سودانايل:
2025-04-11@07:36:58 GMT

انقلاب النيجر في السياق السوداني

تاريخ النشر: 7th, August 2023 GMT

أثار الانقلاب العسكري في النيجر على الرئيس محمد بازوم ردود فعل عالمية وإقليمية ومحلية، وفتح أبواب القلق والشك من جديد في ما إذا كانت أفريقيا قادرة على تخطى نزاعاتها وصراعاتها السياسية للوصول إلى مجتمعات مستقرة ترتضي سيادة دولة القانون والتداول السلمي للسلطة، لتنتبه بعد ذلك لجهود التنمية ومكافحة الفقر والمرض والجهل الذي يضرب كل أركان القارة، وإن كان بدرجات متفاوتة.



كل مؤشرات التنمية البشرية تضع قارة أفريقيا في المؤخرة، وكذلك مؤشرات قياس الاستقرار السياسي واحترام الديمقراطية وحقوق الإنسان وقبول التعدد الإثني والديني والثقافي. وكلما انتقلت إحدى دول القارة من قيد الشمولية والحكم العسكري لساحة الديمقراطية والانتخابات الحرة، سرعان ما تعيق التوترات القبلية والإثنية والدينية مسيرتها وتعيدها مرة أخرة للدائرة الشريرة بانقلاب عسكري، وبطريقة كربونية متطابقة.

هذه المرة انتقل حزام الانقلابات لوسط وغرب أفريقيا، وشمل السودان (أكتوبر - تشرين الأول 2021)، وتشاد (أبريل - نيسان 2021)، وغينيا (سبتمبر - أيلول 2021)، وبوركينا فاسو (يناير - كانون الثاني وأكتوبر 2022)، ومالي (أغسطس - آب 2020 ومايو - أيار 2021) وأخيراً النيجر (يوليو - تموز 2023)، وتتشابه الأوضاع في معظم هذه البلدان التي كان بعضها قد بدأ مرحلة انتقالية نحو الديمقراطية مثل السودان ومالي، وبعضها أجرى انتخابات ديمقراطية مثل النيجر، لكنها عادت كلها إلى مربع الحكم العسكري الشمولي.

ردود الأفعال العالمية والإقليمية صارت معروفة، فالاتحاد الأفريقي جمد عضوية النيجر، كما يفعل مع كل الانقلابات، ومجموعة غرب أفريقيا (إيكواس) التي تضم 15 دولة أعطت الانقلابيين مهلة زمنية قصيرة وإن لم يستجيبوا فستتدخل عسكرياً، ورغم اعتقاد البعض بصعوبة ذلك، فإن «إيكواس» لديها قوة مشتركة للتدخل ولديها تجارب في الإقليم. وعالمياً رفضته المنظومة الدولية ومؤسساتها، وبالذات الدول الغربية التي تخاف من تزايد النفوذ الروسي في المنطقة الذي ظهر بوضوح في مالي وبوركينا فاسو وأفريقيا الوسطى، وأخيراً في النيجر مصحوباً بعداء شديد تجاه فرنسا والغرب.

ليس في ردود الأفعال هذه غرابة، فهي مبنية بشكل مباشر على خريطة النفوذ والمصالح الواضحة لدول الغرب، وفرنسا تحديداً من جهة، والنفوذ المتزايد لروسيا في المنطقة الذي يشكل تهديداً مباشراً للغرب، لكن الغريب والمدهش هو ردود الأفعال في المنطقة العربية، وفي السودان تحديداً.

اعتبرت بعض الكتابات العربية، بالذات في وسائل التواصل الاجتماعي، أن هذه الانقلابات جزء من حراك تحرري من النفوذ الاستعماري الفرنسي، ولذلك يستحق الترحيب والدعم. بالتأكيد هناك رؤى ومواقف ضد الدول ذات التاريخ الاستعماري في المنطقة، ولهذا يبدو مفهوماً ومقبولاً سعادة البعض بتراجع النفوذ الفرنسي، لكن غير المفهوم تجاهل النفوذ والأيادي الروسية وراء بعض هذه الانقلابات، وبالذات دور مجموعة «فاغنر» العسكرية الداعمة لبعض هذه الأنظمة.

كذلك لا يمكن تجاهل مطامع الجيوش الأفريقية في السلطة التي لم تتوقف منذ بدء نيل الدول الأفريقية استقلالها في الخمسينات. ويستغل عسكر أفريقيا رغبات وأماني الناس في حياة هادئة وآمنة ومستقرة فيقفزوا على السلطة في كل مرة، ويقدموا الوعود المطولة عبر زعامات شعبوية تعرف كيف تخاطب عواطف الناس، ولكن المحصلة في كل مرة مزيد من التدهور ونهب الأموال والفساد واستغلال السلطة، وفي بعض الأحيان إحياء النعرات العنصرية والإثنية والدينية.

لم تخرج بعض ردود الأفعال السودانية عن هذا السياق، واعتبار الانقلابات حراكاً تحررياً من النفوذ الفرنسي ومحاولة لتكرار نموذج توماس سنكارا في بوركينا فاسو، الذي قاد انقلاباً عسكرياً واستولى على السلطة عام 1983 وحكم لمدة 4 سنوات واغتيل في انقلاب عسكري عام 1987، وقدم نفسه باعتباره قائداً ماركسياً ثورياً مؤمناً بفكرة الوحدة الأفريقية.

