تمكنت زعيمة  حزب "التجمع الوطني" في فرنسا، مارين لوبان، من تنفيذ واحدة من أبرز عمليات إعادة تشكيل الهوية السياسية في العالم الغربي، حيث نجحت في تحويل حزب متطرف هامشي تأسس على يد والدها، جان ماري لوبان، إلى قوة سياسية رئيسية لديها فرصة حقيقية للفوز بأغلبية جيدة في الانتخابات التشريعية وتسمية رئيس الوزراء القادم.

لكن مع اقتراب لوبان ونائبها، جوردان بارديللا، من تحقيق ما قد يكون أعظم انتصار انتخابي لهم، تزداد الشكوك بشأن مدى تطور الحركة التي كانت جذورها معادية للسامية وتوصف بالعنصرية، حسب مراقبين تحدثوا إلى صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.

وقد تزايدات الإشارات وحتى التهم الكاذبة والمعلومات المغلوطة من قبل مرشحي الجبهة الوطنية وداعميها، مما يثير تساؤلات بشأن مصداقية هذا التحول السياسي.

فخلال الاستعداد للجولة الأولى من انتخابات البرلمانية التي بدأت، الأحد، قال أحد المرشحين عن "التجمع الوطني" أن حزباً منافساً "يتم تمويله من قِبَل اليهود".

ماكرون يحذر من "حرب أهلية" في فرنسا حذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الاثنين، من أن فوز اليمين المتطرف أو حتى أقصى اليسار في الانتخابات البرلمانية المبكرة المقررة هذا الشهر قد يشعل "حربا أهلية".

وزعم مرشح  آخر أن بعض الحضارات تبقى "أدنى من الحيوان في سلاسل التطور"، في حين ربط مرشح ثالث تفشي بق الفراش في فرنسا بـ "القدوم الجماعي من دول أفريقيا".

وقامت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية بتجميع "قائمة لا نهاية لها" من مرشحي "التجمع الوطني" الذين أدلوا بتصريحات "مرفوضة" عبر الإنترنت. وقد عمدت الوسيلة الإعلامية الاستقصائية "مديابارت" إلى تحديد 45 ملفًا إشكاليًا حتى الآن.

وتحت ضغط التدقيق الإعلامي، حذف بعض المرشحين منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، بينما يبدو أن آخرين راضون عن الإبقاء على سجلهم كما هو أمام أعين متابعيهم.

ولم يرد قادة حزب على طلبات التعقيب من الصحيفة الأميركية للحصول على رأيهم بشأن تلك المنشورات.

وقد اتخذ الحزب إجراءات تأديبية في حالات قليلة فقط، وقد يكون ذلك لأن لوبان، مثل رئيسة وزراء إيطاليا، جورجيا ميلوني، تحتاج إلى تحقيق توازن دقيق لتوسيع نطاق حزبها، وفق "واشنطن بوست"، ففي الوقت الذي تصور فيه نفسها كمصلحة وترفض تصنيف حزبها كمتطرف، يمكنها تلبية مطالب قاعدتها الصلبة بإعطائهم مساحة كبيرة للتعبير عن بعض أفكارهم المتطرفة.

"مقامرة أم مناورة".. ما أهداف ماكرون من الدعوة لانتخابات جديدة بفرنسا؟ في خطوة مفاجئة، قرر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، السبت، حل الجمعية الوطنية والدعوة لانتخابات تشريعية جديدة، إثر الفوز التاريخي لليمين المتطرف الفرنسي في الانتخابات الأوروبية بفارق كبير عن معسكر الغالبية الرئاسية.

وفقاً لمحللين سياسيين، فإن السعي إلى هذا التوازن يمثل تحديًا كبيرا، إذ رأت المحللة السياسية بمركز الدراسات السياسية في جامعة السوربون، ليزا بيري، أن لوبان "تواجه ضغوطا من جميع الجهات، فهي تحاول جذب الناخبين الوسطيين والمحافظين الجدد، بينما تحافظ في الوقت نفسه على دعم القاعدة الصلبة للحزب".

"حقوق أقل للأجانب"

من جانبه، قال مدير مرصد الراديكالية السياسية في جامعة جان إيف، جان إيف كامو، إن فكرة "الأولوية الوطنية" لا تزال في قلب برنامج الحزب، وهي أن "الأجانب يجب أن يتمتعوا بحقوق أقل من المواطنين، حتى عندما تكون لديهم مؤهلات متساوية".

ورغم كل تلك الجهود، يبدو أن تأثير الثقافة السياسية  لذلك الحزب اليميني "لا يزال يحمل جذوراً عميقة في الأفكار المتشددة".

فعلى سبيل المثال، قامت لوبان في مناسبات عديدة بمكافحة الاتهامات بمعاداة السامية والعنصرية، وأكدت على تغيير مواقف حزبها، لكنها ناورت بشكل فعال لجذب الناخبين الغاضبين من السياسات الحالية ومن موجات الهجرة والتحولات الاجتماعية في فرنسا، حسب الصحيفة.

