صحيفة التغيير السودانية:
2025-04-25@09:24:16 GMT

هل نحبّ بلادنا حقّا

تاريخ النشر: 30th, June 2024 GMT

هل نحبّ بلادنا حقّا

 

هل نحبّ بلادنا حقّا

خالد فضل

في كثير من الأحيان يبدو للمرء إذا تأمل, أنّ معظم السودانيين يزعمون محبتهم وحرصهم على بلادهم, بينما معظم سلوكهم وممارساتهم؛ بل حتى مأثورات أقوالهم تنمّ عن شعور وإحساس مختلف ربما يصل مرحلة كراهية بلادهم وشعبهم, ثم هل البلاد هنا في وسع معظمنا هي أرض وبشر أم هي أرض بلا بشر أم بشر بلا أرض؟ ما معنى القول السائد (جلدا ما جلدك كر فوق ليهو الشوك) أو القول المأثور (دار أبوك إن خربت شيلك منها شلية).

ما الذي تؤسس له مثل هذه الأقوال, وما مدى تطبيقها حرفيا في جل ممارسلنا الحياتية, فمسألة كر الشوك مثلا لا تنطوي على أنانية فحسب بل أنانية مع سادية مفرطة برغبة جامحة لتعذيب الآخرين, وممارسات عناصر قوات الدعم السريع وانتهاكاتها المستمرة لكل حقوق مواطنيهم (المفترضين) في قرى الجزيرة وسنار تمثل أسطع دليل قائم الآن على مدى السادية وفرط الأنانية التي يطبقها بعض السودانيين ضد مواطنين آخرين في نهج (كر شوك) مفزع, وبالطبع لا نننسى الممارسات الوحشية والسادية والتشفي والانتقام مثلما يظهر في مقاطع فيديوهات مقززة لسلخ الجلود وبقر البطون ومضغ الكباد من الجانب الآخر, وعلى وقع قول آخر يحدد حيز انحيازاتنا وحميتنا ومفهوم جلدا مو جلدك (أنا وأخوي على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب). ولهذا قد لا يندهش الشخص إذا علم الوحشية والمعاملة القاسية التي تتضائل أمامها وحشية الوحوش نفسها في أتون الحروب الأهلية التي يمتلك السودانيون فيها ثروات هائلة من القتل والتهجير والتشريد والغبائن والمحن، وتنتج أدبيات على شاكلة (الأرض المحروقة) و(التطهير العرقي) وتكون من ضمن الآلة الحربية المستخدمة هنا الطائرات الحربية المحملة بالبراميل المفخخة التي تتوزع قدرتها على القتل والتدمير لمساحة دائرية قطرها 2 كلم على الأقل, يجب في هذه الحالة فهم (محبة الوطن) أهي محبة للأرض الغنية بالثروات التي يجب تطهيرها من رجس قاطنيها الأشرار ووفق قاعدة شيل شلية من الدار الخربانة؟ أم هي المحبة للبشر في زنازين الاعتقال وأقبية بيوت الأشباح وأوكار الجريمة الرسمية التي تصرف الدولة السودانية على تمويلها وتشوين منتسبيها بالأموال الطائلة وتحميهم بالحصانات القانونية, وترقيهم مهنيا كلما أوغلوا في البطش والنكيل بالطالحين من ذوي الجلود غير جلدي أو جلد أخوي أو ود عمي على أبعد قربى! ما الذي يحبه معظم السودانيين في بلدهم, (الذات) ومن قولهم السائر (أنا بعد مرقت إن شالله بطن أمي تنسد) الخلاص الفردي, واقتصار الشعور المتمركز في الأنا, وقد عبّر أستاذنا الراحل كمال الجزولي عليه واسع الرحمات في مقطع قصيدة قصيرة بعنوان مثقف ؛ خلاصتها أن من يظن نفسه مثقفا لا يهتم باندلاع النار وهي تحرق في بلده ثم مدينته ثم حيّه ثم شارعه ثمّ بيته فلا يكترث و يبكي إلا عندما يعلم أنها في مكتبته!! فهل حقا لم يكترث ولم يبك كثير من السودانيين عندما كانت (الجمرة تحرق) من يطأوونها في الجنوب سابقا ودارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق وكثر النواح والعويل عندما صار اللهب متصاعدا فقط في الوسط والشمال النيلي؛ أي المركز والبقية هوامش, الذين يحبون كل بلادهم وكل البشر في بلادهم ظهروا في موقف الضد من الحريق منذ إندلاعه قبل قرابة 70 سنة وقالوا وسعوا وما يزالون لوقف اللهيب, وفيهم من ناس الوسط والشمال النيلي رهط كبير، أما الذين لا تهمهم سوى أرفف مكتبتهم فإنهم يلطمون الخدود ويعبئون الأحقاد انتقاما لعنوان (كتاب) الأنا والمصالح الأنانية وفيهم من الجنوب زمان ومن الأنقسنا ودارفور وجبال النوبة نفر غير قليل, حتى لا نظلم الجميع.

