لغة الجسد للسياسيين لا تكذب.. كيف حلّل خبير لغة الجسد مناظرة ترمب وبايدن؟
تاريخ النشر: 30th, June 2024 GMT
قال خبير لغة الجسد والتواصل غير اللفظي المعروف، جو نافارو، إن "لغة الجسد لدى السياسيين لا تكذب، في حين أنهم قادرين على التلاعب بالحقائق والكلمات"، وذلك عبر مقال له، نشرته مجلة "بوليتيكو" الأميركية.
وانطلق نافارو، في تحليله، من دخول مسرح المناظرة، بالقول: "إن بايدن دخل أولا، لتظهر مشيته المتيبسة بخطوات صغيرة، على الفور، مدى تقدمه بالعمر"، مضيفا: "هذه ليست بالضرورة علامة كارثية على التدهور العقلي".
وتابع: "مع تقدمنا في السن، نفقد الكثير من حساسية الأعصاب التي تساعدنا في الحفاظ على توازننا، ولا تؤثّر هذه الأعصاب دائما في ركوب الدراجات أو السباحة، ولكنها تؤثر في طريقة المشي والسير".
وعلى الرغم من أن نافارو، الذي عمل لمدة 25 عاما في مكتب التحقيقات الفيدرالي، لم يعرب عن مفاجئته من عدم حدوث مصافحة بين الخصمين، بالقول: "إن عدم حدوث ذلك التلامس التقليدي في المناظرات السابقة، يعد مؤشرا ودليلا واضحا على وجود انقسامات داخل المجتمع الأميركي".
وأكّد أن "المصافحة بين الرجلين كانت ستبعث برسالة غير لفظية تنم عن وجود احترام متبادل، وذلك على الأقل بالنسبة للمشاهد الأميركي"؛ فيما نوه الخبير الأميركي بأن "شحوب بشرة الرئيس الحالي مقارنة بمنافسه الجمهوري قد تؤثر عليه".
وأردف: "البعض قد يظن أن ذلك أمر سطحي وعادي، لكنه يمكن أن يحدث فرقا كبيرا؛ بايدن كان شاحبا مثل ملاءة سرير بيضاء، بينما بدا ترامب متوهجا وكأن أشعة الشمس قد انعكست على بشرته"، مسترسلا: "البشر يستشعرون بشكل طبيعي الصحة والحيوية والطاقة في الوجه المدبوغ (بلون البرونزاج)، وبالتالي فإن ذلك مؤشرا آخر على أن بايدن بدا ضعيفا إلى حد ما".
وتابع نافارو بأنه "اعتاد على مشاهدة بايدن منذ تسعينيات القرن الماضي، لكن في هذه المناظرة بدا رزينا جدا وكأنه تمثال، في إشارة إلى قلة حركاته وتعبيرات جسده، مقارنة بترامب".
وأضاف: "بايدن كان في أول 40 دقيقة على وجه الخصوص، مفتقدا للحركات والإيماءات، وذلك على عكس الرئيس الجمهوري السابق الذي لفت انتباه المشاهد بحركات اليد الديناميكية والإشارة العدوانية بأصابع الاتهام التي دعمت حججه، مما جعله يبدو أكثر نشاطا".
وأكد: "لغة الجسد تتحدث كثيرا، لكن كتاب بايدن كان مليئا بالصفحات الفارغة، وربما يكون مرد ذلك أنه أراد أن يكون محترما وأن يتم الإصغاء إليه باهتمام. ولكن قد يكون السبب أيضا هو أنه مع التقدم في العمر، تصبح إيماءاتها أقل؛ ولم يقدم التواصل غير اللفظي لبايدن شيئا لمواجهة الاتهامات بأن سنه الكبير يلاحقه".
