تتجه الأنظار إلى العاصمة العمانية مسقط التي ستستضيف اليوم الأحد جولة مفاوضات مستحدثة بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي، ستتركز حول القضايا الإنسانية والاقتصادية، في مسعى سعودي عُماني مشترك لإعادة ضخ الحياة إلى محادثات السلام المتعثرة؛ عبر الحفر في ذات المسار التفاوضي الذي لم يغادر بعد جزئية بناء الثقة والبعدين الاقتصادي والإنساني.



تأتي هذه الجولة من المفاوضات وسط تفاؤل تعززه تقارير الصحافة السعودية على وجه الخصوص، إذ تراهن تلك التقارير على ما قد تسفر عنه المفاوضات من نتائج ربما تمضي في اتجاه الإنجاز السياسي رغم الطابع الإنساني والاقتصادي لهذه المفاوضات، بل وتصف هذه الجولة من مفاوضات مسقط بأنها اختراقٌ قد يصل باليمن "إلى سلام دائم وشامل انتظره اليمنيون كثيرا، كما جاء في تعليق لصحيفة "عكاظ".

تذهب الحكومة اليمنية إلى اجتماعات مسقط تحت ضغط واضح من الرياض، في وقت تتضافر فيه الجهود العمانية والسعودية لإعادة الزخم لدور البلدين، الذي ينطوي على قدر مؤثر من الاستغلال الأنيق لضعف السلطة الشرعية، في ظل فراغ الساحة اليمنية من المواقف الصلبة والإرادات المستقلة،ما من مؤشر على أي تغيير في سلوك جماعة الحوثي السياسي والعسكري يمكن أن يضفي على هذا النوع من جولات التفاوض قدرا من المصداقية والموضوعية ويدفع بها إلى النتائج المرجوة، وأهمها التصرف بما تقتضيه الالتزامات تجاه تعزيز المركز القانوني للسلطة الشرعية وحالة الشلل في الموقف الوطني العام، الناتج أصلا عن سياسة تحييد القرار الوطني، التي شكلت أبرز سمات التدخل الإقليمي (العسكري والدبلوماسي) في الشأن اليمني على مدى السنوات الماضية من زمن الحرب.

ما من مؤشر على أي تغيير في سلوك جماعة الحوثي السياسي والعسكري يمكن أن يضفي على هذا النوع من جولات التفاوض قدرا من المصداقية والموضوعية ويدفع بها إلى النتائج المرجوة، وأهمها التصرف بما تقتضيه الالتزامات تجاه تعزيز المركز القانوني للسلطة الشرعية، وعدم السعي المتعمد لدفعها نحو الانحلال، أو الاستمرار في إجبار اليمنيين على انتظار ما ستقدمه جماعة الحوثي من تنازلات.

إن ما ينتظره اليمنيون تنازلات لا أقل من أن تُعيد إليهم الدولة المخطوفة، وتنهي سطوة المليشيات المسلحة عليها والنفوذ الطاغي للقوى الإقليمية على القرار السيادي، وتمكنهم كذلك من تأسيس سلطة وطنية منتخبة طبقا لقواعد الممارسة الديمقراطية، وإلا فلا معنى لأي مسعى أو توافقات لا توصل إلى هذا الهدف.

خلال الأسبوعين الماضيين شكلت إعادة فتح طريق رئيسي يصل وسط مدينة تعز بضاحيتها الشرقية، وآخر يربط بين محافظة مأرب وأمانة العاصمة صنعاء عبر مسار طويل ومكلف، نقطة تحول مهمة، تبين فيما بعد أن التنازلات الحوثية التي جاءت متأخرة تسع سنوات؛ لم تكن سوى استجابة لضغوط سعودية عمانية، هدفها ربما تأمين أرضية أخلاقية تضمن استمرار البلدين في خطوات من الواضح أنها تعزز الموقع التفاوضي لجماعة الحوثي، عبر تسوية يحرص البلدان على إنجازها بأي ثمن.

وإذا كانت سلطنة عمان مدفوعة بإنجاز تسوية تعزز موقفها الدبلوماسي وتتكئ على ثقل الدور العماني لدى أهم أطراف الصراع وهي جماعة الحوثي، فإن المملكة العربية السعودية أحرص ما تكون على التوصل إلى اتفاق حول خارطة طريق تنهي اشتباكها العسكري على الساحة اليمنية، وتحولها إلى طرف وسيط يتكئ على إمكانيات ستسمح بجعل تأثيره أكثر فعالية وأقل كلفة مما هي عليه الحال اليوم.

