الثورة نت:
2025-04-25@22:35:44 GMT

من رفوف الذاكرة

تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT

من رفوف الذاكرة


خليل المعلمي

أخذت مقعدي في الباص السياحي المتجه من أمام ساحة “باب اليمن في العاصمة صنعاء إلى الحالمة مدينة تعز، انتظرت الوقت الذي سينطلق فيه الباص أخذا شارع تعز الذي يبدأ من البوابة التي لا تزال قائمة ببابها الخشبي العالي الارتفاع والشامخ كشموخ اليمنيين في صبرهم وتحملهم وبنائهم وإبداعاتهم، وحتى نهايته التي تمتد عبر أحياء المناطق الجنوبية من العاصمة صنعاء.


“سافر في الاسفار 5 فوائد لا بل 6 فوائد”.. كانت تلك عبارة إعلانية لإحدى شركات النقل البري والتي نشرت مؤخرا في مختلف وسائل الإعلام وعلى اللوحات الإعلانية في الشوارع، كما رافقها صور للباصات الجديدة والتي قيل أيضاً أنها ذات مواصفات حديثة مما جعلني أتشوق للحجز والسفر فوراً.
كان خريف العام 2009 ماطراً كعادته ينشر خيراته على المناطق اليمنية المختلفة الوسطى والغربية والشرقية، في أحد أشهر هذا الموسم الخيّر قصدت مدينة تعز لقضاء بعض الأغراض وحين قطعت التذكرة فوجئت بأن سعرها قد ارتفع عما كان عليه قبل شهرين قلت في نفسي ربما سنسافر على الباصات الجديدة.
في الطريق سألت السائق عن الباصات الجديدة التي تم الإعلان عنها، أخبرني أنها لاتزال في حرض.. كانت رحلة الذهاب إلى تعز هادئة، كان السائق ومساعده يبدوان أنيقين بملابسهم الـ””Uniform المكواة والتي تبدو جديدة وتدل على أنهما انضما إلى الشركة حديثاً.
عند وصولي المدينة الحالمة تعز قمت فوراً بحجز تذكرة العودة لليوم التالي فقضاء غرضي لا يتجاوز ساعات الصباح.. كان لدي خياران فهناك باص الساعة الثانية ظهراً وباص الساعة الثالثة عصراً.. فكان اختياري على باص الثالثة عصراً لأحجز أول المقاعد لكي استمتع بما ستراه عيناي من مناظر خلابة وساحرة، وأكون على علم بطريق السير واتعرف على أسماء المناطق التي سيسلكها الباص.
وبعكس رحلة الذهاب جاءت رحلة الإياب، فالسائق وحيد لا يوجد له مساعد وملابسه الـ”Uniform” غير المكواة تدل على اهماله وعدم اهتمامه بمظهره العام كسائق لشركة تحظى باهتمام شريحة كبيرة من المسافرين عبر محافظات الجمهورية.
بدأت الرحلة من تعز باتجاه العاصمة صنعاء وبدأ السائق وهو على عجلة القيادة ينشغل باستعراض “سيديهات” الأفلام فعين على الطريق وعين على التلفاز المعلق في الأعلى، وبعد اختيار الفيلم المناسب بدأ ينشغل بقارورة الماء وأغصان القات ويفتح مشروب الطاقة الذي أصبح يرافق موالعة القات في المقايل وفي كل مكان.
كل ذلك جعلني ارقب الطريق بحذر واتوقع حصول أي طارئ، استمرينا في السير على الطريق وبدأ السائق يسير وبسرعة معقولة منتبها للطريق، غير واضع في الاعتبار أي احترازات أو احتياطات كان من المفترض وضعها في الحسبان من قبل الإدارة في كل رحلة لمواجهة أي طارئ.
بعد صعودنا لنقيل السياني كانت الغيوم قد بدأت تفرغ حمولتها على الطريق التي أصبحت زلقة ولا تتحمل السرعة الزائدة خاصة عند النزول فلابد من استخدام “الجير الثقيل” تحسبا لعدم حدوث انزلاقات.
