مسألة إرسال مُقاتلين إلى لبنان من اليمن والعراق ودول أخرى لمُساندة "حزب الله" في حال اندلاع أي حرب إسرائيلية ضده، لا تُعد أمراً عادياً من الناحية العسكرية والإستراتيجية. فمن جهة، يُعتبر هذا الأمر تأكيداً لأهمية "حزب الله" في "محور المقاومة"، وعنوانا أساسيّا لبدء حربٍ شاملة لن تنحصر أُطرها في لبنان فحسب، بل ستطالُ مختلف الجبهات.



إذاً، إن تحقق هذا السيناريو، فإن إسرائيل ستكون أمام "جبهات" وقوى مختلفة وجيوش "غير نظامية"، وبالتالي سيكون هذا الأمر هو الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط وتحديداً في إطار الصراع العربي – الإسرائيلي.

وفي خطاب له قبل أكثر من أسبوع، تحدّث الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله عن النقطة المطروحة، فأكد أن "الحزب" لا يحتاج إلى مقاتلين من الخارج، مشيراً إلى أن لديه العدد الكافي من العناصر وما يزيد أيضاً عن حاجته.

حتماً، المسألة هذه مفصلية، لكنّ حدودها لم تنتهِ بعد كلام نصرالله، فالتقارير التي تتحدّث عن إستمرار تحضير الجماعات المسلحة نفسها للدخول إلى لبنان، ما زالت تتقاطر باستمرار، والأمورُ تبدو جدية وفعلية وتندرجُ في إطار التحضير لمعركةٍ حقيقية.
ولكن.. السؤال الأساس.. لماذا يرفضُ نصرالله دخول مسلحين من الخارج للإنضمام إلى "حزب الله"؟ كيف سيؤثر ذلك سلباً على "حزب الله"؟ وكيف ردّت أميركا على هذه التقارير عسكرياً وميدانياً؟

صحيحٌ أن نصرالله لا يحتاجُ إلى مقاتلين لينضموا إلى "حزب الله" كون الأخير لديه القوة البشرية الكافية، إلا أن لهذا الرفض أبعادا أخرى إستخباراتية وعسكرية. هنا، تكشف مصادر معنية بالشأن العسكري لـ"لبنان24" أنّ الحزب يخشى من أمرين أساسيين في إطار سيناريو إلتحاق مسلحين إليه، وهما: الخرق الإستخباراتي، وفتح ساحته العسكرية أمام مقاتلين قد يكونون بمثابة عناصر "غير موثوق" بها، وبالتالي انكشاف أسرار عسكرية لا يرغب الحزبُ في إبرازها أمام أحد، حتى بالنسبة لفصائل محور المقاومة الأخرى.
وإذا عدنا قليلاً إلى ساحة المعركة في الجنوب منذ بدء الحرب يوم 8 تشرين الأول الماضي، سنجد أن "حزب الله" سمح لفصائل لبنانية بالدخول إلى الميدان، في خطوةٍ كانت بارزة. فحركة "حماس"، والجماعة الإسلامية وقوات أخرى، كان لها إسهامٌ عسكري في جنوب لبنان، لكن الأمر هذا لم يحصلُ إنطلاقاً من غير عمليات الحزب الأساسية، بل كانت هناك غرفة عمليات مُشتركة أخرى بعيدة كل البعد عن الغرفة المركزية التابعة للحزب، والتي تعتبرُ سرية ومعنية تماماً به دون سواه.

بحسب المصادر، فإن "الوضع الحربي الحالي سمح لحزب الله" بفتح المجال أمام قوى أخرى لدخول الجنوب وتأدية دورٍ عسكري"، وتضيف: "في الإطار الميداني، هناك قدرة للتحكم بمسار تلك القوى وتحديد نقاط معينة لها لتنفيذ عمليات، بحكم أن الحزب هو الذي يعي تماماً اللعبة العسكرية في جنوب لبنان. أما في حال الحرب المفتوحة والشاملة، فعندها ستكون الأمور بعيدة عن الضوابط، وبالتالي فإن حزب الله سيكون مُلزماً بعناصر أخرى تقاتل معه، كما من الممكن أيضاً أن يلجأ إلى كشف بنيته التحتية العسكرية أمام بعضهم، والأمر هذا قد لا يكون لمصلحته".

