عربي21:
2025-02-23@23:40:31 GMT

نكبة 30 يونيو.. الحصاد المر والعلاج الأمَر

تاريخ النشر: 30th, June 2024 GMT

ارتبط تعبير النكبة في مصر على مدى عقود بنكبة أو نكسة 5 حزيران/ يونيو 1967، لكن نكبة أخرى حدثت في الشهر ذاته بعد 46 عاما وهي نكبة 30 يونيو 2013، وبينما كانت النكبة الأولى عسكرية لكن حصادها المر لا يزال قائما بعد تلك العقود، فإن النكبة الثانية كانت سياسية وحصادها المر لا يزال يتوالى ويشعر به من شارك فيها ومن واجهها، ومن وقف متفرجا عليها.



لا أنكر أن بعضا ممن شاركوا في مظاهرات 30 يونيو شاركوا بحسن نية، وكان مطلبهم انتخابات رئاسية مبكرة، لكن الكثيرين يدركون الآن أن تلك المظاهرات في مجملها لم تكن حسنة النية، ولم تكن مظاهرات عفوية، بل تمت بترتيبات وُضعت بإحكام في غرفة عمليات الثورة المضادة التي أدارتها الأجهزة الأمنية بالتعاون مع الدول المرتعبة من الديمقراطية في المنطقة، وعلى رأسها الكيان الصهيوني وبعض الدول الخليجية. وقد توالت اعترافات واعتذارات الكثيرين عن ابتلاعهم لتلك الخدعة، لكن آخرين لا يزال يركبهم الكبر، والغطرسة السياسية رغم أنهم يئنون من حصادها المر.

الحصاد المر لتلك العشرية السوداء لا يفرق بين مؤيد أو معارض للنظام، ديون خارجية ارتفعت من 43 مليار دولار إلى 168 مليار دولار بنهاية العام 2023، بخلاف الديون الجديدة التي دخلت منذ بداية العام والتي ستدخل خلال الفترة المقبلة، بما جعل كل مصري حتى لو كان طفلا رضيعا؛ مكبلا حتى الآن بألفي دولار ديونا لا علاقة له بها. لا أنكر أن بعضا ممن شاركوا في مظاهرات 30 يونيو شاركوا بحسن نية، وكان مطلبهم انتخابات رئاسية مبكرة، لكن الكثيرين يدركون الآن أن تلك المظاهرات في مجملها لم تكن حسنة النية، ولم تكن مظاهرات عفوية، بل تمت بترتيبات وُضعت بإحكام في غرفة عمليات الثورة المضادة التي أدارتها الأجهزة الأمنية بالتعاون مع الدول المرتعبة من الديمقراطية في المنطقةويبدو أن حزمة المساعدات السخية (وبعضها ديون جديدة) التي هبطت على مصر بعد طوفان الأقصى، وأحدثها من الاتحاد الأوروبي لم تشبع نهم النظام لمزيد من الديون، لقد أصبح الاقتصاد المصري مثل مريض سرطان الدم الذي لا يرتوي من أكياس الدم التي تنقل إليه مهما زادت كمياتها.

إلى جانب الديون الخارجية ومثيلتها الداخلية التي تتجاوز 8 تريليونات جنيه، فإن معدلات الفقر زادت خلال هذه العشرية ليصبح ثلثا المصريين إما تحت خط الفقر أو يقتربون منه، كما انهار الجنيه من 6 جنيهات مقابل الدولار إلى 50 جنيها للدولار في الوقت الحالي، وكان قد وصل إلى 70 جنيها في بعض الفترات، ومعه تضاعفت أسعار السلع والخدمات، وخاصة مع رفع ما تبقى من دعم للسلع الرئيسية، وارتفاع سعر رغيف الخبز مؤخرا بنسبة 300 في المئة دفعة واحدة مع انخفاض وزنه، وتغير شكله.