جميعنا في الباص اندمجنا مع قصة الفيلم الذي كان يحكي قصة اختطاف طائرة وتغيير مسارها.. ونحن كذلك لم نفاجأ إلا والسائق يحاول تحاشى باص صغير قادم من مدينة إب وكان ذلك الباص قد بدأ ينزلق في الطريق نتيجة السرعة العالية مع هطول الأمطار وكانت النتيجة اصطدام الباص الصغير بباص الشركة الأمر الذي جعلنا نخرج عن الخط وبخبرة السائق حاول تفادي الاصطدام بالجبل والانجرار على حافة الطريق وعلى سواقي السيول الموجودة على جانب الطريق ومن ثم توقف الباص وقد مال قليلا على الجبل، متأثراً ببعض الصدمات من أسفله وبعض جوانبه، الأمر الذي جعله يتوقف تماماً عن الحركة.
بالكاد تم فتح باب الباص، وبدأ الركاب بالنزول وكان عددهم خمسين شخصاً ظلوا على حافة الطريق وعلى شعاب الجبل المحاذي للطريق منتظرين من السائق اتخاذ أي إجراءات للتواصل مع الإدارة والتي حاول الاتصال بها وبمدير الشركة الذي وعد بحل الموضوع وجعلنا نتساءل هل سياتي باص أخر من تعز أم من إب أم من عدن ومن ثم تعز وإلى موقع الحادث؟ الأمر الذي جعل بعض الركاب يتصلون بهواتف الشركة المسجلة على التذكرة فكانت الإجابة من قبل هذه الهواتف التواصل مع الحركة، وكأن الأمر لا يعنيهم وبالطبع هذه بعض الهواتف أما معظم الهواتف لم تجب، أما السائق فظل منشغلاً باطلاعنا واطلاع سيارة النجدة التي كانت أسرع من سيارة الإسعاف بأن الباص الآخر هو المخطئ لأن سرعته كانت أعلى من السرعة المطلوبة الأمر الذي أدى إلى انزلاقه في الطريق وكان مهتما أكثر أيضاً بأخذ أسماء وهواتف بعض الركاب لاحتمال استجوابهم أثناء التحقيق فيما بعد.
ظل الركاب منتظرين لمدة أكثر من ساعة ونصف الساعة متسائلين هل سيتم توفير باص أخر؟ هل تم تحريك باص آخر بالفعل من مكان ما؟.. لماذا لم تتواصل الإدارة مع السائق لإبلاغ الركاب بتحريك باص أخر؟ أم أن الأمر لا يهمهم، ربما أن هناك من الركاب من لم يضع في اعتباره تعطل الباص في الطريق بسبب عطل ما، أو بسبب حادث، فلم يضع في احتياطاته نقودا توصله إلى صنعاء.
فهناك أسئلة يتم طرحها أمام شركات النقل المحلية ما مدى أهمية الركاب لديهم؟ وماهي إجراءات السلامة المتخذة لديهم عند توقف الباص في مكان ما، نتيجة خلل ما أو نتيجة حادث ما؟.. هل هناك تأمين على السائقين وعلى الباصات؟ هل هناك باصات احتياطية لمثل هذه الحالات متواجدة في محطات مختلفة؟.
لقد شد انتباه الركاب أن سيارة النجدة التي جاءت لتثبيت الواقعة كانت أسرع من سيارة الإسعاف التي لم تأت إلى مكان الحادث وكانت سيارة المرور “الونش” أسرع وصولاً من مدينة إب إلى مكان الحادث من باص الشركة الذي لم نعرف هل وصل لأخذ الركاب أم أنه لم يصل؟.
بعد انتظار أكثر من ساعة ونصف الساعة بدأ عدد الركاب يقل رويداً رويداً، كل راكب تدبر أمره وبدأ بالبحث عن سيارة بديلة من السيارات المارة تقله إلى العاصمة صنعاء على حسابه الخاص، خائفين من أن يحل الظلام وهم هناك بعوائلهم وأولادهم.
غادر جميع الركاب المكان وعدد من الأسئلة تدور في أذهانهم عن كيفية إعطاء شركات النقل البري تراخيص دون إجراء عمليات التقييم من حيث الصيانة الدورية لمركباتها، واستعدادها لمواجهة الأخطار، ومعالجة المشاكل التي تنتج عن الأعطال أو الحوادث، وعن إجراءات السلامة المتبعة تجاه أي طارئ يواجه الرحلات بين المدن المختلفة؟ وهذه الإجراءات التي يتم التهاون فيها دائما في حياتنا.. ولا نعرف أهميتها إلا بعد فوات الأوان؟
في اليوم التالي ذهبت إلى مقر الشركة في العاصمة وعن طريق الجزء المتبقي من التذكرة التي احتفظت بها استعدت قيمة التذكرة بعد خصم مبلغ منها، وبدأت أفكر هل أهتم الركاب بحقوقهم في استعادة نقودهم؟ ارجو ذلك، لا أصابكم مكروه والحمد لله على سلامة الجميع.