إنطلاقاً من كل ذلك، تحذر المصادر أيضاً من أنّ إمكانية أن يكون دخول مقاتلين إلى لبنان بمثابة تمهيدٍ لخرق إستخباراتي يضرب الميدان القتالي الخاص بالحزب. فالأخير حالياً يواجه مسألة خروقاتٍ عسكرية وإستخباراتية أدت إلى اغتيال عددٍ من مسؤولين وقادته الميدانيين، وبالتالي فإنه يسعى لـ"رأب الصدع" من هذه الناحية وعدم استحداث فجوات أو ثغرات أخرى تتيح لإسرائيل بتنفيذ عمليات اغتيال أو اكتشاف بنى تحتية عسكرية حساسة.

المصادر تقولُ هنا إنه من الممكن أن تكون بعض العناصر الخارجية مزوّدة بأجهزة إلكترونية أو تقنية تساهم في انكشاف الجبهة القتالية للحزب، مشيرة إلى أن أي خرقٍ من هذا الباب لن يكون لصالح أحد أبداً وتحديداً لجبهة الحزب، وتضيف: "إن نصرالله تعلم الكثير من جبهة سوريا، فالميدان هناك كان سبباً أساسياً في انكشاف أسرارٍ عن قادة الحزب، رغم أنهم كانوا المسيطرين مع السوريين ميدانياً. لهذا السبب، فإن الحزب لا يسعى لتكرار ذاك الخطأ، ومن المفيد له إبقاء جبهته مقفلة ومحصورة به".

أمام كل ذلك، يأتي السؤال الأساس: كيف ردّت أميركا على التقارير التي تفيد بتحضير مجموعات مسلحة نفسها للإنطلاق نحو لبنان؟ الخبير الاستراتيجي ومدير المنتدى الإقليمي للاستشارات والدراسات خالد حمادة يقول لـ"لبنان24" إن إرسال أميركا لقوة بحرية إلى البحر المتوسط قد يمثل رسالة غير مباشرة ضد التحركات المذكورة، وذلك بهدف ردعها ومنع حصولها، ويضيف: "أميركا تسعى للحفاظ على أمن إسرائيل كما ترغب أيضاً في توجيه رسالة لأي طرف إقليمي يرغب في دخول الصراع القائم في المنطقة. ولهذا السبب، فإن واشنطن ترسل تعزيزاتها البحرية للتأكيد أنها حاضرة، علماً أن قطعها البحرية موجودة في أجزاء عديدة من المنطقة". 

إذاً، في ختام القول، يبقى بارزاً ولافتاً ما قد تشهده المنطقة من دخول قوى عسكرية مختلفة إليها، وحتى إن لم تحصل الحرب، فإن المسألة التي طُرحت تعتبرُ عنواناً لمعادلة جديدة، أساسها أن أي حربٍ ضد "حزب الله" لن تبقى محصورة بلبنان فقط، بل ستكون شاملة. ففي العام 2006، كانت الحرب لبنانية، أما أي حرب إسرائيلية الآن فستكون حدودها أوسع.. فهل سيدفع هذا الأمر إسرائيل لمراجعة حساباتها الحربية خلال المراحل المقبلة؟ كل شيء وارد ويحكمهُ الميدان.. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله

إقرأ أيضاً:

إحضرموت.. علامي ينتقد تجاهل السلطة المحلية لمبادرة تحسين الكهرباء: لماذا تُغلق الأبواب أمام الحلول؟

انتقد الإعلامي رائف الرويقي تجاهل السلطة المحلية بوادي وصحراء حضرموت لمبادرة "رؤية المعالجات للطاقة الكهربائية لخمس سنوات قادمة"، التي أعدّها فريق مختص من كوادر التجمع اليمني للإصلاح بوادي حضرموت لوضع حلول مستدامة لأزمة انقطاع التيار الكهربائي. 


