استضافت السعودية اجتماعا دوليا في مدينة جدة، لإجراء محادثات سلام بشأن الحرب في أوكرانيا، في خطوة تعتبر انقلابا دبلوماسيا من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، بعد نبذه دوليا في العام 2018 على خلفية مقتل الصحفي جمال خاشقجي بإسطنبول، بحسب "موقع ميدل إيست آي".

وشارك في الاجتماع، كل من "تركيا والأرجنتين، أستراليا، البحرين، البرازيل، بلغاريا، كندا، تشيلي، الصين، القمر، التشيك، الدنمارك، مصر، إستونيا، المفوضية الأوروبية، المجلس الأوروبي، فنلندا، فرنسا، ألمانيا، الهند، إندونيسيا، إيطاليا".



كما شارك في الاجتماع أيضا كل من "اليابان، الأردن، الكويت، لاتفيا، ليتوانيا، هولندا، النرويج، بولندا، قطر، كوريا، رومانيا، سلوفاكيا، جنوب أفريقيا، إسبانيا، السويد، أوكرانيا، الإمارات، المملكة المتحدة، الأمم المتحدة، الولايات المتحدة الأمريكية".

وقال موقع "ميدل إيست آي" في تقرير للكاتب إليس جيفوري، إن قمة جدة بالنسبة إلى محمد بن سلمان، تعتبر إلى حدا ما بمثابة انفلاب دبلوماسي، أو بالأحرى أهم إنجازاته بعد نبذه دوليًا، بسبب قضية الصحفي خاشقجي، وكان صبر محمد بن سلمان ومرحه مربكًا بالنسبة لمنتقديه، فقد مثلت الحرب في أوكرانيا هدية مرحبا بها، مما أجبر منتقديه على غرار الرئيس الأمريكي جو بايدن على السفر إلى المملكة الخليجية لإصلاح العلاقات.

وذلك أنه لا يمكن فرض عقوبات على قطاع الطاقة في روسيا - أحد أكبر موردي الطاقة في العالم - والاستمرار في معاداة السعودية التي تعتبر الملاذ الأخير من المنتجين المتأرجحين في العالم.

ورأى الموقع أن قمة جدة، تجمع بين قضايا مترابطة، ألا وهي: إعادة تأهيل وليّ العهد والخطوط العريضة لرؤية بلاده السياسية الناشئة للمنطقة ومكانتها في العالم.

حسب جوليان بارنز داسي، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، فإن "دول مجلس التعاون الخليجي الرئيسية مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تعمل الآن بحزم على وضع جداول أعمالها الخاصة والموازنة بين اللاعبين العالميين لتحقيق أقصى قدر من المكاسب، وذلك بدلاً من ربط نفسها بمعسكرات عالميّة معينة".


ومع صعود الصين والانحدار النسبي للوجود الأمريكي في المنطقة، يساهم ظهور قوى إقليمية متوسطة الحجم مثل تركيا وإيران والسعودية في تغيير ديناميكيات السياسة العالمية ببطء.

وفي تصريح له لموقع "ميدل إيست آي"، أوضح بارنز داسي أن "المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تتبنى التعددية القطبية الناشئة. ففي ظل السعي العالمي لتشكيل التحالفات وتوفير الموارد الطاقية، يرى كلاهما أنه يلعب نفس دور الجهات الفاعلة الرئيسية التي لم تعد تخضع لإملاءات الجهات الخارجية".

زعيم إقليمي، لاعب عالمي
زادت ثقة السعودية في سعيها لتحقيق ما تعتبره أولوياتها الخاصة. فقد تجاهل وليّ العهد مناشدات الولايات المتحدة لزيادة إنتاج النفط وتحدّى غضب إدارة بايدن بالعمل مع روسيا لإبقاء أسعار النفط عند المستوى المطلوب لتمويل ميزانية الرياض ومشاريع البنية التحتية الضخمة.

وفي وقت سابق من هذا العام، فاجأ محمد بن سلمان الإدارة الأمريكية عندما قام بتطبيع العلاقات مع إيران في مفاوضات توسّطت فيها الصين.

