ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، خدمة القداس في كاتدرائية القديس جاورجيوس، بحضور حشد من المؤمنين.

بعد الإنجيل ألقى عظة قال فيها: "في الأحد الأول بعد العنصرة، تحتفل كنيستنا المقدسة بعيد جميع القديسين لتعلمنا أن ثمرة الروح القدس هي القداسة، وأنه لا يمكننا أن نصير قديسين بلا نعمة الروح القدس.

القداسة هي أولى ثمار عمل الروح القدس في الإنسان. إنها ثمرة استجابة الإنسان لعمل الروح القدس فيه. إحتفلنا الأسبوع الماضي بحلول الروح القدس على التلاميذ بشكل ألسنة نارية، واليوم نعاين النتيجة العملية لفعل الروح القدس في حياة الذين دعوا لعيش الأمانة التي تسلموها من الرب. لذلك نعيد اليوم للأنبياء الذين سبقوا فأخبروا عن تجسد الرب، ولرسل المسيح وتلاميذه الذين أصبحوا شهودا له وسلمونا الوديعة، وأيضا لشهداء الإيمان الذين تقدسوا وأناروا بدمائهم الكنيسة منذ القرون الأولى حتى اليوم، وللأبرار والنساك الذين لمعوا في حياة الفضيلة، ولكل مؤمن عاش إيمانه الحق وحياة البنوة لله. إضافة إلى أعداد من القديسين المجهولين الذين لا يعرفهم سوى الله".

أضاف: "في تقويمنا الكنسي، نعيد يوميا لتذكار قديسين وشهداء وأبرار، وملكوت الله مليء بأشخاص تقدست حياتهم ونالوا الأكاليل السماوية. اليوم، نعيد لكل أولئك. القداسة ليست «حالة فريدة» أو وضعا إستثنائيا أو غير طبيعي، وليست أفعالا نسكية خاصة، بل هي حالة كل نفس اتحدت بالروح القدس وقبلت العمل بمشيئته. حالة الإتحاد هذه في متناول كل إنسان نال سر المعمودية المقدس، وختم موهبة الروح القدس من خلال مسحة الميرون المقدس. الدعوة إلى القداسة موجهة إلى الجميع، إذ إنها الحالة الطبيعية لكل إنسان مسيحي. تلبية هذه الدعوة والسير في طريقها قد يقبلها الإنسان أو يرفضها لأنها مرتبطة بالحرية الشخصية. لقد عاش القديسون حياة ملؤها المحبة الكاملة والطاعة للرب يسوع، حافظين وصاياه الإلهية ومتممين ما قاله الإنجيلي متى: «كل من يعترف بي قدام الناس أعترف أنا أيضا به قدام أبي الذي في السماوات» (10: 32). حياة القديس هي حياة شهادة للإله الذي اتخذ إنسانيتنا ما عدا الخطيئة، حياة شهادة للرب يسوع المسيح «ومن أجل كلمة الله» (رؤ20: 4)."

