الحوثي يصعد عسكرياً لإفشال جهود السلام وإعادة إشعال الحرب
تاريخ النشر: 30th, June 2024 GMT
صعدت ميليشيا الحوثي- ذراع إيران في اليمن، خلال الأسابيع الماضية من تحركاتها العسكرية في مختلف الجبهات القتالية، وسط تلويح مستمر بإعادة إشعال فتيل الحرب وعرقلة كل الجهود الأممية الإقليمية الرامية إلى وقف إطلاق النار وإحلال السلام الذي ينشده الشعب اليمني.
وخلال الأيام الماضية، شنت ميليشيا الحوثي هجمات منسقة على مواقع القوات الحكومية في جبهات شمالي وغرب تعز.
بحسب المصادر العسكرية شنت الميليشيات الحوثية قصفاً مدفعيًا استهدف مواقعها في منطقة "الضباب" غربي المدينة. وفي الجبهة الشمالية للمدينة، دارت مواجهات عنيفة بين قوات الجيش والمليشيات الحوثية عقب محاولة تسلل فاشلة للأخيرة بجبهة "عصيفرة"، تكبدت خلالها خسائر فادحة في العتاد والأرواح.
وأكد نائب رئيس شعبة التوجيه المعنوي بمحور تعز، العقيد عبد الباسط البحر، أن المواجهات أسفرت عن مقتل 4 من عناصر المليشيات بينهم قائد جبهة عصيفرة ومدير السجن المركزي للمليشيات الحوثية، وقائد سرية وكتيبة هندسة للمليشيات، واثنين من العناصر، وإصابة 3 آخرين.
وخلال الأسبوع الماضي، شهدت مختلف جبهات محافظة تعز، تصعيدا جديدا للمليشيات تزامنًا مع فتح طريق "جولة القصر – الكمب – حوض الأشراف". وتركز التصعيد في الجبهات المحيطة بالمدينة حيث نفذت مليشيات الحوثي، أعمالا هجومية وقصفا مدفعيا ومحاولات تسلل تصدت لها القوات الحكومية.
وبحسب المصادر العسكرية شهدت جبهة "الكريفات" شرقي مدينة تعز اشتباكات عنيفة عقب قصف مدفعي شنته الميليشيات الحوثية. وسبق هذا الهجوم بأيام إفشال أربع محاولات تسلل نفذتها مجاميع حوثيةفي جبهات "عصيفرة، وكلابة" شمال وشمال شرق المدينة وجبهة "الأحطوب" في مديرية جبل حبشي بالريف الغربي للمحافظة. كما تعرضت مناطق سكنية في منطقتي "الصياحي والضباب" لقصف مكثف للميليشيات الحوثية.
كما شهدت محافظة شبوة أعمال قصف نفذتها الميليشيات الحوثية بطيران مسير على مواقع تابعة للواء الثاني واللواء الخامس دفاع شبوة، غير أنه تم التصدي للهجوم الجوي وإسقاط المسيرة الحوثية دون وقوع خسائر في صفوف قوات دفاع شبوة.
التصعيد العسكري يأتي متزامناً مع تلويح الميليشيات الحوثية بعودة إشعال فتيل الحرب رفضاً لكل جهود الأمم المتحدة والمجتمع الإقليمي والدولي والرامية إلى إيقاف الحرب والجنوح للسلام.
وقالت قيادات حوثية بارزة بينها كبير مفاوضي الميليشيات المدعو محمد عبدالسلام، والقيادي البارز محمد علي الحوثي المعين في مجلس الانقلاب، إن "خارطة الطريق التي أعلنتها الأمم المتحدة أواخر العام الماضي، وكذا المحادثات مع الوسطاء السعوديين والعُمانيين مجمدة". متوعدين "بعودة حقيقية للصراع وبشكل كارثي" على حد تعبيرهما.
التحركات عسكرياً في الجبهات الداخلية، رافقها تصعيد لافت للهجمات الإرهابية التي تشنها الميليشيات الحوثية ضد السفن التجارية المارة في البحر الأحمر وقبالة سواحل اليمن. بالإضافة إلى تكثيف حملات الاختطافات والاعتقالات ضد موظفي السفارة الأميركية والمنظمات الأممية والدولية العاملة في صنعاء ومناطق سيطرتهم.
الكثير من المراقبين والمحللين ربطوا التصعيد الحوثي داخلياً بالإجراءات الاقتصادية التي اتخذها البنك المركزي في العاصمة عدن، والحكومة اليمنية والقاضية بنقل مقرات البنوك الرئيسية وشركات الاتصالات والنقل. موضحين أن تلك الإجراءات أشعرت الميليشيات الحوثية بالتهديدات الحقيقية ودفعها إلى التلويح بورقة إعادة الحرب لإيقاف تأثيرات تلك القرارات الكبيرة.
