لجريدة عمان:
2025-03-10@08:04:59 GMT

مختبر افتراضي في تعليم الرياضيات

تاريخ النشر: 30th, June 2024 GMT

يتمتع معلم الرياضيات بمكانة مهمة كعضو فاعل ومؤثر في عملية إكساب الطلبة المفاهيم، والتعميمات، والمهارات، والمسائل الرياضية، بالإضافة إلى القيم الجمالية المرتبطة بماهية الرياضيات، ويتطلب هذا الدور تطويرًا وتجديدًا للخبرات التعليمية والتعلمية لهؤلاء المعلمين بما يتلاءم مع التطورات الهائلة في مجال تعليم وتعلم الرياضيات.

لذا؛ أصبح لزامًا على المؤسسات التربوية المختصة بتعليم الرياضيات أن تتبنى مجالات التطوير التي تعزز من الأداء التدريسي للمعلمين والتحصيل العلمي للطلبة. وقد ظهرت العديد من التوجهات المعاصرة التي تركز على تحسين تقديم المعرفة الرياضية. وتهدف هذه التوجهات إلى تجويد الخبرات التعليمية التي تساعد المتعلمين على الاكتساب النوعي والعميق للمفاهيم والحقائق والتعميمات والمهارات الرياضية. كما تسهم في تعزيز مهارات حل المشكلات والتمثيلات الرياضية والتواصل الرياضي، فضلًا عن تعزيز معتقدات الكفاءة الذاتية والتنظيم الذاتي والدافعية.

عطفًا على ما سبق؛ تمثل تقنيات الواقع الافتراضي والمعزز والمختلط أحد المصادر الحديثة والمتجددة باستمرار التي تبنتها العديد من النظم التعليمية في العالم. في الولايات المتحدة، تستخدم بعض المدارس والجامعات تطبيقات الواقع بأنواعه لتعزيز تجربة تعلم الرياضيات. على سبيل المثال: يتم استخدام تطبيقات تفاعلية لتوضيح المفاهيم الرياضية الصعبة وإبراز العلاقات بينها.

وفي اليابان؛ تُستخدم التقنيات المختلطة في تعليم الرياضيات في المدارس الابتدائية والثانوية، حيث يتم استخدام الأجهزة اللوحية وتطبيقات الواقع المختلط لتوفير تجارب تعليمية محفزة وتفاعلية تساعد الطلاب على فهم المفاهيم الرياضية بشكل أفضل.

وفي المملكة المتحدة وأستراليا؛ يُستخدم التعلم المختلط في الرياضيات كجزء من تجارب التعليم الحديثة، حيث يتم توفير موارد تعليمية رقمية تجمع بين المفاهيم التقليدية والتقنيات الحديثة لتعزيز التعلم الفعّال وتحفيز الطلاب.

كما أظهرت بعض التحليلات الإحصائية لنتائج الدراسات البحثية في الدول العربية أن هناك جهودًا نوعيةً في بعض الدول العربية نحو تضمين هذه التقنيات كتجارب تعليمية جيدة في تدريس الرياضيات. ورغم هذا التوجه الطموح، إلا أنه، وبرأي مجموعة من الدراسات الحديثة، تعد تقنيات الواقع المعزز والمختلط والافتراضي أمثلة على التقنيات ذات الموارد غير المستغلة إمكانياتها في تجويد تعليم وتعلم الرياضيات بشكل واسع محليًا وعربيًا حتى الآن.

