قال خبير لغة الجسد والتواصل غير اللفظي المعروف، جو نافارو، إن "لغة الجسد لدى السياسيين لا تكذب، في حين أنهم قادرون على التلاعب بالحقائق والكلمات"، وذلك عبر مقال له، نشرته مجلة "بوليتيكو" الأمريكية.

وانطلق نافارو، في تحليله، من دخول مسرح المناظرة، بالقول: "إن بايدن دخل أولا، لتظهر مشيته المتيبسة بخطوات صغيرة، على الفور، مدى تقدمه بالعمر"، مضيفا أن "هذه ليست بالضرورة علامة كارثية على التدهور العقلي".

 

وتابع: "مع تقدمنا في السن، نفقد الكثير من حساسية الأعصاب التي تساعدنا في الحفاظ على توازننا، ولا تؤثّر هذه الأعصاب دائما في ركوب الدراجات أو السباحة، ولكنها تؤثر في طريقة المشي والسير".

وعلى الرغم من أن نافارو، الذي عمل لمدة 25 عاما في مكتب التحقيقات الفيدرالي، لم يعرب عن تفاجُئه من عدم حدوث مصافحة بين الخصمين، بالقول: "إن عدم حدوث ذلك التلامس التقليدي في المناظرات السابقة، يعد مؤشرا ودليلا واضحا على وجود انقسامات داخل المجتمع الأمريكي".

وأكّد أن "المصافحة بين الرجلين كانت ستبعث برسالة غير لفظية تنم عن وجود احترام متبادل، وذلك على الأقل بالنسبة للمشاهد الأمريكي"؛ فيما نوه الخبير الأمريكي إلى أن "شحوب بشرة الرئيس الحالي مقارنة بمنافسه الجمهوري قد تؤثر عليه".

وأردف بأن "البعض قد يظن أن ذلك أمر سطحي وعادي، لكنه يمكن أن يحدث فرقا كبيرا؛ بايدن كان شاحبا مثل ملاءة سرير بيضاء، بينما بدا ترامب متوهجا وكأن أشعة الشمس قد انعكست على بشرته"، مسترسلا: "البشر يستشعرون بشكل طبيعي الصحة والحيوية والطاقة في الوجه المدبوغ (بلون البرونزاج)، وبالتالي فإن ذلك مؤشر آخر على أن بايدن بدا ضعيفا إلى حد ما".

وتابع نافارو بأنه "اعتاد على مشاهدة بايدن منذ تسعينيات القرن الماضي، لكن في هذه المناظرة بدا رزينا جدا وكأنه تمثال، في إشارة إلى قلة حركاته وتعبيرات جسده، مقارنة بترامب".


وأضاف: "بايدن كان في أول 40 دقيقة على وجه الخصوص، مفتقدا للحركات والإيماءات، وذلك على عكس الرئيس الجمهوري السابق الذي لفت انتباه المشاهد بحركات اليد الديناميكية والإشارة العدوانية بأصابع الاتهام التي دعمت حججه، ما جعله يبدو أكثر نشاطا".

وأكد أن "لغة الجسد تتحدث كثيرا، لكن كتاب بايدن كان مليئا بالصفحات الفارغة، وربما يكون مرد ذلك أنه أراد أن يكون محترما وأن يتم الإصغاء إليه باهتمام. ولكن قد يكون السبب أيضا هو أنه مع التقدم في العمر، تصبح إيماءاتها أقل؛ ولم يقدم التواصل غير اللفظي لبايدن شيئا لمواجهة الاتهامات بأن سنه الكبير يلاحقه".

أما بالنسبة للغة العيون؛ فأوضح نافارو أن "رفّة الجفون كانت حاضرة عند المتنافسين، لكن لأسباب مختلفة وأوقات مغايرة من المناظرة"، مضيفا أنها "كانت الجفون لديه ترف عندما يشعر بأنه ارتكب خطأ ما خلال الدفع بحُجّته وأدلته، وبالتالي فإن تلك الحركة كانت تعبر عن الإحباط؛ وهو سلوك شائع للأشخاص الذين يعانون التأتأة".

وفي حالة ترامب، تابع نافارو: "لم تكن رفة الجفن تعبيرا عن الإحباط الداخلي بقدر ما كانت تعبيرا عن الازدراء الخارجي؛ إذ إنّه كان يشبه شخصية النجم الأمريكي المعروف، جاك نيكلسون، في فيلم "A Few Good Men”، والذي كانت جفونه ترف كلما تلقى سؤالاً صعباً وهو جالس على منصة الشهود في مشاهد المحكمة"، مضيفا أنه "عموما، كان ترامب الأكثر تعبيرا عن طريق لغة العيون، ولكن ليس بطريقة جيدة، فهو عندما يسمع أمرا لا يحبه، ينزل جفنيه بقوة".

