صديق الزيلعي

تمر علينا اليوم ذكرى عظيمة من نضال شعبنا. يوم خالد هزم فيه شعبنا مخطط اللجنة الأمنية للانفراد بالسلطة، وهزيمة ثورتنا. علينا ان نفخر ونحتفل بهذه المناسبة التاريخية. وفي نفس الوقت ننظر لتقييم ما حدث. واصل عسكر بلادنا انتهاج نفس الأساليب والخدع لعسكر مايو، للتمسك بالسلطة السياسية، كحق مشروع لهم.

وصاروا يكررون، نفس التكتيكات، للاستمرار في القيادة. الأمر الذي يؤكد انهم يقرأون من نفس كتاب تعليمات موحد، يتم الاحتفاظ به في القيادة العامة، كمرجع عند كل منحى سياسي. أما القوى السياسية والمدنية، رغم تاريخها الطويل، وصمودها امام آلة القمع العسكرية، الا انها، لا تنظر للوراء، للتعلم من تجاربها الثرة. وكلما تنسم جيل مدني جيد مواقع القيادة، ينشغل بالمعارك السياسية الآنية، ويخوضها بشجاعة، ولكن لا ينظر لتجارب الماضي، للاستفادة منها، بتطوير ايجابياتها، وتجنب اخطائها. واليوم نحاول النظر لأحد تلك الدروس، التي ستفيدنا، في معركتنا الحالية لإيقاف الحرب، ومعاركنا القادمة لتأسيس الحكم المدني الديمقراطي.
استطاعت ثورة ديسمبر العارمة أن تحاصر نظام الاسلامويين، وتجعل ظهره للحائط، فتفتق ذهن دهاقنة التآمر، على اتباع الخطة ب. وكانت تلك الخطة تكليف اللجنة الأمنية بإزاحة البشير شكليا، وتنصيب أبن عوف، مع الاحتفاظ بكل اركان النظام. صمود الشارع أفشل تلك الخطة. فلجأوا لتمثيلية اعلان انحيازهم للثورة، وكان ذلك منهج تقية الانحناء للعاصفة، وإفشال الثورة من داخلها، بالأساليب الناعمة والخشنة معا. وكانت ضربة البداية اعلان ما سمي بالمجلس العسكري الانتقالي، الذي سيحكم الفترة الانتقالية حتى قيام الانتخابات العامة. وفي نفس الوقت التمسك بإبعاد قوى الثورة عن مواقع السلطة. من الجانب الآخر استخدموا الأساليب العنيفة والمجرمة لفض اعتصام القيادة، وكانت مجزرة القيادة هي انقلاب كامل لإسكات الشعب. وهنا كانت هبة الثلاثين من يونيو الرد الشعبي الرافض لكل تآمر العسكر، فتراجعوا في ذعر، ولجأوا للأساليب الناعمة والخادعة مرة أخري. فتمت المفاوضات ولم تستمع بعض قوى الثورة لنصائح على محمود حسنين وصديق يوسف برفض الشراكة مع العسكر، وانخدعت بعض القوى السياسية والمدنية بالكلام المعسول للعسكر، وصدقت ان عسكر الاسلامويين هو شبيه لعسكر ثورة أكتوبر وانتفاضة أبريل. واستمرت المفاوضات، التي لعب فيها ود لبات دورا محوريا في تمكين العسكر. وفي النهاية انتجت المفاوضات الوثيقة الدستورية المعيبة، التي دفعنا ثمنا غاليا لها، وندفع حاليا مزيد من الاثمان بهذه الحرب اللعينة.
اثناء تصاعد انتفاضة مارس ابريل، التي وصلت أوجها في موكب 3 أبريل، كان صغار ضباط الجيش يجتمعون ويضغطوا قيادة الجيش لكي تنحاز للثورة. كان سوار الدهب يصر على الولاء لنظام نميري، لأنه اقسم على ذلك. وعندما تصاعد ضغط صغار الضباط وتهديدهم باتخاذ موقف منفرد، انصاع سوار الدهب وبقية القادة، فأعلنوا إزاحة نميري وتسنم السلطة لأنفسهم تحت مسمى المجلس العسكري الانتقالي، وابعدوا صغار الضباط، صناع التغيير. لكن وحدة قوي الانتفاضة ووعي قادتها لم ينخدع بادعاءات العسكر وفرض وجود مجلس وزراء مدني كامل. ورغم تقاسم السلطة الا ان المجلس العسكري كان يتفاوض مع الاسلامويين من خلف ظهر قوي الانتفاضة. كما لعب دورا أساسيا في الحفاظ على مؤسسات النظام القديم وتعطيل انجاز اهداف الانتفاضة. وكان أوضح مثال لذلك قانون الانتخابات الذي صمم بشكل يدعم طموحات الاسلامويين بالوصول للسلطة.
إذا قارنا ذلك بما قام به عسكر اللجنة الأمنية للبشير، نجد انهم قرأوا نفس الكتاب، وعملوا على السير في نفس الطريق، رغم ان امكانياتهم وقواهم كانت أكبر من عسكر مايو. وفي الجانب الآخر لم تستوعب القوي السياسية والمدنية درس الانتفاضة ودور عسكر مايو في تخريبها. وبلعوا طعم ادعاء اللجنة الامنية الانحياز لثورة ديسمبر، بينما كانت تنفذ في الخطة ب للاسلامويين.
كتبت اليوم، باختصار عن التجربتين (انتفاضة 1985 وثورة 2019) ودور العسكر والقوى المنية خلالهما. الآن يجب ان نستوعب الدرس بعد انهاء هذه الحرب الكارثية. وان يكون لدينا وضوح تام بالا مكان للعسكر في السلطة السياسية أو اقتصاد البلاد. واتن انشاء جيش مهني هدف أساسي لاستقرار النظام الديمقراطي.

