جريدة الرؤية العمانية:
2025-04-11@08:02:12 GMT

رؤى جديدة في القيادة التعليمية

تاريخ النشر: 30th, June 2024 GMT

رؤى جديدة في القيادة التعليمية

 

 

أمل بنت سيف الحميدية **

 

دور القيادة التحويلية في تطوير أداء المعلمين

تبرز القيادة التحويلية كمفتاح لتحقيق التطوير والتحسين المُستدام لأداء المُعلمين، وذلك يتطلب وضع رؤى مبتكرة في مجال القيادة التعليمية، حيث من الأهمية بمكان تسليط الضوء على دور القيادة التحويلية في تعزيز الفعالية والكفاءة للمعلمين.

من خلال الابتكار والتفاني، تتحوّل القيادة التحويلية إلى رافعة أساسية لتحفيز المعلمين وتمكينهم، مما ينعكس إيجابًا على جودة التعليم وتجربة الطلاب. في هذا المقال سيتم تسليط الضوء على دور القيادة التحويلية في تحفيز المعلمين وتمكينهم للتعامل مع التحديات التي تواجههم في بيئة التعلم الحديثة.

إنّ القيادة التحويلية تمثل نهجًا حديثًا في مجال الإدارة، حيث تُركز على تغيير الثقافة التنظيمية وتحفيز المشاركة الفعّالة والابتكار في جميع مستويات المؤسسة. Bass & Riggio, 2006))) ففي المجال التعليمي، تُعد القيادة التحويلية أحد العوامل الرئيسة في تحسين أداء المعلمين وتعزيز جودة التعليم.Leithwood et al. 2008)) وعند تطبيق أسس وقواعد القيادة التحويلية في المنظمات فإنها تنعكس على إلهام الآخرين للتميز والإبداع والابتكار، حيث تُسهم القيادة التحويلية في تعزيز الثقافة التعليمية وتحفيز المعلمين على تحقيق التحسين المستمر في أدائهم.Hoy & Miskel, 2013)) وبهذه الطريقة، تعزز القيادة التحويلية تحولات إيجابية في المناخ التعليمي وتعزز التفاعل الإيجابي بين جميع أفراد المجتمع التعليمي.

فالقيادة التحويلية تعتبر أمرًا غاية في الأهمية لتحسين وتطوير أداء المعلمين في بيئة التعليم. وقد أظهرت دراسة أجريت من قبل (Leithwood et al., 2008) أن القيادة التحويلية تُعزز من ارتباط المعلمين بمهمتهم التعليمية وتشجعهم على تبني المبادرات والابتكار في الفصول الدراسية. وبفعل التوجيه القيادي الفعّال، يشعر المعلمون بدعمٍ قوي وتحفيز لتحسين ممارساتهم التعليمية وتطويرها بشكل مستمر. وتُسهم هذه الروح التحفيزية في تعزيز رضا المعلمين بعملهم وزيادة استمتاعهم بالعمل التعليمي، مما ينعكس إيجابًا على جودة التعليم وتحقيق الأهداف التعليمية بفعّالية.Hoy & Miskel, 2013))

وتُعتبر أساليب تطبيق القيادة التحويلية في البيئة التعليمية ذات أهمية كبيرة لتحفيز وتمكين المعلمين وتحقيق الأهداف التعليمية بفعالية. ومن الأهمية تقديم القادة التحويليون رؤية ملهمة ومحفزة للمعلمين، لتعزيز الشعور بالمسؤولية والانتماء للأهداف التعليمية العليا.Bass & Riggio, 2006)) علاوةً على ذلك، يُظهر القادة التحويليون التواصل الفعال والشفاف مع المعلمين، مما يعزز الثقة والتفاعل الإيجابي في البيئة التعليمية.(Avolio et al., 2009) بالإضافة إلى ذلك، يشجعون على التطوير المستمر والابتكار في الممارسات التعليمية، مما يعزز التفاعل الديناميكي بين المعلمين والطلاب ويؤدي إلى تحسين النتائج التعليمية. (Leithwood et al., 2008) علاوة على ذلك، تُسهم أساليب القيادة التحويلية في بناء بيئة تعليمية داعمة ومحفزة للتعلم والنمو الشخصي للطلاب والمعلمين على حد سواء.