وإدراكًا منه لمحاولات إدارة بايدن تحقيق إنجاز دبلوماسي كبير في المنطقة من خلال دفع السعودية إلى تطبيع العلاقات مع "إسرائيل"، أظهر ولي العهد بكل وضوح أنه لن يُقدِم على هذه الخطوة دون تلقي بعض التنازلات الرئيسية. ووفقًا للتقارير، فإنه من بين الشروط الرئيسية للرياض لتطبيع العلاقات مع "إسرائيل" تلقي المساعدة الأمريكية في إنشاء برنامج نووي مدني.

وزيارة مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان إلى جدة في نهاية الأسبوع الماضي، دليل على حرص إدارة بايدن على تكريم القمة بمسؤول رفيع المستوى وربما تملّق المملكة بمستوى من الاحترام لطالما شعرت أنها تستحقه.

وحسب عبد الله باعبود، وهو باحث غير مقيم في مركز مالكوم كير-كارنيغي للشرق الأوسط، فإن قمة السلام بشأن أوكرانيا تدور أيضًا حول جمع المملكة العربية السعودية بين الدول الغربية والجنوب العالمي الذي لم يدعم العقوبات المفروضة على روسيا.

وأضاف باعبود "يتماشى هذا مع رؤية محمد بن سلمان الجديدة وهدفه الاستراتيجي وطموحاته لجعل المملكة رائدة إقليميًا ولاعبًا عالميًا مهمًا".

وعلى حد تعبير باعبود، تجنّبت السعودية على غرار العديد من دول الجنوب "الحد من مواقفها المتوازنة [بشأن الحرب في أوكرانيا] واستقلاليتها الاستراتيجية" نتيجة الضغط الغربي.

وأوضح الباحث أن "محمد بن سلمان يرى أن المملكة يمكن أن تستفيد من الديناميكيات المتغيرة في النظام العالمي وصعود الصين والقوى العالمية الأخرى لإعادة ضبط علاقاتها مع الولايات المتحدة وتحقيق التوازن الاستراتيجي واكتساب مساحة أكبر للمناورة".


بالنسبة لوزير الاستثمار السعودي خالد الفالح، ظهر عالم جديد متعدد الأقطاب لم يعد يهيمن عليه الغرب. وقال الفالح في مقابلة أجريت معه مؤخرًا "نحن نؤمن، وأعتقد أنه قد ثبت، أن المملكة جزء مهم من هذا العالم الناشئ متعدد الأقطاب. سنلعب دورنا في تطوير اقتصادنا وأيضًا تنمية المنطقة".

السعودية أولًا
وحرص الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على دعم مبادرة السلام السعودية في محاولة لإلزام الحلفاء بأي تسوية نهائية مستقبلية. وقد تجلّت الرؤية السياسية الجديدة للرياض في أبهى صورها عندما ألقى زيلينسكي في شهر حزيران/ يونيو خطابًا مفاجئًا في قمة جامعة الدول العربية بدعوة من محمد بن سلمان، التي شارك فيها أيضًا رئيس النظام السوري بشار الأسد - الحليف القوي لروسيا - الذي رحّبت المملكة بعودته إلى الحظيرة الإقليمية بعد ما يقارب عقدًا من العزلة.

ومن السهل تفسير ما يحدث، إذ يسرّ المملكة توفير منصة للرؤى المختلفة للقوة العالمية بينما ستختار في نهاية المطاف من بينها. وبينما فشلت محادثات السلام المماثلة في كوبنهاغن في تحقيق أي نتائج ملحوظة، يمكن للسعودية التظاهر بأنها تحافظ على الزخم الدبلوماسي للتوصل إلى حلّ سلمي للصراع في حين أنها تحمي نفسها من الانتقادات بشأن تحالفها الوثيق مع روسيا.

وتتمحور المادثات أكثر حول تنسيق أجماع عالمي حول المعايير العامة لحل محتمل يكون مقبولا لأوكرانيا، كما يرى يوناتان توفال، المحلل في المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية (ميتفيم).