السعودية أحرص ما تكون على التوصل إلى اتفاق حول خارطة طريق تنهي اشتباكها العسكري على الساحة اليمنية، وتحولها إلى طرف وسيط يتكئ على إمكانيات ستسمح بجعل تأثيره أكثر فعالية وأقل كلفة مما هي عليه الحال اليوم
وما من شك في أن حرص الرياض على إنجاز اتفاق خارطة الطريق، يتأثر بحالة عدم اليقين بشأن نهاية سريعة للصراع الإقليمي؛ من شأنها أن تسمح بوقف قريب للاشتباك العسكري الذي تدير الولايات المتحدة في جنوب البحر الأحمر، المرتبط بالعدوان على غزة، وذلك بخليط من الاستخدام المحدود للقوة العسكرية يجعلها عمليا دون نتائج واضحة على الأرض أو على قوة الحوثيين ووجودهم، والادعاءات التي لا تتمتع بأية مصداقية بشأن أهداف واشنطن الحقيقية من وراء هذا الاشتباك.

والجميع يعلم أن الهجمات الحوثية على السفن في البحر الأحمر، وفرت ذريعة إضافية لتأهيل جماعة الحوثي وتعزيز دورها في اليمن، وفي إطار المواجهة الإقليمية التي تتغذى من نزعة إيران لفرض الهيمنة الطائفية، وتتغذى أيضا من حاجة واشنطن لعامل ضغط إقليمي منفلت يجبر الرياض على الذهاب إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني، الذي إن تم بدون شروط أخلاقية، فإنه سيطيح حتما بمركزها الإقليمي ورمزيتها الدينية.

أقدمت الجماعة الحوثية قبل خمسة أيام على احتجاز (4) طائرات مدنية تابعة للخطوط الجوية اليمنية في مطار صنعاء الدولي الواقع تحت سيطرتها، وهو سلوك همجي إرهابي وعمل من أعمال الحرابة، يقوض بشكل كامل الثقة التي دفعت الشرعية أثمانا باهظه لأجهلها؛ تحت وطأة الضغوط الإقليمية والدولية.

وغني عن القول إن هذه الخطوة تنسف عمليا المكاسب الرمزية التي تحققت من وراء إعادة فتح بعض الطرق، وتعطي مؤشرا واضحا على أن مسلسل ابتزاز الشرعية وتهديد مركزها القانوني لطالما استُخدما بشكل متعمد، وتحت غطاء إقليمي؛ لانتزاع تنازلات من جانب الشرعية، وهو الأمر الذي قد يفتح المجال للتفكير بأن دوافع احتجاز الطائرات هدفه دفع الحكومة إلى التراجع عن قراراتها المالية الأخيرة التي قوضت بشكل مؤثر المكانة السلطوية لجماعة الحوثي.

هناك الآلاف من الحجاج اليمنيين المتواجدين في مطار الملك عبد العزيز في جدة وفي مكة ينتظرون العودة على متن الخطوط الجوية التي قدموا إلى المشاعر المقدسة على متنها، ومع ذلك لا يكترث الحوثيون بهذه الوضعية الاستثنائية الناشئة عن جريمة احتجاز الطائرات المدنية التي يفترض أنها تقدم خدمة محايدة للشعب اليمني، وأرجو ألا يتحول احتجاز الطائرات إلى قضية مهيمنة في مفاوضات مسقط، يأخذها نحو مسار تفاوضي عبثي جديد، كالمسارات العبثية التي كرست الواقع الفوضوي الحالي والتضعضع المخيف لهياكل الدولة اليمنية.

x.com/yaseentamimi68

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مفاوضات اليمنية السعودية الحوثيين السعودية اليمن مفاوضات الحوثيين سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة جماعة الحوثی

إقرأ أيضاً:

فرنسا: احتجاز شخصين بعد الهجوم على القنصلية الروسية في مرسيليا

أعلنت النيابة الفرنسية، اليوم الثلاثاء، عن احتجاز شخصين بالغين في إطار التحقيق بشأن التفجير الذي استهدف مبنى القنصلية العامة الروسية في مدينة مرسيليا، الواقعة بجنوب فرنسا، يوم الاثنين.

اعلان

وأوضحت النيابة أن الاحتجاز جاء بسبب "أضرار ناجمة عن مادة حارقة أو متفجرة"، بعد أن تم إلقاء عبوات ناسفة على القنصلية. وأشارت إلى أنه لم يتم تقديم مزيد من التفاصيل حول ظروف الاحتجاز.

وطالبت روسيا، يوم الاثنين، بإجراء تحقيق شامل من قبل فرنسا في التفجيرات، معتبرة أنها تحمل سمات "عمل إرهابي". 

ووفقا لوكالة الأنباء الروسية "تاس"، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، إن "الانفجارات التي وقعت في مقر القنصلية العامة الروسية تحمل كل سمات الهجوم الإرهابي".

وأكدت زاخاروفا على ضرورة اتخاذ فرنسا "إجراءات شاملة وسريعة" للتحقيق في الحادث، بالإضافة إلى تعزيز أمن البعثات الروسية في الخارج.

ولم ترد تقارير عن وقوع إصابات، كما لم تتوفر معلومات فورية حول حجم الأضرار الناتجة عن الحادث.

وجاء الحادث بالتزامن مع دخول الغزو الروسي على أوكرانيا العام الثالث.