ومن جانب آخر، عند تبني القيادة التحويلية في المدارس قد تظهر العديد من التحديات والعوائق التي قد تقف في طريق تحقيق أهدافها. تشمل هذه التحديات التحول الثقافي والتنظيمي الذي يتطلب تغييرًا جذريًا في النهج التقليدي للإدارة المدرسية (Fullan, 2001).  بالإضافة إلى ذلك، قد تواجه المدارس صعوبات في تحقيق التوافق بين مختلف الأطراف المعنية وتشجيعهم على قبول وتبني أساليب القيادة التحويلية.(Wahlstrom & Louis, 2008) كما تتضمن التحديات النقص في الموارد المالية والبشرية والزمنية التي قد تحد من قدرة المدارس على توظيف وتطوير قادة قادرين على تطبيق القيادة التحويلية. (Louis & Miles, 1990) ومن هنا، تبرز أهمية التغلب على هذه التحديات من خلال التفاعل الفعّال بين القيادة المدرسية والمجتمع المدرسي لضمان نجاح تبني القيادة التحويلية وتحقيق تطلعات التحسين التعليمي المستمر.

كما تلعب القيادة التحويلية دورًا حيويًا في تحقيق التميز والابتكار في مجال التعليم، حيث تُسهم في تحفيز المعلمين والطلاب على تحقيق أقصى إمكاناتهم التعليمية. فقد أظهرت دراسة أجراها (Dutcher et al., 2010) أن القادة التحويليين يشجعون على المرونة والابتكار في المدارس، مما يُسهم في تنمية بيئة تعليمية ملهمة ومحفزة للطلاب والمعلمين على حد سواء. وبواسطة التوجيه والتشجيع، يُسهم القادة التحويليون في تعزيز ثقافة الابتكار والتحفيز على التجديد والتطوير المستمر في ممارسات التعليمRobinson et al., 2009).) من هنا، يعتبر تبني القيادة التحويلية أساساً لتحقيق التميز والابتكار في مؤسسات التعليم وتحسين جودة تجربة التعلم للطلاب.

وعطفًا على ما ذكر أعلاه، فإن القيادة التحويلية تلعب دورًا محوريًا في تحسين جودة التعليم وتعزيز أداء المعلمين وتحقيق التميز التعليمي. حيث ينبغي على المدارس والمؤسسات التعليمية أن تولي اهتمامًا خاصًا لتطبيق مبادئ القيادة التحويلية في بيئة التعليم. كما ينبغي للقادة التعليميين أن يكونوا على دراية بأهمية تطوير مهارات القيادة التحويلية وتبنيها في إدارة المدارس وتوجيه المعلمين نحو تحقيق أهداف التعليم بفعالية. علاوة على ذلك، يمكن أن تسهم ورش العمل والتدريبات الخاصة بالقيادة التحويلية في تعزيز الوعي بأهميتها وتطبيقها على نطاق واسع داخل المؤسسات التعليمية. بالتالي، يمكن أن تساهم تلك الجهود المشتركة في تحقيق تطلعات التحسين التعليمي وتحقيق التميز في مجال التعليم. علاوة على ذلك إن من الأهمية بمكان دعم تبني مبادئ القيادة التحويلية كجزء من استراتيجية تطوير القيادة التعليمية، وذلك بما يتماشى مع رؤية عُمان 2040 في تعزيز الابتكار والتميز في المجال التعليمي. حيث يتوجب على الجهات المعنية بالتعليم تقديم دعم مستمر لتدريب وتطوير قادة التعليم بمهارات القيادة التحويلية، وذلك لتمكينهم من توجيه التغيير والابتكار في النظام التعليمي.

 

 

 

المراجع:

 

•      Bass, B. M., & Riggio, R. E. (2006). Transformational leadership (2nd ed.). Routledge.

•      Avolio, B. J., Walumbwa, F. O., & Weber, T. J. (2009). Leadership: Current theories, research, and future directions. Annual Review of Psychology, 60, 421-449.

