هل نحبّ بلادنا حقّا
خالد فضل
في كثير من الأحيان يبدو للمرء إذا تأمل, أنّ معظم السودانيين يزعمون محبتهم وحرصهم على بلادهم, بينما معظم سلوكهم وممارساتهم؛ بل حتى مأثورات أقوالهم تنمّ عن شعور وإحساس مختلف ربما يصل مرحلة كراهية بلادهم وشعبهم, ثم هل البلاد هنا في وسع معظمنا هي أرض وبشر أم هي أرض بلا بشر أم بشر بلا أرض؟ ما معنى القول السائد (جلدا ما جلدك كر فوق ليهو الشوك) أو القول المأثور (دار أبوك إن خربت شيلك منها شلية).
ما الذي تؤسس له مثل هذه الأقوال, وما مدى تطبيقها حرفيا في جل ممارسلنا الحياتية, فمسألة كر الشوك مثلا لا تنطوي على أنانية فحسب بل أنانية مع سادية مفرطة برغبة جامحة لتعذيب الآخرين, وممارسات عناصر قوات الدعم السريع وانتهاكاتها المستمرة لكل حقوق مواطنيهم (المفترضين) في قرى الجزيرة وسنار تمثل أسطع دليل قائم الآن على مدى السادية وفرط الأنانية التي يطبقها بعض السودانيين ضد مواطنين آخرين في نهج (كر شوك) مفزع, وبالطبع لا نننسى الممارسات الوحشية والسادية والتشفي والانتقام مثلما يظهر في مقاطع فيديوهات مقززة لسلخ الجلود وبقر البطون ومضغ الكباد من الجانب الآخر, وعلى وقع قول آخر يحدد حيز انحيازاتنا وحميتنا ومفهوم جلدا مو جلدك (أنا وأخوي على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب). ولهذا قد لا يندهش الشخص إذا علم الوحشية والمعاملة القاسية التي تتضائل أمامها وحشية الوحوش نفسها في أتون
الحروب الأهلية التي يمتلك السودانيون فيها ثروات هائلة من القتل والتهجير والتشريد والغبائن والمحن، وتنتج أدبيات على شاكلة (الأرض المحروقة) و(التطهير العرقي) وتكون من ضمن الآلة الحربية المستخدمة هنا الطائرات الحربية المحملة بالبراميل المفخخة التي تتوزع قدرتها على القتل والتدمير لمساحة دائرية قطرها 2 كلم على الأقل, يجب في هذه الحالة فهم (محبة الوطن) أهي محبة للأرض الغنية بالثروات التي يجب تطهيرها من رجس قاطنيها الأشرار ووفق قاعدة شيل شلية من الدار الخربانة؟ أم هي المحبة للبشر في زنازين الاعتقال وأقبية بيوت الأشباح وأوكار الجريمة الرسمية التي تصرف الدولة السودانية على تمويلها وتشوين منتسبيها بالأموال الطائلة وتحميهم بالحصانات القانونية, وترقيهم مهنيا كلما أوغلوا في البطش والنكيل بالطالحين من ذوي الجلود غير جلدي أو جلد أخوي أو ود عمي على أبعد قربى! ما الذي يحبه معظم السودانيين في بلدهم, (الذات) ومن قولهم السائر (أنا بعد مرقت إن شالله بطن أمي تنسد) الخلاص الفردي, واقتصار الشعور المتمركز في الأنا, وقد عبّر أستاذنا الراحل كمال الجزولي عليه واسع الرحمات في مقطع قصيدة قصيرة بعنوان مثقف ؛ خلاصتها أن من يظن نفسه مثقفا لا يهتم باندلاع النار وهي تحرق في بلده ثم مدينته ثم حيّه ثم شارعه ثمّ بيته فلا يكترث و يبكي إلا عندما يعلم أنها في مكتبته!! فهل حقا لم يكترث ولم يبك كثير من السودانيين عندما كانت (الجمرة تحرق) من يطأوونها في الجنوب سابقا ودارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق وكثر النواح والعويل عندما صار اللهب متصاعدا فقط في الوسط والشمال النيلي؛ أي المركز والبقية هوامش, الذين يحبون كل بلادهم وكل البشر في بلادهم ظهروا في موقف الضد من الحريق منذ إندلاعه قبل قرابة 70 سنة وقالوا وسعوا وما يزالون لوقف اللهيب, وفيهم من ناس الوسط والشمال النيلي رهط كبير، أما الذين لا تهمهم سوى أرفف مكتبتهم فإنهم يلطمون الخدود ويعبئون الأحقاد انتقاما لعنوان (كتاب) الأنا والمصالح الأنانية وفيهم من الجنوب زمان ومن الأنقسنا ودارفور وجبال النوبة نفر غير قليل, حتى لا نظلم الجميع.
