صحيفة التغيير السودانية:
2024-11-26@20:57:05 GMT

هل نحبّ بلادنا حقّا

تاريخ النشر: 30th, June 2024 GMT

هل نحبّ بلادنا حقّا

 

هل نحبّ بلادنا حقّا

خالد فضل

في كثير من الأحيان يبدو للمرء إذا تأمل, أنّ معظم السودانيين يزعمون محبتهم وحرصهم على بلادهم, بينما معظم سلوكهم وممارساتهم؛ بل حتى مأثورات أقوالهم تنمّ عن شعور وإحساس مختلف ربما يصل مرحلة كراهية بلادهم وشعبهم, ثم هل البلاد هنا في وسع معظمنا هي أرض وبشر أم هي أرض بلا بشر أم بشر بلا أرض؟ ما معنى القول السائد (جلدا ما جلدك كر فوق ليهو الشوك) أو القول المأثور (دار أبوك إن خربت شيلك منها شلية).

ما الذي تؤسس له مثل هذه الأقوال, وما مدى تطبيقها حرفيا في جل ممارسلنا الحياتية, فمسألة كر الشوك مثلا لا تنطوي على أنانية فحسب بل أنانية مع سادية مفرطة برغبة جامحة لتعذيب الآخرين, وممارسات عناصر قوات الدعم السريع وانتهاكاتها المستمرة لكل حقوق مواطنيهم (المفترضين) في قرى الجزيرة وسنار تمثل أسطع دليل قائم الآن على مدى السادية وفرط الأنانية التي يطبقها بعض السودانيين ضد مواطنين آخرين في نهج (كر شوك) مفزع, وبالطبع لا نننسى الممارسات الوحشية والسادية والتشفي والانتقام مثلما يظهر في مقاطع فيديوهات مقززة لسلخ الجلود وبقر البطون ومضغ الكباد من الجانب الآخر, وعلى وقع قول آخر يحدد حيز انحيازاتنا وحميتنا ومفهوم جلدا مو جلدك (أنا وأخوي على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب). ولهذا قد لا يندهش الشخص إذا علم الوحشية والمعاملة القاسية التي تتضائل أمامها وحشية الوحوش نفسها في أتون الحروب الأهلية التي يمتلك السودانيون فيها ثروات هائلة من القتل والتهجير والتشريد والغبائن والمحن، وتنتج أدبيات على شاكلة (الأرض المحروقة) و(التطهير العرقي) وتكون من ضمن الآلة الحربية المستخدمة هنا الطائرات الحربية المحملة بالبراميل المفخخة التي تتوزع قدرتها على القتل والتدمير لمساحة دائرية قطرها 2 كلم على الأقل, يجب في هذه الحالة فهم (محبة الوطن) أهي محبة للأرض الغنية بالثروات التي يجب تطهيرها من رجس قاطنيها الأشرار ووفق قاعدة شيل شلية من الدار الخربانة؟ أم هي المحبة للبشر في زنازين الاعتقال وأقبية بيوت الأشباح وأوكار الجريمة الرسمية التي تصرف الدولة السودانية على تمويلها وتشوين منتسبيها بالأموال الطائلة وتحميهم بالحصانات القانونية, وترقيهم مهنيا كلما أوغلوا في البطش والنكيل بالطالحين من ذوي الجلود غير جلدي أو جلد أخوي أو ود عمي على أبعد قربى! ما الذي يحبه معظم السودانيين في بلدهم, (الذات) ومن قولهم السائر (أنا بعد مرقت إن شالله بطن أمي تنسد) الخلاص الفردي, واقتصار الشعور المتمركز في الأنا, وقد عبّر أستاذنا الراحل كمال الجزولي عليه واسع الرحمات في مقطع قصيدة قصيرة بعنوان مثقف ؛ خلاصتها أن من يظن نفسه مثقفا لا يهتم باندلاع النار وهي تحرق في بلده ثم مدينته ثم حيّه ثم شارعه ثمّ بيته فلا يكترث و يبكي إلا عندما يعلم أنها في مكتبته!! فهل حقا لم يكترث ولم يبك كثير من السودانيين عندما كانت (الجمرة تحرق) من يطأوونها في الجنوب سابقا ودارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق وكثر النواح والعويل عندما صار اللهب متصاعدا فقط في الوسط والشمال النيلي؛ أي المركز والبقية هوامش, الذين يحبون كل بلادهم وكل البشر في بلادهم ظهروا في موقف الضد من الحريق منذ إندلاعه قبل قرابة 70 سنة وقالوا وسعوا وما يزالون لوقف اللهيب, وفيهم من ناس الوسط والشمال النيلي رهط كبير، أما الذين لا تهمهم سوى أرفف مكتبتهم فإنهم يلطمون الخدود ويعبئون الأحقاد انتقاما لعنوان (كتاب) الأنا والمصالح الأنانية وفيهم من الجنوب زمان ومن الأنقسنا ودارفور وجبال النوبة نفر غير قليل, حتى لا نظلم الجميع.