•      Leithwood, K., Harris, A., & Hopkins, D. (2008). Seven strong claims about successful school leadership. School Leadership & Management, 28(1), 27-42.

•      Hoy, W. K., & Miskel, C. G. (2013). Educational administration: Theory, research, and practice (9th ed.). McGraw-Hill.

•      Fullan, M. (2001). The new meaning of educational change (3rd ed.). Teachers College Press.

•      Wahlstrom, K. L., & Louis, K. S. (2008). How teachers experience principal leadership: The roles of professional community, trust, efficacy, and shared responsibility. Educational Administration Quarterly, 44(4), 458-495.

•      Louis, K. S., & Miles, M. B. (1990). Improving the urban high school: What works and why. Teachers College Press.

•      Robinson, V. M., Lloyd, C. A., & Rowe, K. J. (2009). The impact of leadership on student outcomes: An analysis of the differential effects of leadership types. Educational Administration Quarterly, 45(1), 80-125.

•      Dutcher, D., Papp, R., & Miller, T. (2010). The impact of teacher professional development programs on instructional quality: A systematic review. Retrieved from the Center for Public Education.

 

** باحثة دكتوراة في مجال القيادة

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

وفق 8 عناصر رئيسية.. "التعليم" تعتمد نموذجًا متكاملاً لتقييم المعلمين

اعتمدت وزارة التعليم نموذجًا جديدًا ومتكاملًا لتقييم أداء شاغلي الوظائف التعليمية يهدف إلى تحسين كفاءة المعلمين والارتقاء بجودة العملية التعليمية وفق أحدث المعايير العالمية.
ويمثل هذا النموذج أحد أدوات الوزارة الداعمة لتجويد الممارسات التربوية داخل الصفوف الدراسية ويعكس حرصها على بناء منظومة تقييمية دقيقة تسهم في تحقيق التطوير المهني المستدام للمعلمين ورفع مستوى مخرجات التعليم في مختلف المراحل الدراسية

أخبار متعلقة ولادة أول ظبي رملي لربيع 2025 في محمية الأمير محمد بن سلمان الملكيةصور| لدعم الإنتاج الزراعي في الأحساء.. إطلاق مبادرات تخدم 800 مزارع بأحدث التقنيات

ويستند النموذج إلى ثمانية عناصر رئيسية تمثل مرتكزات التقييم المهني للمعلم وتغطي الجوانب التعليمية والتربوية كافة بما يعزز من جودة التعليم ويحقق أهدافه الاستراتيجية.


تنويع الاستراتيجيات


ومن أبرز هذه العناصر التنويع في استراتيجيات التدريس وهو عنصر يعكس قدرة المعلم على توظيف أساليب وطرق تدريس متنوعة تتناسب مع طبيعة المحتوى التعليمي واحتياجات الطلاب وميولهم ويسهم في تعزيز مشاركتهم وتنمية مهاراتهم الفكرية والتواصلية ويشمل هذا الجانب تطبيق استراتيجيات تفاعلية تدعم التفكير النقدي وتحفز الإبداع وتوفر بيئة تعليمية نشطة قائمة على الحوار والمناقشة

.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } أكَّدت وزارة التعليم على ضرورة التزام الموظفين - اليوم
تحسين النتائج

ويتضمن النموذج عنصر تحسين نتائج المتعلمين والذي يُعد مؤشرًا رئيسيًا لقياس مدى قدرة المعلم على تطوير التحصيل الدراسي للطلاب من خلال وضع أهداف واضحة وتقديم تغذية راجعة فعالة تراعي الفروق الفردية وتدعم النقاط الإيجابية وتسهم في تجاوز نقاط الضعف مع توظيف وسائل التقنية الحديثة لتعزيز التواصل مع الطلاب ومتابعة أدائهم بشكل مستمر بما يضمن تحسين مستواهم الأكاديمي وبناء ثقتهم بأنفسهم