ويقول الناشط الحضرمي، محمد سعيد باحمران، إن الحوثيين يلعبون على المتناقضات في تعاطيهم مع ملف السلام، في الوقت الذي تقود الميليشيات تحركات مشبوهة في جانب فتح الطرقات المغلقة في تعز والبيضاء ومأرب، هناك تحركات أخرى مضادة في شن الاعتقالات والاختطافات بحق الموظفين الأمميين. كما أن التحركات في ملف الأسرى والمحتجزين يقابله تحرك عسكري في الجبهات والتصعيد في البحر الأحمر.
وأكد أن الميليشيات الحوثية ليس لديها أية نوايا تجاه إحلال السلام، وهذا برز من خلال التلويح بشكل متكرر بالانسحاب من عمليات التهدئة وخارطة الطريق التي تعرقلها منذ أواخر العام الماضي وترفض الالتزام بها.
وكان وزير الدفاع الفريق الركن محسن الداعري، أكد في تصريح له مع وكالة "إرم نيوز" إنه لن يكون هناك سلام حقيقي إلا بهزيمة مليشيات الحوثي الإرهابية المدعومة إيرانيًا، وإخضاعها بالقوة لكي تجنح للسلم. مضيفاً: "إننا ندرك أن الميليشيات كما عهدناها تضمر الخديعة والمكر، وتحاول الدفع بخلاياها إلى مناطق الشرعية لإقلاق السكينة فيها، لكن قواتنا لها بالمرصاد وما لم تستطع أن تحققه في الحرب فلن تصل إليه بالمكر".
وقال إن الميليشيات وكعادتها تختلق الذرائع تلو الذرائع لاستمرار الحرب، رافضة كل جهود ومحاولات إحلال السلام، وآخرها جهود الأشقاء في المملكة العربية السعودية لرسم خريطة طريق للخروج من هذه الحرب وإحلال السلام. مشيراً إلى أن الجميع يشاهد اليوم عملياتها واستهدافها لخطوط الملاحة في البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي، والعمل على إفشال كل مساعي السلام، لأن هذه المليشيات لا تعيش إلا بالحرب.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: المیلیشیات الحوثیة
إقرأ أيضاً:
بعد عامين على الحرب.. من يتحمل فاتورة إعادة إعمار السودان؟
تدخل الحرب في السودان، اليوم 15 أبريل/نيسان 2025، عامها الثالث، وسط تناقص مستمر في مساحات سيطرة قوات الدعم السريع، وتقدم متسارع للجيش السوداني، ما فرض سؤالا مباشرا حول من سيدفع فاتورة إعادة إعمار السودان، في ظل توفر مؤشرات عديدة تدل على اقتراب انتهاء الحرب.
وقد أدت الحرب إلى انهيار واسع للبنية التحتية في البلاد؛ حيث كشف وزير المالية السوداني، جبريل إبراهيم، في حوار سابق مع "الجزيرة نت"، أن الخسائر في البنية التحتية والمرافق العامة والمصانع والشركات والممتلكات العامة والخاصة قد تُقدّر بمليارات الدولارات.
وقال الخبير الاقتصادي، الدكتور عادل عبد العزيز، في حديث لـ"الجزيرة نت"، إن الحرب أثّرت على كل القطاعات الاقتصادية بشكل متفاوت، حيث تشير التقديرات الأولية إلى أن خسائر الاقتصاد السوداني في مختلف القطاعات تتراوح بين 127 و140 مليار دولار.
تفاؤل حكوميوأعرب مسؤولون سودانيون عن تفاؤلهم بإمكانية مشاركة جهات دولية عديدة في جهود إعادة الإعمار وعودة الاستثمارات للبلاد. وكان رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، قد صرّح في 29 مارس/آذار الماضي، بأن إعادة إعمار الدولة وبنيتها التحتية ما زالت تتطلب جهودًا إضافية.
إعلانمن جانبه، أكد وزير الطاقة والنفط، محيي الدين نعيم، في تصريحات لـ"الجزيرة نت"، أنه لمس خلال زياراته إلى الصين والهند رغبة جادة في العمل مجددًا مع السودان في قطاع النفط.
وأشار إلى أن الوزارة تمتلك خطة لإعادة إعمار وتأهيل ما دمرته الحرب في مجالات النفط والكهرباء، معبّرًا عن تفاؤله بعودة السودان إلى موقعه الطبيعي في الإنتاج.
