيل. ذكر ترامب أن على إسرائيل «إكمال المهمة» لكنه أخفق في توضيح ما سيعقب ذلك، وردا على سؤال عما إذا كان يؤيد إنشاء دولة للفلسطينيين قال «سأنظر في ذلك»، ولام بايدن على دعم إيران لحماس وحزب الله وقال إنها لم تكن تملك المال اللازم لتقديم ذلك الدعم عندما كان يتولى السلطة.

مع تبقي أربعة أشهر لإجراء الانتخابات قد لا نشهد مناظرة أخرى، وستكون الأيام القادمة حاسمة في أهميتها للديمقراطيين.

سيخاطب رئيس الوزراء الإسرائيلي الكونجرس يوم 24 يوليو في خطوة من المحتمل جدا أن تعمّق الانقسامات داخل الحزب الديمقراطي ووسط الناخبين الشباب في أمريكا.

في سبتمبر ستفتح الجامعات أبوابها وسيحتج الطلاب، وقد ينشط الاقتصاد. لكن إذا ارتفعت أسعار البنزين سيلوم الناخبون بايدن.

لا يزال هنالك أيضا مؤتمران سياسيان رئيسيان سيعقدان لاحقا، على الديمقراطيين الآن أن يقرروا ما إذا كانوا سيستجيبون للدعوات بتنحي بايدن عن الترشح، وهذا ليس قرارا يتم التعامل معه باستخفاف، فالانتخابات الأكثر الأهمية والأخطر التي تواجهها الولايات المتحدة على الإطلاق تتطلب بديلا ناجحا لترامب الذي تتساوى حظوظه الآن مع بايدن في السباق الرئاسي وسبق له أن حصل على 74 مليون صوت في انتخابات 2020.

يبدو مستقبل القيادة الرئاسية للولايات المتحدة والدور العالمي لأمريكا أبعد جدا من أن يكون مؤكدا، وأوروبا لها كل الحق في أن تكون قلقة جدا.

ليزلي فينجاموري مديرة برنامج الولايات المتحدة والأمريكتين بالمعهد الملكي للشؤون الدولية (شاتام هاوس)

عن المعهد الملكي للشؤون الدولية

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الولایات المتحدة الرئیس السابق إذا کان

إقرأ أيضاً:

مارك رافالو: الولايات المتحدة تتجه إلى الديكتاتورية.. ما علاقة ترامب؟

انتقد الفنان الأمريكي الشهير، مارك رافالو، قرار القضاء الأمريكي بمنح الرئيس السابق، دونالد ترامب، حصانة في بعض القضايا، وذلك قبل أشهر على الانتخابات الرئاسية التي ينافس فيها الأخير، الرئيس الحالي جو بايدن.

واعتبر مارك رافالو أن الحكم القضائي يخل بمبدأ "الضوابط والتوازنات" في السياسة الأمريكية، ويحول الولايات المتحدة الأمريكية إلى ديكتاتورية، أسوة بألمانيا النازية التي ألغت قواعد الضوابط والتوازنات قبل أن تتحول إلى ديكتاتورية.

وقال على منصة إكس: "التاريخ يعيد نفسه".

… Just for the record. History is repeating itself https://t.co/Vyenq0eFsg — Mark Ruffalo (@MarkRuffalo) July 2, 2024

ويقسم الدستور الأمريكي الحكومة إلى ثلاث سلطات: التشريعية والتنفيذية والقضائية. وأعطى صلاحيات محددة لكل فرع ووضع ما يسمى بالضوابط والتوازنات والهدف منها هو التأكد من عدم قدرة أي فرع على التحكم في الكثير من السلطة، مما يؤدي إلى الفصل بين السلطات، وحث الأطراف السياسية في البلاد على تقاسم السلطة، وليس احتكارها.



من جانبه، انتقد الرئيس الأمريكي، جو بايدن، الثلاثاء، قرار المحكمة العليا بشأن الحصانة الرئاسية، الذي قضى بأن الرؤساء يتمتعون بحصانة مطلقة من الملاحقة القضائية عن الأعمال الرسمية الأساسية، وأصدر تحذيرا شديد اللهجة بشأن فترة ولاية ثانية محتملة للرئيس السابق دونالد ترامب.