بلادنا في تعريفها الصحيح في تقديري هي الأرض والبشر ثنائية لا تنفصم, لا يمكن حرق الأرض لتطهيرها من البشر, أو ذبح البشر وبقر بطونهم وأكل كبادهم أو قتلهم برصاصة على الصدر أو القضاء على حياتهم جماعيا وتهجيرهم ونهبهم وترويعهم لمجرد أنهم آخرين, من يفتكون بالناس ومن يدمرون الموارد التي تعتمد عليها حياتهم كلاهما على باطل, من يعتقلون الناس الأبرياء باتهامات زائفة ومن يحتجزونهم كرهائن أو كباش فداء لعجزهم عن تحقيق ما يزعمون من بطولات هم أشر الناس, لا يفرق اللون أو السحنة أو الموطن الجغرافي, من يشعلون الحروب أو يدعون لإستمرارها غض الطرف عن إدعاءاتهم وسردياتهم عليهم مراجعة موقف حبهم لبلدهم والبشر فيه بهذه الطريقة الكريهة, ما من حل مريح ومستدام وطيب النتائج يأتي عن طريق الجبروت والثأر والإنتقام فالممارسة واحدة, هي مع الأسف الكراهية للناس والبلد, من يحب بلاده حقا يحبها جغرافيا وديموغرافيا, فمن منا المحب ومن المبغض! لقد كشفت حرب داحس وغبراء الراهنة معادن دعاة السلم والمساواة والعدالة والحرية والديمقراطية والتنمية المتوازنة لكل الجهات ولكل الناس, مثلما عرّت أبواق اشعال الحروب واحتكار الثروات والهيمنة على السلطة على قاعدة شيل الشلية من الدار الخربانة, ليراجع كل منا محبته المزعومة لبلده وناس بلده ويقارن موقفه الفعلي مع ذاك الحب المتوهم عسى ينصلح الحال.

 

الوسومالامثال السودانية الدعم السريع حرب السودان خطاب الكراهية

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الدعم السريع حرب السودان خطاب الكراهية

إقرأ أيضاً:

الكرامة معارك مستمرة في عدة جبهات (1)

