كيف يعمل لبنان على الحد من تدفق المهاجرين نحو الدول الأوروبية؟
تاريخ النشر: 30th, June 2024 GMT
أعلنت السلطات اللبنانية، عن إطلاق الاستراتيجية البحريّة المتكاملة للبنان، ومسودّة الدراسة التقييميّة للإطار القانوني الوضعي للمجال البحري اللبناني، بهدف تعزيز الأمن والسلامة البحريّة، وذلك بالتعاون مع المركز الدولي لتطوير سياسات الهجرة ICMPD.
واعتبرت الحكومة اللبنانية، أن الاستراتيجية المُعلن عنها، تندرج ضمن برامج الإصلاح والتعافي وإعادة الإعمار؛ وهي وثيقة إطار عمل لمشاركة تطوير المجال البحري مع المجتمع الدولي وكذا المؤسّسات الدوليّة، من قبيل: البنك الدولي.
وبحسب استطلاع لمنظمة الدولية للهجرة، فإنه "من بين 954 مواطنا لبنانيا، قال أكثر من 78 في المئة إنهم يفكرون في مغادرة لبنان، وقال ربعهم إنهم على استعداد أيضاً للتفكير في الهجرة غير النظامية. وتم ذكر الصعوبات الاقتصادية والصراع وشح الاحتياجات الأساسية، مثل الوصول إلى الرعاية الصحية والتعليم للأطفال، كعوامل رئيسية تقود تلك القرارات".
وفي محاولة للحد من تدفق المهاجرين من لبنان نحو الدول الأوروبية، كان الاتحاد الأوروبي قد قدّم المساعدات المالية والتنموية للحكومة اللبنانية ولمنظمات المجتمع المدني؛ بينما عملت دول الاتحاد الأوروبي على تقديم مشاريع تنموية بالتعاون مع السلطات اللبنانية لمكافحة الهجرة غير الشرعية من لبنان باتجاه الدول الأوروبية.
إلى ذلك، اشترط الاتحاد الأوروبي، ربط المساعدات المتعلقة بموضوع الإدارة المتكاملة للحدود، والتي تبلغ قيمتها 7 ملايين يورو، بالموافقة على الاستراتيجية البحريّة المتكاملة للبنان ومسودّة الدراسة التقييميّة للإطار القانوني الوضعي للمجال البحري اللبناني، التي قامت لجنة مراقبة وضبط الحدود في الجيش بالعمل على إنجازها بالتعاون مع المركز الدولي لتطوير سياسات الهجرة ICMPD.
وفي هذا السياق، قال الخبير في شؤون الملاحة البحرية، وسام ضومط، إن "الهدف الرئيسي من هذه الاستراتيجية، خاصة بالنسبة للمركز الدولي لتطوير سياسات الهجرة هو تطوير أعمال مكافحة الهجرة غير الشرعية التي تنطلق من لبنان إلى الدول الأوروبية".
وأوضح ضومط، أن "لبنان يعتبر من بين الدول التي شهدت في السنوات الأخيرة، زيادة في عدد المهاجرين غير الشرعيين، ممّن يحاولون الوصول إلى السواحل الأوروبية عن طريق البحر المتوسط، عبر القوارب وغيرها من الطرقات البرية والممرات الحدودية في الجبال إلى مختلف أنحاء العالم وخاصة الدول الأوروبية".
تجدر الإشارة إلى أن عمليات الهجرة غير الشرعية من السواحل اللبنانية، قد شهدت تزايدا خلال السنوات القليلة الماضية؛ حيث بات يُقبل على المجازفة فيها لبنانيون فلسطينيون وسوريون وعراقيون، من أجل الهرب من حياة باتت بالنسبة لهم توصف بـ"الجحيم".
إلى ذلك، يعود تاريخ الهجرة غير الشرعية في لبنان إلى فترة طويلة، إذ كانت البلاد قد عاشت على إيقاع تدفق متزايد للمهاجرين واللاجئين، منذ القرن العشرين. فيما تعود عوامل الظاهرة إلى كل من الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يتعرض لها لبنان، وانعدام الفرص العملية، فضلا عن الحروب التي تعيشها البلاد، ناهيك عن الرغبة المتزايدة من الشباب للبحث عن فرص أفضل للحياة والأمان.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية اللبنانية سياسات الهجرة الدول الأوروبية لبنان الدول الأوروبية سياسات الهجرة المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الهجرة غیر الشرعیة الدول الأوروبیة
إقرأ أيضاً:
المخاطرة اللبنانية!