أما الجانب الأهم الخاص بالسودان فقد كان ربط الانقلاب في النيجر بالحرب الدائرة حالياً في السودان، باعتبار أن الرئيس المعزول محمد بازوم ينتمي للأقلية العربية في النيجر (ما بين 1 في المائة و1.5 في المائة) وله علاقة خاصة بزعيم قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، الذي حضر مراسم تتويجه بالرئاسة. وتربط الكتابات السودانية التي نحت نحو هذا الاتجاه بين الانقلاب وتناقص نفوذ حميدتي، وتم الترويج لسردية دعم من بازوم لحميدتي في هذه الحرب بالمال والأسلحة وفرق عسكرية من جيش النيجر.

ولم تتوقف هذه الكتابات أمام المعلومات التي قالت إن توجه الانقلاب في مصلحة روسيا وضد فرنسا، وبالتالي يمكن من هذا الاتجاه وجود قراءة مغايرة بحكم علاقة «الدعم السريع» بروسيا ومجموعة «فاغنر»، واعتبار أن الانقلاب في مصلحته وليس ضده. كما أن بعض القوى السياسية المدنية تناست شعارات مدنية الدولة وشعار العسكر للثكنات، ولم تدخله ضمن معطيات التحليل، فقد تم تعطيل هذه الجزئية في ما يتعلق بالنيجر، فيما لا تزال شعاراً صالحاً في السودان.

الموقف الطبيعي للقوى الداعية للديمقراطية ومدنية الدولة هو الرفض التام والمنطقي لانقلاب النيجر وكل الانقلابات في أفريقيا، والدفاع عن حق الشعوب في الدخول لتجربة الديمقراطية وممارستها بكل مصاعبها وأخطائها، والتعلم من تجربتها الطويلة مع النظم العسكرية التي لا حفظت أمن وسيادة الدول ولا استطاعت تنميتها وتلبية حاجات الشعوب من صحة وتعليم وسكن ومياه شرب نظيفة واحترام كرامة الإنسان.

وزير الإعلام السوداني السابق  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فی المنطقة فی النیجر

إقرأ أيضاً:

دوري أبطال أفريقيا.. ملعب "شيخا بيديا" جاهز لمباراة الأهلي والهلال السوداني

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

نشر الحساب الرسمي للنادي الأهلي عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" صوراً لملعب " شيخا ولد بيديا" في العاصمة الموريتانية نواكشوط الذي يستضيف مباراة الأهلي والهلال السوداني في دوري أبطال أفريقيا .

ويلتقي الأهلى مع الهلال السوداني فى التاسعة من مساء اليوم، الثلاثاء، بتوقيت القاهرة، فى إياب ربع نهائي بطولة دوري أبطال أفريقيا، علماً بأن مباراة الذهاب انتهت فى القاهرة الثلاثاء الماضي بفوز الأهلي بهدف دون رد سجله محمد هانى.

موعد تحرك الأهلي إلى ملعب "شيخا بيديا" لمواجهة الهلال

حدد الجهاز الفني للفريق الأول لكرة القدم بالنادي الأهلي، بقيادة مارسيل كولر الخامسة مساء اليوم الثلاثاء بتوقيت موريتانيا السابعة بتوقيت القاهرة، موعدا للتوجه إلى ملعب شيخا ولد بيديا الذي يستضيف مباراة الأهلي والهلال السوداني في التاسعة من مساء اليوم بتوقيت القاهرة في إياب الدور ربع النهائي لبطولة دوري أبطال إفريقيا. 

وكان الأهلي قد خاض التدريب الرئيسي أمس على ملعب المباراة، حيث عقد مارسيل كولر المدير الفني للفريق محاضرة نظرية مع اللاعبين قبل انطلاق التدريبات للحديث عن العديد من النقاط الفنية الخاصة بالمباراة، وأدى اللاعبون فقرات تدريبية متنوعة، بدأت بإجراء عمليات الإحماء وجزء بدني واختتم المران بتدريبات الكرة.

رئيس بعثة الأهلي يزور الاتحاد الموريتاني 

زار  طارق قنديل، عضو مجلس إدارة الأهلي ورئيس بعثة الفريق في موريتانيا مقر الاتحاد الموريتاني لكرة القدم، حيث التقى أحمد ولد يحيى رئيس الاتحاد، ونائب رئيس الاتحاد الإفريقي، وعضو المكتب التنفيذي للاتحاد الدولي لكرة القدم، في حضور محمود بركات قنصل مصر في موريتانيا.

وقدم طارق قنديل التهنئة باسم مجلس إدارة النادي لأحمد ولد يحيى على فوزه بعضوية المكتب التنفيذي للاتحاد الدولي لكرة القدم في الانتخابات التي جرت مؤخرًا.

مقالات مشابهة

  • كاميرا الجزيرة داخل معسكر طيبة الذي استعاده الجيش السوداني
  • السودان الجديد الذي يسوق له “دقلو” هو ارض جدباء بلا سكان ولا بنى تحتية
  • ما أهمية معسكر طيبة الذي استعاده الجيش السوداني من الدعم السريع؟
  • الهلال السوداني يودع أبطال أفريقيا بخسارته أمام الأهلي المصري
  • ملك دوري أبطال أفريقيا.. الأهلي يكرر الفوز على الهلال السوداني ويتأهل لنصف النهائي "صور"
  • دوري أبطال أفريقيا.. الأهلي يفرض التعادل السلبي على الهلال السوداني في الشوط الأول
  • مشاهدة مباراة الأهلي ضد الهلال السوداني في دوري أبطال أفريقيا بث مباشر اليوم
  • دوري أبطال أفريقيا.. الأهلي يصل ملعب شيخا ولد بيديا لمواجهة الهلال السوداني
  • دوري أبطال أفريقيا.. ملعب "شيخا بيديا" جاهز لمباراة الأهلي والهلال السوداني
  • دوري أبطال أفريقيا.. موعد مباراة الأهلي والهلال السوداني والقنوات الناقلة