إضافة إلى ذلك؛ ظهرت مجموعة من التوجهات التي تجمع بين التكامل في العمق المعرفي والمهاري المطلوب اكتسابه من قبل الطالب وبين آلية ووسائل ومصادر تقديمه للمتعلمين. فمثلا ركزت التجارب التعليمية والبحثية حتى الآن بشكل كبير على تقديم المعارف للطلبة من خلال تقنيات الواقع المعزز والواقع الافتراضي والواقع المختلط. وفي هذا السياق؛ تعتبر هذه التقنيات نهجًا بديلًا لتوصيل أو عرض المعلومات التي تُدرَّس حاليًا بوسائل أخرى. ومع ذلك؛ من المهم أن نأخذ في الاعتبار ليس فقط قدرة الطلاب على اكتساب المعارف والمهارات من خلال التكنولوجيا، بل أيضا حاجتهم إلى الإبداع والإنتاج باستخدام هذه التقنيات الناشئة. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن نتطلع إلى استكشاف كيفية تعزيز التفاعل والتعاون بين الطلاب عبر هذه الوسائل التكنولوجية، حيث يمكن لتقنيات الواقع الافتراضي والمعزز والمختلط أن تفتح آفاقًا جديدةً للعمل الجماعي والمشاريع المشتركة، كما ينبغي التركيز على تطوير المناهج التعليمية لتشمل تطبيقات عملية تحفز التفكير النقدي، وتحل المشكلات بطرق مبتكرة؛ مما يعزز من قدرة الطلاب على التكيف مع تحديات المستقبل.

وتضمن التوجهات المعاصرة في استخدام تقنيات الواقع المعزز والواقع الافتراضي والواقع المختلط في التعليم العديد من الجوانب التطبيقية، مثل إنشاء بيئات تفاعلية توفر فرصًا للتجريب والاكتشاف، وتصميم برامج تعليمية تعزز التعلم الفردي، وخلق فرص للتعلم التعاوني التفاعلي والتعلم القائم على اللعب والتجريب. هذه التوجهات تعكس قدرة التكنولوجيا الحديثة على إعادة تشكيل العملية التعليمية وتقديم تجارب تعليمية مبتكرة وشاملة.

في ذات السياق؛ كان من المهم تسليط الضوء على تجربة محلية طموحة في توجهاتها، تمثل مسارًا يجمع بين التجربة التعليمية والتجربة البحثية، وتعد هذه التجربة بحثًا استراتيجيًا ضمن برنامج البحوث الاستراتيجية المتأهلة في قطاع التعليم للدورة الأولى، في إطار التعاون المشترك بين وزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار. يضم الفريق البحثي مجموعة من الخبراء المختصين بمناهج تدريس الرياضيات وتكنولوجيا التعليم من جامعة السلطان قابوس ووزارة التربية والتعليم.

ويسعى البحث إلى تقصي أثر مختبر افتراضي قائم على تقنية الواقع المختلط في تدريس وحدة هندسة الفضاء ضمن منهاج الرياضيات المتقدمة للصف الحادي عشر. يهدف البحث إلى تحسين الأداء التدريسي للمعلمين وتعزيز الاكتساب المفاهيمي والكفاءة الذاتية لدى الطلاب.

كما يركز البحث على تحليل محتوى مناهج سلاسل كامبردج «الرياضيات المتقدمة للصف الحادي عشر»، من خلال تحليل وتحديد البنى الرياضية (مثل: المفاهيم، التعميمات، الخوارزميات، والمسائل الرياضية) وتصنيف الموضوعات التي يمكن تصميم أنشطة افتراضية لها. بناءً على ذلك؛ تم تصميم برمجية مختبر رياضيات افتراضي وفقًا للأسس الهندسية، التقنية، والعلمية المعتمدة في تصميم بيئات التعلم الافتراضية بالاستفادة من نتائج تجارب عالمية وعربية في التصميم وبناء المحتوى، مع مراعاة السياق المحلي التربوي والتعليمي.

ويهدف البحث أيضًا إلى تقصي أثر المختبر الافتراضي في تدريس وتعلم مناهج سلاسل كامبريدج للرياضيات، من حيث تأثيره على الأداء التدريسي لمعلمي الرياضيات المتقدمة للصف الحادي عشر، بالإضافة إلى الاكتساب المفاهيمي والكفاءة الذاتية لدى الطلاب.