وتابع: "ما من أحد يولد قديسا، بل يتقدس من خلال السماح لنعمة الروح القدس وقوته بأن تقودا حياته وتحولاها ليصبح مثالا للتقوى والبر. يقول الرسول بولس: «أما أنت، يا إنسان الله، فاهرب من هذا (أي محبة المال) واتبع البر والتقوى والإيمان والمحبة والصبر والوداعة. جاهد جهاد الإيمان الحسن أمام شهود كثيرين» (1تي 6: 11-12). لم يكن القديسون أشخاصا خارقين كأبطال الميثولوجيا، بل كانوا كما نحن اليوم. هم يتشاركون معنا الطبيعة البشرية ذاتها بضعفاتها وزلاتها وشهواتها، لكنهم أدركوا أن قبولهم لعطية الروح القدس تحتم عليهم عيش حياة التقوى والبر والأمانة، لتكون حياتهم شهادة واضحة لفعل الروح القدس فيهم. في كنيستنا، صنع العجائب ليس شرطا جازما لإعلان القداسة. العديد من القديسين الذين أعلنت قداستهم لم يصنعوا العجائب. لقد سمع القديسون كلام الرب، وكانوا شهودا له بالفعل، لا بالكلام. اليوم، أين نحن الذين نسمع الكلام عينه: «كل من يعترف بي قدام الناس أعترف أنا أيضا به قدام أبي الذي في السماوات» (مت10: 32)؟ هل نعترف بالرب علانية؟ هل نعطي، من خلال سلوكنا وطريقة عيشنا، شهادة اعتراف حية بأننا أبناء الله، وبأنه ربنا ومخلصنا وسيد حياتنا؟ هذه الشهادة تتطلب أن نحمل صليبنا ونكفر بذواتنا ونتبع الرب حيث يدعونا، تاركين كل مصلحة ومنفعة، طائعين مشيئته، عاملين وصاياه. يقول أحد اللاهوتيين: «إعلم أن الحياة الأبدية تبدأ بالمعمودية وممارسة العبادة كلها ومعرفة الإنجيل. القضية كلها هي أولا أن تحب الله، وثانيا أن تكون علاقتك مع الناس جميعا ضمن إرضائك لله. هذه هي القداسة التي تعيشها يوميا وأنت في بيتك ومكان عملك، وفي علاقاتك الإجتماعية. ويعدك المسيح، إذا قمت بذلك، بأن تكون من الأولين عنده».

وقال: "إذا كان ربنا وخالقنا يحترم حريتنا ويترك لنا الخيار في قبول نعمته أو رفضها، فما بال الإنسان يتحكم بأخيه الإنسان، ويفرض عليه رأيه ونمط عيشه وطريقة تفكيره، رافضا احترام حرية أخيه والقبول باختلافه عنه في الرأي والموقف؟ لو شاء ربنا لخلقنا متشابهين، لكنه وزع مواهبه والوزنات بحسب طاقة كل منا. إن التنوع مصدر غنى للجميع ويفتح مجال التبادل والتعلم، وما علينا إلا قبول عطايا الله".

أضاف: "فيما نعيد اليوم لجميع القديسين الذين هم ثمر عمل الروح القدس في العالم، علينا أن نتذكر أن ثمر الروح القدس هو «محبة، فرح، سلام، طول أناة، صلاح، إيمان، وداعة وتعفف» (غلا 5: 22). لذا، نعلن إيماننا بالرب خالق السماء والأرض، وبمخلصنا يسوع المسيح، إله السلام، وبروحه القدوس المعزي الذي يقودنا في طريق الإيمان والمحبة والوداعة والفرح والصلاح والتعفف، ونرفع الصلاة من أجل السلام في العالم أجمع، وفي الجنوب اللبناني وغزة الجريحة بشكل خاص. نصلي لكي يبسط الله سلامه الذي من العلى على منطقتنا، وعلى بلدنا، ويبعد عن شعبه شبح الحرب وويلاتها، ويمنح أبناءه المحبة والفرح والسلام والإستقرار. إن ما يحصل يوميا من عنف وتدمير ووحشية قل مثيلها في الأرض التي ولد فيها الرب يسوع وتألم وقام من بين الأموات، يندى له الجبين. قتل وتنكيل بالأطفال والشيوخ والنساء، صور ظننا أنها من العصور البائدة لكنها تتكرر أمام أعين العالم منذ أشهر وما من حل في الأفق. وحدها الصلاة بقلوب نقية تستطيع أن تخرج منطقتنا من أتون النار ووحشية البشر، لأن حكام الأرض لا يأبهون إلا لمصالحهم ومراكزهم، أما الشعوب المستضعفة فليس لها إلا الله والأمل بأن يصحو البشر على إنسانيتهم ويسمعوا صراخ ضمائرهم".

وختم: "في أحد جميع القديسين نحن مدعوون إلى القداسة والسير في طريق من سبقونا. نسمع في كل قداس إلهي الكاهن يقول: «القدسات للقديسين» عسانا نستجيب لعمل الروح القدس ونثمر محبة وإيمانا وسلاما وصلاحا ووداعة وطول أناة. الجميع مدعو إلى القداسة، من دون استثناء، فلبوا الدعوة بلا إبطاء".