أما بالنسبة للغة العيون؛ أوضح نافارو أن "رفّة الجفون كانت حاضرة عند المتنافسين، لكن لأسباب مختلفة وأوقات مغايرة من المناظرة"، مضيفا: "كان الجفون لديه ترف عندما يشعر أنه ارتكب خطأ ما خلال الدفع بحُجّه وأدلته، وبالتالي فإن تلك الحركة كانت تعبر عن الإحباط؛ سلوك شائع للأشخاص الذين يعانون التأتأة".
وفي حالة ترامب، تابع نافارو "لم تكن رفة الجفن تعبيرا عن الإحباط الداخلي بقدر ما كانت تعبيرا عن الازدراء الخارجي؛ إذ أنّه كان يشبه شخصية النجم الأميركي المعروف، جاك نيكلسون، في فيلم "A Few Good Men”، والذي كانت جفونه ترف كلما تلقى سؤالاً صعباً وهو جالس على منصة الشهود في مشاهد المحكمة"، مضيفا: "عموما، كان ترامب الأكثر تعبيرا عن طريق لغة العيون، ولكن ليس بطريقة جيدة، فهو عندما يسمع أمرا لا يحبه، ينزل جفنيه بقوة".
واعتبر نافارو أن "ذلك يعد سلوكا تكيفيا، ضاربا مثلا بلمس المرء لوجه، لتخفيف التوتر المؤقت، وتلك تعتبر وسيلة لتهدئة النفس"؛ مبرزا أنه منذ ظهوره على شاشة التلفزيون، كشف ترامب سلوكا غريبا يكشف عن مشاعر الخلاف أو الكراهية أو الازدراء، وقد ظهر ذلك مرات عديدة خلال المناظرة عبر زم الشفتين.
وشدّد نافارو إلى أن "معظم الناس يضمون شفاهم عند سماع أمر لا يحبذونه أو يختلف مع قيمهم وآرائهم" مردفا: "هذا سلوك متأصل بعمق في النفس البشرية؛ لقد لاحظت السلوك عينه لدى الأطفال الذين ولدوا مكفوفين. فهو نوع من التشنج اللاإرادي الذي يمكن للآخرين الاستفادة منه في عدة أمور، مثل عند إجراء مفاوضات تجارية، أو حتى مناظرة رئاسية".
كذلك، شدّد نافارو على أن "ترامب كان يلجأ إلى ما يحب أن يسمّيه الابتسامة الزائفة المنحرفة، والتي تعد سلوكا سلبيا غير صادق"، موضّحا أنه في ابتسامة دوشين "الابتسامة الحقيقية إلى درجة كبيرة، يحدث تقلص إضافي للعين الدائرية، مما يؤدي إلى تجعد الجلد حول العينين".
وزاد نافارو: "هذا يجعل الابتسامة تبدو مفتعلة، وتهدف إلى درء الهجوم اللفظي بشكل غير لفظي. إنها طريقة للتظاهر بأن أمرا ما لم يكن مؤلمًا، في حين أنه كان كذلك في الواقع"، في إشارة إلى أنها كانت تضغط الشفاه بشدة، وتسحب مفاصل الفم بإحكام إلى الأعلى وإلى الجانب، ويكون تقوس الحاجبين عاليا.
تجدر الإشارة إلى أنه وفق وكالة "رويترز" فإن "قرابة 48 مليون شخص شاهدوا المناظرة الرئاسية في بين بايدن وترامب"؛ فيما يشير الرقم إلى أن العدد النهائي للجمهور سيكون أقل بنحو الثلث من 73 مليون شخص تابعوا أول مناظرة بين المرشحين في 2020.