في العام 1989، توصل اللبنانيون بوساطة سعودية إلى ميثاق وطني تحت مسمى «اتفاق الطائف»، الاتفاق الأشهر في تاريخ لبنان الذي أنهى حرباً أهلية دامية، وأعاد شكل لبنان الدولة بدلاً من لبنان الميليشيات، كانت فرصة تاريخية ضمنت للبنان واللبنانيين الاستمرار في الحياة دون الانزلاق في الحرب مرة أخرى.
كان اتفاقاً مرضياً وجيداً لكل الأطراف المتنازعة والمتحاربة، وضمن لمكونات لبنان اقتسام السلطة وتدوير القرار السياسي والأمني والاقتصادي بينهم. نعم، كاد العقد أن ينفرط أكثر من مرة، خاصة بعد اغتيال الحريري 2005، وبعد غزو حزب الله للمناطق السنية وتعديه عليهم 2007.
اتفاق الطائف حافظ -وما زال- على الحد الأدنى من لبنان، لكن لبنان الذي تمناه الجميع لم يعد، ليس بسبب الاتفاق في حد ذاته -بالرغم من جودته-، بل لأن الفرقاء والقوى الإقليمية المستفيدة لم يكونوا يريدون إلا ربع لبنان، لا لبنان المكتمل، أو بصيغة أخرى شكله لا جوهره؛ ولذلك لم يعمل الفرقاء اللبنانيون على الخروج التام من مأزقهم السياسي والأمني، فقد كان لبنان الممزق في حاجة إلى أن يتبنى أبناؤه تلك الفرصة النادرة ويبنون عليها وطنهم، كانت فرصة سياسية واقتصادية كبرى لم يستفيدوا منها.
الفرصة الثانية عادت مع الدعم السعودي والتوافق الدولي قبل أيام على تعيين رئيس للجمهورية اللبنانية، بالتأكيد أن الاتفاق على الرئيس جوزيف عون ليس شبيهاً أبداً بتعيين رئيس الجمهورية الأسبق رينيه معوض 1992، فالظروف ليست نفس الظروف، لكن يبقى اتفاق «جوزيف عون» خطوة في رحلة سياسية مهمة يمكن أن تعيد لبنان إلى دولة ناجحة بدلاً من شكل اللا دولة الذي لاحقها طويلاً.
ولعلنا نذكر كيف أن النظام السوري التف -حينها- على اتفاق الطائف واغتيل رينيه معوض، وأحكمت دمشق «البعث» سيطرتها على القرار اللبناني لثلاثين سنة لاحقة، تخللتها حروب بالوكالة، ووجبات اغتيال بالجملة، وتحول لبنان المتعافي إلى مجرد مصنع كبير للمخدرات.
صحيح أن ظروف ما بعد انتخاب جوزيف عون -الحالية- لا تشبه ظروف 1992، لكن أي محاولة لتعطيل الاتفاق أو الالتفاف عليه ستعتبر تهوراً أشد من تهور اغتيال الحريري وقبله رينيه معوض، فإعادة تشكيل المنطقة على يد القوى العظمى من كابل إلى المحيط الأطلسي لن تتوقف، وكل من يراهن على قدرته على الوقوف أمام قطار التغيير سيتعرض لما تعرض له نظام بشار في حده الأدنى، وما تعرض له حزب الله في حده الأعلى.
يعتقد البعض في المنطقة ممن لا يزالون يعيشون في المرحلة السابقة بكل تفاصيلها أنهم قادرون على التذاكي والالتفاف على تطورات اليوم، كما فعلوا منذ الثمانينات إلى 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وأن قليلاً من الانحناء سيمكّنهم من استيعاب العواصف ثم استعادة المبادرة، واحتلال قرارات الحرب والسلام في الإقليم مرة أخرى.
لكن، لا بشار سيعود، ولا البعث الذي مات سينهض، ولا «غازي كنعان» جديداً سيدير لبنان من البقاع؛ لذلك لا يمكن إعادة خلق النظام السابق في دمشق مرة أخرى، فلم تنجح محاولات إعادة نظام البعث العراق، ولا الجماهيرية الليبية، وهو ما يخلق بالتأكيد شكلاً جديداً في الحياة السياسية في الشام جميعاً من دير الزور شرقاً إلى بيروت غرباً.