رؤى جديدة في القيادة التعليمية
تاريخ النشر: 30th, June 2024 GMT
أمل بنت سيف الحميدية **
دور القيادة التحويلية في تطوير أداء المعلمين
تبرز القيادة التحويلية كمفتاح لتحقيق التطوير والتحسين المُستدام لأداء المُعلمين، وذلك يتطلب وضع رؤى مبتكرة في مجال القيادة التعليمية، حيث من الأهمية بمكان تسليط الضوء على دور القيادة التحويلية في تعزيز الفعالية والكفاءة للمعلمين.
إنّ القيادة التحويلية تمثل نهجًا حديثًا في مجال الإدارة، حيث تُركز على تغيير الثقافة التنظيمية وتحفيز المشاركة الفعّالة والابتكار في جميع مستويات المؤسسة. Bass & Riggio, 2006))) ففي المجال التعليمي، تُعد القيادة التحويلية أحد العوامل الرئيسة في تحسين أداء المعلمين وتعزيز جودة التعليم.Leithwood et al. 2008)) وعند تطبيق أسس وقواعد القيادة التحويلية في المنظمات فإنها تنعكس على إلهام الآخرين للتميز والإبداع والابتكار، حيث تُسهم القيادة التحويلية في تعزيز الثقافة التعليمية وتحفيز المعلمين على تحقيق التحسين المستمر في أدائهم.Hoy & Miskel, 2013)) وبهذه الطريقة، تعزز القيادة التحويلية تحولات إيجابية في المناخ التعليمي وتعزز التفاعل الإيجابي بين جميع أفراد المجتمع التعليمي.
فالقيادة التحويلية تعتبر أمرًا غاية في الأهمية لتحسين وتطوير أداء المعلمين في بيئة التعليم. وقد أظهرت دراسة أجريت من قبل (Leithwood et al., 2008) أن القيادة التحويلية تُعزز من ارتباط المعلمين بمهمتهم التعليمية وتشجعهم على تبني المبادرات والابتكار في الفصول الدراسية. وبفعل التوجيه القيادي الفعّال، يشعر المعلمون بدعمٍ قوي وتحفيز لتحسين ممارساتهم التعليمية وتطويرها بشكل مستمر. وتُسهم هذه الروح التحفيزية في تعزيز رضا المعلمين بعملهم وزيادة استمتاعهم بالعمل التعليمي، مما ينعكس إيجابًا على جودة التعليم وتحقيق الأهداف التعليمية بفعّالية.Hoy & Miskel, 2013))
وتُعتبر أساليب تطبيق القيادة التحويلية في البيئة التعليمية ذات أهمية كبيرة لتحفيز وتمكين المعلمين وتحقيق الأهداف التعليمية بفعالية. ومن الأهمية تقديم القادة التحويليون رؤية ملهمة ومحفزة للمعلمين، لتعزيز الشعور بالمسؤولية والانتماء للأهداف التعليمية العليا.Bass & Riggio, 2006)) علاوةً على ذلك، يُظهر القادة التحويليون التواصل الفعال والشفاف مع المعلمين، مما يعزز الثقة والتفاعل الإيجابي في البيئة التعليمية.(Avolio et al., 2009) بالإضافة إلى ذلك، يشجعون على التطوير المستمر والابتكار في الممارسات التعليمية، مما يعزز التفاعل الديناميكي بين المعلمين والطلاب ويؤدي إلى تحسين النتائج التعليمية. (Leithwood et al., 2008) علاوة على ذلك، تُسهم أساليب القيادة التحويلية في بناء بيئة تعليمية داعمة ومحفزة للتعلم والنمو الشخصي للطلاب والمعلمين على حد سواء.
ومن جانب آخر، عند تبني القيادة التحويلية في المدارس قد تظهر العديد من التحديات والعوائق التي قد تقف في طريق تحقيق أهدافها. تشمل هذه التحديات التحول الثقافي والتنظيمي الذي يتطلب تغييرًا جذريًا في النهج التقليدي للإدارة المدرسية (Fullan, 2001). بالإضافة إلى ذلك، قد تواجه المدارس صعوبات في تحقيق التوافق بين مختلف الأطراف المعنية وتشجيعهم على قبول وتبني أساليب القيادة التحويلية.(Wahlstrom & Louis, 2008) كما تتضمن التحديات النقص في الموارد المالية والبشرية والزمنية التي قد تحد من قدرة المدارس على توظيف وتطوير قادة قادرين على تطبيق القيادة التحويلية. (Louis & Miles, 1990) ومن هنا، تبرز أهمية التغلب على هذه التحديات من خلال التفاعل الفعّال بين القيادة المدرسية والمجتمع المدرسي لضمان نجاح تبني القيادة التحويلية وتحقيق تطلعات التحسين التعليمي المستمر.