واعتبر نافارو أن "ذلك يعد سلوكا تكيفيا، ضاربا مثلا بلمس المرء لوجهه، لتخفيف التوتر المؤقت، وتلك تعتبر وسيلة لتهدئة النفس"؛ مبرزا أنه منذ ظهوره على شاشة التلفزيون، كشف ترامب سلوكا غريبا يكشف عن مشاعر الخلاف أو الكراهية أو الازدراء، وقد ظهر ذلك مرات عديدة خلال المناظرة عبر زم الشفتين.

وشدّد نافارو على أن "معظم الناس يضمون شفاهم عند سماع أمر لا يحبذونه أو يختلف مع قيمهم وآرائهم"، مردفا بأن "هذا سلوك متأصل بعمق في النفس البشرية؛ لقد لاحظت السلوك عينه لدى الأطفال الذين ولدوا مكفوفين. فهو نوع من التشنج اللاإرادي الذي يمكن للآخرين الاستفادة منه في عدة أمور، مثل عند إجراء مفاوضات تجارية، أو حتى مناظرة رئاسية".

كذلك، شدّد نافارو على أن "ترامب كان يلجأ إلى ما يحب أن يسمّيه الابتسامة الزائفة المنحرفة، والتي تعد سلوكا سلبيا غير صادق"، موضّحا أنه في ابتسامة دوشين "الابتسامة الحقيقية إلى درجة كبيرة، يحدث تقلص إضافي للعين الدائرية، ما يؤدي إلى تجعد الجلد حول العينين".


وزاد نافارو: "هذا يجعل الابتسامة تبدو مفتعلة، وتهدف إلى درء الهجوم اللفظي بشكل غير لفظي. إنها طريقة للتظاهر بأن أمرا ما لم يكن مؤلمًا، في حين أنه كان كذلك في الواقع"، في إشارة إلى أنها كانت تضغط الشفاه بشدة، وتسحب مفاصل الفم بإحكام إلى الأعلى وإلى الجانب، ويكون تقوس الحاجبين عاليا.

تجدر الإشارة إلى أنه وفق وكالة رويترز، فإن "قرابة الـ48 مليون شخص شاهدوا المناظرة الرئاسية بين بايدن وترامب"؛ فيما يشير الرقم إلى أن العدد النهائي للجمهور سيكون أقل بنحو الثلث من 73 مليون شخص تابعوا أول مناظرة بين المرشحين في 2020.

إلى ذلك، ستكون هذه من بين ثلاث مناظرات رئاسية، قد نالت أقل نسب مشاهدة منذ 1976. فيما قد يكون العدد الضئيل نسبيا مقارنة بمناظرات سابقة في دورات انتخابية، مؤشرا على ضعف حماس الناخبين لكلا المرشحين.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية بايدن ترامب بايدن الإنتخابات الأمريكية ترامب المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة لغة الجسد إلى أن

إقرأ أيضاً:

مقال في ناشونال إنترست: أميركا هي الخاسر الأكبر من مناظرة بايدن وترامب

قال محلل سياسي أميركي إن الخاسر الأكبر من المناظرة التي جرت، فجر الجمعة الماضي، بين الرئيس جو بايدن ومنافسه المفترض في الانتخابات الرئاسية المقبلة دونالد ترامب، هي الولايات المتحدة ومواطنوها الذين يحق لهم التصويت.

وأضاف أن أنصار الحزب الديمقراطي أصابهم الذعر من أداء بايدن في المناظرة، مبديا حزنه من ظهور علامات الخرف عليه بما لا يدع مجالا للشك في بعض الأحيان خلال تراشقهما اللفظي.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2"سكين في الظهر".. نتنياهو ينوي التخلص من غالانتlist 2 of 2غارديان: هل كانت محاولة الانقلاب في بوليفيا مسرحية نظمها الرئيس؟end of list

ولم يسلم ترامب بدوره من سهام النقد التي صوبها عليه المحلل الأميركي روبرت دبليو ميري في مقاله بمجلة "ناشونال إنترست"، رغم إقراره بأن المرشح الجمهوري المفترض لانتخابات الرئاسة الأميركية المزمع إجراؤها في الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني القادم، قد يكون هو المنتصر في المناظرة، لكنه ليس ذلك الفوز الذي يولِّد الثقة في المستقبل.

ذعر الديمقراطيين

ومع ذلك، فإن الكاتب يعتقد أن ذلك لا يعني أن بايدن تنازل عن كل فرص الفوز على ترامب في الانتخابات المقبلة، معربا عن اعتقاده أن ما حدث في المناظرة ربما لا يبرر كليا ذعر الديمقراطيين.

وأيد ميري في مقاله ما ذهبت إليه عضوة مجلس الشيوخ السابقة عن الحزب الديمقراطي كلير مكاسكيل من أنه كان لديه شيء واحد ليحققه وهو طمأنة الأميركيين بأنه قادر على أداء مهامه رئيسا في مثل عمره، وفشل في ذلك.

وبالقدر نفسه، كان لدى ترامب ما يتعين عليه إنجازه أيضا، وهو إثبات أن قدرته على توسيع قاعدة دعمه من خلال جذب الناخبين المستقلين والمترددين إلى صفه، وفق المحلل السياسي الذي يرى أنه لا يوجد ما يدل على أنه فعل ذلك، إذ كان أداؤه في المناظرة "متواضعا في أحسن الأحوال".