معركة الكرامة بإذن الله لن تتوقف بنهاية حرب مليشيا الجنجويد و ذراعها السياسي (قحت/تقدم/صمود) و هزيمة مشروع قوى الشر الإقليمية و الدولية الذي كان يراد توطينه في بلادنا ، فالكرامة معارك مستمرة في عدة جبهات حتى تتحقق أهدافها و غاياتها ..
إنها معارك يحب أن تستمر و تتواصل لتشمل :
ـ القيام بحصر شامل و دقيق للخسائر التي تسببت فيها الحرب التي فرضت على بلادنا في كافة المجالات ..
ـ الرعاية الكاملة لأسر الشهداء العسكريين و المدنيين و استكمال علاج الجرحى و المصابين ..
ـ إعادة إعمار ما دمرته الحرب مع إعطاء الأولوية لتوفير الخدمات الضرورية التي يحتاجها الإنسان وفق خطط متكاملة تؤسس لإستدامة المرافق الخدمية و البنيات التحتية وفق أفضل المعايير و الممارسات التي توصلت إليها الدول المتطورة ..
ـ الملاحقة القانونية و القضائية لدولة الإمارات في كافة المحافل و المؤسسات العدلية الإقليمية و الدولية و ضمان عدم إفلاتها من العقاب جراء ما ارتكبته من جرائم في حق شعبنا و بلادنا ..
ـ الملاحقة القانونية و القضائية لمن تبقى من قيادات و جنود مليشيا الجنجويد المجرمة و من ساندهم من قيادات الإدارة الأهلية و قيادات ذراعها السياسي (قحت/تقدم/صمود) ..
ـ الإستمرار في فضح المؤامرة و كشف فصولها و تفاصيلها للرأي العام المحلي و العالمي ..
ـ مراجعة الوجود الأجنبي في البلاد و القوانين المنظمة له وفق مصلحة أمننا القومي و مصالح شعبنا ..
ـ العمل على بناء الأمة السودانية الموحدة على أساس التراضي القائم على المواطنة و الحقوق و الواجبات المتساوية لجميع السكان بمختلف مكوناتهم الإجتماعية و الثقافية ..
ـ بناء دولة المؤسسات الملتزمة بمعايير الحكم الراشد التي من أبرزها :
1/ حق المشاركة و الإنتخاب و التصويت ..
2/ سيادة حكم القانون ( القانون يسود على الجميع دون تمييز) ..
3/ الشفافية و النزاهة ..
4/ الإستجابة ( سرعة الإستجابة للخطط الموضوعة لخدمة المواطنين) ..
5/ العدالة و المساواة و الإنصاف ..
6/ الفعالية التي تعرف بأنها هي عملية حسن توظيف الموارد ..
7/ المساءلة و المحاسبة ..
8/ الرؤى الإستراتيجية و تعني وجود رؤية و خطط إستراتيجية لمستقبل البلد ..
ـ بناء المصالحات المجتمعية و استدامة السلام بين كافة المكونات الإجتماعية و الإثنية و حمايتها بسياج منيع من القوانين الرادعة التي تحرم إثارة النعرات و خطاب الكراهية و توقع أشد العقوبات على مثيريها ..
ـ إعداد الدستور الدائم للبلاد الذي يؤسس للإستقرار و الحرص على تحقيق أكبر قاعدة من الإجماع و التراضي حوله ..
ـ المراجعة الشاملة لخارطة علاقاتنا الخارجية بدءاً من دول الجوار و المحيط الإقليمي الأفريقي و العربي ثم بقية دول العالم و تحديد مستوى العلاقات مع أي دولة بناءاً على :
1/ موقف الدولة من الحرب التي تعرضت لها بلادنا ..
2/ مصلحة أمننا القومي ..
3/ مصالح شعبنا ..
ـ المراجعة الشاملة للمناهج التربوية و التعليمية بما يعزز قيمة حب الوطن و جودة مخرجات التعليم بما يتواكب مع متطلبات العصر ..
ـ الإستمرار فى بناء و تأهيل القوات المسلحة و القوى الأمنية و النظامية الأخرى و دعمها بكل ما يمكنها من حماية البلاد و الحفاظ على أمنها و حدودها و ثرواتها ..

حاج ماجد سوار

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • ما قام به الدعامة يحتاج لقرون حتى يتم محوه من ذاكرة السودانيين
  • الرقص على أشلاء البشر
  • وزير الخارجية اللبناني: مستعدون للتعاون مع دمشق لإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم
  • تصاعد المعارك في “الفاشر” وعدد النازحين السودانيين يتجاوز المليون 
  • أمريكا تطلب من الأردنيين المخالفين العودة فورًا
  • الكرامة معارك مستمرة في عدة جبهات (1)
  • أبرز الأرقام المتعلقة بعودة السودانيين من مصر إلى السودان
  • كيف عاش البشر حينما انقلبت أقطاب الأرض قبل 41 ألف سنة؟
  • نقابة الصحفيين السودانيين تدين اعتقال الصحيفة امتثال عبد الفضيل من السلطات العسكرية بمدينة كسلا
  • ثلثا البشر يقعون في خطأ فادح بخصوص شرب الماء... ماذا يحدث عندما تشعر بالعطش؟.