كما تلعب القيادة التحويلية دورًا حيويًا في تحقيق التميز والابتكار في مجال التعليم، حيث تُسهم في تحفيز المعلمين والطلاب على تحقيق أقصى إمكاناتهم التعليمية. فقد أظهرت دراسة أجراها (Dutcher et al., 2010) أن القادة التحويليين يشجعون على المرونة والابتكار في المدارس، مما يُسهم في تنمية بيئة تعليمية ملهمة ومحفزة للطلاب والمعلمين على حد سواء. وبواسطة التوجيه والتشجيع، يُسهم القادة التحويليون في تعزيز ثقافة الابتكار والتحفيز على التجديد والتطوير المستمر في ممارسات التعليمRobinson et al., 2009).) من هنا، يعتبر تبني القيادة التحويلية أساساً لتحقيق التميز والابتكار في مؤسسات التعليم وتحسين جودة تجربة التعلم للطلاب.
وعطفًا على ما ذكر أعلاه، فإن القيادة التحويلية تلعب دورًا محوريًا في تحسين جودة التعليم وتعزيز أداء المعلمين وتحقيق التميز التعليمي. حيث ينبغي على المدارس والمؤسسات التعليمية أن تولي اهتمامًا خاصًا لتطبيق مبادئ القيادة التحويلية في بيئة التعليم. كما ينبغي للقادة التعليميين أن يكونوا على دراية بأهمية تطوير مهارات القيادة التحويلية وتبنيها في إدارة المدارس وتوجيه المعلمين نحو تحقيق أهداف التعليم بفعالية. علاوة على ذلك، يمكن أن تسهم ورش العمل والتدريبات الخاصة بالقيادة التحويلية في تعزيز الوعي بأهميتها وتطبيقها على نطاق واسع داخل المؤسسات التعليمية. بالتالي، يمكن أن تساهم تلك الجهود المشتركة في تحقيق تطلعات التحسين التعليمي وتحقيق التميز في مجال التعليم. علاوة على ذلك إن من الأهمية بمكان دعم تبني مبادئ القيادة التحويلية كجزء من استراتيجية تطوير القيادة التعليمية، وذلك بما يتماشى مع رؤية عُمان 2040 في تعزيز الابتكار والتميز في المجال التعليمي. حيث يتوجب على الجهات المعنية بالتعليم تقديم دعم مستمر لتدريب وتطوير قادة التعليم بمهارات القيادة التحويلية، وذلك لتمكينهم من توجيه التغيير والابتكار في النظام التعليمي.
المراجع:
• Bass, B. M., & Riggio, R. E. (2006). Transformational leadership (2nd ed.). Routledge.
• Avolio, B. J., Walumbwa, F. O., & Weber, T. J. (2009). Leadership: Current theories, research, and future directions. Annual Review of Psychology, 60, 421-449.
• Leithwood, K., Harris, A., & Hopkins, D. (2008). Seven strong claims about successful school leadership. School Leadership & Management, 28(1), 27-42.
• Hoy, W. K., & Miskel, C. G. (2013). Educational administration: Theory, research, and practice (9th ed.). McGraw-Hill.
• Fullan, M. (2001). The new meaning of educational change (3rd ed.). Teachers College Press.
• Wahlstrom, K. L., & Louis, K. S. (2008). How teachers experience principal leadership: The roles of professional community, trust, efficacy, and shared responsibility. Educational Administration Quarterly, 44(4), 458-495.
• Louis, K. S., & Miles, M. B. (1990). Improving the urban high school: What works and why. Teachers College Press.
• Robinson, V. M., Lloyd, C. A., & Rowe, K. J. (2009). The impact of leadership on student outcomes: An analysis of the differential effects of leadership types. Educational Administration Quarterly, 45(1), 80-125.
• Dutcher, D., Papp, R., & Miller, T. (2010). The impact of teacher professional development programs on instructional quality: A systematic review. Retrieved from the Center for Public Education.
** باحثة دكتوراة في مجال القيادة
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
وزير التعليم: نسعى إلى تعزيز قيم التربية الإيجابية في جميع جوانب العملية التعليمية
شارك محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، اليوم، في المؤتمر العلمي الدولي الأول للتربية الإيجابية، نيابة عن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس الوزراء، الذي نظمته مؤسسة نور مصر للأعمال الخيرية بالتعاون والرعاية مع جامعة طنطا وجامعة كفر الشيخ وجامعة السلام وشركة أونيست للتدريب والاستشارات.
وأعرب وزير التربية والتعليم عن سعادته بالمشاركة في هذا المؤتمر المتميز، نيابة عن الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، ونقل صادق تحياته، وخالص تمنياته بنجاح هذا المؤتمر في تحقيق أهدافه المرجوة، لا سيما غرس القيم الإيجابية في نفوس المواطنين ضد الغزو الثقافي الراهن، ودعم تنفيذ استراتيجية التنمية المستدامة «رؤية مصر 2030»، وكذلك الخروج بتوصيات واقعية قابلة للتطبيق.