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: العاصمة صنعاء الأمر الذی فی الطریق

إقرأ أيضاً:

العدالة تنتصر لطالب ثانوي صدمه باب شاحنة مفتوح في طنطا.. والمحكمة تؤيد حبس السائق شهراً مع الغرامة

في أحد أيام فبراير الماضي، بينما كان الطالب عبد الرحمن خالد، بالصف الثاني الثانوي، يسير في شارع الأشرف بمدينة طنطا، متوجهاً لمقابلة شقيقته عند أحد الدروس الخصوصية، لم يكن يعلم أن لحظة خاطفة ستقلب يومه رأساً على عقب. فجأة، وبدون أي إنذار، صدمه باب حديدي ضخم انفتح من صندوق خلفي لسيارة نصف نقل مخصصة لنقل المواد الغذائية، كانت تمر مسرعة بجواره.

سقط عبد الرحمن على الأرض فاقداً الوعي، والدم ينزف من جسده، فيما لم يتوقف السائق، بل فر هارباً، تاركاً الشاب مصاباً بين أقدام المارة الذين هرعوا لإسعافه ونقله للمستشفى.

بلاغ عاجل تقدم به والده، المحاسب خالد إبراهيم الديب، إلى قسم شرطة ثان طنطا، اتهم فيه السائق بالإهمال الجسيم، وعدم التأمين الجيد للسيارة، والهروب من موقع الحادث دون تقديم أي مساعدة.

رجال مباحث قسم ثان طنطا، بقيادة العميد محمد عاصم، مدير المباحث الجنائية بمديرية أمن الغربية، لم يتأخروا. كاميرات الشارع كشفت هوية السائق، وتم ضبطه والسيارة المستخدمة في الحادث، وتحفظت عليها الإدارة المرورية، وتمت إحالته إلى جهات التحقيق.

المحامي مدحت أبو اليزيد العطرة، دفاع المجني عليه، أوضح أن الواقعة شكلت جريمة إصابة خطأ واضحة، نتيجة الرعونة، والإهمال، ومخالفة القوانين، كما أكد أن الطالب كان قاب قوسين أو أدنى من الموت بسبب قوة الاصطدام.

محكمة الجنح نظرت القضية تحت رقم ٣٣٨٥ لسنة ٢٠٢٤ جنح ثان طنطا، وقضت بحبس السائق شهراً مع الشغل، وتغريمه، بعد ثبوت الإهمال المؤدي إلى إصابة الطالب.

وبعد جلسة المحاكمة، أيدت محكمة جنح مستأنف ثان طنطا الحكم، لتغلق فصلاً مؤلماً من فصول الحوادث الناتجة عن الاستهتار، وتفتح الباب لأهمية الالتزام بالضوابط المرورية وسلامة المواطنين في الشوارع.

مقالات مشابهة

  • خلل بعجلة القيادة.. التحقيق في إصابة سيدة ونجلها انقلبت بهما السيارة بأكتوبر
  • حزنت جدا للمصيبة التي حلت بمتحف السودان القومي بسبب النهب الذي تعرض له بواسطة عصابات الدعم السريع
  • استعدادا لإنشاء مبنى الركاب 4.. رئيس القابضة للمطارات يتفقد مطارات الصين وإسبانيا| صور
  • مضغ المواد الصلبة يعزز الذاكرة
  • الأجرة السبب.. ننشر التحريات بواقعة دهس سائق تطبيق شهير لموظف بالمعادي
  • معالجة الركاب القادمين خلال 45 دقيقة.. تعديلات بلائحة تسهيلات النقل الجوي
  • عاجل - معالجة الركاب القادمين خلال 45 دقيقة.. تعديلات بلائحة تسهيلات النقل الجوي
  • العدالة تنتصر لطالب ثانوي صدمه باب شاحنة مفتوح في طنطا.. والمحكمة تؤيد حبس السائق شهراً مع الغرامة
  • مرسيدس تتحول بالكامل إلى تسلا بهذه التقنيات.. تفاصيل
  • دراسة علمية تربط بين قوة الذاكرة والدهون في منطقة البطن