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الروح القدس فی

إقرأ أيضاً:

معنى تصفيد الشياطين في شهر رمضان.. ومن الذي يوسوس لنا ؟

أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد اليها عبر موقعها الرسمي مضمونة:"ما معنى تصفيد الشياطين في قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ»، وكيف نفسر حصول المعاصي من بعض الناس في شهر رمضان مع كون الشياطين مُصفَّدة؟".

لترد دار الإفتاء المصرية، موضحة: أن معنى عبارة "تصفيد الشياطين" الواردة في الحديث الشريف المسؤول عنه قد تفاوت العلماء في تفسيره على مداركَ متعددةٍ، وإن كانت في جملتها متكاملة متعاضدة، فقد يُرَاد به أنَّ الشياطين مغلولون ومقيدون حقيقةً في هذا الشهر، وقد يكون المراد أنهم ممنوعون من إيذاء المؤمنين وإغوائهم والتزيين لهم، ويحتمل أن المراد أن الله تعالى يحفظ فيه المسلمين أو أكثرهم في الأغلب من المعاصي، أو يقصد به نوعٌ مخصوصٌ من الشياطين، وهم: مُسْتَرِقُو السَّمْع منهم، أو مَنْ صُفِّدوا هم غالب الشياطين والمَرَدةُ منهم، وأما غيرهم فغير مُصَفَّد.

وأما حصول المعاصي من بعض الناس في شهر رمضان مع كون الشياطين مُصَفَّدة: فإما أن يكون تصفيدُهم إنما هو في حقِّ الصائم المراعي لشروط الصوم وما ينبغي أن يتحلَّى به من آدابه، أو أنَّ سبب اقتراف الذنوب آتٍ من النفس وخَطراتها.

تفضيل شهر رمضان على غيره من الشهور

مما امتاز به شهر رمضان المعظم عن غيره من الشهور الأخرى ما أكدته السُّنَّة النبوية المطهرة من أنه إذا دخل هذا الشهر المُعظم صُفِّدَتِ الشياطين، وقد تواردت نصوص السُّنَّة المشرفة على ذلك، وأهمها:

ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ» رواه مسلم.

وما ثبت أيضًا عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ» رواه الشيخان، واللفظ للبخاري.

وما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أيضًا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ، وَمَرَدَةُ الجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ كُلَّ لَيْلَةٍ» رواه الترمذي، وابن ماجه في "السنن"، والحاكم في "المستدرك".

معنى تصفيد الشياطين في شهر رمضان

لفظ «صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ» الوارد في كلام سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إما أن يكون معناه التصفيد حقيقة، فتكون الشياطين في هذا الشهر مغلولةً مُصَفَّدَةً ممنوعة من التصرف وبعض الأفعال التي لا تُطِيقُهَا إلا مع الانطلاق، والأغلال تكون بالحديد، وإن الشياطين مع ذلك ليست ممتنعةً مِن التصرف جملة؛ لأن الْمُصَفَّدَ المغلول اليد إلى العنق يتصرف بالكلام والرأي وغيرهما، كما ذكر الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (1/ 144، ط. دار المعرفة)، والإمام الباجي في "المنتقى" (2/ 75، ط. مطبعة السعادة).

وإما أن يكون تصفيد الشياطين معناه: أنه مِن شدةِ بركات هذا الشهر فكأنها كالْـمُصفَّدة، وإما أن يكون المراد: أنهم ممنوعون من إيذاء المؤمنين وإغوائهم وتزيين الشهوات لهم في هذا الشهر.