الاستثمار في بناء الإنسان هو الاستثمار الحقيقيكما أكد الوزير، أن انعقاد هذا المؤتمر يُمثل أهمية بالغة، ويعكس إيمانًا كبيرًا بأن الاستثمار في بناء الإنسان هو الاستثمار الحقيقي، كما يأتي في إطار الحاجة إلى تعزيز الحوار المجتمعي حول التربية وأساليبها، ما يُعد فرصة ذهبية لتبادل الخبرات، وأفضل الممارسات ووضع استراتيجيات مستدامة لتطبيق أسس التربية الإيجابية على نطاق واسع.
وأشار الوزير إلى أن التربية الإيجابية هي فلسفة مجتمعية تهدف إلى تنشئة الأفراد على القيم الإنسانية، وتنمية قدراتهم؛ ليصبحوا شركاء فاعلين في تحقيق التنمية المستدامة، وتمثل دعوة لبناء علاقات متوازنة بين الآباء، والمعلمين، والنشء تقوم على الاحترام والتفاهم والتشجيع، موضحًا أنه في عصرنا الحالي لم تعد التربية الإيجابية خيارًا بل أصبحت ضرورة؛ إذ أنها الأسلوب الذي يساعد في تشكيل شخصية الطفل منذ مراحل عمره المبكرة، ويسهم في بنائه حتى يتمكن من التفاعل الإيجابي مع مجتمعه من خلال التوجيه الصحيح للنشء، وتزويدهم بالقيم الإنسانية الراسخة مثل الاحترام والتعاون والنزاهة.
الدولة المصرية أولت اهتمامًا بالغًا بتطوير منظومة التعليمكما أكد الوزير أن الدولة المصرية تدرك أهمية التربية الإيجابية كجزء لا يتجزأ من رؤية شاملة لإعداد أجيال المستقبل، وأولت الدولة المصرية تحت قيادة الرئيس السيسي اهتمامًا بالغًا بتطوير منظومة التعليم، باعتبارها ركيزة أساسية في تحقيق التنمية المستدامة، من خلال نظام تعليمي يعتمد على تحصين طلابنا ضد الأفكار الهدامة، وتقديم محتوى تعليمي يعزز من فهمهم للعالم من حولهم، ويساعدهم على اتخاذ قرارات مستقلة ومدروسة.
وتابع الوزير: «وفي هذا الإطار، أود التأكيد على تبني الدولة المصرية لاستراتيجيات تهدف إلى بناء الإنسان المصري، وتدعم كل الجهود والمبادرات الرامية إلى تعزيز التربية الإيجابية في المجتمع، والعمل على دمجها في سياسات التعليم، وخطط التنمية البشرية».
وأكد أنه في هذا السياق، تسعى وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني إلى تعزيز قيم التربية الإيجابية في جميع جوانب العملية التعليمية من خلال تدريب المعلمين على تبني استراتيجيات تربوية وتعليمية قائمة على الحوار الفعّال، وتفهم احتياجات الطلاب النفسية والاجتماعية، وحظر جميع أنواع العقاب البدني والنفسي، فضلًا عن تضمين قيم التربية الإيجابية داخل المناهج التعليمية؛ بهدف غرس مبادئ الاحترام المتبادل والتسامح، وتحمل المسئولية وتقبل الآخر، والعمل الاجتماعي والتعاوني في نفوسهم، بالإضافة إلى تعزيز التواصل مع أولياء الأمور، وعقد لقاءات دورية معهم من أجل تعزيز تطبيق أسس التربية الإيجابية.
وأوضح الوزير أن تبني مفهوم التربية الإيجابية يعكس وعيًا بأهمية الاستثمار في العنصر البشري؛ فالأطفال الذين ينشأون في بيئة آمنة، ومحفزة وداعمة هم الأقدر على ممارسة الإبداع، واكتساب مهارات التفكير الناقد، وحل المشكلات، ومن ثم المشاركة الفاعلة في بناء مستقبل هذا الوطن، كما أن التربية الإيجابية تسهم بشكل كبير في مواجهة العديد من المشكلات مثل التنمر، وممارسة العنف، وضعف الثقة بالنفس وضعف التواصل الأسري، ما يعزز الاستقرار المجتمعي، ويُسهم في زيادة معدلات التنمية.
تفاعل الأسرة مع المدرسةوأضاف الوزير أن الدراسات أثبتت أن تفاعل الأسرة مع المدرسة، وتعزيز التربية الإيجابية في البيئة الأسرية يعد من العوامل الأساسية في نجاح الطفل دراسيًا واجتماعيًا، ولذلك فإن وزارة التربية والتعليم والتعليم الفني تسعى إلى تمكين معلميها من أدوات التربية الحديثة التي تضمن تنشئة جيل قادر على التفاعل بإيجابية في شتى ميادين الحياة.
يذكر أن المؤتمر يهدف إلى عرض ومناقشة وتحكيم ونشر البحوث والدراسات العلمية من خلال المؤتمر بهدف غرس القيم الإيجابية في نفوس المواطنين، وتحصين المواطن ضد الغزو الثقافي، فضلًا عن تمصير القيم والمعتقدات الحديثة، والاستثمار الأمثل للتكنولوجيا في تحقيق أهداف التربية المستدامة.