صحيفة البلاد:
2024-07-06@03:58:38 GMT

الإدريسي.. مدرسة في رسم الخرائط

تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT

الإدريسي.. مدرسة في رسم الخرائط

عبد الله صقر – مركز المعلومات

“إن مصنف الإدريسي هو أوفى كتاب جغرافي تركه لنا العرب، وأن ما يحتويه من تحديد للمسافات والوصف الدقيق، يجعله أعظم وثيقة علمية جغرافية” – دائرة المعارف الفرنسية.

يعتبر الشريف الإدريسي أحد كبار الجغرافيين في التاريخ الإنساني، وقد لاقى كتابه” نزهة المشتاق في اختراق الآفاق” اهتمامًا كبيرًا من قبل المستشرقين حيث تعددت طبعات أجزاء منه بعد ترجمته – حسب اهتمام المستفيد – وربت على عشرين ترجمة لأبوابه المختصة بالبلدان المتعددة.

ويذكر كراتشكوفسكي في كتابه “تاريخ الأدب الجغرافي العربي” في حديثه عن كتاب “نزهة المشتاق” أنه أفضل رسالة في الجغرافيا وصلتنا عن العصور الوسطى؛ سواء من الشرق أو الغرب، وعلى هذا الحكم يقف الآن إجماع آراء المستعربين ومؤرخي الجغرافيا على السواء.


رسم الخرائط
حرص الإدريسي منذ بداية رحلاته على أن يرافقه في سفره ورقة وقلم؛ ليكتب عن كل ما رآه وسمع عنه في جميع الأماكن التي زارها. ويعتبر الإدريسي مدرسة قائمة بذاتها في رسم الخرائط؛ تمثل المرحلة الثالثة من تطور الخرائط، فقد تأثر بالمرحلة الأولى الرياضية والفلكية؛ حيث اعتمد على الفلك في تحديد الخطوط العرضية السبع لبروزه في الفلك، وإن كان خالف هذا المنهج في تقسيمها إلى أجزاء لا تعتمد على أساس فلكي.
وقد تخلص من قيود المرحلة الثانية في اتجاهاتها الخطية القوسية كما فعل ابن حوقل؛ ولهذا فقد انفرد بمرحلة خاصة به تميزت بتخلصها من قيود الرسم المحلية، واتجه إلى العالمية بالإضافة إلى الخرائط الإقليمية. ويتميز منهجه أنه غطى غير المعمور من الأرض كما بين ذلك في مقدمة كتابه.

الطريق إلى الخارطة
شكّلت عملية رسم خريطة العالم التي أنيطت بالإدريسي، بالإضافة إلى الكتاب الذي يشرح الخارطة أكبر تحديًا له. مرَّ الإدريسي في إنجاز خرائطه، التي شكّلت مجملها خارطة العالم، بالإضافة إلى كتابه، الذي يعد شرحًا للخرائط بمراحل علمية مجدولة، استغرقت خمس عشرة سنة. وقد أوضح الإدريسي في مقدمة كتابه المراحل الأربع، التي ينتهجها في تحصيله العلمي وبناء الخارطة، التي تعد منهجًا علميًا متكاملًا للوصول إلى أفضل النتائج؛ حيث اعتمد الإدريسي على القراءة والمشاهدة الشخصية والمقابلة والبعثات الاستكشافية.

القراءة في كتب السابقين
أراد أن يقف على آخر ما توصل اليه الجغرافيون الأوائل في هذا المجال، فقرأ الإدريسي الكثير من كتب الجغرافية لعلماء الرومان واليونان وعلماء العرب الذين سبقوه، وأهم من أخذ عنهم العالم اليوناني بطليموس، فعلى سبيل المثال، فقد استفاد الإدريسي في وصف العالم في كتابه من طريقة بطليموس في تقسيم الأرض إلى سبعة أقاليم، أي أحزمة عريضة فوق خط الاستواء، غير أن الإدريسي أضاف على ذلك بأن قام بتقسيم كل إقليم إلى عشرة أقسام رأسية، ابتداء من الشرق إلى الغرب، وكل قسم من هذه الأقسام ربطه في خارطة.
وقد كان الإدريسي واضحًا وصادقًا في نقله. ففي مقدمة كتابه “نزهة المشتاق” ذكر المصادر التي نقل عنها ما بين عرب وغير عرب.