Relatedإستونيا: الصين تساعد روسيا في إنتاج الطائرات المسيّرة العسكرية عبر تهريب مكونات غربيةالسفير الأوكراني لدى ألمانيا: "روسيا تشن حربًا ضد الغرب، والكثيرون لا يرون ذلك"تصعيد متبادل: مسيرات أوكرانية تستهدف مصفاة ساراتوف وروسيا تضرب شبكة الكهرباء

من جهتها، ذكرت وزارة الداخلية الفرنسية أن القنصل الروسي وموظفي القنصلية احتُجزوا داخل المبنى في انتظار تدخل خبراء إزالة الألغام.

وأفاد مصدر أمني فرنسي، بأنه تم إلقاء جسمين متفجرين على الجدار الخارجي للقنصلية الروسية في مرسيليا، حيث انفجر أحدهما. 

وفي بيان لها، أكدت السفارة الروسية في باريس أن "موظفي القنصلية العامة الروسية في مرسيليا لم يصابوا بأذى، ولم تقع أي أضرار مادية."

Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية الانتخابات الألمانية من منظور دولي: كيف ترى كل من الولايات المتحدة، روسيا والصين الحدث؟ الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات جديدة على روسيا وسط تحركات ترامب للتفاوض بشأن أوكرانيا معرض الدفاع الدولي في أبوظبي يجمع روسيا وأوكرانيا تحت سقف واحد روسيافرنساالحرب في أوكرانيا هجوماعلاناخترنا لكيعرض الآنNext البرد القارس في غزة يودي بحياة 6 أطفال رضّع ويهدد حياة آخرين يعرض الآنNext الشرع: سوريا غير قابلة للتقسيم وليست حقلاً للتجارب يعرض الآنNext بولندا تستنفر طائراتها العسكرية بعد حملة جوية روسية عنيفة على أوكرانيا وسلطات كييف تعلن عن خسائر يعرض الآنNext "أدركت أنني في ورطة" جندي إسرائيلي يكتب مذكراته عن استهداف حزب الله لقاعدة عسكرية في 8 أكتوبر يعرض الآنNext ضربة أخرى لقوات حميدتي.. الجيش السوداني يكسر حصار الدعم السريع لمدينة الأبيض الاستراتيجية اعلانالاكثر قراءة مئات الآلاف في وداع أمين عام حزب الله حسن نصر الله على وقع غارات إسرائيلية على شرق وجنوب لبنان تشييع حسن نصرالله في بيروت.. من سيشارك في وداع أمين عام حزب الله؟ رئيسة وزراء الكونغو تكشف: 7000 قتيل و450 ألف مشرد بسبب النزاع الدائر في شرق البلاد الاتحاد الأوروبي يُعلّق عقوبات على قطاعات رئيسية في سوريا لدعم التعافي الاقتصادي والاستقرار اكتشفوا متنزه كاي تاك الرياضي الجديد في هونغ كونغ بالمشاركة مع Hong Kongاعلان

LoaderSearchابحث مفاتيح اليومالانتخابات التشريعية الألمانية 2025دونالد ترامبإسرائيلروسياالحرب في أوكرانيا سورياضحاياالصحةفرنساالصراع الإسرائيلي الفلسطيني بريطانياأوروباالموضوعاتأوروباالعالمالأعمالGreenNextالصحةالسفرالثقافةفيديوبرامجخدماتمباشرنشرة الأخبارالطقسآخر الأخبارتابعوناتطبيقاتتطبيقات التواصلWidgets & ServicesAfricanewsعرض المزيدAbout EuronewsCommercial ServicesTerms and ConditionsCookie Policyسياسة الخصوصيةContactWork at Euronewsتعديل خيارات ملفات الارتباطتابعوناالنشرة الإخباريةCopyright © euronews 2025

مقالات مشابهة

  • مليشيا الحوثي تغلق عشرات المتاجر وتعتقل ملاكها
  • جماعة الحوثي تحذر الرياض وأبوظبي من أي حرب جديدة عليها
  • 250 مليار دولار خسائر اليمن جراء الانقلاب الحوثي
  • بن مبارك يبحث مع الاتحاد الأوروبي التحديات الاقتصادية ودعم الحكومة اليمنية 
  • مليشيا الحوثي تهدد الأمم المتحدة والسعودية وتهاجم المبعوث الأممي قبيل دخول قرار تصنيفهم جماعة إرهابية أجنبية
  • تحسن ملحوظ في قيمة العملة اليمنية بمناطق الشرعية ''أسعار الصرف الآن''
  • “حماس”: أي مفاوضات تستند على الخطوط الحمراء التي وضعتها المقاومة
  • فرنسا: احتجاز شخصين بعد الهجوم على القنصلية الروسية في مرسيليا
  • احتجاز مراسل قناة اليمن اليوم في lلحديدة
  • محجوب فضل بدری: صياد النجوم فی أبْ قَبَّة فحل الديوم !!