وأحدث الكوارث هي انقطاع الكهرباء لساعات طويلة تبدأ بثلاث ساعات وتصل إلى نصف يوم في بعض الأماكن، بسبب الفشل في توفير الوقود اللازم لمحطات توليد الكهرباء.

قبل الديون والفقر والخبز فإن آلاف المصريين قضوا نحبهم دفاعا عن حرية الشعب أو عن سيادة الوطن خلال هذه العشرية السوداء، وعشرات الآلاف أيضا يقبعون في سجون لتمسكهم بحقهم في الحرية والكرامة والعدالة، ولرفضهم الظلم والاستبداد والفساد، وكثير من هؤلاء يتساقطون يوميا في تلك السجون تحت التعذيب المادي أو المعنوي أو افتقاد الرعاية الصحية.

لم تعد السجون وأماكن الاحتجاز قصرا أو حصرا على فريق واحد، بل إنها تضم بين جنباتها الإسلامي إلى جانب العلماني والليبرالي إلى جانب اليساري، والمسلم إلى جانب المسيحي، كما تضم الرجال والنساء وحتى الأطفال، وهو الأمر الذي يتكرر في المنافي القسرية التي تضم كل أطياف المعارضة المصرية والتي "تزغلل" عيون الكثير من المصريين الراغبين في الهجرة"الطوعية" هربا من القهر، والفقر، وبحثا عن حياة أفضل.

يبقى المطلوب هو البحث عن علاج. ولا نقصد هنا تقديم نصائح عاجلة لحل المشكلات والأزمات التي صنعها النظام، فتلك الوصفات لا قيمة لها مع استمرار هذا النظام الذي سينتج المزيد من الأزمات، لكن العلاج الصحيح هو استئصال أصل المرض والذي هو النظام نفسه
سيادة الوطن تعرضت بدورها لضربات موجعة، لقد فقد جزيرتين (تيران وصنافير) جرت بسببهما حرب ضروس (يونيو 1967) وسالت عليهما دماء شهداء كرام، كما فقدت مصر حصتها التاريخية في مياه النيل، بعد السماح لإثيوبيا ببناء سد النهضة وتشغيله دونما تنسيق مشترك. لم يكن بوسع إثيوبيا أن تجمع التمويلات الدولية اللازمة لبناء السد (المختلف عليه) لولا توقيع السيسي على إعلان المبادئ الذي أنهى ذلك الخلاف وفتح الباب بالتالي للممولين، وكان منهم حلفاء للسيسي نفسه.

وأحدث الانتهاكات للسيادة المصرية هي اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي لممر فيلادلفيا الذي أعلنه السيسي خطا أحمر، بل وتدميرها للجانب الفلسطيني من معبر رفح، وإقامة حدود جديدة دونما اتفاق رسمي مع مصر.

الحصاد المر لا تخطئه عين، ولا ينكره عاقل، ويبقى المطلوب هو البحث عن علاج. ولا نقصد هنا تقديم نصائح عاجلة لحل المشكلات والأزمات التي صنعها النظام، فتلك الوصفات لا قيمة لها مع استمرار هذا النظام الذي سينتج المزيد من الأزمات، لكن العلاج الصحيح هو استئصال أصل المرض والذي هو النظام نفسه، وهذا ما يحتاج علاجا أكثر مرارة بحكم استعصاء المرض.

نحن نتابع كغيرنا شعوبا دافعت عن حريتها وكرامتها، وانتفضت في مواجهة من حاولوا السطو على إرادتها، كما حدث في تركيا ومن بعدها في كينيا وبوليفيا، ولسنا أقل من تلك الشعوب توقا للحرية والكرامة، ولا أقل منها استحقاقا للتنمية والازدهار، لكن تحقيق ذلك يستلزم توحيدا للصف، وتحديدا للهدف، وتجنيبا للخلافات، وتحشيدا للجهود، وتجهيزا لخطط ومشروعات الإنقاذ، وتحضيرا لقيادة موحدة، ومعبرة عن هموم وتطلعات الشعب، وممثلة لاتجاهاته الرئيسية، وساعتها ستكون ساعة الخلاص أقرب مما يتصور الكثيرون.