بلادنا في تعريفها الصحيح في تقديري هي الأرض والبشر ثنائية لا تنفصم, لا يمكن حرق الأرض لتطهيرها من البشر, أو ذبح البشر وبقر بطونهم وأكل كبادهم أو قتلهم برصاصة على الصدر أو القضاء على حياتهم جماعيا وتهجيرهم ونهبهم وترويعهم لمجرد أنهم آخرين, من يفتكون بالناس ومن يدمرون الموارد التي تعتمد عليها حياتهم كلاهما على باطل, من يعتقلون الناس الأبرياء باتهامات زائفة ومن يحتجزونهم كرهائن أو كباش فداء لعجزهم عن تحقيق ما يزعمون من بطولات هم أشر الناس, لا يفرق اللون أو السحنة أو الموطن الجغرافي, من يشعلون الحروب أو يدعون لإستمرارها غض الطرف عن إدعاءاتهم وسردياتهم عليهم مراجعة موقف حبهم لبلدهم والبشر فيه بهذه الطريقة الكريهة, ما من حل مريح ومستدام وطيب النتائج يأتي عن طريق الجبروت والثأر والإنتقام فالممارسة واحدة, هي مع الأسف الكراهية للناس والبلد, من يحب بلاده حقا يحبها جغرافيا وديموغرافيا, فمن منا المحب ومن المبغض! لقد كشفت حرب داحس وغبراء الراهنة معادن دعاة السلم والمساواة والعدالة والحرية والديمقراطية والتنمية المتوازنة لكل الجهات ولكل الناس, مثلما عرّت أبواق اشعال الحروب واحتكار الثروات والهيمنة على السلطة على قاعدة شيل الشلية من الدار الخربانة, ليراجع كل منا محبته المزعومة لبلده وناس بلده ويقارن موقفه الفعلي مع ذاك الحب المتوهم عسى ينصلح الحال.
الوسومالامثال السودانية الدعم السريع حرب السودان خطاب الكراهية
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية:
الدعم السريع
حرب السودان
خطاب الكراهية
إقرأ أيضاً:
شاكرين تركيا .. سوريون يواصلون العودة إلى بلادهم
سرايا - وسط مشاعر الشكر والامتنان لتركيا، يواصل اللاجئون السوريون عودتهم إلى بلادهم عبر المعابر الحدودية بين البلدين، وذلك بعد سقوط نظام بشار الأسد.
وفي حديث للأناضول الخميس، قال محمد يوسف (16 عاما) أحد السوريين العائدين من معبر جيلوة غوزو (يقابله في الجانب السوري معبر باب الهوى) إنه جاء إلى تركيا قبل 11 عاما واستقر في إسطنبول مع عائلته.
وأعرب يوسف عن شكره لتركيا وشعبها على استضافة للسوريين بشكل جيد للغاية طوال سنوات الثورة.
وأضاف: "أشكر تركيا وشعبها، وأشكر أساتذتي وأصدقائي في المدرسة، وحان وقت العودة إلى الوطن لبناء المستقبل وتحقيق أحلامي".
بدورها، قالت بدرية بيرقدار إنها ستذهب إلى مسقط رأسها في مدينة حمص وسط سوريا، بعد فراق دام 6 سنوات.
وأضافت: "أشكر الشعب التركي كثيرا، فهم أناس طيبون للغاية. وتركيا هي وطني كما سوريا".
وتولي فرق الدرك التركية التي تتخذ احتياطاتها عند البوابات الحدودية، اهتماما كبيرا بالأطفال السوريين العائدين إلى بلادهم مع أهاليهم.
ويوزع الهلال الأحمر التركي وبعض منظمات الإغاثة الحساء الساخن للأسر السورية وفرق الدرك والصحفيين بالقرب من بوابة جيلوة غوزو الحدودية.