وأضاف توفال، أن المحادثات تظهر بأن ابن سلمان ميسر للنوايا الحسنة لمحادثات السلام التي تنطوي على صراع أبرز أدى إلى حدوث شرخ عالمي كبير.

وتشير الدلائل إلى أن ولي العهد البالغ من العمر 37 عامًا يدرك تمامًا أن النزاعات الإقليمية، كما هو الحال في اليمن، والخلافات الدبلوماسية مع اللاعبين الإقليميين المهمين لم تخدم مصالح المملكة جيدًا.

وذكر توفال أنه تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن "الرياض تعمل على إصلاح علاقتها مع كل من الدوحة وأنقرة حتى في الوقت الذي سعت فيه إلى تقليدهما والتفوق عليهما في النهاية. وهذا أيضا أدى إلى ذوبان الجليد في العلاقات مع طهران".

ولاشك أن محادثات السلام حول أوكرانيا في جدة قد تسهم في تحقيق بعض هذه الأهداف، إلا أنه  - حسب آنا جاكوبز، محللة شؤون الخليج في مجموعة الأزمات الدولية - "من غير الواضح في هذه المرحلة مدى فعالية هذه الجهود".

وأضافت جاكوبز أن المملكة العربية السعودية تعمل على تنويع علاقاتها السياسية والاقتصادية مع القوى العالمية بما يتماشى مع وقائع النظام العالمي متعدد الأقطاب. ولكن حتى مع توطيد السعودية علاقاتها مع الصين وروسيا، ستظل الولايات المتحدة شريكها الأمني الأساسي في المستقبل المنظور".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة السعودية محمد بن سلمان الولايات المتحدة قمة جدة روسيا السعودية الولايات المتحدة روسيا اوكرانيا محمد بن سلمان صحافة صحافة صحافة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة المملکة العربیة السعودیة الولایات المتحدة محمد بن سلمان العلاقات مع

إقرأ أيضاً:

الجامعة العربية: تحرك دبلوماسي عربي - إسلامي لحشد الدعم لوقف الحرب في غزة

القاهرة (الاتحاد)

ترأس معالي خليفة شاهين المرر، وزير دولة، وفد دولة الإمارات إلى اجتماع المجلس الوزاري لجامعة الدول العربية في دورته العادية الـ 163 الذي عقد أمس، في مقر الجامعة العربية بالقاهرة برئاسة المملكة الأردنية الهاشمية.
وأقر المجلس الوزاري البنود المدرجة على جدول الأعمال وأبرزها بند العمل العربي المشترك وتقرير الأمين العام لجامعة الدول العربية عن نشاط الأمانة العامة بين الدورتين 162 و163 ومشروع جدول أعمال القمة العربية في بغداد بدورتها 34، وإقرار مشاريع القرارات المتعلقة ببند القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي وبند الشؤون العربية والأمن القومي، والذي يتضمن العديد من المشاريع المتعلقة باليمن وسوريا ولبنان، وكذلك احتلال إيران للجزر الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبوموسى التابعة لدولة الإمارات.

أخبار ذات صلة «الفارس الشهم 3» تسير صهاريج مياه للمخيمات في مواصي خان يونس الأمم المتحدة: غزة تواجه أسوأ أزمة إنسانية