x.com/kotbelaraby

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مصر 30 يونيو الكوارث السيسي مصر السيسي كوارث 30 يونيو مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إلى جانب لم تکن

إقرأ أيضاً:

كتاب اسباب سقوط حكم الاسلاميين في السودان يونيو 1989 ابريل 2019

تأليف د/ عبد الرحيم عمر محي الدين
عرض وتعليق د/ عادل عبد العزيز حامد

كتاب اسباب سقوط حكم الاسلاميين في السودان يونيو 1989 أبريل 2019

الكتاب يضم في حوالي 514 صفحة، طباعة ونشر الكاف للنشر والترجمة في القاهرة في يناير 2025
كتابة محتويات الكتاب مطبوعة بالطريقة القديمة في نهاية الكتاب مع أن معظم الاصدارات الحديثه تكون في بداية الكتاب قد يقال ان هذه ملاحظة شكلية ولا يؤثر كثيرا وانا اقول انها تعم شكلية ويجب ان تكون في بدايه الكتاب لان هنا لان هذا هو المنهج في الكتب الحديثة وهناك ملاحظة اخرى ان المؤلف اراد للكاتب ان يكون خارجا عن المألوف في ان الكتاب بدون اهداء وبدون شكر.

ذكر الكاتب في مقدمة الكتاب بأنه يكتب التاريخ لا حياء ولا مجاملة فيها ثم إنه يكتب من واقع المشاركة
والمشاهدة والاستقراء لفترة هو جزء منها ولاعب أصيل فى الكثير من أحداثها.
اشار الكاتب في صفحة 17 إن هذا الكتاب هو أاول كتاب صدرعن أسباب سقوط حكم الاسلاميين في السودان وهذه قطعا معلومه غير صحيحه اذ ان اول كتاب صدر في هذا الموضوع هو كتاب تجربة حكم الإسلاميين في السودان (1989 /2019) تحرير دكتور عادل عبد العزيز حامد تقديم بروف عبد الله النفيسي وصدر الكتاب في فبراير 2023 وشارك في هذا الكتاب 26 كاتب ومفكر من مختلف اوجه الطاف السياسي أي قبل سنتين من هذا الكتاب وقد صدر من دار اطلس للطباعة والنشر في القاهرة .
اتفق مع وجهة نظر المؤلف من أن كثير من الناس يقول بأن الوقت لم يحن لكتابة مثل هذه الاخبار
والاحداث وان كتابه التاريخ تحتاج لوقت طويل وهذه الحجة أدت لضياع الكثير من الاخبار والتوثيقات التي ماتت مع أصحابها الذين لم يكتبوا شيئا تحت زريعة أن الوقت لم يحن بعد أو الوقت غير مناسب او خوفا من ذكر ارائهم خوفا او طمعا احسب ان هذه الزريعة غير صحيحه تماما والافضل لكتاب الاحداث والتاريخ أن يكتبوا الاحداث طريه ونديه وان تكون هناك معاصرين لهذه الاحداث وان كانت هناك علومات ناقصة ليقوموا بذكرها وان وان كانت خاطئة ليقوموا بتصحيحها وهكذا نقول تكون كتابة الاحداث المةثقة .... والمؤكده.
تابع الكتاب مسيرة الحركه الاسلاميه السودانيه منذ ايامها الاولى مرورا بالمراحل المختلفة حيث تفاوتت الدراسة في مرحلة الحكم المايوي وفتره معارضة الجبهه الوطنيه ثم المصالحة مع نظام الرئيس نميري وفتره الديمقراطيه الثالثه
ومشاركة الحركه على الاسلاميه في حكومة الصادق المهدي ثم اخراجها من الحكومه بعد مذكرة القوات المسلحة للصادق المهدي ثم بعد ذلك مرحلة استلام السلطة عبر انقلاب عسكري فيما يسمى بثورة الإنقاذ وما تلا ذلك من أحداث في العشر الاولى من الانقاذ وما يقع يتبع ذلك من المفاعلة وتكوين المؤتمر الشعبي نهاية المؤتمر الوطني ولعل اهم المعلومات في هذه الكتاب والذي لا يمكن أن نجدها في أي مكان آخر هي محاولة الرئيس إعادة انتخاب نفسه للمرة السادسة للانتخابات 2020 الرئاسية ومانتج ذلك من أزمة داخل المكتب القيادي للمؤتمر الوطني ورفض من قبل عضويه الحركه الاسلاميه داخل المؤتمر الوطني وكذلك عضوية الرصيف وعضويه المؤتمر الشعبي مما قادهم جميعا للمشاركه الفعاله في الثورة ضد نظام البشير مما عجل بسقوطه وتناول الكتاب قيام اللجنة الأمنية الانقلاب ضد نظام البشير بقيادة النائب الأول لوزير الدفاع الرئيس البشير عوض بن عوف
وتضمن الكتاب لقاءات وحوارات مع عدد من الشخصيات
لقاء الفريق اول صلاح عبد الله قوش المفتاحية
● لقاء الفريق أول ركن عوض بن عوف
● لقاء الفريق اول هاشم عبد المطلب
● لقاء اللواء امين ابراهيم الخواض
● لقاء الفريق الركن عيسى ادريس
ايضا من الاشياء المهمه التي جاءت في هذا الكتاب انقلابات الاسلاميين محاولة العميد والد إبراهيم انقلاب عوض بن عوف على البشير مسيرة صلاح قوش صعودا وهبوطا وسلبيات إعفائه ولعل المؤلف يوضح بجلاء في هذا الكتاب ان الحركه الاسلاميه والتي كانت تعرف جودة التنظيم والعمل المؤسسي قد فقدت هذه الميزات النسبية وأصبحت تدار بقرار الفرد الواحد والذي يريد ان يكون حاكما طالما كان حيا وان القيادات
التاريخية ظلتا في أمكنها طيلة العقود الثلاثة ولم تسمح لغيرها بالصعود الي الامام.