إلى ذلك، ستكون هذه من بين 3 مناظرات رئاسية، قد نالت أقل نسب مشاهدة منذ 1976. فيما قد يكون العدد الضئيل نسبيا مقارنة بمناظرات سابقة في دورات انتخابية، مؤشرا على ضعف حماس الناخبين لكلا المرشحين.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية بايدن ترامب بايدن الإنتخابات الأمريكية ترامب المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة لغة الجسد إلى أن
إقرأ أيضاً:
عقوبات أم مساومات؟.. من بايدن الى ترامب: كيف تستخدم واشنطن العراق لخدمة مصالحها؟
بغداد اليوم - خاص
في دهاليز السياسة الأمريكية، حيث تُدار الحروب بقرارات رئاسية، ويُرسم مصير الدول بمصالح الشركات الكبرى، يبرز العراق كأحد أبرز الساحات التي تُستخدم لتصفية الحسابات السياسية والاقتصادية.
منذ سنوات، تحولت بغداد إلى نقطة ارتكاز في الاستراتيجيات الأمريكية، ليس كحليف حقيقي، بل كورقة تُستغل كلما دعت الحاجة. واليوم، تحت إدارة دونالد ترامب، يتعرض العراق لموجة جديدة من الضغوط تهدف إلى تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية للولايات المتحدة، بينما تُقدَّم على أنها حملة لضبط النفوذ الإيراني.
لكن خلف هذه الإجراءات، تتوارى أزمات داخلية أمريكية خانقة، ومحاولات مستميتة للتغطية على فشل الإدارات السابقة، وعلى رأسها إدارة جو بايدن، التي تركت إرثًا من الإخفاقات في الشرق الأوسط، إلى جانب أزمة اقتصادية تهدد بانهيار غير مسبوق للاقتصاد الأمريكي.
الضغوط الأمريكية.. لعبة سياسية أكثر من مواجهة حقيقية
كل ما يفعله ترامب في الشرق الأوسط، والضغوط التي يمارسها على العراق، لا تعكس بالضرورة استراتيجية أمنية واضحة أو سياسة خارجية ثابتة، بل هي مجرد أدوات يستخدمها لخدمة مصالحه السياسية والاقتصادية.
الأمر الأول: محاولة التغطية على إخفاقات إدارة بايدن، حيث توجد أدلة على أن بايدن، خلال فترة حكمه، تواطؤ مع جهات شرق أوسطية وسمح بتمدد النفوذ الإيراني في العراق، مما جعل الجمهوريين يستخدمون هذا الملف لإظهار ضعف الديمقراطيين في إدارة السياسة الخارجية.
الأمر الآخر: الأزمة الاقتصادية العنيفة التي تضرب الولايات المتحدة، والتي باتت تُشكل تهديدًا حقيقيًا للاستقرار المالي الأمريكي، حيث تظهر أرقام التسريح الجماعي للموظفين في الشركات الكبرى والمؤسسات الصناعية كدليل على حجم الأزمة. ترامب، الذي يواجه ضغوطًا داخلية متزايدة، يسعى إلى تحويل الأنظار عن الداخل الأمريكي، عبر افتعال أزمات خارجية تشغل الرأي العام، ويأتي العراق في مقدمة هذه الملفات.
مصرف الرافدين في عين العاصفة: اتهامات بلا أدلة
ضمن سلسلة الضغوط، يأتي ملف مصرف الرافدين كواحد من أبرز الأهداف الأمريكية، حيث تتهم واشنطن العراق وإيران بالتورط في تمويل أنشطة مشبوهة ودعم الحرس الثوري، وهي اتهامات لم تستند إلى أدلة قانونية واضحة، بل جاءت في سياق حملة تضييق اقتصادي على بغداد.
الحكومة الأمريكية تدرك جيدًا أن هذه التعاملات تتم ضمن الأطر القانونية والتجارية الدولية، لكنها تسعى إلى خلق حالة من الهلع المالي والاقتصادي داخل العراق، لإجبار بغداد على الخضوع لخيارات أمريكية محددة.
لكن المفارقة هنا، أن الإدارة الأمريكية نفسها لا تملك القدرة على إغلاق هذا الملف، ولا حتى تقديم بدائل اقتصادية للعراق، مما يجعل الضغوط أشبه بأداة ابتزاز سياسي، أكثر منها إجراءً اقتصادياً ذا أثر حقيقي.