بلادنا في تعريفها الصحيح في تقديري هي الأرض والبشر ثنائية لا تنفصم, لا يمكن حرق الأرض لتطهيرها من البشر, أو ذبح البشر وبقر بطونهم وأكل كبادهم أو قتلهم برصاصة على الصدر أو القضاء على حياتهم جماعيا وتهجيرهم ونهبهم وترويعهم لمجرد أنهم آخرين, من يفتكون بالناس ومن يدمرون الموارد التي تعتمد عليها حياتهم كلاهما على باطل, من يعتقلون الناس الأبرياء باتهامات زائفة ومن يحتجزونهم كرهائن أو كباش فداء لعجزهم عن تحقيق ما يزعمون من بطولات هم أشر الناس, لا يفرق اللون أو السحنة أو الموطن الجغرافي, من يشعلون الحروب أو يدعون لإستمرارها غض الطرف عن إدعاءاتهم وسردياتهم عليهم مراجعة موقف حبهم لبلدهم والبشر فيه بهذه الطريقة الكريهة, ما من حل مريح ومستدام وطيب النتائج يأتي عن طريق الجبروت والثأر والإنتقام فالممارسة واحدة, هي مع الأسف الكراهية للناس والبلد, من يحب بلاده حقا يحبها جغرافيا وديموغرافيا, فمن منا المحب ومن المبغض! لقد كشفت حرب داحس وغبراء الراهنة معادن دعاة السلم والمساواة والعدالة والحرية والديمقراطية والتنمية المتوازنة لكل الجهات ولكل الناس, مثلما عرّت أبواق اشعال الحروب واحتكار الثروات والهيمنة على السلطة على قاعدة شيل الشلية من الدار الخربانة, ليراجع كل منا محبته المزعومة لبلده وناس بلده ويقارن موقفه الفعلي مع ذاك الحب المتوهم عسى ينصلح الحال.

 

الوسومالامثال السودانية الدعم السريع حرب السودان خطاب الكراهية

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الدعم السريع حرب السودان خطاب الكراهية

إقرأ أيضاً:

سفير السودان: خريجو جامعة القاهرة يتقلدون مناصب مهمة في بلادنا

قال الفريق أول عماد الدين مصطفى عدوى سفير جمهورية السودان بالقاهرة، إن العديد من طلاب السودان الذين تخرجوا من جامعة القاهرة يتقلدون مناصب مهمة في بلادهم. 

جاء ذلك خلال لقائه الدكتور محمد سامي عبد الصادق رئيس جامعة القاهرة، والدكتور عاصم أحمد حسن المستشار الثقافي بسفارة السودان. 

وبحث اللقاء سبل التعاون بين الجانبين، والاطمئنان على أحوال الطلاب السودانيين الدارسين في جامعة القاهرة.

خريجو جامعة القاهرة أثروا الحياة العامة في السودان

ولفت سفير جمهورية السودان إلى أن خريجي جامعة القاهرة أثروا الحياة العامة والسياسية والفكرية في السودان.

وأشاد سفير جمهورية السودان بجهود إدارة جامعة القاهرة في رعاية الطلاب السودانيين وتذليل العقبات أمامهم. 

وأكد سفير جمهورية السودان  حرصه على استمرارية التعاون بما يخدم مصلحة الطلاب الدارسين في جامعة القاهرة. 

وقدم سفير جمهورية السودان التهنئة للدكتور محمد سامي عبد الصادق لتوليه رئاسة جامعة القاهرة. 

وأعرب سفير جمهورية السودان عن سعادته لتواجده داخل جامعة القاهرة العريقة ذات الترتيب المتقدم في التصنيفات الدولية، وتتمتع بسمعة أكاديمية متميزة على المستوي العالمي.

وأشار رئيس جامعة القاهرة إلى العلاقات التاريخية التي تربط مصر والسودان وتعاونهما في المجالات التعليمية والثقافية والبحثية. 

وأكد رئيس جامعة القاهرة أن جامعة القاهرة تضع كل إمكاناتها في خدمة طلابها من السودان الشقيق وتقدم لهم كافة التسهيلات بهدف تخريج كوادر متميزة تساهم في تحقيق التنمية في السودان.

ونوه رئيس جامعة القاهرة، بأن الطلاب الوافدين هم سفراء لجامعة القاهرة داخل بلادهم، مشيرًا إلي تقديم الجامعة كافة أوجه الرعاية والاهتمام للطلاب السودانين في كلياتهم وداخل المدن الجامعية، كما يتم تشجيعهم على المشاركة في الأنشطة والفعاليات التي تنظمها الجامعة.
 

مقالات مشابهة

  • رئيس جامعة القاهرة يناقش مع سفير الخرطوم سبل الدعم والرعاية للطلاب السودانين
  • سفير السودان: خريجو جامعة القاهرة يتقلدون مناصب مهمة في بلادنا
  • لجنة إسرائيلية: نتنياهو قادنا إلى أكبر كارثة في تاريخ بلادنا
  • د.حماد عبدالله يكتب: "التــــدنى" فى الأمانى !!
  • وزير لبناني: الحرب أعادت بلادنا 10 سنوات للوراء
  • رافضين التدخل بشؤون بلادهم.. الجالية السودانية في لندن تحتج ضد السفارة الإماراتية (شاهد)
  • شاهد بالفيديو.. مواطن سعودي يطالب “الحلاقين” السودانيين بالمملكة بمراعاة ظروف مواطنيهم وتخفيض أسعار “الحلاقة”: (الحلاق الهندي عندما يأتيه زبون من بلده يحلق له بربع المبلغ)
  • تعمين مهنة الإرشاد السياحي
  • نساءُ العرب وعشق الخُرافات!
  • الخليل: الأدب لم يكن محايدًا في الحروب