ويبقى التساؤل عن مدى تحقيق الجبهة الوطنية لتغيير حقيقي في مواقفها السياسية. فمنذ صعود لوبان إلى رئاسة الحزب عام 2011، وتخليها عن بعض السياسات المتطرفة لوالدها، قامت بإزالة الكثير من الرموز الصريحة للعنصرية ومعاداة السامية، لكن تظل الشكوك قائمة بشأن مدى صدق هذا التحول.

وفي هذا السياق، أكدت بيري أن "الخط الفاصل بين محاولة (التجمع الوطني) لتقديم صورة جديدة وبين جذوره العميقة المعادية للتعددية الثقافية والعرقية، لا يزال غامضاً".

أما عالم السياسة الفرنسي الشهير، دومينيك مويزي، فقال: "أنا لا أثق في أن يكون (التجمع الوطني) ديمقراطياً بالمعنى التقليدي والكلاسيكي للمصطلح".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: التجمع الوطنی فی فرنسا

إقرأ أيضاً:

التجمع الوطني يقترب من قيادة فرنسا.. أفكار انعزالية وسياسات متطرفة ضد المهاجرين

حقق حزب «التجمع الوطني» المنتمي لتياراليمين المتطرف بزعامة مارين لوبان، ورئاسة جوردان بارديلا مكاسب تاريخية وفاز بالجولة الأولى من الانتخابات البرلمانية الفرنسية حيث حصل على 33% من الأصوات متفوقًا على تحالف «الجبهة الديموقراطية» المحسوب على التيار اليساري، وتحالف الوسط الذي ينتمي له الرئيس إيمانويل ماكرون الذي حصل على 20%، لكن النتيجة النهائية ستحسم في الجولة الثانية التي من المنتظر أن تشهد تحالفات وصفقات سياسية لمنع سيطرة اليمين المتطرف على الحكومة وذلك بحسب ما ذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية».

اليمين المتطرف سيخلق فرنسا مغايرة

وفي حديث مع «الوطن»، قال أحمد العناني الباحث في العلاقات الدولية، إن هناك تخوف من «ماكرون» وحكومته من عرقلة اليمين المتطرف استراتيجيتهم في التعامل مع الملفات الداخلية والخارجية، لا سيما وأنه إذ استمر الحال على ماهو عليه وتصدر «التجمع الوطني» الانتخابات في الجولة الثانية سيعني ذلك تولي رئيس الحزب، جوردان بارديلا ذو الـ28 عاماً منصب رئيس الوزراء بوضعيه متميزة، كونه أتى باختيار الشعب مثله مثل الرئيس، وهو ما سيجعل النظام الفرنسي الرئاسي نظام برلماني، ولن يكون الحكم لـ«ماكرون» بشكل مطلق، وهو ماسيؤدي إلى أزمة في الحكم للاختلاف بين سياساته وأجندة حزب التجمع الوطني.

وأوضح العناني، أن السياسات الداخلية لـ«التجمع الوطني»، سيكون على رأسها قضايا المهاجرين، الذين يرون أنه يجب طردهم من فرنسا ومنع التجنيس للمحافظة على قومية الدولة ونقاء العرق الفرنسي، لا سيما وأن بارديلا قد كشف في وقت سابق أنه سيسعى إلى إلغاء حق الحصول على الجنسية للمواليد في فرنسا من أبوين غير فرنسيين، علاوة على بوحه بنيته شن حربًا ثقافية على المهاجرين.

ويزيد على ذلك، اتخاذ  القرارات العنصرية والعدائية تجاههم لرؤية الحزب أن  المهاجرين يزاحمونهم في بلادهم.

كما أكد على أن فرنسا في حكم اليمين المتطرف ستقدم دعمًا إضافيًا لإسرائيل في حرب الإبادة الجماعية التي تشنها على قطاع غزة.

ويرى «العناني» أن «التجمع الوطني» سوف يولي اهتمامًا كبيرا بدعم أوكرانيا، وقد تدفع سياساته إلى الحرب المباشرة مع روسيا على الرغم من تصريحاتتهم المغايرة لذلك قبل الانتخابات، وقال إن تلك التصريحات كانت تهدف إلى استقطاب أكبر عدد من الناخبين الفرنسيين.

مقالات مشابهة

  • فرنسا مهددة بالحصول على برلمان من يسار اليمين
  • ماكرون سيعيش ثلاث سنوات صعبة حال فوز اليمين المتطرف بالأغلبية.. كيف سيمنع ذلك؟
  • التجمع الوطني يقترب من قيادة فرنسا.. أفكار انعزالية وسياسات متطرفة ضد المهاجرين
  • فرنسا.. إلى أين؟
  • زلزال سياسي في فرنسا بعد اقتراب اليمين المتطرف من الحكم
  • “اليمين المتطرف” يكتسح انتخابات فرنسا .. وحزب ماكرون ثالثًا
  • بدء التصويت للجولة الأولى في الانتخابات الفرنسية.. اليمين قد يكتسح
  • فرنسا.. بدء التصويت في انتخابات برلمانية قد تصل باليمين المتطرف إلى السلطة
  • فرنسا تجري انتخابات برلمانية وسط مخاوف من صعود اليمين المتطرف