الاقتصاد العراقي بين واشنطن والحاجة لدول الجوار
العراق، الذي يعتمد بشكل كبير على الغاز والكهرباء المستوردين من إيران، لم يجد أي خطط بديلة قدمتها الولايات المتحدة، بل تُرك يعتمد على منظومة اقتصادية هشة، جعلته مضطرًا إلى تعزيز علاقاته الاقتصادية مع دول الجوار، رغم الضغوط الخارجية.
الولايات المتحدة، التي كانت تمتلك فرصة تاريخية لإعادة بناء الاقتصاد العراقي على أسس متينة بعد 2003، تركت البلاد متخلفة اقتصاديًا، باستثناء الاعتماد على النفط كمصدر وحيد للدخل.
هذا الفشل الأمريكي في تقديم حلول حقيقية، يجعل أي ضغوط لمنع العراق من التعامل مع إيران أو أي دولة أخرى، أقرب إلى محاولة خنق بغداد اقتصاديًا، دون تقديم بدائل ملموسة.
الملف العراقي: ساحة لخدمة مصالح ترامب الاقتصادية
تحت غطاء مواجهة النفوذ الإيراني، تسعى واشنطن إلى تمرير صفقات اقتصادية لصالح شركات أمريكية مرتبطة بدوائر النفوذ داخل إدارة ترامب. فالضغوط التي تُمارس على الحكومة العراقية لا تهدف فقط إلى عزل إيران اقتصاديًا، بل إلى إجبار العراق على تقديم امتيازات لشركات أمريكية محددة، في قطاعات الطاقة والاستثمار والمقاولات.
الرئيس الأمريكي، الذي يواجه انتقادات متزايدة بسبب سياساته الداخلية، يحاول إعادة فرض الهيمنة الاقتصادية الأمريكية على العراق، عبر صفقات تخدم دوائر النفوذ الاقتصادي داخل البيت الأبيض.
ازدواجية المعايير: واشنطن ليست جادة في مواجهة إيران
لو كانت الولايات المتحدة جادة حقًا في محاصرة إيران، لكانت المواجهة مباشرة، بدلاً من استخدام العراق كأداة ضغط. فالواقع يشير إلى أن واشنطن، رغم كل تصريحاتها، لا تزال تدير علاقتها مع طهران وفق حسابات دقيقة، وتستغل العراق فقط كوسيط لتطبيق استراتيجياتها.
الأمر لا يتعلق فقط بفرض عقوبات أو إغلاق ملفات مالية، بل هو جزء من سياسة أمريكية طويلة الأمد، تُبقي العراق في حالة من الفوضى الاقتصادية والسياسية، حتى يظل بحاجة دائمة إلى التدخل الأمريكي.
إلى أين يتجه العراق وسط هذه الضغوط؟
المشهد الحالي يعكس حقيقة واضحة: واشنطن تستخدم العراق كورقة ضغط لخدمة أجنداتها الداخلية والخارجية، دون أن تقدم حلولًا واقعية لمشكلاته الاقتصادية والسياسية. ومع استمرار هذه الضغوط، تجد بغداد نفسها أمام خيارين:
إما الخضوع لهذه السياسات، والاستمرار في حالة الارتهان الاقتصادي والسياسي، أو تبني سياسة أكثر استقلالية، عبر تنويع شراكاتها الاقتصادية وتقليل الاعتماد على واشنطن، لصياغة معادلة أكثر توازنًا في علاقاتها الدولية.
لكن هذه الخطوة ليست سهلة، إذ تتطلب إجماعًا داخليًا، وإرادة سياسية قادرة على مقاومة الابتزاز الأمريكي، والبحث عن حلول عملية تُخرج العراق من هذه الحلقة المفرغة.
المصدر: قسم التحليل والمتابعة في وكالة بغداد اليوم