طالب الكاتب في نهابة الكتاب الحركة الإسلامية بإجراء مراجعات حقيقة في تجربتهم التي تحمل الكثير من الإيجابيات والكثير من السلبيات.
وعليهم العمل على تقديم الشباب لقيادة بناء سودان الحديث وعلي القيادات التاريخية ان يتأخروا الى الصفوف الخلفية ليفتح المجال لهؤلاء الشباب يساهم في نهضة السودان الحديث وان يعودوا الى المؤسسية والعمل المنظم وهكذا تنهض الشعوب .

الكتاب به الكثير من الم جدها في اي مكان اخر وهو جهد كبير علومات التي لا يمكن أن ن يستحق القراءه والمداومه في الذين يهتمون بالشأن العام
والله ولي التوفيق

skyseven51@yahoo.com  

مقالات مشابهة

  • كيف يعمل النظام الانتخابي في ألمانيا؟ وما أبرز التعديلات الجديدة التي طرأت عليه هذا العام؟
  • ضمن حملة حماة تنبض من جديد… استمرار فتح الطرقات وإزالة الحواجز الإسمنتية التي وضعها النظام البائد
  • المليشيا الإرهابية تركب التونسية!
  • رئيس البرلمان العربي: القضية الفلسطينية تواجه أكبر تهديد لها منذ نكبة 67
  • الصحة العالمية تحذر من التهاب الدماغ وتدعو لتحرك دولي
  • المفسدون فى الأرض.. كيف خلصت 30 يونيو الجامعات من اختراق الإخوان؟
  • وزير السياحة: إفتتاح المتحف المصري الكبير 3 يونيو
  • ننشر تفاصيل الحصاد الأسبوعي لوزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية
  • الحصاد الأسبوعي لوزارة الزراعة.. إنفوجراف
  • كتاب اسباب سقوط حكم الاسلاميين في السودان يونيو 1989 ابريل 2019