المشاهدة الشخصية
جمع الإدريسي الكثير من المعلومات الموثقة بالمشاهدة والمعاينة، وذلك لكثرة أسفاره وترحاله، فوصف الأماكن وصفًا دقيقًا يدل على رؤيته لتلك الأماكن ومعاينتها بشكل جيد.
ومن المعروف أن منهج المعاينة أو الملاحظة الشخصية يعد مصدرًا مهمًا للأبحاث ومنها البحث الجغرافي بشقيه الطبيعي والبشري، ومن تتبع كتابه يلاحظ أنه عند الحديث عن مناطق زارها، فإنه يسهب في الحديث عنها، ويعطي تفاصيل توحي للمتتبع أنه زار هذه المناطق فعلًا، خاصة أنه أحيانًا يستخدم عبارات: وقد شاهدت أو وقد رأيناه عيانًا.

المقابلة (جمع المعلومات)
كان الإدريسي يتردد على سواحل صقلية لمقابلة الرحالة والبحارة، ممن لديهم معلومات تؤكد معلوماته، والذين يرسون على سواحل صقلية حيث مقامه هناك، وسماعه منهم مباشرة زيادة في التأكيد على صحة المعلومات. وكان يتم اللقاء بينه وبينهم بشكل فردي وجماعي. وهذا المنهج يعتبر من أفضل أساليب المقابلة لجمعه بين نوعين من المقابلة (فردية/ جماعية).

البعثات الاستكشافية
لم يتمكن الإدريسي من السفر الى بلدان كثيرة، فقام بإرسال رسامين ومصورين إلى تلك البلدان، وطلب منهم تقصي المعلومات عنها، وتصوير معالمها.
أول ما فعله عالم الجغرافيا الذي لم يتجاوز عمره 37 عامًا هو تشكيل فريق (يتألف من 12 رجلاً) لمساعدته في أداء مهمته، فاختار أفضل من لديه معرفة بتقنية الملاحة الجديدة والرياضيات ورسم الخرائط، تحت إشرافه الدقيق، وقام بإرسال فريق آخر إلى مشارق الأرض ومغاربها وبالفعل حدث ذلك، ومع انتهاء الفريق من مهمته رجعوا إلى الإدريسي بجميع المعلومات التي يحتاجها.
قام الإدريسي بوضع منهج العمل، وهو الذي سن طريقة إيفاد البعثات الاستكشافية، واشترط إثبات ذلك بالرسوم، أي توقيع ذلك على خرائط للتأكد من المسافات وللمقارنة بين المكتوب والمرسوم.

من أقواله

قال واصفًا كروية الأرض:” إن الأرض مدورة كتدوير الكرة، والماء لاصق بها وراكد عليها ركودًا طبيعيًّا لا يفارقها، والأرض والماء مستقران في جوف الفلك كالمح (الصفار) في جوف البيضة. ووضعهما وضع متوسط، والنسيم محيط بهما من جميع جهاتهما، وهو جاذب لهما إلى جهة الفلك، أو دافع لهما. والله أعلم بحقيقة ذلك، والأرض مستقرة في جوف الفلك، وذلك لشدة سرعة حركة الفلك، وجميع المخلوقات على ظهرها، والنسيم جاذب لما في أبدانهم من الخفة، والأرض جاذبة لما في أبدانهم من الثقل، بمنزلة حجر المغنطيس الذي يجذب الحديد إليه”.

المصدر: صحيفة البلاد

كلمات دلالية: الحضارة الإسلامية

إقرأ أيضاً:

“مرة واحدة في العمر”.. سماء الأرض تستضيف حدثا كونيا في غضون بضعة أيام

#سواليف

تستضيف #سماء الليل #ضوء #نجم_منفجر بعد سفره 3000 عام عبر المجرة، يصفه #علماء_الفلك بأنه حدث كوني “لمرة واحدة في العمر”.

وعلى الرغم من أنه من الصعب التنبؤ بدقة بالتاريخ المحدد لظهور #النجم T Coronae Borealis، أو كما يعرف أيضا باسم T CrB، في سماء الليل، إلا أن علماء الفلك يقولون إنه سيظهر كنجم شديد السطوع يمكن رؤيته بسهولة بالعين المجردة خلال الأيام أو الأسابيع القليلة المقبلة.

وفي الواقع، تم رصد النجم T CrB لأول مرة منذ أكثر من 800 عام، ولم تتم رؤيته منذ عام 1946.