أما وزير الخارجية السوداني علي يوسف الشريف، فقد أوضح أن هناك الكثير من العمل المطلوب في ما يتعلق بالاحتياجات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والخدمات الصحية والمدارس، لإعادة تنمية السودان.
وقال في مقابلة مع وكالة "الأناضول"، إنهم يتعاونون مع تركيا والسعودية ومصر وقطر والكويت في هذه المجالات.
ونوّه الشريف إلى أن تركيا ستكون من بين الدول الأكثر دعمًا للسودان في مرحلة إعادة الإعمار، مشيرًا إلى وجود تصور لتعاون ثنائي ومتعدد الأطراف يشمل مبادرات مشتركة مع قطر والسعودية للإسراع في هذه الجهود.
كما دعا الولايات المتحدة والدول الأوروبية إلى لعب دور في إعادة الإعمار، لافتًا إلى أن الحكومة تسعى لعقد مؤتمرات دولية لكسب دعم الدول التي ترغب في عودة السودان إلى وضعه الطبيعي.
ويرى الخبير الاقتصادي عادل عبد العزيز أن هناك عدة مصادر محتملة لتمويل تكلفة إعادة الإعمار منها:
مصادر داخلية تتمثل في حشد الموارد الوطنية. جذب رجال الأعمال السودانيين المقيمين في الخارج، الذين يمتلكون قدرات مالية واستثمارات في عدد من الدول، وكذلك جذب المهاجرين السودانيين الذين يملكون فوائض مالية، داعيًا إلى استثمار هذه الفوائض في السودان من خلال شركات مساهمة عامة تُدار وفق أعلى معايير الجودة والشفافية، بهدف المساهمة في جهود إعادة الإعمار. مشاريع لمنظمات الدولية يمكن أن تساهم في الإعمار ضمن برامج المعونة المالية الرسمية. البنك وصندوق النقد الدوليان، رغم ارتباط مساعداتهم بمسائل سياسية قد تعيق الدعم في الظروف الراهنة. مؤسسات تابعة لدول مثل الصين وروسيا والهند وتركيا وإيران وجنوب أفريقيا، إضافة إلى دول في إطار منظومة "بريكس"، يمكن أن تقدم معونات تنموية لإعادة الإعمار، إذا عملت الحكومة السودانية على تحقيق مصالح مشتركة معها. إعلان لا أحد سيدفعورسم المفوض العام السابق للعون الإنساني في السودان الدكتور صلاح المبارك، صورة قاتمة بشأن مستقبل إعادة الإعمار بعد الحرب، واصفًا الدمار الذي حل بالسودان بأنه شامل وغير مسبوق على مستوى العالم.
وقال في حديث لـ"الجزيرة نت": "لا أحد سيدفع فاتورة الإعمار"، موضحًا أن حجم هذه الفاتورة كبير للغاية، ويبدو أن المواطن السوداني الذي دفع ثمن الحرب، سيكون مضطرًا لدفع ثمن إعادة الإعمار أيضًا.
وحول إمكانية مساهمة المنظمات الإنسانية والمجتمع الدولي في جهود الإغاثة وإعادة الإعمار، قال المبارك، الذي كان مسؤولا عن إدارة الشأن الإنساني وعمل المنظمات في العام الأول للحرب، إن المنظمات عاجزة تمامًا.
وأشار إلى أن المعونات التي وصلت السودان حتى الآن، وقبل الوصول إلى مرحلة الإعمار، كانت ضئيلة جدًا، رغم أن الإنسان السوداني فقد كل شيء، وأصبح في أسوأ مراحل الطوارئ بلا غذاء أو ماء أو دواء أو تعليم، ولم يجد من يقف إلى جانبه كما حدث في دول أخرى.
ومع تسارع انتصارات الجيش السوداني في الخرطوم، في مقابل الهزائم المتتالية لقوات الدعم السريع، بدأت أوساط سودانية عديدة تتحدث عن الجهات التي يمكن أن تسهم في إعادة إعمار ما دمرته الحرب، في ظل أوضاع داخلية وإقليمية ودولية معقدة، وسط تفاؤل حذر بإمكانية لعب المنظمات الدولية دورًا في جهود الإعمار والتعافي.
وأوضح المبارك أن التجارب السابقة لدول خرجت من حروب تُظهر وجود نقص في الجدية الدولية بشأن الإعمار، مضيفًا أن مؤتمرات الإعمار تتطلب "رافعات دولية" وتعاطفا عالميا قويا يدفع الآخرين للإسهام، وهو ما قال إنه مفقود حاليا في ظل العزلة المفروضة، ووقوف بعض الدول إلى جانب من ارتكبوا جرائم في السودان، بحسب تعبيره.
إعلان