ماجد المرهون
majidomarmajid@outlook.com
لنشأة أفكارنا مُسبباتٍ كثيرة وهي مآل ما تكتسبه حواسنا التي تؤدي إلى استثارة محفزات ذهنية تفاعلية، ثم تحولها إلى الإدراك التخيلي الذي يستنكر بعضها فيطردها مراغمًا لاعتباراتٍ عقائدية ولياقات أخلاقية وعُرفية أو يُؤجلها بتبريراتٍ ظرفية وقتية وربما مادية، ويَستحسِن بعضها فيتبناها لإنتاج النواة الأولى للفكرة التي تولد في سجن العقل وترسل نداءات طلب حريتها بوتيرةٍ مُستمرة، وستخفت تدريجيًا مع مرور الوقت وستذوي مع تقادمها إن لم تجد تجاوبًا عند سجَّانها ولكنها لا تموت، بل سوف تنتقل ببطءٍ شديد إلى ملف الأحلام لتنضَّم إلى ركام الأفكار السابقة، فتلمع إحداها بين الحين والآخر مؤكدةً وجودها ومستجديةٍ إطلاقها.
ولكلٍ منَّا فكرةٌ خلاقة؛ بل أفكار رائعة وحبيسة، نحن من صنعها في عالمٍ غير مُدرك، ولا تنشأ أفكارنا إلّا في قيعان ذلك العالم الخصب والذي لا يتوقف عن تخليقها تباعًا دون توقف، بيد أنَّ القليل جدًا منها ما يجد طريقه إلى الواقع بحسب قوة الدوافع وضرورتها وبحسب الأدوات المتاحة لتحقيقها، ولعل المُمكنات المادية في العالم الملموس كالجهد والوقت والمال هي العوامل الرئيسة التي تأخذ بيد الفكرة إلى النور فيجد التفكير طريقه إلى منفذ التعبير، ومع أن إمكانية تحقيق الفكرة في غياب أحد العوامل الثلاثة ممكنًا إلا أنها ستخرج هزيلة أو ضعيفة وقد لا ترقى إلى مستوى الطموح المنشود.
لا ريب أن مُعظمنا قد أنجز شيئًا من أفكاره بعد أن بدأت بشرارة عصبية صغيرة جدًا في وعينا ثم تبنتها عقولنا لتجتبيها في سبيل تذليل المعوقات وتخطي العقبات وتجاوز الصعوبات، وهذا هو الغراس الطبيعي السليم في تحدي الإنسان لنفسه والتكيف مع ظروفه لتحقيق طموحه وأحلامه وبلوغ غاياته وآماله وجني ثمار جهده وتعبه، ولولا الصراع الناشئ بينه وبين أفكاره ما اضطلع بما هو عليه اليوم من تقدم وتطور، وقد فصَّلتُ في هذه المقدمة على النحو السالف حتى اصطنع مفهومًا حسيًا واضحًا لما يتولد من التفكير مرورًا بالشحن المعنوي ووصولًا إلى التجسيد الواقعي.
ربما يكون ما تقدم معلومًا لدى الجميع بشكل أو آخر ولكن ما قد لا يعلمه الكثير او يجهل تفسيره هو بقاء فكرةٍ تحررت في شكل عمل غير مكتمل أو غير ناجح مسيطرةً على دماغ الإنسان وعدم قدرته على نسيانها أو التخلص منها، علمًا بأنَّ الكثير من المهام قبلها وبعدها كانت ناجحة وبعضها كان متقدمًا وبارزًا في فعاليته، لكنها تُهمَّش بمرور الوقت لقدرة الدماغ على نسيان الأحداث المكتملة، ثم تتحول الفكرة غير مكتملةِ النتيجة إلى مصدر قلق وإزعاج مستمر وهو ما يُعرَف بـ"تأثير زيجارنيك" نسبةً إلى عالِمة النفس السوفيتية بالوما زيكارنيكوف.
وتتكون حالة من المُغالبة بين الإنسان وذاته إزاء فكرةٍ قديمةٍ انتهت بنتيجةٍ فاشلة أو غير مكتملة، وتتحول إلى عائق يصعب تجاوزه وقد يفضي إلى الحد من انسيابية الأفكار الإيجابية المحتجَزة وراءه حتى إذا وصل مرحلةٍ لا تخلو من المخاطرة المُستهينةِ بالنتائج المُحتملة اقتحم العقبة الكؤود التي تؤرقه في محاولة جديدة مع اعتبار عدم أهمية تنفيذها الآن وكان من الأحوط هجرها هجرًا جميلاً، وعليه فإن تأثير الفكرة أحيانًا يكون سلبيًا إذا ما أصر صاحبها على تنفيذها مع علمه بالأخطار التي تصاحبها والنتائج الضارة المترتبة على تصعيدها إلى النطاق العملي، وهي مرحلة لا تخلو من معاندة النفس والتعنُّت المدعوم بنزعة التحدي، خصوصًا إذا كان جموح الفكرة لا يخدم أحدًا ولا يعود بمنفعة على المجتمع بقدر ما يعود بالضرر على صاحبه في المقام الأول وكان من الأجدر تركها تركًا جميلًا.