ستعود للمربع الأول

وإذا لم يتمكن قادة الحزب الديمقراطي من إقناع بايدن بالانسحاب من السباق، رغم ضآلة هذا الاحتمال -كما يتوقع ميري-، فإن أميركا ستعود إلى المربع الأول، حيث يتنافس مرشحان "بكل العيوب التي تشوبهما" على رئاسة البلاد. واستطرد الكاتب أنه ما لم يحدث تطور مثير وغير متوقع، فإن أيا منهما بإمكانه الفوز.

واستنادا إلى ذلك، فإن ميري لا يرى أن المناظرة هي نقطة التحول الحاسمة، كما يتصورها العديد من السياسيين والنقاد على اختلاف توجهاتهم السياسية.

وفي تصور كاتب المقال أن أداء بايدن لم يكن "كارثيا" كما أوحت بذلك التحليلات المبكرة. ورغم أنه لا يقلل من شأن زلات وعثرات بايدن، فإنه يعتقد أن الرئيس صمد في مناظرة اتسمت بضراوة المنافسة.

نقطة ضعف جوهرية

ولم يُخف الكاتب ميله إلى جانب المرشح الديمقراطي، حيث ظهر ذلك واضحا حينما زعم أن ترامب لا يزال يعاني سياسيا من نقطة ضعف جوهرية، وهي عجزه عن التواصل مع الأميركيين الذين لا يرتدون قبعات تحمل شعار حملته الانتخابية "لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى".

وبافتقاره إلى هذه القدرة، يبدو أن ترامب عاجز أيضا على البناء على قاعدته الجماهيرية الصلبة التي لا تتزعزع عن تأييده؛ إذ طالما وقفت إلى جانبه في لحظات الانتصار والانكسار على مدى ما يقرب من عقد من الزمان، كما يقول ميري.

وينقل مقال "ناشونال إنترست" عن المعلق السياسي ومحلل استطلاعات الرأي نيت سيلفر أن الرئيس الذي يسعى لولاية ثانية ربما لن ينجح ما لم يحصل على نسبة موافقة لا تقل عن 49% في وقت الانتخابات.

وفي تعليقه على ما خلص إليه سيلفر، يقول ميري إنه يمكننا -تأسيسا على ذلك- أن نكتشف أن عجز ترامب عن البناء على قاعدته السياسية كان عاملا حاسما في فشل مسعاه لإعادة انتخابه عام 2020.

سرديات مدنية

ومضى إلى القول إن نقطة ضعف ترامب الأخرى هي أنه يفتقر إلى المفردات وطريقة التفكير اللازمة لبناء سرديات مدنية تأسر خيال الناخبين من غير أصحاب الولاء الشديد له. وضرب ميري مثلا على ذلك بإجابة ترامب على سؤال مديرة المناظرة دانا باش عما إذا كان سيقبل بشروط الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للدخول في المفاوضات بشأن وضع أوكرانيا.

وأوضح كاتب المقال أن ترامب أجاب، متجاهلا السؤال في البداية، قائلا إن قدامى المحاربين والجنود الأميركيين "لا يطيقون هذا الرجل" (في إشارة إلى بايدن)، وعندما أراد الرد على السؤال "أضاع فرصة ممتازة" لإبراز معارضته المعلنة لانخراط الولايات المتحدة في حروب "أبدية"، ولتدخلها "الخاطئ" في الصراعات الدولية.

ويتجلى افتقار ترامب إلى الصرامة الفكرية وتماسك لغة الخطاب لديه -بحسب ميري- في إجابته على سؤال حول الديْن الوطني للولايات المتحدة. ومن دون معالجة هذا السؤال، قدم خطبة عن تيار من الوعي تتماشى مع ندوة أدبية حداثية أكثر من كونها مناظرة رئاسية، على حد تعبير المقال.

مقالات مشابهة

  • إيلون ماسك يعلق على مناظرة الانتخابات الأمريكية بين ترامب وبايدن
  • «ترامب»: قرار المحكمة العليا الأمريكية انتصار كبير للدستور والديمقراطية
  • الجارديان تحذر الحزب الديمقراطي من عواقب مناظرة بايدن الكارثية مع ترامب
  • "الجارديان" تحذر الحزب الديمقراطي من عواقب مناظرة بايدن الكارثية مع ترامب
  • مقال في ناشونال إنترست: أميركا هي الخاسر الأكبر من مناظرة بايدن وترامب
  • مناظرة محزنة ومؤسفة
  • لغة الجسد للسياسيين لا تكذب.. كيف حلّل خبير لغة الجسد مناظرة ترمب وبايدن؟
  • "أهم من المناظرات".. ترامب يطالب الأمريكيين بضرورة التفكير بشيء يخص بايدن
  • مشاهدات بالملايين.. مفاجأة جديدة في مناظرة جو بايدن ودونالد ترامب