siddigelzailaee@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

ذكريات فيزيائية

#ذكريات_فيزيائية

• خاص سواليف
• مقال الثلاثاء 8-7-2025

#أحمد_حسن_الزعبي

ما زلت أكره هذا النمط من الأسئلة: “رصاصة انطلقت من مسدس ، بسرعة 400 كم بالساعة ، اصدمت بقطعة خشب سماكتها 5 سم ، سقطت قطعة الخشب على جدول الماء سرعة جريان الماء 70 كم بالساعة أحسب وزن العصفور الذي طار من الشجرة” وأنا مالي..
كانت #مادة_الفيزياء في #التوجيهي القديم ،مكونة من سبع وحدات على ما أذكر، #الدروس #صعبة والأمثلة المحلولة – بالكتاب السميك – سهلة ومبسّطة جداً لا تعكس الواقع، فمن أين كانوا يأتون لنا بكل هذه التعقديات مثل سؤال وزن العصفور آنف الذكر؟ ..

المهم في جميع وحدات المنهاج لم أفهم الا درساً واحداً في وحدة الكهرباء ، كنت مبدعاً جداً فيه ، أذكر كان عن التيار الكهربائي أوالجهد والمقاومة، وتفاجاً أستاذ الفيزياء أنذاك الدكتور زياد عبد الجواد رحمه الله من فهمي المفاجىء والمبالغ فيه حتى أنني تفوّقت على كل الشعبة بذلك الدرس تحديداً بما فيهم أوائل الصف..

مقالات ذات صلة أبو عبيدة: سنكبد العدو خسائر إضافية يوميا ويحذر من قرار غبي قد يتخذه نتنياهو 2025/07/08

وأذكر أن موجّهاً تربويا حضر الى غرفتنا الصفية حصة فيزياء للتقييم وكانت عن نفس الدرس الذي أفهمه وأتقنه ..كان الدكتور زياد يوجّه كل الاسئلة لي للإجابة وكنت مبدعاً ومقنعاً بنظر الموجه التربوي..حيث أنني أصبت بالغرور والغرور لما يصيب مشكلة -على رأي الأخ المناضل عبد الله رويشد – حيث اعتقدت أنني سأفهم كل الدروس التي من بعد والتي من قبل وهذا الذي لم يحصل أبداً..
في #امتحان #الثانوية_العامة ،شمل واضع الأسئلة جميع مادة الفيزياء من الجلدة الى الجلدة بورقة الامتحان و”فشّق” عن الدرس الذي افهمه..نبشت الورقة “وجه وقفا” حتى أجد سؤالاً واحداً ، أو دائرة واحدة عن درس الكهرباء فلم أجد..فضعفت “المقاومة” ، وخار “الجُهد” ،وانقطع “تيار” الهواء عني ، فأصبت بتعرّق شديد ، وتنميل بالقدمين وخدر وارتخاء اليد اليمنى ، فشعوري في ساعتين الامتحان تماماً كشعور منتخب ميانمار أمام الأرجنتين، لم أبادر بهجمة ولم أصد هجمة..وانظر الى الساعة كل دقيقة حتى “يصفّر” مدير القاعة ونطلع بحماة الوجه..
الحمد لله على #نعمة_الأمن_والأمان على كل حال.
Ahmed.h.alzoubi@hotmail.co

مقالات مشابهة

  • محمد عسكر يكتب: البنية التحتية الرقمية في مهب الحريق
  • ذكريات فيزيائية
  • محلل سياسي إسرائيلي: الجيش عالق في خرافة “احتلال غزة” التي يتبناها بعض وزراء الكابينيت 
  • عاجل | إذاعة الجيش الإسرائيلي: الجيش أبلغ القيادة السياسية أن من غير الممكن حاليا تحقيق هدفي الحرب معا
  • حركة فتح الانتفاضة تدين العدوان الصهيوني على اليمن
  • صناعة البرلمان: مشاركة مصر في قمة بريكس تعكس ثقة المجتمع الدولي في رؤية القيادة السياسية
  • تشييع جثمان الشهيد العقيد يحيى عسكر قائد الأمن المركزي في الجوف
  • شمبش يناقش مع سفير فرنسا قضايا حقوق الإنسان والأوضاع السياسية
  • الصالح: الخطة الحالية هي السيطرة على الحرائق وإخمادها، والخطة الطارئة هي فتح خطوط في كل منطقة لتسهيل وصول الفرق للحرائق، والخطة المتوسطة هي فتح مراكز دائمة بهذه المناطق مجهزة بكل الإمكانيات التي تمكنها من الاستجابة السريعة لأي حريق، والخطة البعيدة هي أن ت
  • الدولة تواجه تهديدات مركبة.. وهذا ما فعلته القيادة السياسية لحماية مصر