قال القاضي عياض في "شرح صحيح مسلم" (4/ 5-6، ط. دار الوفاء): [«وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ»: قيل: يحتمل الحقيقة... وكذلك تصفيد الشياطين ليمتنعوا من أذى المؤمنين وإغوائهم فيه، وقيل: يحتمل المجاز لكثرة الثواب والعفو، والاستعارة لذلك بفتح أبواب الجنة، وإغلاق أبواب النار، وقد جاء في الحديث الآخر: «وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الرَّحْمَةِ» وبأن الشياطين كالمصفدة لما لم يتم إغواؤهم بعصمة الله عباده فيه... ويكون معنى "تصفيد الشياطين" هنا خصوصًا عن أشياء دون أشياء، ولبعض دون بعضٍ، أو على الغالب، وجاء في حديث آخر: «صُفِّدَتْ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ»... ومعنى "صُفِّدَتْ": أي: غُلِّلَتْ، والصَّفَد، بفتح الفاء، الغُلُّ، وقد روى في الحديث الآخر: "سُلسِلت"] اهـ.

وقال الإمام ابن عبد البر في "التمهيد" (16/ 153، ط. أوقاف المغرب): [وأما قوله: «وَصُفِّدَتْ فِيهِ الشَّيَاطِينُ» أو «سُلْسِلَتْ فِيهِ الشَّيَاطِينُ» فمعناه عندي -والله أعلم-: أن الله يعصم فيه المسلمين أو أكثرهم في الأغلب من المعاصي، فلا يخلص إليهم فيه الشياطين كما كانوا يخلصون إليه منهم في سائر السَّنَة] اهـ.

ومن المعاني المحتملَة في "تصفيد الشياطين": أن يكون المراد نوعًا من الشياطين، وهم: مُسْتَرِقُو السمع منهم، والذين يقع تسلسلهم في ليالي رمضان دون أيامه؛ لأن القرآن كان ينزل فيها، وهم قد مُنِعُوا في زمن نزول القرآن مَن استراق السمع، فزيدوا في التصفيد والتسلسل مبالغة في الحفظ. يُنظر: "فتح الباري" للحافظ ابن حجر العسقلاني (4/ 114).

ويحتمل أيضًا أن يكون المراد: أن الشياطين لا يخلصون من افتتان المسلمين إلى ما يخلصون إليه في غيره؛ لاشتغالهم بالصيام والطاعات ومما فيه قَمْعٌ للشهوات، فكأنَّ الله تعالى يَعْصم في هذ الشهر المُعَظَّم المسلمين أو أكثرهم في الأغلب من المعاصي.

قال الإمام المُنَاوي في "فيض القدير" (1/ 340، ط. المكتبة التجارية): [لفظ رواية مسلم: "صُفِّدت" (الشياطين)، شُدَّت بالأغلال؛ لئلا يوسوسوا للصائم، وآية ذلك تنزه أكثر المنهمكين في الطغيان عن الذنوب فيه وإنابتهم إليه تعالى] اهـ.

وقال العلامة الطيبي في "شرح الطيبي على مشكاة المصابيح" (5/ 1576، ط. مكتبة نزار مصطفى الباز): [والتصفيد في شهر رمضان مبالغة للحفظ، ويحتمل أن يكون المراد به أَيَّامَهُ وبعده، والمعنى: أن الشياطين لا يخلصون فيه من إفساد الناس ما يخلصون إليه في غيره؛ لاشتغال أكثر المسلمين بالصيام الذي فيه قمع الشهوات، وبقراءة القرآن وسائر العبادات، والله أعلم] اهـ.

تفسير وقوع المعاصي في رمضان مع كون الشياطين مصفدة


أما وقوع المعاصي والذنوب مِن بعض الناس في شهر رمضان مع أن الشياطين مُصَفَّدة، فهذا له تأويلات: فإما أن تصفيدهم إنما هو في حقِّ مَن صام محافظًا على شروط الصوم وما ينبغي أن يتحلَّى به الصائم من آداب، وإما أن هناك أسبابًا أخرى لاقتراف الذنوب والمعاصي، كالنفوس الخبيثة، والعادات الركيكة، والشياطين الإنسية، وإما أن يكون المراد بمن صُفِّدوا هم غالب الشياطين والمردة منهم، وأما غيرهم فقد لا يُصَفَّد، ويكون المعنى المراد حينئذٍ هو: تقليل الشرور، وذلك موجود في رمضان؛ فإن وقوع الشرور والفواحش فيه قليلٌ بالنسبة إلى غيره من الشهور الأخرى.