وركزت تجربة المختبر الافتراضي القائم على تقنية الواقع المختلط على إكساب الطلبة المعارف الرياضية في هندسة الفضاء من خلال تجارب تفاعلية. تعتمد هذه التجارب على تقنية الواقع المختلط، مما يمنح الطلاب مزيدًا من الاستقلالية من خلال عرض المعلومات لإرشادهم في خطوات تنفيذ الأنشطة والإجراءات التي يتعين عليهم القيام بها، أو حتى التحقق من صحة الأنشطة بمجرد الانتهاء منها. كما تعتمد التجربة على إنشاء محتوى جذاب ومفيد لتطبيقات الواقع المختلط، يساعد على تعليم وتعلم محتوى هندسة الفضاء في إطار التفاعل بين الواقع الافتراضي والواقع الحقيقي ضمن بيئة الصف المدرسي.

ومن المؤمل أن تكون هذه التجربة ذات قيمة مضافة قابلة للتقويم والتطوير بناءً على التغذية الراجعة المستمدة من واقع التطبيق الفعلي وتحدياته، وأن تفتح المجال للباحثين والمهتمين بتعليم الرياضيات وتعلمها في رسم التوجهات المستقبلية لتجويد تدريس الرياضيات وبرامج إعداد وتدريب المعلمين.

د. خولة بنت زاهر الحوسنية أستاذ مساعد بقسم المناهج والتدريس، كلية التربية، جامعة السلطان قابوس

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الواقع الافتراضی تعلیم الریاضیات الواقع المختلط تقنیات الواقع من خلال

إقرأ أيضاً:

خلال “مختبر المعرفة” السابع…” الوطنية لحقوق الإنسان” تناقش دور الإعلام في تعزيز حقوق الإنسان

 

نظمت الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان النسخة السابعة من “مختبر المعرفة”، وهو سلسلة من الندوات التي تستهدف توعية وتثقيف موظفي الهيئة حول موضوعات حيوية تتعلق بحقوق الانسان، حيث ناقشت في هذه النسخة دور الإعلام في تعزيز حقوق الإنسان، وتأثير وجهات النظر العالمية على وعي الجمهور ومشهد حقوق الإنسان بشكل عام.
وتطرقت الندوة التي قدمها سعادة محمد الحمادي، مدير عام وكالة أنباء الإمارات (وام) وعضو مجلس أمناء الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، التي جاءت تحت عنوان: ” الإعلام كأداة للدفاع عن حقوق الإنسان”، إلى أهمية الإعلام في تعزيز ونشر ثقافة حقوق الإنسان، وكيفية تسخيره في سبيل حماية حقوق الأفراد.
كما استعرضت الندوة الفرص المتنوعة و التحديات الإعلامية المحتملة في مجال حقوق الإنسان، وسلطت الضوء على أهمية دور الإعلام في تعزيز القيم والمبادئ الحقوقية ورفع مستوى الوعي بثقافة حقوق الإنسان لدى أفراد المجتمع.
وناقشت الندوة أيضاً دور الوعي الإعلامي والتواصل والسرد الاستراتيجي في التمثيل الدقيق لحقوق الإنسان على الساحة العالمية، وتحقيق الطموح الحقوقي المنشود.وام


مقالات مشابهة

  • بن مبارك يوجه بتلبية مطالب المعلمين ويدعو الى استئناف العملية التعليمية
  • ملتقى رمضاني بالشارقة يوصي بتعزيز أطر الاستدامة الرياضية
  • «البكالوريا.. خطوة نحو الغد» ندوة تعريفية بإدارة قنا التعليمية
  • صدارة مغربية في سباق الجري بدورة ند الشبا الرياضية
  • «الاستدامة الرياضية» محور «المجلس الرمضاني للشارقة»
  • كاتب صحفى: الرئيس السيسى يتابع العملية التعليمية فى الأكاديميات العسكرية
  • مختبر المستقبل في سوريا بين الفدرلة والتفكك
  • تعديل مميز لسيارة بي إم دبليو X2 الرياضية .. صور
  • خلال “مختبر المعرفة” السابع…” الوطنية لحقوق الإنسان” تناقش دور الإعلام في تعزيز حقوق الإنسان
  • بحوث الالكترونيات: تطوير حلول تكنولوجية تلبي احتياجات السوق المحلي