قد تُساور أحدهم فكرة شديدة الإقناع بمخالفة أمرٍ، ربما يتفق عليه كل المجتمع أو مُعظمه، وليس بقصد المخالفة وإنما بسبب سيطرة تلك الفكرة على ذهنهِ واستماتتها في الإلحاح والدفع به لتنفيذها حتى تتحرر من قيودها وتنال حريتها مع خروجها إلى الواقع ولكنها تعود على صاحبها وبالًا فيغدو أسير الألم حبيس النَّدم، فليس كل ما يفكر به المرء قابل أو واجب التنفيذ إذ إن ضرر بعض ما نفكر به ينضوي تحت المخاطر العالية ويندرج ضمن موجبات الوقاية والحماية، كما قد تختلط الأفكار دون ترتيب لدى معظم الناس وأنا منهم والقليل مَن يمكنه تخطيطها إلى أهدافٍ قابلة للتنفيذ على رأس القائمة، تليها أهداف ممكنة التنفيذ يومًا ما لعدم توفر ممكناتها في الوقت الراهن، وأخيرًا أهداف غير قالبة للتنفيذ لظروفٍ ماديةٍ أو اجتماعية أو غيرها، ولكنها ليست مستحيلة فتصبح الأولوية لأحسنها عند انتفاء الأسباب والأخطار واضمحلال الموانع والأضرار.
لولا كثرة الحديث عن محاسن السكوت لما علمنا فضائله ولولا الأفعال الخبيثة ما استطعنا تقييم الأفعال الحميدة، ولولا اشتجار فكرة هذا المقال مع ذهني لما رأى النور، وإن كُل ما لم نجعل له قالبًا في صيغة قول أو فعل فهو غير موجود في الواقع وإن كان موجودًا في الذهن، ومع أن كيفية نشأة الفكرة لاتزال غير مفهومة علميًا، إلّا أننا لا ننكر تكونها جراء ما نراه ونسمعه ونستشعره ونستذكره وما تحدث به النفس من خير وتُوَسوِس به من شر.
قال سُقراط: "أفكارك هي التي تجعل حياتك وردًا، أو تجعل حياتك شوكًا"
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
اتهام الشاب فضيل بسرقة فكرة فيديو كليب “فاتي”
متابعة بتجــرد: ما أن أطلق الفنان الشاب فضيل أغنيته الجديدة التي تحمل عنوان “فاتي”، حتى وجد نفسه متهما بالسرقة من فنان آخر، خاصة فيما يتعلق بالفيديو كليب الذي صورت مشاهده في مدينة مراكش.
وحصدت الأغنية الجديدة التي استهل بها الشاب فضيل العام الجديد 2025 ما يقارب 300 ألف مشاهدة، بعد يومين على طرحها على قناته الرسمية في منصة “يوتيوب”، وتميزت بتقديمه لأسلوب مغاير فيما يتعلق بالأغاني الرومانسية، وجاءت بالدارجة المغربية، كما جمعت بين الطابع العاطفي والاجتماعي، وسلطت الضوء على الحنين للماضي والشوق للأحبة.
وعلى مستوى الكلمات، تعاون الشاب فضيل مع مجموعة من الكتاب، من بينهم بدر صبري وعلاء زيدون، بينما تولى كل من “لارتيست” وعلاء زيدون مهمة تلحين الأغنية، فيما تكفل بإخراج الفيديو كليب المخرج المغربي عبد المغيث حمداوي، حيث وقع الاختيار على تصوير المشاهد في عدة مواقع بارزة في مراكش.
وتعتبر أغنية “فاتي” أولى أغاني ألبوم فضيل الجديد، الذي يشكل عودته إلى الساحة الفنية، ومن المرتقب أن يتضمن الألبوم مجموعة من الأغاني التي سيتم إصدارها بشكل منفصل خلال الفترات المقبلة.
ولم تكد الأغنية تثير إعجاب الجمهور حتى سجل بعض رواد مواقع التواصل الاجتماعي، أن الفيديو كليب الخاص بها تمت سرقة فكرته من فيديو أغنية المطرب حاتم عمور التي تحمل عنوان “الدرب”، حيث صورت مشاهدها في مدينة الدار البيضاء.
وتولى عشاق الفنان الشاب فضيل الرد على مسألة السرقة، حيث استبعدوا التهمة، مؤكدين أن الفنان المذكور غير مسؤول على اختيار سيناريو الفيديو كليب، حتى في حالة ثبوت واقعة السرقة المزعومة، وأبرزوا أن فضيل لا يكثر من ظهوره الفني، وأنه قليل الإنتاج، ويحرص على أن تكون جل أغانيه بجودة ما قدمه طيلة مسيرته الفنية.
وكان حاتم عمور قد أطلق أغنية “الدرب” بفيديو كليب اعتمد الرسوم المتحركة، وظهرت أزقة ودروب وحارات في مدينة الدار البيضاء، عكس الشاب فضيل الذي قام ببطولة فيديو كليب أغنية “فاتي” وشاركته في ذلك المؤثرة سكينة غلامور ابنة مراكش.
الجدير بالذكر أن الفنان الشاب فضيل كان قد حصل على الجنسية المغربية سنة 2012، واستقر في مدينة مراكش بعد مغادرته للديار الفرنسية التي ولد وترعرع بها، وهو من أصول جزائرية، وشارك في بعض الأغاني المشتركة مع الشاب خالد الذي يحمل بدوره الجنسية المغربية، ويعتبر أحد نجوم فن الراي الذين حافظوا على الإرث وجددوه من خلال أعمالهم الغنائية.
main 2025-01-23Bitajarod