قال الإمام أبو العباس القرطبي في "المفهم" (3/ 136، ط. دار ابن كثير): [فإن قيل: فنرى الشرور والمعاصي تقع في رمضان كثيرًا؛ فلو كانت الشياطين مُصَفَّدة لما وقع شرٌ؟ فالجواب من أوجه:

أحدها: إنما تُغَلُّ عن الصائمين الصوم الذي حُوفظ على شروطه، ورُوعيت آدابه، أما ما لم يحافظ عليه فلا يُغَل عن فاعله الشيطان.

والثاني: أنا لو سلمنا أنها صُفِّدت عن كل صائم، لكن لا يلزم من تصفيد جميع الشياطين، ألا يقع شرٌ؛ لأن لوقوع الشر أسبابًا أُخَر غير الشياطين، وهي: النفوس الخبيثة، والعادات الرَّكيكة، والشياطين الإنسية.

والثالث: أن يكون هذا الإخبار عن غالب الشياطين، والمردة منهم، وأما من ليس من المردة فقد لا يُصَفَّد. والمقصود: تقليل الشرور. وهذا موجود في شهر رمضان؛ لأن وقوع الشرور والفواحش فيه قليل بالنسبة إلى غيره من الشهور] اهـ.

وقال الإمام المُنَاوي في "فيض القدير" (1/ 340): [وأما ما يوجد فيه من خلاف ذلك في بعض الأفراد فتأثيرات من تسويلات المردة أغرقت في عُمْق تلك النفوس الشريرة وباضت في رؤوسها، وقيل: خُصَّ من عُمومٍ.. تنبيه: عُلم مما تقرر أن تصفيد الشياطين مجازٌ عن امتناع التسويل عليهم واستعصاء النفوس عن قبول وساوسهم وحسم أطماعهم عن الإغواء؛ وذلك لأنه إذا دخل رمضان واشتغل الناس بالصوم وانكسرت فيهم القوة الحيوانية التي هي مبدأ الشهوة والغضب الداعيَيْن إلى أنواع الفسوق وفنون المعاصي وصَفَتْ أذهانهم واشتغلت قرائحهم وصارت نفوسهم كالمرائي المتقابلة المتحاكية وتنبعث من قُواهم العقلية داعية إلى الطاعات ناهية عن المعاصي فتجعلهم مُجمِعين على وظائف العبادات عاكفين عليها مُعرِضين عن صنوف المعاصي عائقين عنها، فتفتح لهم أبواب الجنان وتغلق دونهم أبواب النيران ولا يبقى للشيطان عليهم سلطان فإذا دنوا منهم للوسوسة يكاد يحرقهم نور الطاعة والإيمان] اهـ.

مقالات مشابهة

  • مزايا يحصل عليها مشجع الأهلي الذي يخلد اسمه علي جدران الاستاد..القلعة الحمراءتوضحها
  • معنى تصفيد الشياطين في شهر رمضان.. ومن الذي يوسوس لنا ؟
  • في رسالة الصوم.. يونان تمنى للبابا الشفاء
  • ابراهيم في رسالة الصوم: أدعوكم الى التضرع للبنان
  • دعاء نية الصيام في رمضان .. 18 كلمة رددها قبل الفجر يوميا ليصح صومك
  • مفتي الجمهورية: الأشهر الحرم وأيام الصيام هبة إلهية تعيد توازن الروح
  • حياة حافلة بالعطاء العلمي والدعوي.. شيخ الأزهر ينعى الدكتور محمود توفيق سعد
  • المغاربة يطالبون بمحاكمة وزير الفلاحة السابق “صديقي” الذي فشل في حماية قطيع النعاج ومراقبة المستوردين الذين حصلوا على الدعم
  • الأمين الذي فدى الأمة ..إنا على العهد
  • برج الميزان.. حظك اليوم الخميس 27 فبراير 2025: حياة أكثر صحة