ويركز النموذج كذلك على عنصر إعداد وتنفيذ خطة التعلم حيث يتم تقييم قدرة المعلم على صياغة خطة تعليمية منظمة تنطلق من فهم واقعي لاحتياجات الطلاب ومستوياتهم وتنسجم مع السياسات التعليمية المعتمدة وتدعم تحقيق الأهداف التربوية بشكل ممنهج وفعّال

كما يتضمن عنصر توظيف التقنيات ووسائل التعلم المناسبة والذي يُعنى بقياس مدى قدرة المعلم على استخدام الوسائل التعليمية والتقنية الحديثة بطريقة تسهم في تسهيل الفهم وتعزيز التفاعل داخل الصف بما يتوافق مع طبيعة الدرس وأهدافه التعليمية ويخدم تطور مهارات الطلاب المعرفية والمهارية


بيئة تعليمية محفزة

ومن العناصر التي يشملها النموذج كذلك تهيئة بيئة تعليمية محفزة وهو عنصر يرتبط بقدرة المعلم على توفير بيئة صفية إيجابية تقوم على الاحترام المتبادل وتدعم الشعور بالأمان النفسي وتحفز الطلاب على المشاركة الفاعلة والانخراط في الأنشطة التعليمية داخل الصف وخارجه بما يعزز من نواتج التعلم

كما يشمل النموذج عنصر الإدارة الصفية وتحقيق الانضباط وهو معيار رئيس في قياس قدرة المعلم على تنظيم بيئة التعلم وضبط السلوك داخل الصف بما يسهم في خلق مناخ تعليمي منتج وفعّال ويعزز من الانضباط الذاتي لدى الطلاب ويدعم التفاعل الإيجابي فيما بينهم ويضمن تحقيق الأهداف التعليمية في إطار من التنظيم والدقة


تحليل النتائج


ويتضمن النموذج كذلك عنصر تحليل نتائج المتعلمين وتحسين مستواهم والذي يقيس مدى قدرة المعلم على تحليل بيانات أداء الطلاب واستثمارها في وضع خطط علاجية دقيقة تستند إلى معلومات واقعية وتسهم في تحسين الأداء الفردي والجماعي للطلاب في مختلف المواد الدراسية

ويكتمل النموذج بعنصر تنوع أساليب وأدوات التقويم حيث يتم تقييم قدرة المعلم على استخدام أدوات تقييم متنوعة وشاملة تعكس المستوى الحقيقي للطلاب وتراعي الفروق الفردية بينهم وتشمل الملاحظة الصفية والاختبارات المتنوعة والتقويم التكويني والنهائي بما يحقق العدالة والمصداقية في التقييم ويسهم في تطوير الأداء التعليمي

ويُعد اعتماد هذا النموذج خطوة محورية ضمن رؤية وزارة التعليم لتطوير الأداء المهني للمعلمين وتجويد ممارساتهم التربوية وفق منهجية علمية تضمن استدامة التطوير ورفع كفاءة العملية التعليمية وتسهم في إعداد أجيال مؤهلة بالمهارات والمعارف اللازمة لمواجهة تحديات المستقبل بثقة واقتدار

مقالات مشابهة

  • رواتب المعلمين وتهالك المدارس.. انطلاق جلسة البرلمان لمناقشة مطالب التربويين
  • 4 قرارات عاجلة لضبط العملية التعليمية في جميع المدارس
  • «التربية»: إيقاف توزيع المعلمين الجدد على المدارس نهاية مايو المقبل
  • أمين عام نقابة المعلمين: دربنا 45 ألف معلم لدعم المنظومة التعليمية
  • مطلوب تحقيق عاجل.. أول تحرك برلماني بشأن وفاة مدير إدارة الباجور التعليمية
  • وفق 8 عناصر رئيسية.. "التعليم" تعتمد نموذجًا متكاملاً لتقييم المعلمين
  • وزير التعليم العالي يتفقد سير العملية التعليمية في جامعة عدن
  • نقابة المعلمين في تعز تندد بـ”صندوق دعم التعليم” وانعكاساته الكارثية على الأسر الفقيرة 
  • قرارات لمجلس الوزراء لصالح الهيئات التعليمية
  • وكيل وزارة التعليم بأسيوط يتابع انتظام الدراسة بإدارة أبنوب التعليمية