استهجن الرئيس الأمريكي جو بايدن، قرار المحكمة العليا، والمتعلق بسلفه دونالد ترامب، وتمتعه بحصانة مطلقة من الملاحقة، محذرا من فوزه بولاية ثانية وخطورته على أمريكا.

وقال بايدن: "لا يوجد ملوك في أمريكا، كل واحد منا متساو أمام القانون، لا أحد، لا أحد فوق القانون، ولا حتى رئيس الولايات المتحدة، قرار المحكمة العليا بشأن الحصانة الرئاسية، غير ذلك بشكل جذري".

وقضت المحكمة العليا الأمريكية، الاثنين الماضي، بتمتّع الرئيس السابق دونالد ترامب، بـ"حصانة جزئية"، فيما يخص ادعاءات دوره باقتحام الكونغرس في 6 يناير/ كانون الثاني 2021 والتدخل بالانتخابات الرئاسية عام 2020.

جاء ذلك في معرض تقييم قضاة "العليا الأمريكية"، لطلب تقدم به ترامب في وقت سابق، حول تمتعه بـ"الحصانة الرئاسية" أمام الادعاءات التي تلاحقه.

وحكمت المحكمة بأن ترامب يتمتع بـ"حصانة عن الأعمال الرسمية، ولكن ليس عن أعماله الشخصية وتصرفاته الخاصة".

المحكمة التي أصدرت قراراها بأغلبية 6 قضاة مقابل رفض 3 آخرين، أوضحت أن الإجراءات غير الرسمية للرئيس لا تتمتع بالحصانة.



وفي معرض تعليقه على الأمر، أكد رئيس المحكمة العليا، جون روبرتس، أن الرئيس ليس مستثنى من القوانين، وأنه لا يتمتع بحصانة بسبب أعماله الخاصة.

وأضاف أن هيئة المحكمة توصلت إلى قرار مفاده بأن "الرئيس يتمتع بحصانة جزئية".

ومن المرجح أن يؤدي قرار المحكمة العليا، لتأخير محاكمة ترامب أكثر، فيما يخص التدخل في الانتخابات الفيدرالية، نظرا للحاجة إلى تحديد التهم التي سيعفى منها ويحاسب عليها الرئيس السابق للبلاد.

وكان ترامب قد تقدم بطلب للمحكمة العليا لإسقاط الدعوى المرفوعة ضده بسبب "دوره في اقتحام الكونغرس يوم 6 يناير، والتدخل في الانتخابات الرئاسية عام 2020"، مبررا طلبه هذا بتمتع الرئيس بـ "الحصانة".

ويأتي هذا الحكم بحق ترامب على خلفية القضية المرفوعة من الحكومة الأمريكية ضده ترامب على خلفية دوره في أحداث 6 يناير 2021 عندما اقتحم الآلاف من أنصاره مبنى الكونغرس في محاولة لتعطيل التصديق على نتائج الانتخابات التي فاز بها منافسه الديمقراطي جو بايدن.

وبمقتضى هذا الحكم، تعود القضية المرفوعة ضد ترامب إلى محكمة أدنى.

مقالات مشابهة

  • مارك رافالو: الولايات المتحدة تتجه إلى الديكتاتورية.. ما علاقة ترامب؟
  • إيلون ماسك يعلق على مناظرة الانتخابات الأمريكية بين ترامب وبايدن
  • بطل العالم السابق لاتحاد (UFC) يصف ترشح بايدن لولاية جديدة بأنه "عار"
  • عائلة بايدن تطالبه بمواصلة السباق الرئاسي بعد مناظرة ترامب
  • “سي إن إن”: حلفاء واشنطن خائفون من خطوة روسية صينية تمس الولايات المتحدة حال انسحاب بايدن
  • مقال في ناشونال إنترست: أميركا هي الخاسر الأكبر من مناظرة بايدن وترامب
  • حلفاء واشنطن خائفون من خطوة روسية صينية تمس الولايات المتحدة
  • "سي إن إن": حلفاء واشنطن خائفون من خطوة روسية صينية تمس الولايات المتحدة حال انسحاب بايدن
  • برلماني أوكراني يتحدث عن "ذعر كبير" في مكتب زيلينسكي بعد المناظرة الأمريكية