كما تسهم مركبات الخدمة المتنقلة لإدارة الهجرة المنتشرة عند بوابتي جيلوة غوزو ويايلاداغي في تسريع إجراءات مغادرة السوريين.
وفي 8 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، سيطرت فصائل سورية على العاصمة دمشق وقبلها مدن أخرى، مع انسحاب قوات النظام من المؤسسات العامة والشوارع، لينتهي بذلك عهد دام 61 عاما من حكم نظام حزب البعث، و53 سنة من حكم عائلة الأسد.
تابع قناتنا على يوتيوب
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع منصة ترند سرايا
طباعة المشاهدات:
562
1 - | ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. | 26-12-2024 09:53 PM سرايا |
لا يوجد تعليقات |
رد على :
الرد على تعليق
الاسم : * | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : * | |
رمز التحقق : | تحديث الرمز أكتب الرمز : |
| اضافة |
ما هو "المقعد الأفضل" لتجنب الموت خلال تحطم طائرة؟
لسبب لا يعقل .. مصري يقتل نجله العريس قبل زفافه بأيام
العثور على 250 سفينة غارقة فيها "كنوز ثمينة" قبالة الساحل البرتغالي
دول آسيوية تحيي الذكرى الـ20 لكارثة تسونامي
الداخلية السورية تنشر تفاصيل جديدة حول "كمين...
بالفيديو .. 3 وفيات وإصابتين إثر حادث تصادم...
موظفة في مياه اليرموك داومت "10 أيام فقط"...
"بمئات الآلاف" .. "سلطة إقليم...
بالصور .. مواطن يطلق النار على زوجته وابنته وينهي...
فلسطين تطالب بتعامل "جدي" مع إعلان...مصدر عراقي: المباحثات التي أجريت مع الإدارة السورية...ارتفاع كبير في وفيات المهاجرين في رحلتهم إلى...الرئيس الإيراني: لسنا في صراع مع أحدشهيد و3 مفقودين في العدوان الصهيوني على ميناء رأس عيسىمصادر أذرية: صاروخ أرض جو روسي وراء تحطم الطائرة...مدير "كمال عدوان": الاحتلال استخدم...المقاومة تقصف مقر القيادة الإسرائيلي في نتساريم...إصابة جندي لبناني في اشتباك مع مجهولين على الحدود...
أقام بالشارع يومين .. انتهاء أزمة عقار الفنان صبحي...
بعد غياب عامين .. "إيمان أيوب" تثير...
رنا رئيس تكشف حقيقة صلتها بماجد الكدواني
هنا الزاهد تعلق على تعاونها الأول مع كريم عبد العزيز
سلمى أبو ضيف تشن هجوماً عنيفاً على السوشيال ميديا:...
القبض على قاضي المحاكم الميدانية في سجن صيدنايا
هل حمّل غوارديولا هالاند مسؤولية انهيار السيتي؟
هالاند يقود هجوم مانشستر سيتي أمام إيفرتون
5 لاعبين في مجال كرة قدم وصلوا إلى مناصب
سياسية رفيعة
خمسة لاعبين في كرة القدم وصلوا لمناصب سياسية رفيعة
حظر استضافة العرّافين والمنجمين في الفضائيات والاذاعات في مصر
مصر تلغي ظهور المنجّمين في البرامج .. ما مصير ليلى عبد اللطيف؟
كيت تعانق مريضة سرطان لمدة 20 عاماً بعد قداس عيد الميلاد
كيف أتخلص من “وسواس النظافة”!
"لا يُعاني نفسياً" .. تأييد حكم الإعدام على "سفاح التجمع" في مصر
دراسة تكشف .. أمر خطير جدا ينتظرنا بسبب تغير المناخ
رسميًا .. "النسر الأصلع" الطائر الوطني في الولايات المتحدة
كارثة بيئية في البحر الأسود: تسرب نفطي ضخم يهدد الحياة البرية
عالم مصريات ألماني يكشف أسرار مقبرة عمرها 4000 عام
مسبار باركر يصل لأقرب نقطة للشمس عشية عيد الميلاد
الصفحة الرئيسية الأردن اليوم أخبار سياسية أخبار رياضية أخبار فنية شكاوى وفيات الاردن مناسبات أريد حلا
لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر(وكالة سرايا الإخبارية) saraynews.com
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2024
سياسة الخصوصية
برمجة و استضافة يونكس هوست
test
الرجاء الانتظار ...