وأعلن أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن اللجنة الوزارية العربية الإسلامية، المكلفة من القمة العربية الإسلامية، ستقوم بتحرك جديد خلال الأسابيع المقبلة في إطار جولة دبلوماسية عربية مشتركة لحث المجتمع الدولي على التحرك الجاد لوقف العدوان على قطاع غزة.
وطالب أبو الغيط في كلمته خلال الاجتماع بالإيقاف الفوري للحرب في قطاع غزة، مؤكداً أن «الفلسطينيين يواجهون خياراً قاسياً بين الموت قتلاً أو جوعاً أو مغادرة أرضهم التي باتت نهباً للاستيطان والاحتلال».
وأضاف أن «الحرب ضد المدنيين تتواصل يومياً بالقصف والقتل وهدم المنازل والحصار والتجويع ومنع دخول المساعدات الإنسانية».
وأشار إلى أن هذه الأعمال استؤنفت في 18 مارس الماضي بعد هدنة دامت نحو شهرين شهدت تبادلاً للأسرى وعودة للرهائن وتخفيفاً محدوداً للوضع الإنساني.
وذكر أن عدد الضحايا الفلسطينيين منذ استئناف العدوان يقترب من ألفي قتيل، موضحاً أن القطاع مغلق تماماً أمام المساعدات والمواد الغذائية والطبية ما أدى إلى وضع السكان في أسوأ أوضاعهم منذ أكتوبر 2023.
ووصف أبو الغيط ما يجري في القطاع بأنه «تطهير عرقي معلن».
وحذر من محاولات دفع العالم لتقبل هذا الواقع كأمر طبيعي، منتقداً صمت المجتمع الدولي حيال هذا الوضع واصفاً إياه «بالصمت المخزي».
وأوضح أبو الغيط أن «الجانب العربي أكد بوضوح رفضه لحرب التطهير العرقي ولسيناريو التهجير»، مشيراً إلى أن قمة القاهرة في مارس الماضي قدمت طرحاً بديلاً واقعياً وقابلاً للتطبيق يشمل التعافي المبكر وإعادة الإعمار وإدارة القطاع، بما يضمن تجنب اندلاع مواجهات مستقبلية ويؤسس لتجسيد حل الدولتين الذي لا بديل عنه لضمان الاستقرار والسلام.
وأشار إلى أن المؤتمر المرتقب في يونيو المقبل برعاية سعودية - فرنسية مشتركة في إطار الأمم المتحدة يمثل فرصة حقيقية لتحويل التأييد الدولي لحل الدولتين إلى خطوات تنفيذية.
وأدان الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية وما تمثله من انتهاك لسيادة الدولة ومحاولة لتأجيج الصراعات الداخلية، كما أدان الخروقات المتواصلة في لبنان داعياً المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل للانسحاب من جميع الأراضي العربية المحتلة.
من جهته، أكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي الذي تسلمت بلاده رئاسة الدورة العادية الـ 163 لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية في كلمة له أن الأمن والسلام لن يتحققا في المنطقة إلا بحصول الشعب الفلسطيني على حقوقه التي تتجسد في الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس المحتلة. وأشار إلى أهمية العمل الجماعي العربي للتصدي للتحديات التي تواجه العالم العربي وتحقيق الأمن والاستقرار والسلام العالمي، مشدداً على ضرورة إيقاف العدوان على قطاع غزة الذي يعاني أهله الكثير من القتل والتدمير والتجويع والحرمان من كل مقومات الحياة.

مقالات مشابهة

  • الأمير تركي بن محمد بن فهد يرفع التهنئة للقيادة بمناسبة ما تحقق من إنجازات في مسيرة رؤية المملكة 2030 في عامها التاسع
  • وزير العدل يرفع التهنئة للقيادة على المنجزات التي تضمنها التقرير السنوي لرؤية المملكة 2030
  • الخارجية: الضوابط الخاصة بتأشيرات الدخول بأنواعها المختلفة إلى المملكة العربية السعودية
  • الأردن.. تفاعل على الزيارة السريعة للملك عبدالله الثاني إلى السعودية ولقاء محمد بن سلمان
  • الجامعة العربية: تحرك دبلوماسي عربي - إسلامي لحشد الدعم لوقف الحرب في غزة
  • ننشر الضوابط الخاصة بتأشيرات الدخول بأنواعها المختلفة إلى المملكة العربية السعودية
  • السفير لدى المملكة المتحدة يتسلّم جائزة "دبلوماسي العام"
  • سفير خادم الحرمين لدى المملكة المتحدة يتسلّم جائزة “دبلوماسي العام 2025” عن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
  • ملك الأردن يجري مباحثات مع محمد بن سلمان خلال زيارته السعودية
  • سفير المملكة العربية السعودية بالسودان السفير علي بن حسن جعفر يصل الخرطوم ومقر السفارة السعودية بحي العمارات