مقالات ذات صلة المغرب العربي .. ارقام قياسية لدرجات الحرارة وال50 مئوية سيطرت على العديد من المناطق 2024/07/03

ويتكون T CrB من نظام نجمي ثنائي يبعد نحو 3000 سنة ضوئية في مجرتنا #درب_التبانة، ويضم قزما أبيض صغيرا بحجم الأرض يدور حول نجم عملاق أحمر، أي نجم شبيه بالشمس في سنواتها الأولى، ينفد وقوده النووي.

وعندما ينفد الهيدروجين الموجود في قلب النجم العملاق الأحمر، فإنه يبدأ في الانهيار على مدى مليارات السنين ويتوقف الاندماج النووي فينكفِئ على نفسه وتتكدس كل كتلته في قلبه الذي يصبح شديد الكثافة ولكن قليل الضياء، ويتحول إلى قزم أبيض، أي نجم ميت.

ويوضح علماء الفلك أن الضوء الساطع للنجم سيكون نتيجة لانفجار نووي حراري متكرر يحدث داخل نظام النجوم الثنائية. وتسحب الجاذبية من القزم الأبيض الهيدروجين من العملاق الأحمر، ما يتسبب في تراكم الضغط والحرارة حتى يحدث انفجار هائل يحدث كل 80 عاما، قوي بما يكفي للسفر 2600 عام للوصول إلينا وإلى ما خلفنا.

ويطلق على هذا الحدث الذي لن يتكرر مرة أخرى بالنسبة لمعظم سكان الأرض الحاليين، اسم مستعر، وهو انفجار مفاجئ في الفضاء ينجم عنه سطوع ضوء شديد يتكون على إثره نجم جديد.

وقالت الدكتورة ريبيكا هونسيل، عالمة أبحاث مساعدة متخصصة في أحداث المستعرات في مركز غودارد لرحلات الفضاء التابع لناسا في غرينبيلت بولاية ماريلاند: “إنه حدث يحدث مرة واحدة في العمر وسيخلق الكثير من علماء الفلك الجدد، ويمنح الشباب حدثا كونيا يمكنهم مراقبته بأنفسهم، وطرح أسئلتهم الخاصة، وجمع بياناتهم الخاصة”.

وسيكون حدث المستعر مرئيا لمدة أسبوع تقريبا حول كوكبة هرقل (أو كوكبة الجاثي)، والذي يمكن العثور عليه بشكل أفضل باستخدام تطبيقات مخصصة لعلم الفلك على الهاتف الذكي أو الجهاز اللوحي.

وقال علماء ناسا إن ظهور هذا المشهد السماوي النادر يمكن أن يساعد في إلهام الجيل القادم من علماء الفلك. وسيوفر المستعر أيضا فرصة فريدة لدراسة بنية وديناميكيات الانفجارات النجمية.

وأضافوا: “عادة ما تكون أحداث المستعرات باهتة وبعيدة جدا بحيث يصعب تحديد مكان تركيز الطاقة المتفجرة بوضوح. وسيكون هذا قريبا حقا، مع الكثير من الأعين عليه، ودراسة الأطوال الموجية المختلفة، ونأمل أن يقدم لنا البيانات لبدء استكشاف البنية والعمليات المحددة المعنية”.

مقالات مشابهة

  • خرائط جوجل لأجهزة iPhone على وشك الحصول على ترقية القيادة
  • حصاد المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية خلال العام المالي
  • بدءًا من غد.. 3 اقترانات للقمر والنجوم في مشهد بديع يُرى بالعين المجردة
  • ارتفاع صافي أرباح "تعليم" القابضة 12.7% خلال تسعة أشهر
  • هل فعلاً سقطت سنجة بسبب الحارس الشخصي..!؟
  • سعيد بن كلفوت يصدر كتابه الأول “دمعة الأندلس”
  • تقرير: الطلاب السودانيين في مصر.. قلق وخوف من المستقبل
  • حظك اليوم برج الحوت الخميس 4-7-2024 مهنيا وعاطفيا.. اهتم بالعمل الجماعي
  • الأرض على موعد مع ظاهرة كونية نادرة.. نجم يظهر مرة واحدة في العمر
  • “مرة واحدة في العمر”.. سماء الأرض تستضيف حدثا كونيا في غضون بضعة أيام