وأوضح الرويقي، في مقال نشره مؤخراً، أن السلطة المحلية لم تُبدِ أي تجاوب يُذكر مع الفريق رغم المحاولات المستمرة للتواصل معها وعرض الرؤية عليها.


وبحسب رئيس فريق إعداد المبادرة، المهندس محمد أبو بكر حسان، فقد بدأ الفريق جهوده بعقد لقاءات مع مختصين لدراسة وضع الكهرباء في حضرموت، ثم وضع خطة متكاملة لتحسين الخدمة على المدى الطويل. وبعد اكتمال إعدادها، سعى الفريق إلى لقاء وكيل شؤون مديريات الوادي والصحراء، عامر العامري، لتقديم الرؤية ومناقشتها، إلا أن محاولاتهم قوبلت بالتجاهل.


وأشار حسان إلى أن الفريق حاول تحديد موعد للقاء عبر التواصل مع مدير مكتب الوكيل، لكنه لم يتلقَّ أي رد. ولم يقتصر الأمر على ذلك، بل أرسل الفريق طلباً رسمياً بتاريخ 22 أكتوبر 2024، إلا أن السلطة لم ترد عليه أو تُبدِ أي ملاحظات على المبادرة، رغم أنها تُعنى بمشكلة يعاني منها المواطنون يومياً.


وفي مقاله، تساءل الرويقي عن أسباب هذا التجاهل، قائلاً: "عندما يتعلق الأمر بمبادرة تهدف إلى تحسين الكهرباء، وهي من أبرز الأزمات التي تواجه المواطن في حياته اليومية، لماذا تُقابل بالتجاهل؟ وإذا كان لدى السلطة المحلية مبررات لعدم التجاوب، فلماذا لا توضح موقفها للرأي العام؟".


وأشار إلى أن صفحة السلطة المحلية تعجّ بأنشطة وفعاليات قد لا تمس حياة المواطنين مباشرة، بينما يتم إغلاق الأبواب أمام المشاريع التي تحمل حلولاً واقعية لمشاكل مزمنة. وأضاف: "السلطة مسؤولة أمام الله والشعب، ومن واجبها أن تستمع إلى الحلول بدلاً من تجاهلها".


وأكد الرويقي أن الإعلام لا يسعى إلى افتعال خصومات مع السلطة، وإنما إلى نقل الواقع بشفافية، مشدداً على أن تجاهل المشكلات الخدمية لا يعفي الجهات المسؤولة من التزاماتها تجاه المواطنين. وختم مقاله قائلاً: "إذا كانت السلطة ترى سبباً لعدم التفاعل مع المبادرة، فمن حق المواطنين أن يعرفوه، وإلا فإن السؤال سيظل قائماً: إلى متى ستستمر السلطة المحلية في التغريد خارج السرب؟".


مقالات مشابهة

  • حقيقة إنضمام شرقي إلى المنتخب الفرنسي الأول
  • فيديو لنعش نصرالله قبل تشييعه.. نجله يُصلي عليه!
  • لماذا خلق الله الحشرات؟ شيخ الأزهر يجيب بالأدلة
  • تظاهرات في إسطنبول وإزمير احتجاجا على اعتقال أكرم أوغلو
  • حسن نصرالله «يعيد» طبيبة لبنانية علوية من أمريكا الى لبنان بالقوة
  • بن عبد الله يطالب بالشفافية لمعرفة هل هناك أجانب سيستثمرون في حي المحيط بعد هدمه
  • إحضرموت.. علامي ينتقد تجاهل السلطة المحلية لمبادرة تحسين الكهرباء: لماذا تُغلق الأبواب أمام الحلول؟
  • رئيس جامعة الأزهر: هلاك أصحاب الفيل كان أشد من أي عقوبة أخرى في القرآن
  • ترامب: إيران ستتحمل مسؤولية أي هجمات أخرى من الحوثيين
  • نائب الحزب يحذّر الحكومة من التقاعس: المقاومة لن تُبقي الأمور على حالها!